أعلان الهيدر

الرئيسية مظاهر التيسير في تشريع الصيام

مظاهر التيسير في تشريع الصيام

مظاهر التيسير في تشريع الصيام
إذا أردنا أن نعدد جوانب العظمة في هذا الدين فلن نستطيع أن نحصيها، وإذا أردنا أيضا أن نحصر جوانب العظمة في تشريعاته فلن نستطيع، وإذا جئنا لنحصي جوانب العظمة في تشريع الصيام فإنه لا يسعفنا الوقت، ذلك أن الصيام له فوائد متجددة يكشف عنها العلم الحديث في الغرب قبل الشرق يوما بعد الآخر..  
    ولما كان الإسلام دين عالمي وتشريعاته وعباداته باقية إلى يوم القيامة، وأعده الله تعالى ليكون صالحا كل زمان ولكل مكان، ولكل بيئة، ولكل جنس، ولكل طبقة.. وبه ينصلح الزمان والمكان، ويتميز هذا الدين بالواقعية بجانب المميزات الأخرى، حيث يراعي في تشريعاته التيسير ورفع الحرج وهذه هي القاعدة الكبرى في تكاليف هذا الدين، فهي ميسرة لا عسر فيها وهي توحي للقلب الذي يتذوقها بالسهولة واليسر في أخذ الحياة كلها، والتيسير هو روح يسري في جسم الشريعة الإسلامية كلها، وهكذا نرى تلك القاعدة في كل أمور الدين.. ولما كان هذا الدين بهذه الخصائص فقد أضفى الخالق سبحانه على تشريعاته مظاهر متعددة من التيسير بحيث يكون أداؤها ميسرا وتكون بعيدة عن الحرج في التنفيذ على مدار العصور إلى يوم القيامة.. وهذا ما نلحظه بقوة في فريضة الصيام.. 
ويؤكد الدكتور محمد عبد العليم العدوي الأستاذ بجامعة الأزهر، هذه المعاني السابقة بقوله: والناظر المدقق في مظاهر تيسير الشارع في فريضة الصيام، يرى أن الله تعالى قد أباح للأصحاء المقيمين الذين يشق عليهم الصوم ويجهدهم جهدا شديدا يعرضهم للخطر مثل والحوامل والمرضعات –وأيضا الشيوخ-، أباح لهم الإفطار في رمضان، فإذا كانوا يقدرون على الصوم بعد ذلك فعدة من أيام أخر، وإن كانوا مرضى لا يُرجى بُرؤهم، فإنهم يخرجون فدية.. يقول تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) (البقرة: 184)، حيث إن معنى يطيقونه: أي يتحملونه بشدة ومشقة، ثم نلمح في الآية التالية قوله تعالى: (وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(البقرة: 185)، ولذلك يقول (صلى الله عليه وسلم) -وهو يوجه المسلمين بأخذ هذا المبدأ- يقول: (بعثت بحنيفية سمحة) (أخرجه أحمد)، وقال (صلى الله عليه وسلم): (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، ومن أدعية القرآن: (رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ)(البقرة: 286)، وكما شرع الله تعالى الرخص عند وجود أسبابها، كالترخيص في التيمم لمن خاف الضرر باستعمال الماء لجرح أو برد شديد، فإنه كذلك قد رخص في الإفطار للحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما، وأيضا لمن كان مريضا أو على سفر، مع مراعاة أن الله سبحانه وتعالى يحب الرخصة، وقد جاء في الحديث: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه).. وأنه يجب على كل مسلم أن يفهم أن تقوى الله والإخلاص في العبادة، والصدق معه سبحانه هو الثمرة المرجوة من الصوم، ومن ثم فلا يفهم إنسان أن هذا اليسر ورفع الحرج وسيلة لعدم تحمل المشقة في أداء العبادة؛ لأن المسلم يؤجر على صبره وعلى تحمله، لذلك يقول مولانا في أول آيات الصيام: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(البقرة: 183)، فالصوم شئ لا يُرى ولكن القلب فيه أثر الصيام،  فالصوم إذن قلبي والإيمان في القلب ويصدقه العمل والتقوى كذلك، فهناك إذن ترابط بين الإيمان والصوم والتقوى..
 ترابط وثيق بين واقعية الإسلام وبين التيسير في الإسلام، وبين الرخصة.. وتلك ميزة في رسالة الإسلام...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.