أعلان الهيدر

الرئيسية التوحيد و المجتمع : أبعاد التوحيد، معنى الحرية

التوحيد و المجتمع : أبعاد التوحيد، معنى الحرية

التوحيد و المجتمع
أبعاد التوحيد:
لابد لكل بناءٍ ماديا كان أو معنويا من أساس يقوم عليه، والدين الإسلامي بناء متكامل يشمل جميع حياة المسلم منذ ولادته وحتى مماته، ثم ما يصير إليه بعد موته، وهذا البناء الضخم يقوم على أساس متين، هو العقيدة الإسلامية، التي تتخذ من وحدانية الخالق منطلقا لها، كما قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين
فالإسلام يعنى بالعقيدة ويوليها أكبر عناية سواء من حيث ثبوتها بالنصوص ووضوحها أو من حيث ترتيب آثارها في نفوس معتقديها، لذا نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم مكث عشر سنين بمكة ينزل عليه القرآن وكان في غالبه ينصب على البناء العقدي، حتى إذا ما تمكنت العقيدة في نفوس أصحابه رضوان الله عليهم نزلت التشريعات الأخرى بعد الهجرة إلى المدينة.
أبعاد التوحيد :
للتوحيد الخالص  وأبعاد إنسانية يمكن إجمالها: عقيدة التوحيد  داعية إلى العمل: الإخلاص في الفكر والقول والعمل هو المدخل الأساس للجودة والإتقان، والسعيِ الحثيث لتنمية الموارد الطبيعية ، وتوظيف الطاقات التي منحنا الله إياها أفضل توظيف تحقيقا لمبدإ الاستخلاف عن الله تعالى في الأرض، والسعي في الأرض إصلاحا وعمارة.
عقيدة داعية إلى الحرية و إلى المساواة و إلى القيم الإنسانية :
الحرية: فعندما يعتقد الإنسان أن الله تعالى متفرد بالخلق و بالعبادة، يكون قد أقرَّ مبدأ الحرية. فالعبودية الخالصة لله تعالى هي تخليص للإنسان من كل أشكال العبودية ليصبح عبدا خالصا لله جلّ و علا. و التوحيد يمنح الإنسان الحرية الحقيقية، الحريةَ بمعنى المسؤولية والتحرر من جميع أشكال القهـــر، والإذلال. و التوحيد الذي يعمل على صيانة حرمة وكرامة الإنسان. قال تعالى ( وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِن دُونِ الله ) آل عمران:64
المساواة: إذا كان الله تعالى متفردا بالخلق ومتفردا بالعبودية وجميع المخلوقات تنخرط في سلك العبودية له فإن هذه العقيدة تجسد مبدأ المساواة إذ جميع الخلق مفتقرون إلى الله عزّ و جلّ ولا يملكون لأنفسـهـم بـله لغيرهم ضرا ولا نفعا. ويترتب على ذلك إيمان جازم بالمساواة فكل الناس سواسـية، لا فضل لعربي على عجمي، ولا لشريف على وضيع، ولا لغني على فقير إلا بالتقوى أي بالقرب من الله تعالى و الائتمار بأمره والانتهاء عما نهى عنه.
انفتاح آفاق التفكر والتدبر: فعندما يؤمن الإنسان بالغيب يدرك أن الكون أكبر من أن يدركه بحواسه، ومن ثم فلا بد من البحث عن مصادر أخرى للمعرفة تمكنه من الاطلاع على خبايا خلق الله
عقيدة التوحيد توحد المسلمين : قال الله عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانا﴾.آل عمران:103 الإيمان بعقيدة واحدة، يستدعي حتماً توحيد قلوب المؤمنين بها على قلب واحد، ووحدة العقيدة هذه، تقتضي وحدة المجتمع
العقيدة الإسلامية دفّاعة إلى التفكر : العقيدة الإسلامية دفّاعة إلى التفكر وإعمال العقل، وهي لا تخشى من عواقب التفكير حين يكون مؤسسا على مبادئ صحيحة ومنطلقات سليمة ومقاصد نبيلة، والسر في ذلك أنه لا يوجد في أحكامها وأخبارها ما يتعارض مع العقول السليمة الصحيحة
عقيدة التوحيد منقذة للتائهين: إن معرفة الله نقطة استناد وحيدة للإنسان، تجاه تقلبات الحياة ودوّاماتها، وتزاحم المصائب وتوالى النكبات. إذ لو لم يعتقد الإنسان بالخالق الحكيم الذي أمره كله حكمة ونظام، وأسند الأمور والحوادث إلى المصادفات العمياء، وركن إليها وإلى ما يملكه من قوة هزيلة لا تقاوم شيئاً، فسينتابه الفزع والرعب وينهار من هول ما يحيط به من بلايا.
إن العقيدة الصحيحة تلعب  دورا مهما في حياة الإنسان يتجلى في أمرينأولهما تحديد نظرة صحيحة للكون والحياة والإنسان وبلورة موقف صحيح بشان ذلك . ثانيهما إرساء قواعد التفكير السليم وتنقية الذهن والإحساس والعواطف مما يعلق بها من شوائب تحرف مسيرها عن الخط الصحيح أو تقلل من كفأتها في الميدان العملي وتغذية الحاجة إلى الإشباع الفكري والروحي الصحيح لدى الإنسان 
عندما سادت ثقافة عصور التخلُّف، أصبح التوحيدُ - وهو الرُّكن الرَّكين وقطْب الرَّحى في العقيدة الإسلامية - أقربَ إلى مباحثَ لاهوتيَّةٍ، ومسائلَ كلاميَّةٍ، لا تبعث على الحركة والإيجابيَّة؛ لهذا يجب الرجوع إلى المعنى الأصيل للتَّوحيد، وهو معنًى حيٌّ لِخدمة المسلم في تعبُّده لله، وخِدمة الإسلام، وإصْلاح الآفاق والأنفُس، بأحكامِه وآدابِه، وإذا تَجاوزْنا التعقيداتِ الكلاميَّةَ، واستقَيْنا المفاهيمَ من القُرآن والسنَّة - فإنَّ التَّوحيد يبدو لنا حركةً إيجابيَّة، تربطُ المسلم بربِّه وبِغيره من النَّاس، وكذلك بالكون.
 معنى الحرية :
الحرية:  كما عرفها وهبة الزحيلي هي :ما يميز الإنسان عن غيره و يتمكن بها من الممارسة و الاختيار دون إكراه
الحرية: هي ما يجعل الإنسان يصنع و يفعل ما يريد في ظل ما تتيحه القوانين
الحرية من الرؤية القرآنية: هي انعتاق الإنسان و تحرره من كل قيد و مانع لنموالطاقات الإنسانية الكامنة في كل إنسان
عرف الصوفية الحرية: خلع الإنسان عن نفسه أمارة الشهوات  من  هنا جاء تعريف الحرية بأنها استقلال إرادة الإنسان و عدم خضوعها لسلطان الهوى
وجد المصلحون الرواد بعض الصعوبة  في تحديد مفهوم الحرية لأن الحرية بالمعنى المعاصر غير متواترة الاستعمال في التراث الإسلامي أين نجد مصطلح الحرية مقابل للعبودية
الحرية: هي قدرة الفرد على التصرف و التفكير بمحض إرادته على أن تكون هذه الحرية مقيدة بقانون يحمي حرية الآخرين لتكون بذلك حرية مسؤولة
 نجد تعاريف كثيرة للحرية نذكرمنها: تعريف جابر بن حيان الكوفي (ت815هـ) بأنها: إرادة تقدمتها روية مع تمييز. وقال ابو حامد الغزالي محمد بن محمد بن محمد (450-505هـ) بأن: الحر من يصدر منه الفعل مع الارادة للفعل على سبيل الاختيار، على العلم بالمراد. وعرفها الدكتور زكريا إبراهيم بأنها: تلك الملكة الخاصة التي تميز الكائن الحر الناطق من حيث هو موجود عاقل يصدر أفعاله عن إرادته هو، لا عن ارادة اخرى غريبة عنه، فالحرية بحسب معناها (الاشتقاقي) هي انعدام القسر الخارجي. ويرى الشيخ ابو زهرة محمد بن احمد بن مصطفى (1898-1974م): إن الحر حقا هو الشخص الذي تتجلى فيه المعاني الانسانية العالية، الذي يعلو بنفسه عن سفاسف الامور، ويتجه إلى معاليها ويضبط نفسه، فلا تنطلق اهواؤه ولا يكون عبدا لشهوة معينة، بل يكون سيد نفسه، فالحر من يبتدئ بالسيادة على نفسه، ومتى ساد نفسه وانضبطت أهواؤه وأحاسيسه يكون حرا بلا ريب.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.