أعلان الهيدر

الرئيسية جربه والعصر الحديث

جربه والعصر الحديث

جربه والعصر الحديث
جربه والعصر الحديث
احتلّ العثمانيّيون جانبا من إفريقيّة سنة 1574 و جعلوا منها إيالة عثمانيّة على غرار ما فعلوا بالمغرب الأوسط سنة 1519-1520 و بطرابلس في 1551. إلاّ أنّ هذه الإيالة التّونسيّة الّتي تمّ تكوينها بتاريخ متأخّر ما لبثت أن طوّرت نظامها السّياسي قبل جارتيها الجزائريّة و الطّرابلسيّة منذ أواخر القرن 16. فظهر بها آنذاك حكم الدّاي المنفرد بالسّلطة (في النّصف الأوّل من القرن 17) ثمّ نظام وراثي شبه ملكي في عهد البايات المراديّين (1628-1702) ثمّ الحسينيّين (بعد 1705). و قد نجح هؤلاء الحسينيّيون في بناء صرح دولة مترسّخة في البلاد و متمتّعة باستقلاليّة عريضة إزاء القوى الخارجيّة (إصطنبول أو داي الجزائر) خاصّة في عهد حمّودة باشا (1782-1814).
استغلّت الإمبراطوريّتان العملاقاتان –العثمانيّة و الإسبانيّة- ضعف الدّولة الحفصيّة للتدخّل في البلاد الإفريقيّة منذ 1534-1535. فاستقرّ الإسبان بالقلعة الضّخمة الّتي شيّدوها بحلق الوادي منذ 1535. فعلاوة على جزيرة جربة تمكّن "درغوث باشا" من احتلال قفصة في 1556 و القيروان (عاصمة إمارة الشّابيّة المرابطيّة) في 1557 و دخل البايلر باي (القائد الأعلى ) "علي باشا" أو "علج علي" مدينة تونس في 1569 قبل أن يجلّيه عنها الإسبان في 1573.
فعزم السلطان العثماني "سليم الثّاني" على استئصال الإسبان من البلاد الإفريقيّة لأسباب استراتيجيّة (مراقبة الضفّة الجنوبيّة لمضيق صقليّة) و سياسيّة ( إتمام احتلال بلدان هذه الضفّة من مصر إلى تخوم المغرب الأقصى) و دينيّة (كان الجهاد من ثوابت السّياسة العثمانيّة). فتمكّن العثمانيّيون بمساعدة الأهالي من اقتحام قلعة حلق الوادي الضّخمة ثمّ من افتكاك تونس و القضاء نهائيّا على الوجود الإسباني و ذلك أثناء صائفة 1574.
و خلاصة القول: افتتح العهد الحديث بأزمة عميقة في كامل البلدان المغربيّة و من ضمنها تونس و قد انتهت بانتصاب العثمانييّن بها و بتحوّلها إلى إيالة عثمانيّة.
لكن سرعان ما تطوّر نظامها السّياسي أثناء القرنين السّابع و الثّامن عشر ليتحوّل إلى "ملكيّة شبه وطنيّة" مستقلّة بذاتها و لا تربطها باصطنبول إلاّ علاقات ولاء شكليّة. و هي تتحكّم (بصفة متفاوتة حسب الجهات و المجموعات) في فضاء محدّد و مختلف عن فضاء الإيالات المجاورة.
و من ثمّ تسقط تونس في فخّ الإستعمار إذ صرّح المستشار الألماني بيسمارك للسفير الفرنسي ببرلين (4 جانفي 1879) "إنّ الإجّاصة التّونسيّة قد أينعت و حان لكم أن تقطفوها...". و فعلا لقد تدرّجت أوضاع الإيالة التّونسيّة منذ الثلث الأوّل من القرن التّاسع عشر نحو التدهور و التأزّم تحت ضغط القوى التّوسعيّة الأوربيّة الصّاعدة حتّى استقرّت الإيالة في أزمة شاملة يسّرت التدخّل الفرنسي في 1881.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.