أعلان الهيدر

ليون بارفنكيار 1874- 1913

ليون بارفنكيار 1874- 1913
ليون بارفنكيار
 
ليون بارفنكيار 1874- 1913 (Léon Pervinquiere)
ليون برفنكيار رجلّ أعتبره مهمّا جدّا سواء في بحثه في جيولوجيا البلاد التّونسيّة أو في كتاباته التي دوّن فيها ملاحظاته عن وجوده بتونس سواء خلال مرحلة بحث تخرجه في رسالة الدّكتوراه أو في رحلته من راس جدير إلى غدامس مرافقا للجنة رسم الحدود التّونسيّة اللّيبيّة. و لذلك فإنّه يطيب لي التعريف بهذا الرّجل و بلمحة عن بعض تفاصيل البحوث التي وقعت بتونس على يديه و على يدي غيره من الباحثين الفرنسيّين. و قد ترجمت للرّجل كتابين إثنين صدر أحدهما منذ سنة 2012 و سأنشر الثاني بإذن الله خلال 2018.
ولد ليون بارفنكيار (Léon PERVINQUIERE) يوم 14 أوت سنة 1874 بمدينة )روش سور يون (Roche-sur-Yon بمنطقة )الفندي (Vendéeالفرنسيّة وكان ترتيبه الثّالث من بين ستّة أبناء. كان أبوه (أوقـوست Auguste) موظّفا بالماليّة وكانت أمّه (بارت Berthe) امرأة مثقّفة غنيّة تدير ضيعة كبيرة تحوّلت لها عن طـريق الإرث، و قد اعتنت بتربية أولادها وتثقيفهم. فكان لذلك الأثر البالغ في تكوين (ليون) الذي ينحدر أصلا من عائلة عريقة من البورجوازيّة الفرنسيّة أنجبت عددا كبيرا من العلماء والأدباء وأصحاب النّفوذ.
زاول تعلّمه الابتدائي و الثّانوي بعدّة مدارس فرنسيّة و تحصّل سنة 1891 على شهادتي بكالوريا في نفس السّنة: الأولى في العلوم في ماي والثّانية في الآداب في سبتمبر ثم التحق بجامعة الصّربون بباريس في نوفمبر من نفس السّنة و تخرّج منها بشهادة اللّيسنس في مادّة العلوم الطّبيعية في سبتمبر 1896. بدرجة الإمتياز، ثمّ التحق بالجيش لأداء الخدمة العسكريّة بصفته متطوّعا ليقضي به سنة واحدة بدل ثلاثة وهو إجراء يتمتّع به الطّلبة دون سواهم، ثمّ عاد للصّربون من جديد وحصل منها يوم 17 ماي 1897 على ليسنس ثانية في الفيزياء و كان ترتيبه الأول من بين 13 مجازا ثمّ انضمّ إلى مخبر العلوم الجيولوجيّة بالصّربون لإعداد أطروحة الدّكتوراه فعرضت عليه ثلاثة مواضيع فاختار منها دراسة جيولوجيّة لمنطقة الوسط التّونسيّ. و قد توّج عمله بنيل شهادة الدّكتوراه في العلوم الطّبيعيّة من جامعة الصّربون الفرنسيّة في 14 أكتوبر 1903. فخوّلت له شهادته هذه إمكانية التّدريس والبحث بالصّربون .
1- احتلال تونس
بعدما استقرّت فرنسا بالجزائر أخذت تبحث عن فرصة تبرّر بها بسط نفوذها على تونس، فكان أن دخلت مجموعة من بدو جبال خمير عبر الحدود الجزائريّة يوم 30 مارس 1881 فكانت تلك الحادثة سببا في بعث حملة على تونس زمن حكومة (جول فيري Jules Fery). و في يوم 12 ماي 1881 فرض الجنرال (بريار Breart) على الباي محمّد الصّادق معاهدة باردو، و تحوّلت تونس إلى محميّة فرنسيّة بعد أن كانت مقاطعة تابعة نظريّا للإمبراطوريّة العثمانيّة. و على عكس الجزائر فلم يقع إلحاق تونس إداريّا بفرنسا بل بقي الباي على رأس الدّولة ‼ و لكنّ السّلطة تقع في الحقيقة بين يدي المقيم العام التّابع للدّولة الفرنسيّة. و تحوّلت البلاد التّونسيّة بهذه الصيغة الاستعماريّة الجديدة إلى أرض للمهاجرين الفرنسيّين و كذلك إلى حقل للتّجارب العلمية الفرنسيّة. فقد كلّفت بعثة علميّة لاستكشاف تونس سنة 1882 تحت قيادة عالم النّبات (إرنست كاسّون Ernest Casson) شملت عدّة ميادين من بينها قسم علم الآثار الذي أشرف عليه في البداية (شارل تيسّو Charles Tissot) المختصّ في الفترة الرّومانيّة ثمّ تولّى الإشراف عليه سنة 1888 مدير الآثار و الفنون (روني كودراي دي لا بلانشار René Coudray de La Blanchère) الذي قاد حفريات قرطاج و بعث متحف باردو بتونس لجمع القطع الأثريّة التّونسيّة.وتقرّر سنة 1884 إرسال بعثة جيولوجيّة و عيّن لرئاستها (جورج رولان Georges Rolland) مهندس المناجم المعروف بدراسته لجيولجيا الصّحراء، فاختار الوسط التّونسيّ لإجراء بحوثه الأولى. وفي السّنة الجامعيّة الموالية أضيف (فيليب توماس Philippe Thomas) للمساهمة في البحوث والاستكشافات البالينتولوجيّة، وهو عالم الجغرافيا المختصّ، فاختار استكشاف الجنوب التّونسيّ في الموقع الفاصل بين القيروان ومنطقة الشّطوط (1). ثمّ إنّ الجغرافيّ (جورج لوماسل Georges Le Mesle) ألحق بالبعثة سنة 1887 ولكنّه اكتفى بما بقي للدّراسة أي أقصى الشّمال وأقصى الجنوب.
لقيت هذه الدّراسات نجاحا لعلّ أهمّه اكتشاف الفسفاط بجهة قفصه يوم 18 أفريل 1885 على يدي (فيليب توماس Philippe Thomas) وقد كان هذا الاكتشاف سببا في اكتشاف فسفاط الجزائر. و قد بعثت من أجل استغلال منجم الفسفاط "شركة الفسفاط و السّكك الحديديّة لقفصه"، وتمّ انجاز خطّ السكّة الحديديّة بين المتلوّي و صفاقس سنة 1899، واستصلح ميناء صفاقس، فتطوّر إنتاج الفسفاط التّونسيّ خلال تسع سنوات (1899/1907) من 70.000 إلى 1105.000 طنّا. و على إثر هذه المنجزات و الأعمال بدأ ليون برفنكيار دراسته الجيولوجيّة للوسط التّونسيّ سنة 1897 و اختار منطقة التلّ العليا فضاء لدراسته و هي مساحة تمتدّ على 18.000 كم مربّع.
2- وفاته:
بدأ إحساس (ليون) بأوجاع في الكلى منذ 1911 على إثر عودته من بعثة قادها في غدامس "جوهرة الصّحراء" ثمّ ازدادت حالته سوءا في 1912 بعد أن عجز الأطبّاء عن تشخيص مرضه الذي أودى به يوم 11 ماي 1913 بمسقط رأسه عن سنّ لم تتجاوز 39 سنة.
و تخليدا لذكرى الرّجل، واعترافا له بالجميل، قرّر المقيم العام الفرنسيّ بتونس (قابريال آلا بتيت Gabriel Alapetite) تكريم ليون برفنكيار بإطلاق اسمه على مركز عسكريّ متقدّم على الحدود التّونسيّة اللّيبيّة على مشارف العرق الشّرقيّ الكبير، و بذلك صار برج المشيقيق يحمل اسم برج برفنكيار مدّة أربعين سنة.
ثمّ سادت فترة من الزّمن بقي فيها الرّجل في ظلّ النسيان ردها من الزّمن غير قصير، إلى أن جاء اليوم الذي نظّم فيه المركز الفنديّ للبحوث التّاريخيّة (Centre vendéen de recherches historiques) معرضا حول الرّجل يعرّف بإنتاجه و أهمّ أعماله ومساهماته ، و تولّى الباحثان (Gaston Godard et Jean-Marc Viaud) إعداد مؤلّف جمعا فيه أهمّ المعلومات حوله و دوّنا فيه مراحل حياته المليئة بالإنجازات رغم قصرها كما عرّفا بمؤلفاته و مقالاته التي نشرها في الكثير من المجلاّت العلميّة المختصّة و التي ساهمت في نشر وتبسيط الكثير من العلوم بين النّاس. كان (ليون برفنكيار) رجلا فذّا مجتهدا، ذكيّا مثابرا. وكان من صنف أولئك المكتشفين الأوائل الذين انتشروا في فترة الاستعمـار يجوبون الأرض بحثا و تنقيبا يرسمون الخرائط ويجمعون الـعيّنات والنّماذج ويحملونها لمختبراتهم الأوروبيّة لفحصها ودراستها... وعرضها في متاحفهم . كان ظهور برفنكيار في عصر الاكتشافات الكبرى في العالم و ما رافقهـا من ثـورة تكنولوجيّة ففي عصره شهد الطبّ تطوّرا كبيرا بفضل أعمال باستور، واكـتشف النّشاط الإشعاعيّ (Radioactivité) وكذلك الرّاديو (TSF) والسّنما والطّيران والكهرباء...
1- يقصد بمنطقة الشّطوط جهة الجنوب الغربي التي تضم قبلي و توزر : شطّ الجريد ، شطّ الغرسة ...
المصدر: كتاب بعنوان (De la vendée au Sahara : L’aventure tunisienne du géologue Léon Pervinquière-1873-1913) من تأليف الأستاذين : (Gaston Godard et Jean-Marc Viaud) وهو كتاب صادر عن المركز الفندي للبحوث التّاريخيّة (Centre vendéen de recherches historiques.2007.
للمزيد من التفاصيل انظر" أسرار ترسيم الحدود التونسيّة الليبية" مطبعة تونس قرطاج 2012. (يطلب الكتاب من المترجم)

 تدوينه للأستاذ: الضاوي موسى

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.