أعلان الهيدر

الرئيسية غراسة الأشجار و تقنيات استغلال المياه بالجبل كما وصفها برفنكيار (عام 1909)

غراسة الأشجار و تقنيات استغلال المياه بالجبل كما وصفها برفنكيار (عام 1909)

غراسة الأشجار
غراسة الأشجار و تقنيات استغلال المياه بالجبل كما وصفها برفنكيار (عام 1909)
أما واحة تطاوين فإنها تنتمي لصنف آخر: وهي واحة الوادي. التي ينمو نخيلها بفضل الرّطوبة الدّائمة للمنقولات وبفضل الريّ الذي توفّره مياه الآبار. هنا ينمو النّخيل كما اتّفق و لكنّه قويّ، وينتمي لفصيلة عاديّة رديئة التّمر. و توجد أشجار النخيل خارج هذه الواحات أيضا في مجموعات كثيرة بمعدّل عشرين نخلة للمجموعة موزّعة هنا و هناك في كامل الجبل الأبيض و في جبال الدّويرات وغمراسن و مطماطه. و تحظى هذه الأشجار بعناية خاصّة. فقد أنشأ سكّان هذه الجبال الكادحون على كلّ الأودية و على كلّ المجاري عددا لا يحصى من السّدود التي يمكن أن تشاهد خاصّة على السّواقي الضيّقة و قد تحوّلت هذه السّدود إلى سلسلة من المدارج تقسّم المنحدرات وتضطرّ المياه إلى وضع الغرين الثّمين الذي تحمله على أديمها. و يتمثّل السدّ في أعلى المجرى حيث لا تكون المياه قويّة و لا كثيرة، في مجرّد مرتفع من الأرض تدعمه بعض الحجارة أو حائط صغير من الحجارة يرتفع بين 50 و 80 صم. و كلّما انحدرنا مع المجرى إلاّ ووجدنا سلسلة من السّدود التي تزداد أهميتها عرضا و ارتفاعا حتّى تبلغ الواحدة منها 100م عرضا و بين 4 و 5 م ارتفاعا.
و يتكوّن السدّ أو الطّابية في الغالب من حائط من الحجارة مرتكز على طبقة صلبة من الحجارة. و في "الظّاهر" حيث يكون منحدر الأودية ضعيفا و تلاعها أكثر عرضا، فالسّدود تتكوّن من مجرّد حاجز من التّراب مع الحجارة يحميها ساند في بعض الأحيان. ويمكن أن يبلغ سمك هذا الحاجز 10 م عند قاعدته وبين 2 و 3 م عند القمّة. و يكون المنحدر عند أسفل الوادي أرفق. ويتكوّن السدّ في الغالب من جزء مبني بالحجارة أقلّ ارتفاعا من غيره معدّ للتخلّص من زائد المياه عند وفرتها يسمّى المنفس. و يوجد هذا المصرف في الوسط حينا وحينا في طرف السدّ، و يمكن أن يوضع منه إثنان على الطّرفين. وعندما يكون السدّ من التّراب فهو يدعم دائما بسند على مقربة من المنفس، ويمتدّ السدّ في الغالب على كامل الوادي و حينما يكون الوادي عريضا جدّا فهو لا يحتلّ غير جزء منه. فيتقدّم في شكل سنبلة توقف جزءا من التّراب ومن الماء بينما يمرّ ما زاد على ذلك على الجنبين. و مع ذلك فإنه يحدث أحيانا أن تجرف المياه الطّوفانية سدّا بالغ بُناته في تضييقه من الأعلى.
تتجمّع في الأراضي الواقعة تحت السدّ تلك الأتربة التي جرفتها المياه من فوق الطّبقات العليا المجاورة فتتكوّن طبقة سميكة صالحة للزّراعة، ومع ارتفاع مستوى الأتربة المنقولة يُرفّع مستوى السدّ بصفة من الحجارة لاستيعاب المزيد من المنقولات. و هكذا نجحت صلابة البربر سكان الجبل أو الجباليّة، و حذقهم الصّناعيّ في خلق حدائق في بلد لا ترى فيه غير الحجارة. إن هذه الحدائق التي تحمل هنا اسم جسر (بينما الجنان و السّانية تطلق على حدائق السهول الموجودة حول الآبار) يمكن أن تجمّع بين 4 و 5 م من الأراضي الخصبة الحمراء الخفيفة التي تينع عليها الأشجار بامتياز. و تبلغ الزّياتين خاصّة أحجاما مرموقة و هو ما تفصح عنه صلابتها التي تؤكّد أنّ كلّ الظّروف كانت مواتية. و من أجمل ما رأيت زياتين مطماطه، و هناك زياتين رائعة بالدّويرات وبوادي زنداق و في هذين الموقعين الأخيرين نجد أيضا نخلا باسقا وهو دليل على وجود كميّة هائلة من الرّطوبة في الأرض. وإلى جانب النخل يوجد شجر التّين (الكرمه) بكثرة، غير أنّ الرمّان أقل انتشارا. ويزرع الأهالي عند ظلّ هذه الأشجار شيئا من الشّعير و القمح، و كذلك بعض الخضر (دلاّع) و(فلفل) و غير ذلك... كما رأيت أيضا بعضا من الذّرة الصّفراء (قطانية) و من الذّرة البيضاء (البِشْنَة). و ينتصب في ناحية من الحديقة كوخ مغطّى بالجذوع أو بناية بالحجارة مغطّاء بالدرين أو بالحلفاء: وهو القربي أو ما يسمّى محليّا الخصّ أو الكيب، الذي يتّخذه صاحب الحديقة سكنا له و لأسرته خلال أشهر الصّيف.

المصدر: برفنكيار(ليون) الجنوب التّونسي. ترجمة (محطوط) الضّاوي موسى.
غراسة الأشجار و تقنيات استغلال المياه بالجبل

غراسة الأشجار و تقنيات استغلال المياه بالجبل

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.