المدير الدلو
إن وجود مواليد برج الدلو على رأس
الشركات و المؤسسات أمر نادر الحدوث لسبب وجيه هو أنهم يفضلون البطالة على
الالتزام بأعمال و أوقات و أماكن محددة . إنهم بطبعهم يكرهون إصدار
الأوامر و اتخاذ القرارات و ترؤس الجلسات الرسمية على اختلاف أنواعها .
و مع ذلك ما أن يمضي على وجودهم على رأس العمل بعض الوقت حتى يشعر الآخرون
أنهم جزء لا يتجزأ من العمل , لا يمكن الاستغناء عنهم . على الرغم من
العوامل السلبية التي يتمتع بها رجل برج الدلو , كالخجل و النسيان
و الإهمال و التقلب و غير ذلك , يتحلى بخصال إيجابية عظيمة منها
الفكر الحاد و المنطق السليم و الحدس العظيم و وضوح الرؤية مما
يتيح له معرفة المستقبل واستعراض خطوط القضايا العامة في الوقت الذي يضيع فيه غيره
في تفاصيل الأمور و هوامشها . و مع ذلك كثيرا ما يقع ضحية ذاكرته
الضعيفة فينسى مثلا اسم سكرتيرته الخاصة التي تلازمه منذ سنوات .
على أن النسيان لا يمنعه من أن يكون
فضوليا يتحرى خصوصيات موظفيه لا لسبب سوى التمكن من درس الطبيعة البشرية .
وهو في محاولاته الاستكشافية هذه لا يقاضي أحدا ولا يوجهه أو يحتقره . كما
أنه يرفض أن يثار أو يصدم من أمر مهما كان فظيعا . ثم إنه يأبى تمييز شخص من آخر ,
كما يأبى أن يصدر الأحكام سلفا معتبرا جميع الناس أصدقاء جديرين بوده
و احترامه . يتوخى رجل برج الدلو في العاملين معه الصدق
و الاستقامة , و لكنه لا يعبأ كثيرا بأفكارهم و معتقداتهم
الخارجة عن نطاق العمل . إنه رجل حق و عدالة , يكرم من يستحق الإكرام و يعاقب
من يستحق العقاب دون أن يتخلى عن تهذيبه و نعومته . كما يؤمن بجدوى
الأعمال المشتركة فيترك لسواه حق المبادرة في اتخاذ الرأي و في تحمل
المسؤولية . في هذا الإنسان طرافة لا تنكر . فهو مستعد دائما لإجراء
التغييرات سواء في نظام العمل أو في المواعيد أو حتى في تنسيق المكتب دون علم
الموظفين العاملين معه . بالمقابل لا يحاول التدخل في شؤونهم أو عاداتهم أو مظهرهم
الخارجي , و لهذا السبب يجد نفسه محاطا بزمرة متضاربة الأذواق في المأكل
و المشرب و العادات و اللباس و غير ذلك .
هذا الإنسان قادر على الكلام و الإصغاء و الاختلاط
بالناس تماما كما هو قادر على الصمت و التأمل و العزلة فترة غير وجيزة .
لكن مهما كانت حالته النفسية يعتبر جميع العاملين معه , حتى المنافسين له ,
أصدقاءه و أحباءه. من ناحية أخرى يحاول دائما الفصل بين عمله و عائلته
فتمر الأشهر و السنوات دون أن يزور مكتبه قريب أو أن تقع عين موظف على زوجته
أو أولاده .
هذا و من الأشياء التي يرفضها بإصرار التبذير و توزيع المنح
دون مبرر , و إقراض الموظفين جزءا من مرتبهم خارج أوقات الدفع
. إنه باختصار إنسان غريب الأطوار كثير الأخطاء قليل الكفاءة إذا ما
قورن بغيره من أرباب العمل التابعين للأبراج الأخرى . و مع ذلك ينجح في
الحصول على مكانة رفيعة و قدر كبير , ولا يستبعد أن يختار يوما بالإجماع
كأفضل رب عمل في الأوساط التي تعرفه .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire