أعلان الهيدر

الرئيسية قرارات فيسبوك الأخيرة: خسائر كبيرة للمعلنين ومغارة علي بابا لـ "المؤثرين"

قرارات فيسبوك الأخيرة: خسائر كبيرة للمعلنين ومغارة علي بابا لـ "المؤثرين"



أعلن مارك زوكربيرج مؤسس فيسبوك ومديره التنفيذي، منذ عدة أيام، أن موقع التواصل الأشهر سيخفض نسبة وصول محتوى الصفحات التجارية الطبيعي بدون ميزانية إعلانية إلى مستخدمي الحسابات الشخصية إلى ما يقرب من الصفر. برر زوكربيرج هذه الخطوة بدعم العلاقات الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي الذي يستخدمه أكثر من 1.37 مليار شخص حول العالم يوميًا. أعقب هذه الخطوة غضب من الشركات والمعلنين والمدونين والمنصات الإعلامية وكل المستفيدين من استخدام الصفحات التجارية على فيسبوك. هذا الغضب صاحبه اتهامات لفيسبوك بممارسات احتكارية وإعلان للبعض أنهم بدأوا رحلة البحث عن بديل ويدرسون توجيه إعلاناتهم نحو منصات اجتماعية أخرى

خلال عام 2016 أنفق المعلنون على الإنترنت ما يقرب من 170 مليار دولار استحوذ فيسبوك على 26 مليار دولار منهم و خلال عام 2017 وصل حجم الإنفاق الإعلاني على الإنترنت إلى 202 مليار دولار ولأول مرة يتجاوز ما ينفقه المعلنين على وسائل الإعلام التقليدية من راديو وتلفزيون. طبقا لإحصائيات موقع Statista المختص بإحصائيات ودراسات التسويق والإعلان لم يزدهر الإنفاق الإعلاني على الإنترنت فقط بسبب سهولة الوصول إلى المستخدم في كل مكان وعبر كل الوسائل ولكن أيضًا نظرًا لما له من قيمة مضافة على الأعمال التجارية، بسبب المعلومات التي يحصل عليها كل معلن نتيجة لإعلانه ومن خلال المنصات الإعلانية خاصة مواقع التواصل.

يمكن للمعلن على وسائل التواصل الاجتماعي عمومًا، وفيسبوك، تحديدًا أن يرسل إعلانه إلى فئة عمرية محددة في موقع جغرافي محدد ولأصحاب اهتمامات محددة ومستخدمي هواتف محددة، وربما أصحاب ميول سياسية محددة. المعلومات التي يحصل عليها المعلن من إعلانه تمكنه بشكل أو بآخر من دراسة السوق وسلوك المستخدمين لتطوير المحتوى المنشور وكذلك من تطوير نشاطه التجاري. في المقابل، يتم نشر الإعلانات علي وسائل الإعلام التقليدية من صحف ورقية ومجلات وتليفزيون وراديو بناءً على وبناء على أبحاث السوق واستطلاعات الرأي وهي طريقة أقل دقة أكثر عمومًا وعشوائية نسبيًا إذا ما قورنت بطرق تحديد الجمهور المستهدف على فيسبوك

ظاهر الأمر أن قرار فيسبوك الأخير ما هو إلا محاولة لجني المزيد من أرباح الإعلانات بعدما أصبح وسيلة إعلان تقليدية ولكنها ثرية بالمعلومات عن الجمهور المستهدف. ومستخدمه ربما أكثر من التليفزيون والجرائد الذين يعانون بالفعل من أزمات مالية بسبب تناقص الدخل الإعلاني خلال السنوات الماضية في مقابل ارتفاع أرباح مواقع التواصل وجوجل. من وجهة نظر تجارية، سيزيد المعلنون من إنفاقهم ليصلوا إلى المستخدمين ولكن ماذا عن المستخدم؟ هل بالفعل سيستفيد؟ وكيف سيتغير سلوك المستخدم بعد هذا التغيير؟ وكيف ستؤثر هذه التغييرات على صناع المحتوى من الأفراد والشركات؟


لنعود إلى ما قبل وسائل التواصل الاجتماعي، عندما كانت وسائل الإعلان محدودة وكذلك طبيعة المحتوى. عندما كنت تجلس في منزلك مع عائلتك ولا تشاهد الإعلانات إلا في التليفزيون أو في الجرائد أو في الراديو وعندما تذهب إلى عملك ترى بعض لوحات الإعلانات. عدد إعلانات محدود ومحتوى أعلى جودة. هل تتذكر أيا من المحتوي الذي قرأته أو شاهدته أمس على أي وسائل التواصل الاجتماعي؟ أو حتى منذ عشر دقائق؟ نادرا ما تتذكر لأن نسبة انتباهك أصبحت أقل كثيرًا وهي ما تقدر بثلاث ثوان. إذا يجب على أي صانع محتوى الآن أن يشد انتباه المشاهد خلال 3 ثوان.

في السابق، جرت العادة أن يستثمر وقت وموارد مادية وبشرية ليسوا بقليلين لينتج إعلان واحد، ولكن الآن مع وجود ملايين الصفحات التجارية وبعدما أصبح بمقدرة كل شخص على وجه الأرض أن يصبح معلنًا في ظرف دقائق. مما أدى إلى وجود كم هائل من المحتوى الذي ينشر يوميًا مما آثر على سلوك مستخدمي مواقع التواصل ليصبحوا أقل انتباهاً لما يشاهدوه نتيجة لفيضان المحتوى الذى اجتاح حياتنا اليومية. هل لاحظت خلال تصفحك لأي من مواقع التواصل الاجتماعي أنك لا تستمع للصوت وأنك تشاهد فقط أكثر من 70% من محتوى الفيديو الذي يصلك يوميا؟ وأنك لا تشاهد أكثر من 1% من المحتوى إلى نهايته.

فيضان المحتوى وسهولة إنتاجه أدى بشكل أو بأخر إلي إضعاف جودة معظم المحتوى المنشور. لأن النسبة أغلب الشركات ووسائل الإعلام وصناع المحتوى أصبحوا مهتمين بالكم والسرعة وغاب عن انتباههم أهمية الجودة. ولكن هذا التغيير الأخير وتخفيض نسبة الوصول الطبيعي لمحتوى الصفحات سيجبر صناع المحتوى على تقليل الكم وتحسين الجودة ليتمكنوا من دعم محتواهم بميزانية إعلانية ليصل المحتوى إلى المعلنين. هذا هو مكسب المستخدم، سيصله محتوى جيد استثمر صانعه وقت ومجهود في كل مراحل إنتاجه وفي الفكرة نفسها


اتفقنا أو اختلفنا على دوافع فيسبوك، يبقى هنالك نتيجة حتمية واحدة وهي أن هذه الخطوة ستغير سوق الإعلانات والتسويق في العالم وسيكون لها تأثيرًا جذريًا على جودة وطبيعة المحتوى المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي. على الرغم من اختلاف طبيعة كل موقع عن الآخر، ولكن أغلب صناع المحتوى والمعلنين ليس لديهم الرفاهية المادية لإنتاج محتوى مخصص لكل من منصة اجتماعية على حدى، وبالتالي ستؤدي هذه الخطوة لدفع الجميع نحو إنتاج محتوى أفضل وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى أيضا ستستفيد من خطوة فيسبوك، حيث من المتوقع أن يتجه المعلنون إلى مواقع أكثر انفتاحًا مثل تويتر والذي لا تسيطر علي محتواه الخوارزميات مثل فيسبوك ويعتبر أكثر مرونة في التعامل مع المحتوى، سواء نشر عبر حساب تجاري أو شخص، إن كان منشورا أصليًا أو ردًا على تغريدة. بالتوازي مع ذلك، ستزداد أرباح شركات إدارة المواهب والمؤثرين الجدد وصناع المحتوى التي ستصبح وجهة المعلنين المباشرة ليدفعوا محتواهم للوصول إلى متابعي المؤثرين على المنصات الاجتماعية المختلفة. الاحتمال الأكبر أن تتراجع أرباح فيسبوك من الإعلانات عقب القرار الأخير، ولكن صناع المحتوى والمستخدم والمعلنين بكل تأكيد سيستفيدون وستكون النتيجة بقاء لصاحب المحتوى الأفضل، ما ينطبق على المثل الشهير "مصائب قوم عند قوم فوائد."
منقول 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.