تعريف عقد العمل :
عقد العمل المحدد المدة ، هو العقد الذي يتفق طرفاه على تحديد نهايته
، بواقعة مستقبلة محققة الوقوع ، لا يتوقف تحققها على إرادة أحد الطرفين .
وبالتالي يكون العقد محدد المدة ، إذا اتفق طرفاه على إنهائه في تاريخ
معين ، كما يكون العقد أيضاً محدد المدة ، حتى لو لم يعرف تاريخ تحقق الواقعة مستقبلاً
، كما لو أبرم العقد لإتمام عمل معين ، أو كان العقد قد أبرم ليحل العامل ، محل آخر
، استدعى للخدمة العسكرية ، ويستوي في ذلك أن يكون الإتفاق صريحاً أو ضمنياً يستفاد
من ظروف التعاقد .
إنقضاء العقد بانتهاء مدته أو العمل الذي أبرم من أجله :
ينتهي عقد العمل محدد المدة من تلقاء نفسه بانتهاء مدته ، أو إنجاز العمل
الذي أبرم من أجله ، فلا يجوز لأي من طرفيه الاستقلال بإنهائه ، قبل إنقضاء المدة المحددة
له ، إلا إذا كان هناك سنداً لهذا الإنهاء ، فإذا أبرم العقد لمدة تزيد على خمس سنوات
، جاز للعامل إنهاؤه دون تعويض – عند إنقضاء خمس سنوات – وذلك بعد إخطار صاحب العمل
قبل الإنهاء بثلاثة أشهر .
والهدف من وراء هذا الحكم هو عدم تأبيد عقود العمل لما في ذلك من تقييد
لحرية العمل ، وعلى الأخص في جانب العامل ، الذي حرص المشرع ، على إتاحة الفرصة له
، للتحول إلى نشاط اقتصادي جديد ، يتناسب مع مؤهلاته ويسمح له بحياة أفضل .
ولكن مع حرص المشرع على هذه الاعتبارات ، فقد راعى أيضاً ضرورة الاستقرار
في علاقات العمل ، وهو ما دعاه إلى إشتراط حد أدنى من العلاقة التعاقدية في العقود
المحددة المدة ، فلا يمكن للعامل أن يستخدم سلطة الإنهاء ، إلا بعد مضي هذه المدة
( خمس سنوات ) وبشرط إنذار صاحب العمل إلى ثلاثة أشهر ، حتى يتمكن من تدبير أمره .
فإذا استخدم العامل الرخصة المتاحة له ، فإن بإمكانه التحلل من العقد
المحدد المدة بإرادته المنفردة ودون أن يلتزم بتعويض صاحب العمل عن ذلك ، طالما إحترم
الشروط المقرة للإنهاء ، في مثل هذه الحالة .
ولكن يلاحظ أنه إذا أبرم عقد العمل لإنجاز عمل معين ، فإن العقد ينتهي
بإنجاز هذا العمل ، فإذا استغرق هذا الإنجاز مدة تزيد على خمس سنوات لا يجوز للعامل
إنهاء العقد قبل تمام إنجاز العمل .
تجدد العقد محدد المدة بالإرادة الضمنية :
إذا كان عقد العمل معين المدة إنتهى من تلقاء نفسه بإنقضاء مدته ، أما
لو استمر طرفاه في تنفيذ العقد بعد إنقضاء مدته ، اعتبر ذلك منهما تجديداً للعقد لمدة
غير معينة .
وقد أثار هذا الحكم والذي يحول العقد المحدد المدة إلى عقد غير محدد المدة،
خلافاً في الفقه والقضاء ، حول معرفة هل هو من أحكام النظام العام ، بحيث لا يجوز للمتعاقدين
الإتفاق على مخالفته ، بأن يقررا تجديد العقد في هذه الحالة ، لمدة مماثلة لمدته الأولى
، أم هو من الأحكام التكميلية ، التي يجوز الإتفاق على مخالفتها .
فذهب فريق من الفقه ، تسانده بعض أحكام القضاء ، إلى أن الحكم الخاص بتجدد
العقد المحدد المدة ، لكي يصير عقداً غير محدد المدة ، إنما هو من الأحكام التكميلية
في القانون ، والتي ترتكز على حالة (( التجديد الضمني للعقد )) المدني على افتراض نية
المتعاقدين ، فإذا جددا العقد باتفاقهما لمدة أخرى محددة ، فإن اتفاقهما يقع صحيحاً.
وذهب فريق آخر من الفقه ، تؤيده أحكام القضاء ، وقرر أن القاعدة المقررة
بموجب قانون العمل ، من حيث تجدد العقد محدد المدة وصيرورته في هذه الحالة ، غير محدد
المدة ، تعد من قواعد النظام العام ، التي لا يجوز مخالفتها .
تبدو صحة هذا الرأي الثاني ، إذا وقفنا على علة تقرير الحكم ، فإذا كان
القصد من الحكم ، قد يسهل الخروج على القواعد الخاصة بعدم جواز الطرد في وقت غير لائق
، وذلك عن طريق الإتفاق على تحديد مدة العقد بيوم واحد حتى يتجدد بعد ذلك من يوم إلى
آخر ، فيمكن إنهاؤه في أي يوم بدون أية مسئولية .
تجدد العقد محدد المدة بالإرادة الصريحة :
لقد نص المشرع على أنه إذا انتهى عقد العمل المحدد المدة بإنقضاء مدته
، جاز تجديده بإتفاق صريح بين طرفيه وذلك لمدة أو لمدد أخرى .
استثناء عقود الأجانب من الخضوع لأحكام التجديد الضمني:
لا تخضع عقود الأجانب لأحكام التجديد الضمني لعقد العمل ، بمعنى أنه لو
استمر طرفي العقد في تنفيذه ، بعد إنقضاء مدته ، فإنه يتجدد لمدة مماثلة ولا ينقلب
إلى عقد غير محدد المدة .
وسبب استثناء عقود الأجانب ، هي إتاحة الفرصة أمام أصحاب الأعمال لإحلال
المصريين محلهم ، بعد إنقضاء مدة العقد ، فإذا استشعر صاحب العمل ، أن هناك حاجة لاستمرار
الأجنبي ، فيكون ذلك لمدة محددة أخرى ، بحيث يمكن لصاحب العمل في نهايتها ، إحلال عامل
مصري محل الأجنبي .
جزاء إنهاء العقد المحدد المدة قبل إنقضاء مدته :
إذا أنهى أحد طرفي العقد المحدد المدة ، العقد قبل إنقضاء مدته ، وفي
غير الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك ، اعتبر هذا الإنهاء (غير مشروع) ، وتحمل الطرف
الذي أنهى العقد ، المسئولية قبل الطرف الآخر ، الذي لا يستطيع أن يطالب بالاستمرار
في تنفيذ العقد ، لما في ذلك من إجبار يمس الحرية الشخصية ، فضلاً عما قد يؤدي إليه
من إضطراب في علاقات العمل ، بعد أن أظهر أحد طرفي العقد ، رغبته الصريحة في عدم التعاون
مع الطرف الآخر .
لذلك ، يقتصر حق الطرف المضرور ، على مطالبة الطرف الذي أنهى العقد بالتعويض
عما أصابه من أضرار مادية أو أدبية ، ويقدر التعويض في هذه الحالة ، على أساس ما لحق
الطرف المضرور من خسارة ، وما فاته من كسب ، نتيجة لعدم احترام المدة المتفق عليها
في العقد ، لذلك لا يشترط أن يكون تعويض العامل ، مساوياً للأجر الذي كان يستحقه عن
بقية مدة العقد ، فيجوز أن يزيد التعويض عن هذا الضرر ، أو يقل عنه بحسب ظروف كل حالة
على حدة
شروط إنهاء عقد العمل غير محدد المدة :
-
وجوب الإخطار السابق :
-
تعريف الإخطار والحكمة منه :
الإخطار هو إعلان لإرادة المتعاقد ، يتضمن رغبته الأكيدة في إنهاء العقد
، بإنقضاء المهلة التي يستوجبها القانون ، لذلك يجب أن يكون الإخطار واضح الدلالة ،
في التعبير عن رغبة الطرف الذي وجهه ، في إنهاء العقد .
والغرض من الإخطار هو منع المفاجأة ، وتمكن الطرف الآخر في العقد ، من
الإستعداد للوضع الذي يعقب فترة الإخطار ، فإذا كان الإخطار من جانب صاحب العمل ، استطاع
العامل ، خلال فترة الإخطار أن يبحث عن عمل جديد .
وحتى يتمكن العامل من ذلك ، جاء القانون الجديد بحكمين مستحدثين .
الحكم الأول : أنه إذا كان الإخطار بالإنهاء من جانب صاحب العمل ، يحق
للعامل أن يتغيب يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات أثناء الأسبوع وذلك للبحث
عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره عن يوم أو ساعات الغياب ، ويكون للعامل تحديد يوم الغياب
أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على الأقل .
الحكم الثاني : فقد أجاز إعفاء العامل من العمل نهائياً ، خلال فترة الإخطار
، مع استمرار العقد في إنتاج كافة أثاره ، خاصة استحقاق العامل للأجر .
وإذا كان الإخطار من جانب العامل فإنه يعطي لصاحب العمل الفرصة ، للبحث
عن عامل ، يحل محل العامل المستقبل .
ويتطلب المشرع أن يتم الإخطار في شكل معين بأن يكون كتابة ، فإذا كان
عقد العمل غير محدد المدة ، جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة
قبل الإنهاء .
مدة الإخطار
:
يجب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة الخدمة المتصلة
للعامل لدى صاحب العمل عشر سنوات ، وقبل الإنهاء بثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على
عشر سنوات .
أثر حصول الإخطار
:
يترتب على الإخطار أن تبدأ سريان مهلته من تاريخ تسلمه ، فوصول الإخطار
إلى من وجه إليه قرينة على العلم به .
ولكن الإخطار لا يؤثر على وجود العقد ، ولا على ما يرتبه من إلتزامات
في ذمة طرفيه، ويترتب على إخلال أي منهما ، بإلتزاماته الجوهرية ، نفس النتائج التي
كانت تترتب قبل حصول الإخطار ، دون أن يطرأ على مركز طرفي العقد أي تغيير .
وإذا انتهت مدة الإخطار ، انقضى العقد دون حاجة إلى إجراء جديد ، مع ملاحظة
أن مدة الإخطار ليست مدة تقادم بل هي (( مدة محددة قاطعة )) فلا يرد عليها الوقف أو
الإنقطاع ، ولذلك حظر المشرع (( تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ )) .
وإذا استمر الطرفان في تنفيذ العقد بعد إنتهائه ، فيجب البحث عما أتجهت
إليه إراديتهما ، فقد يكون القصد منه تسامح من وجه الإخطار ، وإعطاء الطرف الآخر فرصة
، لتهيئة نفسه للوضع الجديد ، وفي هذه الحالة يجوز العدول عن هذا التسامح وإنهاء العقد
فوراً دون حاجة إلى إخطار جديد ، وقد يكون القصد من الإستمرار في تنفيذ العقد ، العدول
عن الإنهاء ، وفي هذه الحالة لا ينتهي العقد إلا بإخطار جديد .
جزاء عدم مراعاة الإلتزام بالإخطار :
إذا أنهى صاحب العمل عقد العمل دون إخطار أو قبل إنقضاء مهلة الإخطار
إلتزم بأن يؤدي للعامل مبلغاً يعادل أجره عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها .
وفي هذه الحالة تحسب مدة المهلة أو الجزء الباقي منها ضمن مدة خدمة العامل
، ويستمر صاحب العمل في تحمل الأعباء والإلتزامات المترتبة على ذلك ، أما إذا كان الإنهاء
صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت تركه العمل .
(ب) وجوب استناد الإنهاء إلى مبرر مشروع
وكاف :
يشترط لإنهاء العقد غير محدد المدة ، إنهاء مشروعاً ، ألا يكون الإنهاء
تعسفياً ، بمعنى أن يكون من استعمل حق الإنهاء ، غير متعسف في استعمال حقه .
ويمكن القول أن المبرر المشروع لإنهاء عقد العمل غير محدد المدة هو :
((المصلحة المشروعة التي يحققها الإنهاء للطرف المنهي دون أن يصيب الطرف الآخر ضرر
جسيم لا يتناسب مع هذه المصلحة)) .
ويكون الإنهاء غير مشروع (أي تعسفياً) ، إذا لم يقصد صاحب العمل من وراءه
، سوى الإضرار بالعامل ، أو تحقيق مصلحة غير مشروعة ، أو كانت المصلحة التي يحققها
له الإنهاء ، لا تتناسب مع الضرر الذي يصيب العامل من جراء الإنهاء .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire