موضوع حول كليلة
و دمنة
حاول إبن المقفع
في كتابه "كليلة و دمنة" نقد المجتمع سياسيّا و أخلاقيا و أراد تأسيس مجتمع
خال من العيوب. أبرز ذلك من خلال كتابه.
التحرير:
تفطن العديد من الأدباء
إلى الأوضاع المتردية في مجتمعه لإصلاحه فإعتمد البعض منهم الحكاية المثلية من بينهم
عبد الله إبن المقفع في كتابه "كليلة و دمنة ".فكيف أبرز ذلك من خلاله؟
إهتم إبن المقفع
بالوضع الإجتماعي و ما يجري فيه من أحداث تمسه و تثير مشاعره و أحاسيسه و من بين القضايا
التي جلبت إهتمامه ، قضية الصداقة فهي قيمة من القيم الثمينة التي لا يمكن أن نستغني
عنها و كما يقول المثل"الصديق عند الضيق" ، "إنما تعرف الإخوان عند
الشدة" و الصداقة كنز لا يفنى إلا أن كثيرا من الناس لا يحسنون إختيار الصديق
أو يتسرعون في أحكامهم عنه و بذلك يجد النمامون الطريق سهلة للإيقاع بين الأصدقاء مثلما
فعل دمنة ، فقد وجد عند الأسد آذانا صاغية فملأها غيبة و نميمة و شرا أوقع الأسد في
المكروه فكان حكمه قاسيا يجعله نادما طيلة حياته و لكن إبن المقفع لم ينسى أن في المجتمع
صداقات مثلى كصداقة الحمامة المطوقة و الجرذ الذي أخرجها من الشرك ...و بذلك نستنتج
قيمة أخرى من القيم الثمينة و هي قيمة التعاون و التآزر "وَتَعَاوَنُوا عَلَى
اٌلْبِرِّ وَ التَّقْوَى وَ لاَ تَعَاوَنُوا عَلَى اٌلْإِثْمِ وَ اٌلْعُدْوَانِ"
فما فعلته الحمامة المطوقة مع رفيقاتها و الجرذ لأبرز دليل على هذا التّضامن فالمجتمع
لا يخلو من الخير كما أنه لا يخلو من الشر، أما القضية الثانية التي أولاها الكاتب
إهتمامه هي السياسة كأهمية الراعي بالنسبة للرعية ، إذ يجب أن يكون الراعي حكيما رصينا
له خبرة وتجربة في الحياة حتى يستطيع أن يتصرف مع رعيته و لا يثير عضبهم ، ضرورة إبتعاد
الراعي عن التمييز بين الناس ، العدل في أحكامه و قوانينه ، أن لا يترك المجال للمنافقين
أن يتقربوا منه ، أن لا ينصت إلى النميمة و الغيبة وأن لا يترك المجال للمحتالين ليملؤا
صدره حقدا و ضغينة كذلك على الراعي أن لا يتدخل في القضاء، و يترك القضاة يحكمون إعتمادا
على القانون و ما وقع الإتفاق عليه فالأسد في حكاية الأسد و الثور تنقصه التجربة لا
يستشير غيره، يصدق كلما يُقال إليه ، نرى أم الأسد أكثر حكمة و تعقلا و رصانة و لا
يظاهيها في العقل و المنطق إلا الحمامة المطوقة ، و من قصة الأسد و الثور نستخلص قضية
القضاء ، إذ لا بد من إستقلال القضاء عن السلطة التنفيذية ، لا يخضع إلا للقانون ،
"المجرم بريء حتى تثبت إدانته" فمن الضروري أن يُحاكم المجرم قبل العقاب
، عدم التحيز في الحكم ، نختار الشهود حسب القانون ، الإبتعاد عن شاهدي الزور و الرشوة
و المحاباة ، أن لا يتسرع في حكمه.
هدف إبن المقفع هو
تأسيس مجتمع متناسق خال من العيوب فيه تضامن و تعاون و عدل و قانون يفصل بين الناس.
و الناس سواسية أمام القانون ، لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى و قد إعتمد الكاتب
لذلك الرمز لأسباب أمنيّة ، فالحاكم الظالم لا يترك مجالا لحرية التعبير لذلك إظطر
إلى إستعمال شخصيات حيوانية و لكنها في الواقع تشير إلى شخصيات إنسانية ، ليست غريبة
عنا ، تعيش بيننا و موجودة في كل زمان و مكان. هذه الشخصيات الحيوانية تناقش ، تجادل
، تحاجج و تنوّع حججها حتى تقنع السامع و يبادرها الرأي. و أول شخصية ننبهر بجدالها
هي شخصية دمنة ، فهي قوية ، جريئة ، تقنعك بطيبتها و جدّيّتها في حين هي شخصية متحيلة
، يغلب عليها الدهاء و النفاق ، هي شخصية مخيفة ، فوجودها في المجتمع خطير، توقع بين
الناس ، تحقد، تغار، لا تندم على أفعالها فقد إنعدم ضميرها.
لا تخلو حكاية من
الحوار. فالحوار يبرز شخصية المتحوريين و نفسياتهم و نقاط ضعفهم.
شخصيات معاونة و
أخرى معرقلة: دمنة:شخصية معرقلة
·
الجرذ:شخصية معاونة
·
الأسد:شخصية متسرعة
·
أمه:شخصية حكيمة و متعقلة
قد يكون وضع النهاية
مخالفا لوضع البداية ، الحجاج متناثر في كامل الحكاية بجميع أنواعه ، حكم و أقوال مأثورة
و الحكاية المضمنة و هذه الحكم نتعلم منها كثيرا من التجارب و نأخذ درسا في العلاقات
الإجتماعية و السياسية كضرورة الحذر من السياسة و السياسيين و الحذر من الصديق
"إحذر عدوك مرة و إحذر صديقك ألف مرة"
كذلك التشويق (من
الجدال و النقاش و الدفاع عن النفس) هو عنصر من عناصر السرد فالحكاية تشد القارئ إلى
النهاية ، يتبع الأحداث و الحبكة القصصية إلى النهاية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire