أعلان الهيدر

الرئيسية رواية بان الصبح

رواية بان الصبح


رواية بان الصبح
رواية بان الصبح
ابن هدوقة في "بان الصبح" رواية ترسم صورة المرأة في المدينة، لتكون معادلاً موضوعياً لـ"نهاية الأمس وريح الجنوب" وفي الوقت نفسه امتداداً لها. في "بان الصبح" طالبة جامعية بمعهد الحقوق، شابة مندفعة متحررة إلى درجة اللامبالاة والعدمية، متيقظة ثائرة كالبركان تعيش في مجتمع تحكمه علاقات اجتماعية متباينة متناحرة عاكسة لواقع جزائري متنوع .. و حملة بالهموم الإنسانية .. فجاءت شخصية نموذجية تحمل مواصفات المرأة التي تتعامل بداخلها مجموعة من المتناقضات التي تكسبها جمالية خاصة، تحكم على الموقف الواحد حكمين مختلفين فلم ترَ عيباً في حملها من البرجوازي على إثر ممارسة غير شرعية في حين تنكر هذا التصرف إذا صدر عن غيرها "لماذا أخي المحترم أحب هذه المرأة الرخيصة التي قبلت أن تأتي معه إلى هذا المكان القذر؟ لماذا تزوج إذاً؟‏
لماذا جاء بها إلى هنا، حيث الأنظار تخذه بكل ما تملك من احتقار؟ لماذا لم تذهب بعيداً حيث لا يراها أحد؟ هذا في الأسرة أعرفنا وولينا بعد أبينا لو كنا في حاجة إلى ولي! معارفه ليست في خلاياه، إنها في جيبه... إنه تافه، حقير.... حقير"
إن دليلة "بان الصبح" هي امرأة أكثر نضجاً وتطوراً ووعياً من نفيسة المستغلة في إطار علاقات ريفية، تنظر إلى المرأة نظرة خاصة، وترى في وجودها في العاصمة ضماناً للحياة السعيدة، فهل استطاعت هذه المدينة أن تقدم الحلول المناسبة والمرضية للمشاكل التي تعاني منها؟.‏
لقد جعل ابن هدوقة دليلة صورة عن نفيسة، إذ وضعها في علاقات هجينة لم تسمح لها بالانفلات والتحرر، فإذا المدينة هي المنقذ لنفيسة، فهي واقعياً مكان آخر كالريف تمارس فيه أشكالاً من الاستغلال بطرق مختلفة شكلاً ومختلفة مضموناً. ليصل الروائي إلى أن مشاكل المرأة لا تحل إلا في إطار مجتمع عادي، ولهذا كانت "دليلة" امرأة هامشية لم تستطع الوصول إلا أن مشاكلها مقرونة بمشاكل أخريات أكثر تأزماً وتعقيداً، لأن التطلع الفردي تطلع نهايته الفشل و لأنه يهمل كل مجهود جماعي. وما يؤكد على هذه النظرة القاصرة، فإن دليلة ترى في الرجل منبع كل المشاكل وسبب كل المعاناة ومصدر كل إزعاج، فهي لا تفرق بين كونه مستغِلاً وكونه مستغَلاً.
إنها لم تستطع التخلص من تفكيرها المتناقض والقاصر المتردد ، و الرجل باحث عن الشارع و المكان التي تسكن فيه !فقط فهي تحب كريمو حباً من طرف واحد
وتنضج المرأة أكثر عند ابن هدوقة في روايته الموسومة "الجازية والدراويش" وقد استعمل لذلك الرموز بدرجة كبيرة "والترميز هو بحد ذاته عملية تقلص المرموز إلى محض بعده كموضوع ! ، بينما يحتكر الرامز أو مؤول الرمز كل الذاتية لحسابه. ومع أن الترميز يفترض أصلاً بالموضوع المرموز أن يكون قابلاً للتشكيل، أي مادة مطاوعة يحدد الآخر مصائرها" .. و المكان كيف الحصول عليه على إسمه .؟
وإذا كان ابن هدوقة قد نجح في ترميزه الجازية بالجزائر، والجزائر بالجازية فإن ترميزه للشخصيات الأخرى، وخاصة الرجالية منها كان ترميزاً مفضوحاً ومكشوفاً وظاهراً، فأضرت هذه الرموز بالنص كالرموز التالية الأحمر، الأخضر، ولو كان الترميز على المستوى اللغوي (الخطاب) لكان أفيد.‏
إن امتزاج الجازية بالجزائر (الوطن) جعلها مطمعاً لكل الدراويش الطامحين في الظفر بها، كل بحسب توجهه الفكري ونظرته إلى الحياة إلا أنها حافظت على استقلالها وبناء شخصيتها بعيداً عن تلك المغريات، إنها اختارت أن ترتبط بالصفصاف رمز السمو والعلو والارتقاء، وفي الوقت ذاته رمز التمسك والثبات واليقين. فكانت بذلك امرأة قريبة من زهرة ميرامار نجيب محفوظ التي كانت "مرآة يرى فيها الآخرون أنفسهم أو تعكس لنا صورهم. لكن أهذا كل دور زهرة؟ الفعل للآخرين والانعكاس لها؟ الواقع أن نجيب محفوظ الذي لا تشف كتاباته... عن نزعة سافرة إلى معاداة المرأة لا يحط زهرة، بترميزها، إلى مستوى الرمز السالب والمنفعل، فزهرة رمز ولكنه رمز حي، متطور، وحتى فاعل... فإن زهرة التي تملك إلى جانب بعدها الرمزي بعداً واقعياً وعينياً غير قابل للاختزال، والتي تحرص بشراسة على أن تكون هي صاحبة قرارها وصانعة مصيرها، تبدو وكأنها مركز عملية مضادة للترميز ومفككة له"، لقد كانت الجازية محور الحدث الروائي، ومركز استقطاب للفعل المحرك للرمز، وبذلك تمتزج بالجزائر "الأرض والسلطة"، وهي إن كانت تبدي تعاطفاً أو ميلاً نحو درويش من الدراويش، فإنها سرعان ما تحيد عن هذا الميل، ويبقى الأمر مجرد مغازلة تعبر عن الرغبة ولا تسعى إلى تحقيقها، وقد ساعد هذا الوضع ابن هدوقة تقنياً وفنياً إذ أصبحت نصوصه نصوصاً مفتوحة تنتج مجالاً للتأويل والتفكير، في سبيل رسم صور جمالية للمرأة، ولقد استفاد هذا الروائي من تقنيات السرد استفادة كبيرة بطريقة إبداعية تعتمد على التصرف في اللغة وزمن الحكي و"يتجلى انفتاح النص الروائي زمن من خلال البناء عبر اشتغال الكاتب على مادته الحكائية والكتابية بشكل مختلف عما اعتدنا عليه. فهو يخلخل الصورة المكونة لدينا عن البناء النصي الذي يحمل الدلالة التعينية للمعنى، يتم ذلك من خلال تكسيره لخطبة الحكي، وممارسته اللعب الزمني الذي رأينا فيه هيمنة المفارقات السردية والمشاهد والتقطيع الزمني واعتمدت رواية "غداً يوم جديد" على تقنية الاسترداد، فلم تعتمد على اللحظة الدرامية المعينة، فأحداثها أحداث قريبة حاضرة تحيلنا إلى الماضي، ثم إن المرأة، في هذه الرواية، تفكر بصوت عال مرتفع، ترتد إلى الماضي عن طريق السرد تقول: "ابني الشهيد أبوه قدور، هو الوحيد الذي أعرف أباه، أقول كل شيء، كل شيء "أكتوبر" أنطقني أكتوبر الجزائر... أقول كل شيء ثم أذهب إلى مكة أغسل عظامي"......‏ إن المرأة في هذه الرواية أنثى تحمل مواصفات الإبهار والدهشة والإعجاب. "ورفعت الحجاب ورأيتها! بدت لي وهي أمامي على مقعدها! كأنها جالسة على الزمن! كل حركاتها الخارجية مفككة، لكن كل حركة منها كتاب مفتوح على الماضي وزهد في متاع الدنيا لا شك أنها رأت الكثير، عاشت حياتها بكثافة وعمق، لكن ما يشدني أكثر إليها كلماتها. كم هي مستقيمة عذبة"‏

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.