أعلان الهيدر

الرئيسية ماهي فوائد المطر علي الارض ..؟

ماهي فوائد المطر علي الارض ..؟


 ماهي فوائد المطر علي الارض ..؟
 ماهي فوائد المطر علي الارض ..؟

الحمد لله باسط اليدين بالعطايا ، كثير البركات والهدايا ، ينزل على عباده الغيث ، برحمته ومنته ، ويمسك ذلك عنهم بسبب معاصيهم وذنوبهم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، رحيم غفور ، حليم شكور ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه ، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومم تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . . أما بعد :
فإن الناظر في واقع الأمة اليوم تأخذه الشفقة والرأفة بكثير من المسلمين ، فلم تعد الأمة هي تلكم الأمة التي كانت تفتح الأمصار ، وتنشر الإسلام عبر الطرق البرية والبحرية ، بوجود أبطال فاتحين ، ومجاهدين منافحين ، رجال باعوا الدنيا بالآخرة ، دفعوا جماجمهم ودماءهم مهوراً لجنة عرضها السموات والأرض ، علموا حقارة الدنيا وفناءها فنأوا عنها ، وأدركوا عظيم حياة الآخرة وبقاءها فرغبوا فيها ، فأصبحت سماؤهم خيرات ، وأرضهم بركات ، قال الله فيهم : { رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } [ النور 37 ] ، وقال تعالى في شأنهم : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } [ الأحزاب 23 ] .
اليوم لا تجد إلا أشباه الرجال ، إلا من رحم الله وعصم ، فكثير من الناس قست قلوبهم ، وابتعدوا عن منهجهم ، وتقاذفتهم أمواج الحياة الدنيا يمنة ويسرة ، فناج مخدوش ، ومكردس فيها ، حتى أصبحت الدنيا هي همهم الأهم ، وشغلهم الشاغل ، فنضبت المياه ، وغارت الآبار ، وأجدبت الأرض ، ولم يستطع الناس أن يستخرجوا الماء بمجاديع الدعاء ، لأن كثيراً منهم ابتعدوا عن طريق الهداية والصواب .
ولنا مع المطر والماء وحبسه وإرساله وقفات :
الوقفة الأولى :
اليوم وحتى هذا التأريخ نسمع ونرى أسعاراً خيالية لقيمة الماء ، حتى وصل سعر الوايت الواحد إلى قرابة 1000 ريال أو أكثر ، وأصبح هناك شح في الماء ، كل ذلك بما كسبت أيدي الناس من المعاصي والآثام ، فهل سيدرك الناس خطورة هذا الأمر ، أم سيستمرون على ما هم عليه من الذنوب والعصيان ؟
الوقفة الثانية :
الماء أصل الحياة وأساسها ، قال الله تعالى : { وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ الأعراف57 ] .
الله تعالى هو الذي يرسل الرياح الطيبة اللينة مبشرات بالغيث الذي تثيره بإذن الله , فيستبشر الخلق برحمة الله , حتى إذا حملت الريح السحاب المحمل بالمطر ساقه الله بها لإحياء بلد , قد أجدبت أرضه , ويَبِست أشجاره وزرعه , فأنزل الله به المطر , فأخرج به الكلأ والأشجار والزروع , فعادت أشجاره محملة بأنواع الثمرات ، كما نحيي هذا البلد الميت بالمطر نخرج الموتى من قبورهم أحياءً بعد فنائهم ; لتتعظوا , فتستدلوا على توحيد الله وقدرته على البعث .
وقال تعالى : { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ } [ الأنبياء30 ] .
أولم يعلم هؤلاء الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا ملتصقتين لا فاصل بينهما , فلا مطر من السماء ولا نبات من الأرض , ففصلناهما بقدرتنا , وأنزلنا المطر من السماء , وأخرجنا النبات من الأرض , وجعلنا من الماء كل شيء حي , أفلا يؤمن هؤلاء الجاحدون فيصدقوا بما يشاهدونه , ويخصُّوا الله بالعبادة ؟
الوقفة الثالثة :
إذا نزل الماء من السماء استطاع الناس أن يسقوا أراضيهم فتنموا الأشجار وتخرج الثمار ، ويستطيع الناس أن يسقوا البهائم ، فتتكاثر وتتناسل ، وللماء فوائد كثيرة جداً فلولا الماء لما بقيت الحياة ، وتأمل معي قول الحق تبارك وتعالى : { وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً } [ الفرقان 48-50 ] .
وتدبر قول الله عز وجل : { وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ } [ الذاريات22 ] .
قيل في تفسير هذه الآية : رزقكم أي : المطر ، وما توعدون أي : الجنة .
الوقفة الرابعة :
الماء من ضروريات الحياة ، فإذا امتنع الماء تضرر الناس والبهائم ، حتى ورد في تفسير قوله تعالى : { أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } [ البقرة159 ] .
قول بعض المفسرين : إذا أجدبت الأرض قالت البهائم : " هذا من أجل عُصاة بني آدم ، لعن الله عصاة بني آدم " [ تفسير ابن كثير1/472 ] .
وكم هي المناطق التي تأثرت بشح الماء وقلته أو انقطاعه في هذه الدولة المباركة ، حتى وصل سعر الوايت الواحد في بعض المناطق أكثر من ألف ريال ، وهو مبلغ كبير جداً على فئة من الناس ، ولا شك أن ذلك عقوبة من الله تعالى لعباده ، كما أن الله عز وجل يرسل الآيات يخوف بها عباده لعلهم يرجعون إلى دينهم ، ويتركون ما هم عليه من المعاصي والذنوب وتعدي حدود الله تعالى ، قال تعالى : { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } [ الإسراء59 ] .
فكم رأينا من خسوف وكسوف وزلازل وغلاء في المعيشة بل غلاء في جميع السلع والمنتجات ، كل ذلك بما كسبت أيدي الناس لعلهم يتوبون وإلى ربهم يرجعون ، ولكن لم يزد الكثير منهم إلا عتواً ونفوراً ، فنسأل الله لنا ولهم الهداية والصلاح والتوفيق إلى سبيل الرشاد .
ولو أردت أن تعدد المنكرات التي تعج بها أوساط المسلمين لاحتجت إلى وقت طويل ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولنتأمل هذا الحديث العظيم ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ _ رضي الله عنهما _ قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ! خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الِّذِينَ مَضَوْا ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ ، وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا ، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ " [ أخرجه ابن ماجة ، وقال الألباني : صحيح ، انظر حديث رقم: 7978 في صحيح الجامع ] .
ونحن نرى مصداق هذا الحديث اليوم ظاهراً بيناً ، فقَلَّ من يأمر بالمعروف وينهى عما ورد في هذا الحديث من المنكر ، فإذا فعل الناس ذلك وتغالوا وتعاموا ، فإنه لا يُستجاب دعاؤهم ، وهانحن نصلي صلاة الاستسقاء مرات عديدة ولم نرى مطراً ، بل نرى تقشعاً ووجهاً للأرض مكفهراً ، فإلى الله المشتكى ، وإليه المهرب والملتجأ .
فإذا ما رُمنا مطراً وماءً منهمراً ، فلابد من عودة إلى الله صادقة ، ورجوعاً إليه حميداً ، يجب أن نترك المعاصي ، ونأخذ على أيدي العصاة والمجرمين ، لابد من إقامة حدود الله عز وجل على الجميع ، ولا نفرق بين غني ولا فقير ، ولا وضيع ولا عزيز ، فإذا ما فعلت الأمة ذلك فلسوف يمطرون بإذن الله حتى يقولوا : " اللهم حوالينا ولا علينا " .
الوقفة الخامسة :
لا يمكن أن تقوم الحياة إلا بالماء ، لأنه أصلها ومنشؤها ، فكم لهذه النعمة العظيمة من فوائد جمة ، فلا يمكن أن تُسقى الزروع والأشجار إلا بالماء ، فإذا فقد الماء هلكت ، وكذلك في الرعي ، فلا ينبت العشب إلا بالماء ، فإذا عُدم ماتت الماشية ، وكذلك في الاستعمالات اليومية ، فالإنسان يحتاج الماء في الاستحمام والاغتسال والطبخ والشراب ، فإذا عُدم الماء ، انتشرت الأوبئة والأمراض المهلكة ومات بني الإنسان ، فلله الحمد من قبل ومن بعد على هذه النعمة العظيمة ، وغيرها من النعم التي لا يمكن حصرها أو عدها ، ونسأله سبحانه أن يعيننا على شكره وذكره وحسن عبادته ، فهل أدرك الناس عظيم هذه النعمة وفضلها ؟
قال تعالى : { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [ إبراهيم 34 ] .
وقال سبحانه وتعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ النحل18 ] .
ومع ظلم الإنسان العظيم ، وتعديه لحدود ربه الكريم ، إلا أن رحمة الله أوسع لعباده ، فهو يرحم بعضهم ببعض ، وهو يرحمهم جميعاً لعلهم يتوبون ويرجعون .
الوقفة السادسة :
المطر بيد الله وهو الذي ينزله ، قال سبحانه : { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ } [ الشورى28 ] .
فإذا كان المطر بيد الله وهو الذي ينزله ، وهو الذي يحبسه ، فإنه لابد من اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى بخشوع وتضرع ، وما نشاهده اليوم من قلة رواد صلاة الاستسقاء ما هو إلا دليل ضعف الإيمان ، وعدم معرفة حقيقية لقيمة الماء لو أمسكه الله عز وجل ومنع منه الناس والدواب ، فلذلك نشاهد العزوف عن صلاة الاستسقاء ، لأن أكثر الناس قد امتلأت بيوتهم بالماء من جراكن وخزانات وثلاجات ، مما سهل عليهم الحصول على الماء وبسعر زهيد ، لكن تأمل أهل البادية ، وتأمل تلك الحيوانات ، وتلك النباتات ، التي ليس لها مصدر للماء إلا ما يرحم الله به عباده منهم بنزول الغيث ، وانهمار المطر ، فإذا توقف هطول المطر عنهم ، وامتنع نزول الماء من السماء ، فلا تسأل عن حالهم ، وكيفية معيشتهم وحالتهم ، فهرب في كرب وضيق وشدة لا يعلمها إلا الله وحده .
فتراهم يلجئون إلى الله بصدق وإخلاص وبكاء ، وتضرع وخشوع ودعاء ، يخرجون إلى المصلى يستسقون عن بكرة أبيهم رجالاً ونساءً ، صغاراً وكباراً ، يبكون بكاءً مريراً ، بسبب توقف مصدر الحياة عن النزول ، أولئك قوم عرفوا قدر رحمة الله تعالى عليهم .
إلا أننا نجد أن أكثر الناس لا يقدرون هذا الوضع ، فتراهم لا يسارعون إلى المساجد في صلاة الاستسقاء ، مع أن إخوانهم من أهل البوادي بحاجة ماسة لنزول المطر ، فهم لا يشاركونهم مصابهم ، بل لا يبالون بهم ، وهذا من الغفلة وعدم اجتماع كلمة الأمة ، ودليل على تفرقها وعدم التئام شتاتها ، فهي ليست كما أراد منها ربها وخالقها ، وليست كما أراد منها نبيها صلى الله عليه وسلم القائل : " مثل المؤمنين "
فلوا حصل جفاف في الأرض لا سمح الله لرأيت أمراً مهولاً من إقبال الناس على صلاة الاستسقاء ، حتى أن جميع المساجد لا تسعهم ، ولكنهم في غفلة معرضون ، فمتى يفيقون ؟
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً .
الوقفة السابعة :
الغفلة عن أهمية المطر والماء ، ولنا وقفة مهمة هنا ، فأكثر الناس اليوم لا يصلون صلاة الاستسقاء ظناً منهم أن النعم تدوم ولا تنعدم ، وكأنهم لم يقرءوا كتاب ربهم تبارك وتعالى ، وكيف أن الأمم السابقة التي عتت عن أمر ربها ورسله ، حاسبها ربها حساباً شديداً ، وعذبها عذاباً نكراً ، فذاقت وبال أمرها ، وكان عاقبة أمرها خسراً .
ومن تلكم الآيات الدالة على النعم لا تدوم ، بل ربما تزول ، قوله تعالى : { وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } [ النحل112 ] ، وقال تعالى : {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ } [ سبأ15 ] .
فانظر كيف كانت عاقبة الظلم وأهله ، والفساد ودعاته ، والكبر وبغاته ، تبدل النعم إلى نقم ، والخيرات إلى أرض قفر ، والعزة إلى ذلة ، والكرامة إلى إهانة ، هكذا هو حال كل من يخرج عن أمر ربه ، ويترك أوامره ، ويرتكب نواهيه ، نهاية سيئة ، وخاتمة وخيمة ، وخسارة جسيمة .
إن العالم اليوم تفوح منه روائح العناد والكبر على الواحد القهار ، يحاربون الله بالربا ليل نهار ، يأكلون الرشوة ، ويأكلون أموال الناس بالباطل ظلماً وعدواناً .
لقد تعددت ألوان الدعوة إلى الربا صريحة عبر وسائل الإعلام بمختلف صورها وأشكالها ، محاربة لمالك الأرض والسماء ، فكيف يفلح أناس أعلنوها حرباً شعواء على خالقهم ومالكهم ورازقهم ؟
إنه حرب غير متكافئة ، ولو أراد الله ذي الجبروت والقوة والملكوت أن يهلكهم في لحظة واحدة لأهلكهم ، قال تعالى : { وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } [ الكهف58 ] ، وقال من حكم وقهر : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ النحل61 ] .
وقال سبحانه وتعالى : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً } [ فاطر45 ] .
اليوم وبسبب جرائم المال الحرام ولاسيما جريمة الربا ، توقفت السماء عن قطرها ، وأمسكت الأرض نباتها ، لقد انهار الاقتصاد العالمي المالي برمته بسبب الربا والمعاملات المحرمة ، حتى اعترف الكفار أنفسهم أنه لابد من التعامل بنظام الاقتصاد الإسلامي الخالي من كل غش أو ظلم أو تدليس ، حتى تعود المصارف إلى عافيتها وصحتها وتتكدس أموالها .
فهل يعقل المسلمون ذلك ؟ ويتركوا التعامل مع البنوك الربوية ، وجميع بنوكنا اليوم ربوية ، وجل معاملاتنا ربوية ، فإذا أردنا رحمة الله ومغفرته فعلينا بالتوبة إلى الله من جميع التعاملات الربوية المحرمة ، والحذر كل الحذر من الأسهم المحرمة والمشتبهة ، فإن ذلك فساد في الأنظمة ، ودمار للأمة ، اللهم رحماك رحماك ، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء مِنَّا ، اللهم أرسل على الغيث تفضلاً منك ومَنَّا .
الوقفة الثامنة :
المطر فرحة ، قال تعالى : { اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } [ الروم48 ] .
الناس اليوم إذا هطل المطر ، ونشر الله رحمته على عباده ، تراهم يخرجون إلى البراري وإلى أماكن تواجد المطر ، منهم من يخيم حولها ، ومنهم من يتأمل رحمة الله ، ومنهم من يستبشر بالمطر ، وهكذا الناس في فرحة مستمرة ما دام هطول المطر ، أفلا يكون ذلك داعياً لهم لحمد الله وشكره ، ومن ثم التوبة من جميع الخطايا ، والبعد عن الرزايا ؟
هذا هو المتأمل من الخلق جميعاً .
الوقفة التاسعة:
المطر رحمة ، المطر دليل على رحمة الله تعالى بعباده ، لكن ليس الأمر على ظاهره ، فهناك من المطر ما هو عذاب وعقاب ، يعذب الله به عباده إذا طغوا وبغوا وكفروا وعاندوا ، قال تعالى : { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ * فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ } [ الأحقاف 21-25 ] .
وقال تعالى عن قوم نوح لما كذبوا رسولهم أنه سبحانه عاقبهم بالماء المنهمر من المساء ، والماء المتفجر من الأرض ، فأغرقهم جميعاً ، فكان هطول المطر عذاباً لا رحمة ، قال سبحانه وتعالى : { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ * فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } [ القمر 9-12 ] .
وأعود فأقول : أن الأصل من هطول المطر هو رحمة الله تعالى بخلقه ، فهل سيقدر الناس رحمة الله بهم ، ويقلعوا عن المعاصي والذنوب والآثام ؟
الوقفة العاشرة :
ليس الجدب أن تمنع السماء قطرها ، وإن كان جدباً ، إلا أن الجدب الحقيقي أن تُمطر السماء ، ولا تنبت الأرض شيئاً معنى الجدب الحقيقي ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لَيْسَتِ السَّنَةُ بِأَنْ لاَ تُمْطَرُوا ، وَلَكِنِ السَّنَةُ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا ، وَلاَ تُنْبِتُ الأَرْضُ شَيْئاً " [ رواه مسلم ] .
وقفة مهمة :
وفي نهاية المطاف ، وختماً للقطاف ، فهذه دعوة للاستغفار ، نكثر من الاستغفار لعلَّ الله أن يمنَّ علينا بخيره المدرار ، والمياه الغزار .
ما أعظم شأن الاستغفار ، وما أجل ثمراته والآثار ، ولهذا أُذكِّركم بعظيم لحظات الاستغفار علها تكون ذكرى للذاكرين ، والذكرى تنفع المؤمنين ، يقول الله عز وجل عن نوح عليه السلام : { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً } [ نوح 10- 12 ] ، ويقول عز اسمه عن هود عليه السلام : { وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } [ هود 52 ] ، وقال تعالى : { وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } [ هود 3 ] ، ولقد ندبكم ربكم تبارك وتعالى إلى لزوم الاستغفار واللهج به جاء ذلك في كوكبة من آيات الذكر الحكيم حيث يقول الله عز وجل : { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ } ، ويقول سبحانه :{ وَاسْتَغْفِرِ اللّهَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } [ النساء 106 ] ، ويقول تبارك وتعالى : { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } [ النصر 3 ] ، ويقول عز من قائل سبحانه : { فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ } [ ] ، ومن أسمائه الحسنى وصفاته العلى الغفور والغفار وغافر الذنب وأهل المغفرة .
وأثنى جل وعلا على عباده المستغفرين وجعلهم أهل ولايته ، ومحل رعايته ، قال تعالى : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } [ آل عمران 17 ] ، وقال تعالى : { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الذاريات 18 ] ، وقال تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [ آل عمران 135 ] .
فأكثروا عباد الله من الاستغفار ، فما استجلبت الأمطار بأعظم من الاستغفار .
فوائد المطر ...
قال تعالى: ((وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ))
المطر سبب لوجود الرزق بإحياء الأرض بعد موتها..
وهو مطهر للسماء مما شابها من الملوثات والأتربة..
كما أنه مصدر للمياه العذبة التي تستخدم للشرب وري الزرع...
أضــراره..
أحيانا يكون المطر نقمة وغضب من الله ..لما أصاب الأرض من الفساد والظلم وقطيعة الأرحام والتبطر على نعمه جل وعلا..
كحدوث الفيضانات المدمرة والسيول الهالكة كما حصل لمدينة جدة العام المنصرم..

وأخيراً ..
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفاراً فأرسل السماء علينا مدراراً ، اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً سحاً غدقاً طبقاً عاماً واسعاً مجللاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا بلاء ولا هدم ولا غرق ، اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك ، واحيي بلدك الميت ، اللهم أغثنا غيثاً مباركاً تحيي به البلاد ، وتسقي به العباد ، وتجعله بلاغاً للحاضر والباد ، يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد ، اللهم أنزل علينا غيثاً صيباً ومطراً طيباً ، واجعل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك وبلاغاً إلى حين ، اللهم أنبت لنا به الزرع ، وأدرَّ لنا به الضرع ، وأنزل علينا من بركات السماء ، وأخرج لنا من بركات الأرض يا واسع العطاء ، يا كريم يا سامع الدعاء ، اللهم ارفع القحط والجفاف والجهد عنا وعن بلاد المسلمين يارب العالمين ، اللهم إنا بالعباد والبلاد من اللأواء والضنك والشدة مالا نشكوه إلا إليك ، اللهم ارحم الشيوخ الركع ، والبهائم الرتع ، والأطفال الرضع ، يا مولى المستضعفين ، ويا غياث المستغيثين ، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، على الله توكلنا ، ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ، سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واغفر لنا وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة ، وهذا الجهد وعليك التكلان ، ولا حول ولا قوة إلا بك يا رجاء السائلين ، ويا مجيب دعوة المضطرين ، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.