أعلان الهيدر

الرئيسية أبعاد خمریات أبو نواس

أبعاد خمریات أبو نواس


أبعاد خمریات أبو نواس
أبعاد خمریات أبو نواس
عرفنا بأنّ الشعراء الجاهليين والإسلاميين والأمويين وصفوا الخمر لأغراض أخرى ومنها الفخر، ولم یکن وصف الخمر غرضاً من الأغراض الشعرية، ولم یکن فنّاً مستقلّاً. ولکن أبو نواس يصف الخمر كغرضٍ من أغراضه الشعرية، وقد أحسن وصف الخمر إحسانا لم يسبق إليه أحد، والقارئ یشعر بأن خمرته من نوع خاص، لما أضفى عليها من سمات الفّن والإبداع ولِما حملها من رموز وأوصاف معنوية تبُعدنا عن عالم الخمر المادّي.
 قد استطاع أبو نواس من خِلال طاقاته الفنيّة والإبداعية والرّوحية أن يجعل لخمرته أبعاداً وأن يرسم لها آفاقا ً تفترق من الخمرة التي تغنّى بها الّذين كانوا من قبله ومعاصروه.
وإذا كانت الخمرة في شعر سابقيه تعبّر عن ترف أو تُجسّد جزءا ًمن التراث العربي، فقد كانت عند أبي نواس تعبّر عن حاجة روحية ونفسية وفكرية وتجسّد ما في نفسه من غنى روحي وفكري وسياسي وفلسفي، والمتتبع في خمريات أبي نواس، يرى أنّها كانت وسيلةً إلى إبداع عوالم شعرية وأداة لتفجير طاقته الإبداعية وخلق اتجاهه الفني المتميّز والجديد، وزورقا ً للخلاص من قبضة الهموم ووسيلة لتنبيه الناس وسوقهم إلى العوالم الإنسانية.
مضامین خمریاته
 إنّ الوقوف على آفاق خمرة النواسي يقتضىِ منّا تتبّع أبعاد هذه الخمرة ومعانیها، على حسب المواقف التى استعملها الشاعر. وربّما نتعرّف على سير حياته في هذا النوع من الوقوف، على أنّه استعملها في معاني مختلفة على حسب الظروف وعلى حسب ما وصل إليها من الناحية الفكرية. هذا هو أب ونواس يقول في سعة معنى خمرتة:
ب - الخمرة الفنّية:
 بعد المرحلة التقليدية أدرك أبو نواس ضرورة التجديد في الشعر، فثار على الأعراف والتقاليد والقيم الأخلاقية السائدة لا تناسب أحوال مجتمعه. وهو في الحقيقة تبنّى على صعيد الشعر من الحرّية مبدأ يعبّر من خلاله عن اتّجاهه الفكري، والفنّي، واتّخذ من الخمرة وسيلهً يجسّد من خلالها إيمانه بضرورة التجديد في الشعر كما في الحياة، حيث يرى الدكتور طه حسين ويقول: «إنّه كان يُريد أن يتّخذ ويتخّذ الناس معه، في الشعر مذهبا جديدا. وهو التوفيق بين الشعر وبين الحياة الحاضرة، بحيث يكون الشعر مرآةً صافية تتمثّل فيها الحياة، ومعنى ذلك العدول عن طريقة القدماء. لأنّ هذه الطريقة كانت تلائم القدماء وما ألّفوا من ضروب العيش. فإذا تغيرّت ضروب العيش هذه وجب أن يتغيّر الشعر الذى يتغنّى به، فليسَ يُليق بساكن بغداد، المستمتع بالحضارة ولذاتها، أن يصف الخيام والأطلال، أو يتغنّى بالإبل والشاء، وإنّما يجب عليه أن يصف القصور والرياض ويتغنّى بالخمر والقيان. فإن فَعَلَ غيرُ ذلك فهو كاذب متكلّف»
فإنّه آمن برسالة الشعر في الحياة، وسعى جاهدا ًإلى ربط الجسور بين الواقع والشعر لتحقق غاياته وأهدافه وقد ألَحّ في شعره على تجسيد الحياة الحاضرة حيث يقول:
ج - الخمرة الاجتماعية والسياسية:
صوَّر أبونواس من خِلال الخمرة أجواء عصره، وجَسَّد من خلالها مظاهر الحضارة في مجتمعه، وما أودعته تلك الحضارة في ذلك المجتمع من بذخ وترفِ وقيان وغلمان وجوار. ولجأ مِن خلال الخمر إلى كشف سوءات مجتمعه وتعريته بأسلوبه الخاص وبوسائله التعبيرية الخاصة. ولجأ من خلالها إلى كشف الأقنعة من تلك الوجوه التّى كانت تتخذّ من الدّين والتمّسك بالأعراف ستارا تخفى تحته الرّياء والكذب والنفاق، ويرمي من خِلال ذلك إلى إعطاء صورة أمينة لبعض الأوساط الإجتماعيه في زمنه، إلى جانب أنه كان يعرض أحوال خلفاء بني العباس ورجالهم الذين كانت لهم مجالسُ أنسهم وطربهم مع القيان والغلمان و شرب الخمر، بينما كانوا يتظاهرون بالتقوّى الديني والوقار الإجتماعي. يقول في قصيدة يمدح من خلالها الأمينَ، متخذا من الخمرة أداته لهذا المديح:
بعد هذه الدراسة الشاملة والمعالجة الواسعة فی مضمون خمریات أبی نواس عرفنا له على الأقّل خمسة أنواع من الخمريات وهى:
أ -الخمرة التقليدية:
 إنه کان في هذا النوع من خمرياته متأثرا ً بالشعراء قبله من الجاهليين و الأسلاميين والأموييّن، فلم یأت بشى‏ء جديد من ناحية المعنى في هذا الصعيد.
ب - الخمرة الفنيّة: وهى نتيجة لثورته على نظام القصيدة التقليدية. إنه سايَر حضارة عصره وأراد من الشعراء أن يسايروا حياة الحضارة ويبتعدوا من حياة البداوة ومعالمها. فهو في هذه النزعة تأثّرَ إلى حدًّما بمسلم بن الوليد.
ج-الخمرة الاجتماعية والسيّاسية: وهى نتيجة لثورته على الأعراف والتقّاليد المندرسة. ثارعلى النفّاق والرّياء الشائعين، وثار على السلطة الإسلامية الكاذبة آنذاك التّي كانت تبثّ الخلافات القبلية  والدينية. إنه قام بإفشاء أَسرار الخلفاء العباسين، الذين كانوا يدعّون بأنهم خلفاء المسلمين، وإفشاء أسرار أصحاب البلاط الذين كانوا زهاد النهار ومُجّان الليل وكانوا يهتمّون بجمع المال والذين هم يراؤون وما کانوا بمؤمنين.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.