العلاج الطبي للإدمان:
الهدف بعيد المدى لأي برنامج علاجي طموح للمدمن هو
التوقف نهائياً عن التعاطي، ولكن لنكون واقعيين ولكي لا نصاب بإحباط مبكر يجب أن
يكون الهدف قريب المدى أو العاجل هو التقليل من الكمية المتعاطاة، وتحسين قدرة
المدمن على الأداء مهنياً واجتماعياً وأسرياً، والتقليل من المضاعفات الصحية
والنفسية والقانونية. وهذا لا يتأتى إلا عن طريق برنامج علاجي يتضمن العلاج الطبي
وعلاج نفسي شامل يهدف إلى تغيير جذري في السلوك والمعتقد يتعلم منه المدمن كيف
يسيطر على تعاطيه وليتحمل مسؤولياته في الحياة.
العلاج بالنسبة لأولئك الذين يسيئون استعمال العقاقير
ولكنهم لم يدمنوا عليها بعد يعتمد على الإرشاد النفسي والعلاج النفسي الداعم
والسلوكي والمعرفي. ونسبة النجاح عالية بالنسبة لهذه الفئة لكونها لم تصل مرحلة
الإدمان بعد خاصة في حالة وجود الدافع القوي والمساندة الأسرية والخلو من الاضطراب
في الشخصية.
هذه البرامج تتضمن:
إقامة بالوحدة:
التي يشار إليها "بوحدات الاعتماد الكيميائي".dependency units Chemical”” يقضي المدمن فترة تتراوح ما بين ثلاثة أسابيع وثلاثة أشهر
للعلاج. وهذه الوحدات تصلح للمتعاطين في مرحلة إساءة الاستعمال و حديثو العهد
بالإدمان الذين يبدون الحد الأدنى من المضاعفات مع دافعية أقوي للإقلاع عن التعاطي.
علاج طبي ونفسي:
يتضمن السيطرة على الأعراض الإنسحابية والرغبة
الملحة للتعاطي وذلك بواسطة الأدوية تحت إشراف طبي. وكذلك علاج كل المشاكل الطبية
المترتبة عن الاستعمال، بالإضافة إلى المعالجات النفسية بالأساليب المختلفة على
حسب الحاجة لكل حالة.
متابعة للمدمن بالعيادة الخارجية:
هنا يراجع المريض العيادة الخارجية أو وحدة العلاج
النهاري في أوقات منتظمة وبدون إعطائه أي عقار. ويتضمن البرنامج متابعة المعالجات
النفسية والسلوكية والإرشاد النفسي والعلاج الاجتماعي. كل ذلك يهدف إلى تأهيل
الشخص نفسياً واجتماعياً ومهنياً وإعادته للعمل المنتج. وبعضهم ينخرط في مجموعات
خدمة الذات، مثل "الخطوات الأثنا عشر" "والكحوليين
المجهولين".وذلك لتدعيم عملية التوقف عن التعاطي.
أرجو في عجلة أن أنوه بأن هذا ما كنا نحاول تطبيقه بوحدة
علاج الإدمان في أبو ظبي. وإن كان هناك قصور في النتائج. وبالرغم من الإحباط الذي
كان يشعر به كل من ساهم في ذلك القسم من مجهود، فإن النوايا كانت ولا تزال صادقة
في إنجاح التجربة التي شابها الكثير من عدم الالتزام بتطبيق السياسة المرسومة
للوحدة التي بدت بما يمكن وصفه بوحدة للحبس أو الاعتقال، وليس كوحدة للعلاج
التطوعي بدون أي قسر لمن له الرغبة أو الإرادة الصادقة للعلاج. وكذلك كانت سياسة
الدخول والخروج معوقا آخر إذ أن الطبيب المعالج ليس هو الذي يقرر ذلك بل كان ذلك
من اختصاص النيابة والمحكمة أذ كان ييرسل للوحدة أفرادا ليس لديهم أى رغبة فى
التوقف عن الأستعمال بل كان دخولهم فقط لتفادى الأرسال الى السجن أو تحت ضغط
الأهل. وقد نتج عن ذلك اختلاط مجموعات غير متجانسة من المرضى، منهم حديثو العهد
بالاستعمال مع هؤلاء الضالعين والمتمرسين في التعاطي والذين تكرر دخولهم القسم عدة
مرات ولم يبدوا أي رغبة في التعاون أو التوقف. وكان لهذا الاختلاط جوانبه السلبية
على حديثي العهد الذين تأثروا بالمجموعة الضالعة التي أصبحت بالنسبة لهم القدوة،
فتغيرت مفاهيمهم عن الإدمان إلى الأسوأ وأصموا آذانهم ولم يأبهوا أو يهتموا كثيراً
بالبرامج العلاجية. وعند خروجهم واصلوا الاتصال بالمجموعة السيئة وعاودوا التعاطي
مرة أخرى. ولو كانت هنالك وحدة مشابهة بالسجن أو وحدة تديرها الخدمات العقابية
لأمكن تفادي هذا الوضع وذلك بعزل المدمنين ذوي النزعات الإجرامية، أو الذين يصعب
التعامل معهم في بيئة متسامحة، وإيداعهم وحدات سلطوية عن طريق المحاكم أو سلطات
الأمن.
والشيء الثالث عدم وجود برنامج متابعة فعال لوحدة العلاج
النهاري للإدمان التي من المفروض أن يؤمها كل مريض يتخرج من وحدة العلاج بصورة
منتظمة ولفترة طويلة بغرض التأهيل النفسي والاجتماعي استعدادا لانخراطه من جديد في
الحياة المهنية والاجتماعية. ويمكن بسهولة التأكد من عدم تعاطي المريض بالفحص
المخبري المنتظم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire