تاريخ نشأة التصوير الفوتوغرافي منذ النشأة وحتى
أحدث كاميرات الديجتال
يأتي التأكيد هنا على موضوع التقاط الصور
الملونة كان بمثابة حلم صعب المنال أمام رواد وطليعيي التصوير الفوتوغرافي للتذكير
بالجهد المتواصل بالنسبة لهؤلاء العصاميين ولذلك فإن طموحهم هذا لم يظهر للعيان إلا
بعد أعوام طويلة على اكتشاف الصورة الفوتوغرافية في النصف الأول من القرن التاسع عشر
وبالتحديد في عام 1839. أما المحاولات الأولى
بهذا الإتجاه فقد جاءت تالياً في النصف الثاني من القرن نفسه أي في عام 1861 لكن نقطة
الصراع وحقيقة المفاضلة بين التصوير الفوتوغرافي وفن الرسم ظلت قائمة ولم يكن محض مصادفة
لا سيما أن الهدف الأول لرواد التصوير قد تجسد في محاولاتهم ابتكار طرق تقنية بإمكانها
اعطاء الشكل والنموذج الفوتوغرافي ألوانه الطبيعية مثل لوحة الرسم ولهذا فإن مواقف
الرسامين وقتذاك تجاه فن التصوير كانت متباينة حقاً وعلى سبيل المثال فإن رسام المواضيع
التأريخية الفرنسي باول ديلاروخ 1797 ـ 1856 ولدى سماعه نبأ اكتشاف طريقة محسنة في
التصوير هي طريقة ديكرا أعلن أن الرسم قد مات منذ اليوم الأول للاكتشاف، أما زميله
الرسام الفرنسي يوجيف ديلاكروا 1798 ـ 1863 فقد وظف تلك الطريقة الجديدة لخدمة دراساته
التخطيطية بفن الرسم وهكذا استمر. لقد كان المصورون الفوتوغرافيون منذ أواسط القرن
التاسع عشر منشغلين في البحث والعمل الجاد لإيجاد أفضل الطرق من أجل التوصل الى مسألة
إسقاط ألوان الطبيعة بوضوح تام على الصورة الفوتوغرافية.. أما الأعمال الأولى لهؤلاء
الطليعيين فقد تركزت على جانب تلوين الصورة بالفرشاةت ولسبب نفسه نادراً ما كان باستطاعتهم
بلوغ الغاية في نقل ألوان الطبيعة كما هي عليه في الواقع على الصورة الفوتوغرافية..
إلا أن التطورات العلمية اللاحقة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كما ذكرت قد
أسهمت في تذليل الكثير من الصعاب في اكتشاف هذا الهدف في التصوير الفوتوغرافي خاصة
عندما شاهد الجمهور أول صورة فوتوغرافية ملونة في عام 1861.
وفي المعهد الملكي في لندن قدم الفيزياوي
الاسكتلندي جيمس كليرك ماكسوين محاضرة حول نظرية الألوان الرئيسية بتاريخ 17 آيار
1861 وقد أشار فيها الى حقيقة أن جميع الألوان تتكون عند خلط الألوان الرئيسية الثلاثة”
الأحمر والأصفر والأزرق “ وأمام أعين جمهور المحاضرة المشدودة اليه أجرى المحاضر نفسه
تجربة مباشرة لإثبات تلك الحقيقة ثم أسقط على جدار أبيض ثلاثة سلايدات بالألوان الثلاثة
لصورة وسام ملون وعندما سلط الصور الثلاث على الجدار في آن واحد ظهرت أول صورة ملونة
وسط تعجب الجمهور المتذوق وقد أضحى هذا الاكتشاف الجديد ممكن التنفيذ عملياً وبنجاح
عندما توصل الاميركي فريد ريك ايفر في عام 1895 الى صنع آلة تصوير بمستطاعها أن تعطي
صورة واحدة تلتحم فيها الألوان الثلاثة الرئيسية فيما سبقت تلك العملية تجربة أخرى
للصور الملونة وقد جاءت في عام 1868 على يد الفرنسي لويس ديكوس دي هارون غير أنها لم
تتأكد في الواقع العملي وهو على أية حال قد صمم لوحة حساسة مع رقائق بالألوان الأساسية
لكن على شكل خطوط متقطعة.. وعند توجيه الضوء على اللوحة والرقائق الثلاثة الملونة معاً
تظهر الصورة المفترقة بألوانها الطبيعية.
في أوائل القرن العشرين جدد الأخوان الفرنسيان
اوغست ولويس لومير فكرة لويس ديكوس دي هارون وقاما بتجارب كثيرة وذلك للتوصل الى أفضل
السبل لنقل واحدة من التجارب الى الواقع العملي وقد وفق الأخوان في صنع خليط مسحوق
يتألف من ذرات ناعمة للغاية والخليط هذا يحتوي على الألوان الثلاثة الرئيسية إذ ينشر
هذا المسحوق على سطح زجاجي شفاف ويغطى بلوح زجاجي مماثل وعند توجيه أشعة الضوء اللازمة
على ذلك الماسك الزجاجي المحكم تظهر الصورة الفوتوغرافية الملونة وينبغي لنا التذكير
بأن هذا الاكتشاف مدون حتى الآن باسم الأخوين لومير تحت عنوان” طريقة اونوكروم “ غير
أن تلك الطريقة لم تدم طويلاً لأن عملية تحضيرها بقيت معقدة للغاية.
على هذا النمط من التجارب التطبيقية والبحوث
النظرية استمرت مجهودات الطليعيين والهواة المتقدمين لتطوير التصوير الفوتوغرافي الملون
ليصل الى مرحلته النهائية ففي عام 1912 ابتكر العالم جورج ايستمان كوداك وهو بريطاني
من أصل اميركي كاميرا الرول الصغيرة المحمولة على الكتف بديلاً للصندوقية الكبيرة ومن
بعدها الفلم السينمائي الملون.. وهنا لابد من الإشارة بأن هواة التصوير الذين اشتغلوا
على منهج البحث والمتابعة قد لعبوا دوراً مهماً في تطوير تقنيات التصوير الفوتوغرافي
الملون ولهذا أضحت أعمالهم من الوثائق التأريخية الأولى.. لكنه مع كل هذا التطور المتحقق
من هذا المعنى بقيت الصورة الفوتوغرافية الملونة حصرا بالنسبة لمحترفي هذا الفن ومريديه
عبارة عن صبغة كيمياوية لا تلبث ان تزول بمرور الزمن وقد لا يعمر لونها اكثر من بضع
سنين نتيجة تأثيرات المناخ الحار وتعرضها لكثافات أشعة الضوء فترة أطول اما الفلم فهو
الآخر تزول ألوانه تدريجيا ومن ثم تتلاشى بفترة اقصر من ذلك بكثير وهذه عيوب الألوان
وأن جاءت براقة أول الأمر فهي في النهاية زائلة لا محال..
ولذلك ظلت الصورة بالأسود والأبيض حية
منذ عام 1839 وحتى الآن أي منذ ان أبحر رسام فرنسي فاشل يدعى هوراك فيرنيه في آب من
ذلك العام البعيد الى مصر لتصوير الاهرامات وكل ما على ضفتي نهر النيل من المعالم والبشر
بكاميرا صندوقية كبيرة محمولة على ثلاث ركائز كان قد استعارها من اكاديمية العلوم الفرنسية
وقتذاك..
ويذكر أنه عندما عاد بعد شهرين الى بلاده
استقبل استقبالاً حاراً فاق الاستقبال الذي حظي به آرمستر ذلك عند عودته من سطح القمر
في الستينيات من القرن الماضي.
مع حلول الألفية الثالثة جاءت كاميرا
الديجتال او الكاميرا الرقمية حسب المصطلح العربي الشائع بمفاجأت كبيرة ومذهلة على
صعيد تعمير اللون وإغنائه ليدوم ما مسافته عشرون عاماً من خلال استخدام الأحبار اللونية
الجافة والثابتة في جهاز طباعة الصور الرقمية وكاميرا الديجتال هذه والتي يمكن وصفها
بأداة الإبصار المكثفة قد حلت معضلات كثيرة ومن مزاياها المتقدمة الفائقة الدقة أنها
تمتاز بكفاءة عالية على استقطاب كثافات الضوء الساطع منه والمتطرف وكذلك المحيطي الفاتر
او الفضي المصحوب بمسيحة زرقاء طافية وزد على ذلك خصائصها التسجيلية الفريدة في استيعابها
لـ 400 ـ 450 صورة كالتي تنتزع من صميم المشهد الحي بألوانها الصريحة البراقة مثلما
تبدو بالعين المجردة دون تحريف لصفة من صفات اللون وفوق ذلك فان عدساتها ذاتية التشغيل
والمرونة واحتواء المشهد بأدق تفاصيله وعلى النحو الذي لا يخل بأي جانب من جوانبه من
حيث الوضوح والدقة فهي بالمعنى العام تعمل تبعا للمسافة القائمة بينها وبين المشهد
المرغوب تسجيله وقد صممت هذه الآلة الفعالة لغرض الاستعاضة عن الكاميرات التقليدية
بافلامها التي تحتاج لمسافة من الزمن لغرض تحميض سوالبها وطبع صورها والاهم من اجل
الاسراع في انجاز الصورة الصحفية والخبرية وسهولة تداولها حتى عبر شبكة الانترنيت ان
تطلب الامر ذلك وقد بات غالبية المصورين الصحفيين وغيرهم يستخدمون تلك الاداة التي
تيسر لهم سرعة تداول الصورة وارسالها الى اي مكان في العالم ببساطة وكذلك خزن المتبقي
من تلك الصور في جهاز الكومبيوتر والاحتفاظ بها مدة عشرين عاما مقبلة وهنا يظهر الفارق
ما بين الناتج العملي الذي تعطيه آلات التصوير التقليدية من الكاميرات والآلات الذهبية
من كاميرات الديجتال الاكثر ملائمة لضرورات العصر والحاجة الى الصورة الجافة بعيداً
عن محاليل الاظهار الكيمياوية التي تبعث السموم والأبخرة القاتلة وما يمكن اضافته فوق
هذا هو أن الفوتوغرافيين المحترفين في شتى الأصقاع ما زالوا يحتفظون بجيل بل باجيال
من الكاميرات التقليدية إضافة الى احتفاظهم بندرة عدسات الياقوت مثل سومي كرون وايلمار
وشنايدر وسومي لوكس وتيسار وغيرها من التحف التي تمكنهم من اسقاط احاسيسهم في محتوى
الصورة الفوتوغرافية الهادفة وعلى العكس من عدسات الديجتال التي تستخدم دون فوران وتحسس
إبداعي كما والذوبان الكلي بالمشهد المقترح.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire