أعلان الهيدر

الرئيسية جمهورية الصورة و إيقونة الموز

جمهورية الصورة و إيقونة الموز

جمهورية الصورة و إيقونة الموز
يؤكد الفيلسوف نيتشه أن ما يشهر شيئا ما، إنما هو اسمه و مظهره و قيمته و قياسه و وزنه كل هاته الأمور التي تضاف إلى شيء بمحض الصدفة و الخطأ تصبح لشدة إيماننا بها و بفعل تناقلها من جيل إلى أخر تصبح لحمة الشيء و سداه، و يتحول ما كان مظهرا في البداية إلى الجوهر، ثم يأخذ في العمل كماهية .
جمهورية الصورة و إيقونة الموز

تظهر مدى أهمية الصورة في الإعلام العمومي والخاص كعنصر أساسي للتأثير على المشاهد وجدانيا حيث يعتمد الإعلام بالدرجة الأولى على إثارة العواطف الوجدانية لدى المتلقي وليس الإقناع العقلي فحسب، ومن هنا جاءت أهمية البحث لدراسة تأثير الصورة في الإعلام باعتبارها رسالة بصرية يستطيع المخرج من خلالها توصيل الرسالة السياسية بقيمة جمالية عالية تسهم في ترسيخ الصورة الذهنية عن الشخصية لدى المتلقى. هذا التفاعل الذي يحدث بين المتلقى والصورة يتم في إطار المعرفة البصرية والتفكير البصري.
أقول هذا و أنا احلل بصريا صورتي كل من الباجي قائد السبسي و محمد المنصف المرزوقي وهما يقدمان كلمة للشعب التونسي خلال فترتيهما الرئاسية .
الباجى-قائد-السبسي

غير أن هذا الطرح المركب الذي أحاول أن أقدمه يجعلني اجزم بان إعلامنا يحاول في كل مرة السيطرة على ذاكرتنا البصرية بهدف العودة إلى سالف الآلة القمعية التي هرسلت وجدان المشاهد نحو توجيه إيديولوجي مقيت خاصة حين تتبدل زاوية النظر وخلفية الصورة والعناصر البنيوية المكونة للخلفية من تركيبة تقشفية صارمة تنذر بتفاقم الوضع الكارثي ( صورة المنصف المرزوقي نموذجا ) لتمرر رسائل مشفرة للمتلقي البسيط عن عمق الفجوة والفراغ السلطوي وضياع الهيبة واستحلال البيضة . فحتى الألوان التي عدلت بها كاميرات التلفزة دخلت في ركود و كأنها أهملت منذ قيام الثورة فلا إضاءة مسلطة على الشخصية ولا قراءة لعمق الصورة ولا تأثيث للخلفية إلا من لون رمادي محايد بدلالاته الباهتة والتي تؤكد أن اللون الرمادي يجعلك تتوه في الناس و الأشياء حتى لا يشعر الآخرون بوجودك و مع أن أشياء القصر هي نفسها التي صور معها وفيها وقربها الباجي قايد السبسبي ومحمد المنصف المرزوقي . وتبدو بذلك إيقونة الموز بديلا عن جمهورية الموز كدليل صارخ عن استبلاه شعب توهم أن إعلامه مواكب لثورته.
منصف المرزوقي

من هنا نجد أنفسنا أمام صورتين مختلفتين يقدمهما الإعلام العمومي والخاص في تونس لمرحلتين مختلفتين من تاريخ تونس ولكنها تدلل على انزياح حقيقي عن الواقع وتقديمه بعنصرية فجة وغير حيادية واحسب أن صناعتها جاءت نتيجة حرفية" صنائعية "أخذت كابرا عن كابر وليس باكادمية علمية وعن دراية بعلم الصورة وفنونها , وربما أعزو هذا لانسياق طواقم هذا الإعلام في ربق عبودية طالت لنصف قرن منذ "يا سيد الأسياد "وصولا إلى "الله احد ماكيفه حد " مما خلف ثمارا هجينة اينعت رؤوسا مافيوزية تبغض التحرر و الانعتاق .

ليصبح بذلك تحديدي لمفهوم جمهورية الصورة تنطبق على كل الصور التي تأتينا من قصر قرطاج بل وربما يتحدد من خلالها محرار البورصة وعناوين الإخبار ومواضيع البلاتوهات وحالة الطقس لنجعل نجاح السياسات الخارجية وانخفاض الأسعار واعتدال الأجور والانتصار على الإرهاب تتحدد من ذلك اللون الذهبي الذي احيط بالرئيس السبسي في خلفية الصورة التي رتبت بإحكام , يضاف إليها درجات الإضاءة وقوة التباينات ومصدر الضوء المسلط على الشخصية في هالة قدسية أشبه ما يكون بإضاءة كنائسية تذكرنا ببورتريهات الشخصيات المتنفذة في العهد الأوروبي الوسيط وفناني عصر النهضة .

ولعلنا نستحضر هنا مقولة أن الذهب و الألوان الذهبية عموما يجذب بريقها عيون النساء ويسلب البابهن لنستكنه بذلك من وراء الصورة إن جمهورية الصورة موجهة للمليون امرأة المحددة لانتخابات تونس, وان إيقونة الموز مرفوعة في وجه من غرته فورة الثورة .

                                                                                   مقال للاستاذ ناجي يعقوبي

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.