أعلان الهيدر

الرئيسية بحث حول : الفرد وحق الاختلاف

بحث حول : الفرد وحق الاختلاف

بحث حول :  الفرد وحق الاختلاف 
حق الفرد وحق المجتمع
الفرد وحق الاختلاف
هل حق المجتمع هو من حقوق الانسان؟ ما دامت جميع التعريفات العلمية ترى ان المجتمع هو مجموعة من الافراد الذين يعيشون معا حياة مشتركة، فمن الواضح اننا عندما نتحدث عن حقوق المجتمع فإننا نقصد حقوق الافراد بصفتهم الجماعية. فحق المجتمع هو تعبير يقصد به الحقوق الانسانية الجماعية للافراد في اطار حياتهم المشتركة العامة في المجتمع، ولتوضيح هذه النقطة ينبغي التمييز بين ثلاثة انواع من الحقوق:
1 ـ حقوق تتعلق بالفرد مثل الحق في الحياة والحرية والعبادة وحق الملكية وحماية السكن والتنقل والزواج وغيرها من الحقوق التي ترتبط بالفرد في حياته الفردية الخاصة.
2 ـ حقوق تتعلق بمجموعة من الافراد وترتبط بقيامهم بعمل او نشاط مشترك مؤسسي او غير مؤسسي وذلك مثل حق تكوين النقابات والجمعيات وحق التجمع السلمي وحق تأسيس المؤسسات الصحفية وغيرها من الحقوق التي يفترض لتوفرها وجود مجموعة من الافراد في المجتمع يقومون بنشاط مشترك لتحقيق هدف واحد.
3 ـ حقوق تتعلق بجميع افراد المجتمع وترتبط بحياتهم المشتركة العامة مثل حق الامن والسلامة، وافضل اساس او معيار يمكن استخدامه لتحديد جوهر ونطاق هذه الحقوق هو الصالح العام وامن المجتمع بمعناه العام، فلا يجوز الاضرار بالصالح العام لتحقيق مصلحة اي فرد او مجموعة من الافراد ولا يجوز الاخلال بأمن المجتمع من قبل اي فرد او مجموعة من الافراد. ومنذ عرف الانسان الحياة الجماعية في المجتمعات البشرية كان من الواضح ان المحافظة على تماسك المجتمعات وتطورها تتطلب تحقيق الموازنة بين مبدأين رئيسيين: الأول هو صالح الفرد والثاني هو صالح المجتمع او الصالح العام، وهناك حكمة سياسية مفادها ان حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. فمن حق أي فرد ان يستمع الى الموسيقى في منزله من دون ان يمنعه احد، ولكن عندما يكون صوت الموسيقى مرتفعا بالشكل الذي يزعج من حوله من الجيران يصبح من حق المجتمع التدخل في حرية الفرد المعني ومنعه من تجاوز حقوق الآخرين في استخدام حريته الفردية. ومن ضمن الممارسات اليومية لرجال البوليس الامريكيين تلقي شكاوى الافراد ضد ازعاج جيرانهم، ولا يجوز من حيث المبدأ حجر الاشخاص لمجرد اصابتهم بالمرض، وان منعهم من الحركة والتنقل بسبب مرضهم يفترض ان يتعارض مع ابسط حقوقهم الانسانية هذا من حيث المبدأ كما ذكرت، ولكن في حالة انتشار وباء معد في أي دولة من دول العالم تتغير المعايير ويتم تقديم حق المجتمع او حق الامة على حق المصابين بالوباء في التنقل ويتمثل حقهم الرئيسي في هذه الحالة بمحاولة معالجتهم من الاصابة التي المت بهم. وقد توجد حالات اخرى في الحياة الانسانية المجتمعية والتي تتطلب فيها المصلحة العامة منع بعض الاشخاص من التنقل، فأثناء الحرب العالمية الثانية منعت الحكومة الامريكية اليابانيين المقيمين في امريكا وبعضهم كانوا يحملون الجنسية الامريكية من وحرية التنقل، وفرضت عليهم الاقامة الجبرية في مناطق محددة واخضعت نشاطات حياتهم الاعتيادية لمراقبة مستمرة. غالبية دول العالم تمنع في الحقيقة الاجانب المقيمين فيها من بعض الممارسات والنشاطات بسبب اعتبارات الامن الوطني وان من شأن اعلان حالات الطوارئ توقيف العمل بمبدأ الحقوق والحريات الفردية للاشخاص.

واذا تأملنا في المادة التاسعة للمعاهدة الاوروبية لحماية حقوق الانسان نجدها تنص في بندها الاول على حرية التفكير وحرية اعلان الدين واقامة الشعائر وحرية تغيير الدين او العقيدة ولكن المادة نفسها ومراعاة منها لاعتبارات الصالح العام تخضع هذه الحقوق للقيود المحددة في قانون الدولة والتي تكون ضرورية كما تنص المادة لضمان صالح امن الجمهور وحماية النظام العام والصحة والآداب او لحماية حقوق الآخرين وحرياته. واذا تأملنا في المادة العاشرة من نفس الاتفاقية التي تنص على حرية التعبير وتلقي وتقديم المعلومات نجد انها تراعي اعتبارات المصلحة العامة وتؤكد على حق الدولة في منح تراخيص العمل لمؤسسات الاذاعة والتلفاز والسينما، كما تؤكد على ضرورة وجود اسس اجرائية وقيود وشروط لعمل المؤسسات المعلوماتية، كما تنص على امكانية وقوع العقوبات التي ينص عليها قانون الدولة في حالة مخالفة القيود والشروط، وذلك حماية لصالح الامن الوطني وسلامة الاراضي، وامن الجماهير وحفظ النظام ومنع الجريمة وحماية الصحة والآداب واحترام حقوق الآخرين ومنع افشاء الاسرار، وكذلك الامر بالنسبة للمادة (11) من الاتفاقية نفسها التي تؤكد حرية الاجتماعات وتكوين الجمعيات والاتحادات نجدها تتيح مجالا واضحا لقيود القانون على هذه النشاطات التي قد تقتضيها اعتبارات الامن الوطني وسلامة الجماهير وحفظ النظام. ولقد اعطت المادة (16) من الاتفاقية الحكومات الاوروبية حق فرض القيود على النشاطات السياسية للاجانب، كما ان المادة الثانية من البروتوكول الاضافي الرابع والتي تنص على حرية التنقل داخل اقاليم الدولة وحرية السفر للخارج نجدها تسمح بفرض القيود الاستثنائية التي قد تمليها اعتبارات المصلحة العامة. وبعض المفكرين الذين كتبوا في حقوق الانسان تحدثوا عن الحقوق الحديثة للانسان والتي تتضمن الحق في بيئة نقية والحق في الهدوء وفي التنمية وجميع هذه الحقوق في حقيقتها هي حقوق عامة ترتبط بحياة الجماعة في المجتمع، ولهذا فإنه يجوز حماية لحق المجتمع في بيئة جيدة معاقبة أي شخص يقوم بالحاق الضرر بالبيئة، ويمكن وفق هذه النظرة اعتبار موقف الحكومة الامريكية من اتفاقية كيوتو لحماية البيئة، بانه موقف يتعارض مع حقوق الانسان على مستوى دولي، واذا كان هذا الرأي مبالغا فيه فان الهدف منه هو تأكيد حق الدول في الاختلاف في تحديد مجالات وحدود العلاقة بين حق الفرد وحق المجتمع عملا بمقتضى الصالح العام للدولة المعنية بالامر. فالدول العربية والاسلامية مثلا ترفض عرض الافلام التلفزيونية والسينمائية الاباحية التي يمكن عرضها في اوروبا وامريكا بسهولة، وبعض الدول هي اكثر تشددا من الدول الاخرى في منع التدخين في الاماكن العامة وفي فرض العقوبات على المتجاوزين للسرعة القانونية القصوى. ويعود سبب ذلك طبعا الى اختلاف هذه الدول في تقديرها لاعتبارات الصالح العام في مجتمعاتها.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.