أعلان الهيدر

الرئيسية أولـيـاء الله الصـالحين بالحامة من كتاب الحامة تاريخ و حضارة للأستاذ الهادي بن وناس زريبي

أولـيـاء الله الصـالحين بالحامة من كتاب الحامة تاريخ و حضارة للأستاذ الهادي بن وناس زريبي

أولـيـاء الله الصـالحين بالحامة من كتاب الحامة تاريخ و حضارة للأستاذ الهادي بن وناس زريبي
أولـيـاء الله الصـالحين بالحامة
الأولياء بالحامة:
        عدد الأولياء بمدينة الحامة والمنطقة المحيطة بها كثير. منهم المشهور عرفت عنه كرامات، ومنهم المغمور ومحدود الشهرة، لا يعرفه إلا أحفاده أوالمحيطون بضريحه إن كان هناك ضريح .
ويظهر أن الحامة كانت محاطة بعدد من أضرحة الأولياء من جهاتها الأربعة، يقال أنّ أغلبهم جاء للدّفاع عن المدينة أثناء الهجوم الأسباني، بحيث نجد من الشرق ضريح الشعيلة بالشمال الشرقي. ثم ضريح إبن لاغوش وإبن نمنم والتكوري وعمر الرجراج نجدهم في واجهة المدينة من الشرق ثمّ سيدي عسكر بالشمال الغربي . ومنه نتوجه قليلا إلى الجنوب الغربي فنجد سيدي نصر الشايبي. بينما يوجد بالجنوب- بالدبدابة- سيدي علي النهيدي. أما بالجهة الجنوبية فنجد سيدي عبد الرزاق. أما بضواحي الحامة فنجد سيدي علي بن سالم بمنطقة بوعطوش وسيدي  إبن غيلوف في القرية التي أطلق عليها إسمه. وبالسنباط نجد بعض الأولياء كخليفة العايب وسيدي حريز.أما أشهر المزارات خارج الحامة فنجد مزار سيدي قناو وسيدي شمس الدين وهما بجهة مطماطة. هذا وسيقتصر حديثنا على من عرفنا عنهم شيئا، أما الذين نجهل أخبارهم فلا يمكن أن نتناولهم بالحديث.
ويمكن لنا أن نصنّف الاولياء الذين لهم علاقة بالحامة إلى ثلاثة أصناف:
 الصنف الأول : هم الذين إستقروا بالحامة ولهم بها مزارات
الصنف الثاني:  هم الذين زاروا الحامة وأقاموا بها مدّة من الزمن وتركوا بها أثرا يذكر .
الصنف الثالث : من لهم زوايا بالحامة ولكنهم لم يزوروها وإنما لهم أتباع ومريدون،. وهؤلاء لا يمكن أن تحدث عنهم لأنهم موجودين في كلّ مدينة وقرية بالبلاد التونسية، كعبد القادر الجيلاني وإبن عيسى المكناسي والتجاني الطرابلسي .
الــقسم الأول :
1-     سيدي نصر الشايبي
هو نصر بن علي بن بلقاسم بن سالم الشيبي. نسبة إلى بني شيبة. وهم فرع من فروع قريش،    وأبناء عمومة بني نوفل وبني هاشم. فالجد هو شبية بن عبد شمس بن عبد مناف. ولعبد مناف من الولد هاشم ونوفل وعبد شمس. و كانت ديار هؤولاء في مكة مستقرون حول الكعبة لذلك كان بنو شيبة سدنة الكعبة من العصر الجاهلي حتى جاء الإسلام. وإنقسم هؤلاء القوم إلى فريقين، فريق ناصر علي بن أبي طالب، وفريق آخر جاء في صفّ معاوية. وبعد إستشهاد علي  والحسين هاجر قسم من هذه القبيلة إلى مصر والعراق، وتفرّق بنو شيبه شرقا وغربا إثر ضرب الكعبة بالمنجنيق من قبل الحجاج بن يوسف سنة 73 هـ. وإثرها إنتقل بعضهم إلى ليبيا وإستقروا بمنطقة الجوش. ثم أقاموا زاوية لهم هناك قرب الصّيعان كان حافظها يسمى محمد بن سالم الشّيبي.
ومن هذه المنطقة إنتقل بعضعهم إلى قابس. فسكنوا بجهة المنزل قرب زاوية سيدي عبد القادر.
 أما قدوم سيدي نصر إلى الحامة فقد يكون حوالي سنة 1110 هـ الموافق 1698 م وأقام في البداية بمنطقة القصر وذلك إستنادا على مجموعة من الوثائق :
الوثيقة الأولى  حبس محمد الشايبي  أخو نصر المؤرخ سنة 1128 هـ الموافق 1715 م وقد إعتمد عليه سي المقطوف الشايبي في كتابة سيرة جدّه. يقول هذا الحبس أن دار محمد الشايبي يحدّها من أحد جهاتها دار أخيه نصر. والوثيقة مؤرخة بالتاريخ المذكور سابقا. إذن نصر وأخيه محمد قد إمتلكا ديارا بالقصر سنة 1128هـ وبالتالي فمن الأكيد أنهما جاءا إلى الحامة  قبل هذا التاريخ.
الوثيقة الثانية ما توصل إليه الدكتور لطفي الشايبي الذي يؤكد أن أبرز أيام نصر الشايبي كانت في عهد حمودة باشا الحسيني ، وذلك ما بين سنة 1196-1229 هـ الموافق 1782-1814 م .
الوثيقة الثالثة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن نصر الشايبي قد توفي قبيل سنة 1200 هـ الموافق 1785 م وهي عبارة عن مرسوم من الباي يعفي أبناء نصر الشايبي من المجبى مؤرخا سنة 1200 هـ وصادر عن حمودة باشا نفسه. ومن الأكيد أن هذا المرسوم صدر بعد وفاة نصر الشايبي بمدّة غير طويلة. وبالتالي فإنّ نصر الشايبي في هذا التاريخ أصبح في ذمّة الله لأنّ المرسوم يخصّ أبناءه، ومن هنا يمكن تحديد المدة التي قضاها هذا الولي الصالح بالحامة تكون ما بين 1110 هـ و1200 هـ. وللعلم يقال أنه عمّر طويلا. ويظهر أن سفره إلى العاصمة للتشفع لأهل الحامة ليخفف عنهم المجبى كان في حدود 1120- 1128 في عهد علي باشا الثاني، حيث كان نصر الشايبي مازال يقطن بالقصر. ويظهر أنه إنتقل إلى منطقة الشياب في عهد حمودة باشا. الذي منع البناء في حيّز المدينة لتبقى آثارها الخربة عبرة لأبناء الحامة. وبصفة إستثنائية سمح لنصر الشايبي أن يقيم مسكنا متواضعا في المكان الذي به قبّته اليوم على حافة ساقية الماء ليتفرّغ للعبادة.
لقد وجد نصر الشايبي المدينة خرابا، ووجد أهلها في خلاف مستمر، وخصام دائم. فحاول أن يصلح بين الأطراف المتناحرة. ولما عجز عن تحقيق غرضه آثر الاعتكاف و يؤكّد ذلك قوله:
جيت من الشرّق القاصي بإمداسى    ****     لاني بلدي ولانى فطناســــــــي
كـــان جعت إنســـــاسي    ****     وكــان شبعت إندس راسي في أغفاصي
ومع هذا كان الشيخ يتدخل لدى الولاة والباي أحيانا لتخفيف المجبى عن الأهالي. وصادف أن إرتفع الأداء إرتفاعا مشطا، وجبيّ في تلك السنة أكثر من مرة على غير العادة، مما أرهق الأهالي. و كان ذلك في سنوات توالى فيها الجدب على البلاد، فتوجه الشيخ إلى العاصمة، وطلب مقابلة الباي الذي تعوّد لقاء الأولياء الصالحين المعروفين. ولما كان نصر الشايبي غير معروف لديه وكان مظهره مزريا ولباسه رثا إزدراه الباي، وأمر بأن يبيت مع الصيد الأصفر أكثر الأسود شراسة وذلك ليمتحن. فإمّا أن يأكله الأسد، وإما أن تظهر بركته، وفي الصباح الباكر طلب الباي إخباره بالنتيجة، فلما ذهب الحارس وجد الشيخ على ظهر الأسد وقد جعل لحفته الخضراء كاللجام له. عندها أستقبله إستقبالا رسميا وأكرم وفادته وأحضر له كسوة ، وأمر بتخفيف المجبى على من ذكرهم الباي في المرسوم الذي أصدره. – أنظر قسم الوثائق
ولما عاد الشيخ إلى الحامة وجد بستانه قد عبث به بعض الأشقياء فأفسدوا الزرع وجمعوا التمر. فغضب الشيخ وقرّر الإنتقال من القصر إلى منطقة الشياب.
ويحكي أن الشيخ نصر لما قدم إلى الحامة وجد آثارها ومعالمها قد زالت، ولم يبق منها غير الأنقاض والحجارة التي تدلّ على عظمتها. فكان يقف على تلك الآثار واجما معتبرا حتى يأخذه الهلع مما جناه الإنسان على المدينة التي طاولت الزمان. يقول من قصيدة طويلة :
" بــشراك يا مدينة **** بـكل طبل وزينة ".
وكأنه تنبأ لها بإعادة إعمارها من جديد ، وهو ما وقع فعلا 
سيــدي قنـاو :
         هو ولي صالح . صاحب المزار الذي يوجد بين حدود الحامة ومنطقة الزراوة. ويقال أن سيدي قناو هو عبد أسود. كان خادما لسيدي علي المقاني الولي المغربي، والذي يوجد قبره غير بعيد عن مزار سيدي قناو، على الطريق القديمة التي تربط بين الحامة والزراوة والتي تؤدي إلى بلاد المشرق . و كناوي هو لقب يطلق على السود الأعاجم الذين لا تفهم لغتهم. وهو نسبة إلى كينيا حسب ما أكده الأستاذ محمد شفيق  الباحث المغربي في كتابه لمحة عن تاريخ الأمازيغ4. وقد إشتهر قناو أكثر من سيده المقاني. يقول أهل الحامة " البركة للمقاني والشهرة لقناو". ويقولون أن علي المقاني هو عالم متصوف مغربي الأصل مرّ بالحامة في طريقه إلى الحج. ولما وصل صحبة خادمه إلى المكان الذي به المزار مرض ثم توفي هناك. وبعد مدّة وجيزة لحق به قناو. ولكنّ أهالي تلك المنطقة يؤكدون كرمات عديدة لقناو مما دفعهم إلى إقامة مازار له وجامع للصلاة. بينما بقي قبر سيده عاديا كما أقامه قناو. ويظهر أن هذه الأحداث وقعت من زمن بعيد جدا، ربما في حدود القرن السادس عشرة هجري، فقد مرّ التجاني بهذا الضريح أوائل القرن الثامن أثناء رحلته للجنوب سنة 745 هـ وأشار إلى وجود مزار بالمكان. يقول في  هذا الشأن: " وفي اليوم الثالث من رحلتنا من نفزاوة تركنا جبال مطماطة على يميننا, ومررنا ضحى بقبر سيدي قناو. وهو في ربوة عالية بيضاء. مدفون بإزاء مسجد حسن عتيق عليه بهاء ورونق. وأهل النواحي يحترمونه كثيرا. ويؤثرون عليه كرمات عظيمة، ووجدنا عامل مدينة تونس مراد باي بن حمودة باشا قد نزل بعسكرة بقابس، وأمر بتجديد ذلك المسجد وحفر بئر هناك، لأن الموضع لا ماء فيه "5.
 وإذا أردنا أن نحدد تاريخ وفاة هذين الصالحين بالمكان المذكور لا بد أن ننطلق من كلام التجاني الذي  زار المكان أوائل القرن الثامن ووجد مسجدا عتيقا في حاجة إلى الترميم . والشايع أنّ البناء لا يصبح عتيقا وفي حاجة إلى التجديد إلا بعد مائتي عام تقريبا. إذن فمن المحتمل أن يكون هذا المسجد قد أقيم حوالي منتصف القرن السادس هجرية. وبذلك يكون من أقدم المزارات التي أقيمت في الجهة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن هذا الضريح كان ومازال إلى يومنا هذا قبلة الزوار من كامل منطقة الأعراض بل قل من الجنوب الشرقي والغربي من قفصة إلى قابس ومدنيبن.
السيدة الشعليّة الثليبيّة 
هي الشعليّة بنت علي بن محمد بن نصر بن علي بوشلاكة، من عرش الثليبات.
ويقال أنها عاصرت سيدي نصر الشايبي الذي توفي قبيل سنة 1200 هـ، كما عاصرت سيدي عبد الله بن خود الذي توفي 1127 هـ. وهو كلام يصعب ضبطه وتحديد الفترة الزمنية لهذه الوليّة الصالحة. وتشير بعض الرويات الشعبية أن الشعلية أسبق من نصر الشايبي وعبد الله بن خود، كما أشارت هذه الرويات إلى علاقتها بعدد من الأولياء في عصرها. وكان يتردد على زاويتها بعض الصلحاء مثل الحاج معاوية الجريدي. وكان إبن عمها سيدي التاجوري الذي رفضت الزواج منه ومن غيره أيضا يعمل على خدمتها مقتنعا بصلاحها لما شاهده من بركاتها حيث كان يتتبّع خطواتها ويراقب سلوكها عن قرب. كما سمع عنها الكثير من الكرامات كحضورها صلاة العصر يوميا في سيدي قناو حيث أخبره عنها الزوار الذين يترددون على هذا الولي. ويؤكّد الحاج التاجوري بوشلاكة الذي رويت عنه هذه السيرة أنّ جدّهم جاء إلى الحامة من ليبيا حيث كان مستقرا بالزاوية ومازال أبناء عمومتهم هناك.
سيــدي عبد النور
     هو عبد النور بن خليفة بن عمار بن علي بن خازن توجد له قبة على طريق الحامة قبلي القديم غربي هنشير حبس السدرة بمنطقة العفسة. ويقولون أنه جاء من نفزاوة، وله مع الحوازم قصّة مثيرة. وتوجد بعض الأثار القديمة بقربه كبقايا طريق مرصوف بالحجارة وآبار قد ردمت ولم يبق إلا الحجارة التي كانت بأعلاها- الرصفة - وآثار جرّ الحبال واضحة عليها.
ويوجد بالمزار-القبة- قبر يشير إلى دفنه هناك. و يشير إبراهيم العوامري في كتابه صحراء سوف معرفا بجدّ عبد النور هذا فيقول : " أما سيدي علي بن خازن فأصله من المغرب أتى إلى سوف متأخرا حوالي القرن 12 هـ 18 م وقد كان له من الولد إبن يقال عمار. وأنجب عمار عبد النور" 
.
سيـدي علي النهيدي
      قد يكون لقب النهيدي والنهدي يرجعان إلى قبيلة نهد العربية. وهي من قضاعة باليمن. و ليس لعلي النهدي ترجمة ولا تعرف أصوله بالتدقيق، وإنما يقول أحفاده أنّه جاء من المغرب الأقصى من الساقية الحمراء أوائل القرن الحادي عشر هجري أو أواخر القرن العاشر. ولعل هذا التاريخ قريب من الصحة حيث ورد ذكر إبنه البكر عبد الرحمان في وثيقة كشاهد على إثبات ملكية هذه الوثيقة مؤرّخة  سنة 1166 هـ. وتوجد ملاحظة بآخر الحجة تقول إن هؤلاء الشهود أعمارهم تتراوح بين السبعين والثمانين سنة مما يشير إلى أن عبد الرحمان ربما ولد سنة 1091 وبذلك يكون علي النهيدي موجود بالحامة قبل هذا التاريخ. وللنهديين حجّة بها حوالي مائتين من الشهود يؤكدون أنهم من الأشراف. وهي ليست شجرة لأصولهم كما يدّعي بعضهم.
 سيـدي عبد الرزاق مرار البلح
      سبقت الإشارة في قسم أماكن لها تاريخ في الحامة إلى ذكر وادي بو رزيق. وقلنا أن أصل الإسم عندما ينطق بالعربية الفصحى نقول – أبو رزيق – من الرزق بتقديم الراء على الزاي. وقلنا أنّ هذا الوادي تسمى بإسم رجل كان يكنّى بإسم إبنه رزيق. ورزيق هو تصغير لعبد الرزاق، فأبو رزيق هو أبو عبد الرزاق،فالرازق هو إليه و إذا سمينا به شخصا نقول عبد الرزاق.
فهل أن الوادي الذي به ضريح سيدي عبد الرزاق كان ملكا لوالده فقيل وادي أبو رزيق بتصغيرعبد الرزاق. قد يكون ذلك. لأنّ النخيل الموجود بهذا الوادي أغلبه من أملاك أولاد بالي الذين ينحدرون من سيدي عبد الرزاق أو أنهم ينتمون إليه للإحتماء به، هم يؤكدون أنه جدهم لا شك في ذلك.
يقال أنّ عبد الرزاق هذا كان منقطعا لخدمة أرضه، والإعتناء بنخيله في هذا الوادي. لذلك كان نخيله يحمل كل عام، ويكون صالح الثمار، وينضج قبل النخيل الآخر. وصادف أن جاءت سنة قلّ فيها التمر ولم يثمر أغلب نخيل الحامة، فجاء بعض الإشقياء لسرقة ثمار نخيله. ولما قطعوا العرجون الأول والثاني والثالث وضع أحدهم تمرة في فمه فوجدها مرّة فتناول أخرى فوجدها مرّة فتناول ثالثة فوجدها كأختيها مرة المذاق. فنزل من النخلة وترك الثّمار على الأرض وهرب. فسمي عبد الرزاق من ذلك اليوم بمرّار البلح وأعتبر ذلك علامة من علامات صلاحه. ولما توفي دفن في أرضه بين نخيله وأصبح أبناؤه يقبرون موتاهم حول ضريحه إلى اليوم و لعبد الرزاق كرمات أخرى.
سيدي عمر الرجراج
      عمر الرجراج هو فقيه زاهد، تفرّغ للعبادة ، ويؤكد الجلولي فارس أنّ للرجل رأي  في المذهب المالكي. وتوجد قصيدة مدح للأولياء جاء منها في  حقّ الرجراج – وحجّ في الله عشرين حجّة-. ولقب الرجراج موجود في المهدية، يشير روبار إلى أن عبد الكريم الرجراجي ثار في المهدية على سلطة الموحدين. وكان إنقلابه على الميورقي سببا في قتله. فهل عمر الرجراج من أحفاد هذا الثائر ؟ وهل جاء مع المحجوبي الأول من منطقة المهدية وإستوط الحامة حوالي القرن الثاني عشر هجري؟ الأمر محتمل ودليلي على ذلك أنّ أصلهما من منطقة واحدة. كذلك وجود مزار للرجراج وسط سواني المحاجبة الذين يؤكدون أنه ليس جدّا لهم. وإنما إستجار بهم فأجاروه. ويوجد قرب المزار بئر يقال أن الرجراج حفرها وماؤها يشفي من داء الكلب. هذا ما يقوله أحفاد المحاجبة وهو أمر شائع بين أهل الحامة.
السيد المــعرابي
     هو يوسف بن حجر –حبر يهودي مغربي- أخفى إسمه في البداية عن الناس . فعرف بالمغربي. لأنه جاء إلى الحامة من المغرب الأقصى مارا إلى بلاد المشرق. والنطق اليهودي حوّل لفظ  المغربي إلى المغرابي لسهولة النطق ثمّ أبدلت الغين عينا لسهولة النطق فقالوا المعرابي .
ويظهر أنه أعجب بطقس الحامة وماؤها المعدني فطالت إقامته بها. وإستقر قرب سانية الحاج أحمد دعيب. ويعتقد أنّ يوسف إبن حجر هذا طبيب أطفال لأن الرواية الشعبية تقول أنه بارع في تطبيب الأطفال من أمراض عديدة. لذلك أعتقد العامة في صلاحه يهودا كانوا أومسلمين وأصبحوا يزورونه ويهدون إليه الفول المدمس. وتقول الرواية أنه بعد مدّة غاب عن الأنظار ولم يعثر له على أثر. هذا ولا يوجد له قبر بالمزار، وإنما إشترى اليهود قطعة من الأرض بعد غيابه بالمكان الذي كان يقيم به وجعلوها مزارا. و قد أصج له الآن مزار بباريس ومزار بفلسطين المحتلّة بالمنطقة التي يتكاثر فيها اليهود المغاربة. هذا وكان لزيارة الحامة شأن كبير، حيث كان يأتيها الزوار اليهود من كل أنحاء البلاد التونسية ومن ليبيا والجزائر والمغرب. وكان توقيت هذه الزيارة في أواسط فصل الشتاء، وتبقى أسبوعا كاملا، تشهد الحامة أثناءهما حركة تجارية نشطة، فترتفع أسعار التمور والدجاج والبيض والمصنوعات التقليدية كالقفاف والمراوح والمظال ونحوها. كما يتمتع أبناء الحامة أثناءها بأنواع من الحلويات المختلفة الألوان والأشكال والمذاق والتي لا توجد وقتئذ إلا في العواصم الكبرى. كما تكثر أنواع المأكولات الخفيفة أبرزها الكفتة والكسروت والبريك وكل أنواع المقليات التي كان اليهود بارعين فيها. أما يوم الزيارة فتوزع –البوخة- داخل المزار مجانا لكل الزائرين من عرب ويهود. ولا تسأل عن الفرق الموسيقية المختلفة من ليببية إلى تونسية وجزائرية ذات النغمات الشجيّة بحيث تبقى السهرات حتى طلوع الفجر.
لقد برز من اليهود التونسيين فنّانون كبار مثل راؤول جورنو، والسيد العفريت وغيرهما. وكانت ألحانهم ونغماتهم تونسية صرفة. ومن أغانيهم الشهيرة "  طهّر يا لمطهّر"  لجورنو " . ولا موني إلّلي غاروا مني"  للعفريت . كما تقام حفلة ليلة الزيارة الرسمية داخل المقام وتردّد أثناءها هذه الأبيات، تقربا وتنويها بالسيد المعرابي .
أوه أوه يا المعرابي    *****    يــا عزّي يا تبر ترابــــي
وإنجيك يا المعرابي     *****    إنــزورك ونقرأ كتـــــابي
يا جبل الحامة جاوبني  *****    بـلحات على النخلات زادو عذابي
أوه  أوه يا المعرابى    *****   يـا عزي وملقى أحبابـــــي
      أما تواجد اليهود بالبلاد التونسية فيرى البعض أنهم تكاثروا إثر سقوط الأندلس. بينما يرى البعض الاخر أنهم موجدون في تونس من القرن الأول قبل الميلاد. ويشير إلى هذا الإحتمال المؤرخ حسن حسني عبد الوهاب فيقول : " لقد نزح إلى تونس عدد كبير من اليهود إثر تحطيم الرومان مدينة بيت االمقدس سنة 70 ق م، وإستقروا بنواح مختلفة من القرى والبوادي ولبسوا اللباس التونسي، وتعودوا بالعادات التونسية "7 .
كما تذكر الروايات الشعبية أن وجود اليهود في الحامة قديم جدا ربما قبل العهد الذي حدده حسن حسني عبد الوهاب أي من العهدي الفنيقي واليوناني لمّا كانت الحامة تصنع أواني من النحاس الأصفر وكانت تسمّى بمدينة النحاس حيث كان اليهود صناعا ماهرين لهذه الأواني.
سيدي بالّلغوش
      هو محمد بن لاغوش، كما ورد في حجة ملكيّة لعائلة أبي الوفاء لأرض مازالت على ملكهم، تقع على طريق الفجيج باخر المناشي يحدّها شرقا ضريح هذا الولي الذي ذكر إسمه كما سبقت الإشارة. ويقع الضريح شرقي مصبّ الزبلة . _ وكانت بالمكان قبّة_ وحوطة بها عدد من القبور. ويقال أن جماعة من المغاربة والتونسيين جاؤوا ليلا وهدّوا ما تبقى من القبة وأزالوا الضريح وحفروا القبر بحثا عن الكنوز. وقد زرت المكان سنة 2005 فوجدت آثار الحفر في مكان القبّة وحولها.
وإسم لاغوش غير عربي. إنّ صياغته تشير إلى أنه إسم أمازيغي –بربري – فهو على وزن زانوش وهي قرية بربرية بجهة قفصة، وفطوش وهو إسم قبيلة بجهة الحامة ومطماطة، وعطوش وهو لقب عائلي وإسم قبيلة ببلاد المغرب الأقصى، وحبّوش وهي قرية بلبنان. هذا وإن مسألة التصوف ليست حكرا على من هم من أصول عربية، فأبي الحسن الشادلي قطب المتصوّفة من قبيلة غمارة البربرية كذلك سيدي سلام بربري الأصل. ويذكر بعض الشيوخ أنّه كان قرب إبن لاغوش آثار قديمة منها حجارة تشبه رصيف ميناء أو أساس بناء ضخم ربما كانت الحامة الفنيقية، مدينة النحاس تقع على ضفاف المرفأ القديم على شط الفجاج.  
سيــدي عسكر أو عساكر
       كانت له زاوية كبرى وبداخلها قبة بها ضريح تقع بمنطقة القصر، غربي دار أبي الوفاء. لذلك  ذكر إسم هذا الولي في رسومهم تحت إسم إبن عساكر وقد إطّلعت على هذا الرّسم وإستنتجت منه أنّ إبن عساكر كانت له زاوية يقصدها الحجاج والمسافرون الذين يمرّون بالحامة للإستراحة والتزوّد بما يحتاجونه. وبقيت القبة قائمة الذات ومع أثار الزاوية حتى أوائل الستيّنات عندما وقعت إزالة الأبنية القديمة، وبناء المساكن الشعبية الجديدة 1964. ويعتقد أنّ الزاوية كانت مقامة خارج سور المدينة.
ويطلق إسم عساكر على عدة أشخاص في بلاد الشام. كما أنّ عساكر هو إسم قبيلة يمنية. جاء في معجم القبائل اليمنية، " العساكرة هي عزلة من أعمال ريمة شرقي حضرموت باليمن"8.
سيدي شمس الدين الزمزمي
       من هو شمس الدين ؟  وماهي علاقته بالحامة؟
       يعتمد التاريخ أحيانا على القصص الشعبي، ولكن هذا القصص إذا لم نجد ما يدعمه من الأدلة  الأخرى يصبح من الأساطير التي لا يعتد بها. كما أن البحث في أصول العائلات وتاريخ القبائل والعشائر من أصعب ما يمكن أن يتناوله الباحث، ونخصّ بالذكر عشيرة الزمازمة عامة وسيدي شمس الدين بصفة خاصة حيث وجدت الحديث عنه من القضايا الشائكة.
زرت مزار هذا الولي الصالح مرات عديدة آخرها سنة 2006 كانت قصد الوقوف على بعض الحقائق، وقرأت ما وجدته على لوحة هناك يقال أنها مستخرجة من شجرة نسب الزمازمة. كما إستمعت إلى أحاديث كثيرة تدّعي أنّ مزاره قديم جدّا في منطقة مزاتة دون تحديد زمن معيّن. كما تشير هذه الرويات إلى أنّ هذا الولي هو جد الزمازمة جميعا. هذا ويوجد داخل المقام ثلاث قبور قبر الولي شمس الدين وقبر زوجته مزاتة وقبر صديقه أو خادمه الجنيدي وينطقها العامة –إجنيد-، كما إطلعت على ما يعتقد أنه شجرة الزمازمة التي رجعتها مرّات عديدة. وإلى هنا يمكن أن نبدي ملاحظتين:
الملاحظة الأولى: لقد قرأت عديد المرات هذه الشجرة ولكني لم أفهم منها شيئا، بل قل فهمت منها ثلاثة أسطر فقط من 24 صفحة كلها كلام غير مترابط ولا يخرج منه القاري بطائل. والذي أعتقده أن أبناء عبد الله بن سالم الزمزمي إنتقلوا إلى الحمامات، وهناك وقع نسج خيوط هذه الشجرة ليؤكدوا عراقتهم وشرفهم. أدركت ذلك من ثلاثة أسطر وردت بالصفحة عدد 18: السطر العاشر والحادي عشر والثاني عشر حيبث تقول " ... وهم _ أي الشهود_ يسمعون سماعا فاشيا أن عبد الله بن سالم الزمزمي من أولاد سيدي أبي الحسن الزمزمي، إنتقل عام خلاء الحامة لبلد الحمامات، وخلف فيها أولاده وأولاد أولاده" ، هذا ما فهمته من أربعة وعشرين صفحة.
الملاحظة الثانية : إن القبور داخل المقام ليس عليها تاريخ منها قبر زوجته ويقال أنها تدعى – مزاتة- ومزاتة هو إسم القرية التي بها المزار. وإسم القرية مأخوذ من إسم القبيلة الأمازيغية التي كانت تقيم بالمكان، وهي تعود إلى قبيلة لواتة الأمازيغية الكبرى. ثمّ هل زوجته هذه هي أم ولده محمد الذي يظهر أنه تركه بالحامة أم تزوجها بعد إستقراره في أواخر أيامه بقرية مزاتة؟.  وهل شمس الدين نفسه هو من هذه القبيلة؟ ولمحاولة الإجابة عن هذه الأسألة سنعتمد على وثيقتين رسميتين لهما علاقة مباشرة بهذا الولي الصالح.. الوثيقة الأولى هي حجة عدلية مؤرخة سنة 1166 هجرية الموافق لسنة 1741 ميلادية تؤكد أن الولي الصالح شمس الدين لزمزمي المستقر بالحامة قد أدلى بشهادته ضمن ما يزيد عن خمسة وسبعين شخصا لإثبات ملكية أرض لعائلة الدواهش و هم جماعة من الخرجة الوطانة عرفوا بدر اليانس. وتؤكد الوثيقة أن الشهود من أعيان الحامة وأن أعمارهم تتراوح بين السبعين والثمانين. وإليكم عبارة الوثيقة بالتحديد " وإن هؤلاء الشهود يعرفون الأرض المشهورة بالنفيضة قرب الزباس للدواهش من الخرجة معرفة صحيحة تامة ولم يعرفوا من يشاركهم فيها، وفي الشهود المذكورين من يبلغ عمره ببن السبعين والثمانين بتاريخ محرم الحرام سنة ستة وستين ومائة وألف. وهم المكرم سيدي بلقاسم بن محمد الكبسي والمكرم سيدي علي بن جابر الزمزمي، والفقير سيدي عبد الرحمان النهيدي، والمكرم عيسى بن عبد العزيز الزريبي والمكرم محمد بن موسى الحامي الخريجي والمكرم الفقيه أبو بكر بن الوافي من القبيل... والمكرم الفقيه حسن بن الزائر الأصبعي والفقير سيدي شمس الدين الشريف الزمزمي والمكرم منصور بن الحاج أحمد بالي والفقير سيدي أبو الحسن بن علي الزمزمي...(" انظر قسم الوثائق.)
ويظهر من أسماء الشهود أن أغلبيتهم من الخرجة الوطانة. كما تؤكد أيضا أن شمس الدين مستقر في الحامة سنة 1166هـ.
الوثيقة الثانية هي كذلك حجة عدلية مؤرخة في الحامة سنة 1178 هجرية وممضاة من قبل عدلين من أبناء الحامة وهما إبن عبد الغفار والعبدري. أما موضوعها فلعله أكثر أهمية من الوثيقة الأولى. فهي بالإضافة إلى تأكيدها على إستقرار شمس الدين في الحامة خلال التاريخ المذكور، أكدت كذلك أن لشمس الدين إبن يسمى محمد وقد باع له نصيبه المتمثل في سلوم مشجر نخيلا في غابة الزمازمة. تقول الوثيقة " باع وسلم من حين تاريخه هذا المرابط شمس الدين بن محمد بن حسن الزمزمي لإبنه محمد بن شمس الدين جميع السلّوم المشجر نخيلا الكائن بمفترق الطرق أحد غوابي الحامة الموروث عن والده يحدّه قبلة وشرقا شارع العامة وجوفا ورثة عبد الناصر وغربا بولمعالج وورثة سالم بن عثمان".
هذا وقد جاء تاريخ هذه الوثيقة بعد تاريخ الوثيقة الأولى بإثنتي عشر سنة. فإذا كان عمر شمس الدين حين كتابة الوثيقة الأولى حوالي خمسة وسبعين سنة فإن عمره حين كتابة الوثيقة الثانية لا يقل عن سبعة وثمانين سنة هذا أولا.. وثانيا ماذا يعني بيعه لإبنه محمد نصيبه من الغابة التي ورثها عن أبيه وهو في مثل هذه السن مع الملاحظة أن معيشة أهل الحامة تعتمد كثيرا على التمور في ذلك الوقت.
والذي يمكن إستخلاصه من الوثيقتين الأمور التالية :
1-   أن شمس الدين المذكور فيهما هو شخص واحد، وهو بدون أي شك الولي الصالح الذي له مزار بمنطقة مزاتة. وقد ذكرته الوثيقة الأولى تحت إسم- الفقير سيدي شمس الدين الشريف الزمزمي- أما الوثيقة الثانية فقد نعتته بالمرابط وهو الرجل الصالح الذي يرابط للدفاع عن بلاد الإسلام وربما يقصد به في الوثيقة أو الذي ينقطع للعبادة. وقد يفهم من ذلك أن شمس الدين إنقطع للعبادة وإنحجب عن عامة الناس من هذا التاريخ 1178 هـ. وقد يكون ذلك في مزاتة كما سبقت الإشارة.
2-   ان شمس الدين كان مستقرا في الحامة ما بين سنة 1090 و1178 هجرية وكان له ولد واحد فيما يظهر سماة محمدا على إسم جده: شمس الدين بن محمد بن حسن، وإعتقد أن محمدا لم يخلّف أبناء.
3-   يظهر أن هذا الشيخ الصالح لما بلغت سنه بين 85 و88 زهد في الدنيا وتخلص من عرضها ومباهجها وإنقطع للعبادة فإنعزل عن الناس لذلك وصفته الوثيقة الثانية بالمرابط، و استقرّ بمزاتة التي يشهده إليها ماض عريق وأصول قديمة. ولما وافاه الأجل هناك بين 1178 و1185 دفن في المكان وأقيم له مزار يليق بمقامه.
4-   أما معاصروا شمس الدين حسبما ورد بالوثيقتين فأبرزهم: الفقير سيدي أبو الحسن بن علي الزمزمي ولعله والد سيدي أبو مدين الذي يوجد مزاره غير بعيد عن مزار شمس الدين ويقولون أنه إبن عمه. وعلي بن جابر الزمزمي والفقيه عبد الرحمان بن علي النهيدي الذي تأكدت من أنه عاصر شمس الدين.
5-   الملاحظة الخامسة التي أود الإشارة إليها هي علاقة شمس الدين بعدد من الأولياء الصالحين وبخاصة سيدي أبي الحسن الشادلي الذي يؤكد المؤرخ الفرنسي- روبار- أنه من أصول مغربية من قبيلة غمارة البربرية، ولكنه ولد في القرية التونسية التي نسب إليها وهي قرية شادلة القريبة من العاصمة. يقول هذا المؤرخ : " وسيدي أبي الحسن علي الشادلي قدمت عائلته من المغرب الأقصى حيث ولد حوالي سنة 593 هـ 1197 م. من قبيلة غمارة في قرية شادلة الواقعة في منطقة تونس "9.
وبالتالي فالعلاقة المزعومة بين شمس الديب وإبي الحسن  الشادلي لم نجد ما يدعهما أو يشير إليها في المراجع الصحيحة.
6-   لا أعتقد أن شمس الدين هو جد الزمازمة جميعا هو أكثر قرابة لمن كانوا يشاركونه في ملكية الغابة المدكورة سابقا. و من هذا التاريخ فالزمازمة منقسمون إلى ثلاثة فروع أو أكثر. هذا ما أمكن الإهتداء إليه من خلال المراجع المكتوبة والوثائق الصحيحة. أما الروايات الشعبية فلم نجد ما يدعمها.
 القسم الثاني من الأولياء 
      هؤلاء الأولياء زاروا الحامة وأقاموا بها مدّة ثمّ إرتحلوا عنها تاركين أثرا يذكر فيحمد.
سيدي أبي علي النفطي وعلاقته بالحامة (      - 610هـ)
      هو سيدي أبي علي من مدينة نفطة وله بها مزار ضخم. أصبح اليوم مدرسة لتخريج الأيمّة، وكانت سابقا خلوة لتحفيظ القران وشيء من علوم الشريعة على المذهب المالكي.
ويلقب سيدي _ أبو علي_ بالسني لتفرغه وإنشغاله بمحاربة مذاهب الخوارج ونشر المذهب السني في البلاد التونسية وبخاصة في الجنوب. تتلمذ على سيدي أبي مدين وقامت بينهما صداقة ومودّة كبيرتين.
توفي أبو علي سنة 610 هجرية الموافق 1212 م وقبره بزاويته بنفطة.
أما علاقته بالحامة، فقد مرّ بها حوالي 585 هـ أواخر القرن السادس في طريقه إلى الحج وأقام بها مدة من الزمن ليفقّه الناس في المذهب السنّي حيث وجد المذهب الأباضي منتشرا في  منطقة قابس وبخاصة في الحامة. ثم خطّط لإقامة مسجد جامع بحي الدبدابة، ثم ذهب إلى الحجّ وعندما رجع مرّ بالحامة ثانية وصلى في المسجد بالناس صلاة الجمعة. ومن يومها والجامع عامر بالمصليّّن. وبذلك يعتبر من أقدم الجوامع أقيم في الحامة للصلاة ، وما زال الجامع يحمل إسمه - جامع سيدي بو علي- وإشارتنا لأبي علي السنّي رغم أنه غير مدفون بالحامة للأثر الكبير التي تركه بها من بناء مسجد جامع ونشر المذهب السنّي المالكي حيث كان المذهب الإباضي سائدا قبل ذلك بين السكان الأصليين.
ســيدي علي بن سالم
      هو فقيه وولي صالح له مزار شمال غربي بوعطوش إقيم في الخلاء. ومسألة دفنه هناك مشكوك في صحتها. يزوره غالبا أهل بوعطوش والمجاورين لهم من مالكي الأجنة هناك، وبخاصة الزرايبة. كذلك تزوره عائلات من القصر في مقدمتهم أحفاد الحاج محمّد حمّادي.
      من هوعلي بن سالم ؟
        في الحقيقة لم نعثر على ترجمة كاملة لهذا الولي، وإنما ذكر أحيانا أثناء الحديث عن بعض الأولياء الآخرين. لقد تحدثت المراجع عن والده أحاديث مستفيضة، يقول عنه روبار : " أبو علي سالم بن سعيد القديدي قادم من القرية الساحلية قديد إلى القيروان. ثم إلتحق بتونس سنة 1270 م ليكافح إلى جانب سيدي عمّار ضدّ صلييبة لويس التاسع. وقد كان يرى من واجبه القتال ضدّ الصليبين دفاعا عن أهل سوسة والمهدية. وأنظمّ سنة -680هـ  1282 م إلى ركب الشيوخ النسّاك القاصدين مكّة لأداء فريضة الحج. وقد أدركته المنية سنة 699هـ 1300م في زاويته بالقيروان "10  هذه أخبار والده سالم القديدي. أما ما يؤثر عن أبنه علي بن سالم فإنه كان يتردّد على الحامة مارا بطريق الأعراض ويقيم خارج المدينة بالمكان الذي أقيم فيه مزاره الحالي شمال غربي بوعطوش لتعبّد. كما كان يقيم خارج القيروان بمكان  يعرف الان سيدي علي بن سالم . وقد أصبح اليوم قرية متكاملة.
ولسيدي علي بن سالم علاقة قرابة بعدد من الصلحاء، جاء في معالم الإيمان -أنّ علي بن  سالم وعمر الكتابي وعمر الزريبي أمهاتهم الأخوات فهم أبناء الخالة- ولعلّ هذه القرابة هي التي جعلت الزرايبة القدامى يزورون مقامه.
سيـدي عبد الله بن خود (      -  1127 هـ)  
        هو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن خود. وخود هو إسم جدّته التي تولّت تربيته. عاش بين أواسط القرن الحادي عشر وأوائل الثاني عشر هجرية. توفي سنة 1127 بالقيروان. ونتوقّع أنّ ميلاده كان حوالي 1050 هجرية، ويوافق هذا التاريخ عهد مراد بوبالة الذي شهدت خلاله البلاد التونسية مآسي كبرى نتيجة ظلم هذا الباي وتعسّفه. كانت لإبن خود زاوية بالقيروان بسوق القدّة، وكان ينتصب فيها للإشهاد وكتابة العقود. ثم إنتقل إلى الحامة. ولاندري بالضبط الأسباب التي حملته على ذلك.
تقول رواية شفاهية عن أحد الشيوخ أنّ إبن خود تمكّن من إسترجاع أموال جباية منطقة الأعراض التي إستولى عليها قطاع الطرق بين قابس والقيروان فجازاه الباي بأن عيّنه على رأس الإفتاء بالحامة  وهو خبر قريب من الواقع حيث وجدنا ما يدعّمه ببعض المراجع. ونتوقع أن يكون تاريخ مجيئه إلى الحامة ما بين سنة 1100هـ- 1110هـ. كما نتوقع أنه تزوّج من الحامة، وإمتلك الأراضي وبنى مسجدا في الدبدابة ثم زاوية في القصر. وهذا يتطلب من الوقت ما لا يقل عن خمس عشرة سنة.أما تاريخ وفاته فقد كان سنة 1127 بالقيروان ودفن في زاويته هناك. وبذلك تكون المدّة التي قضّاها بالحامة ما بين 1110 و1125
 ومما يشير إلى صلاح عبد الله بن خود ما أورده الكناني في كتابه تكميل الصلحاء رواية عن بعض أحفاده حيث يقول: " حدثني حفيده الشيخ محمود بن خود قال : " جاء رجل إلى الشيخ الجد وطلب منه مالا فأشار إلى طاقة بالزاوية. وقال له خذ منها ما تريد وعندما تتيسّر حالك ردّ إليها ما أخذته منها. وتكرر هذا الحال وجاء مرة وذهب إلى الطاقة فلم يجد بها مالا فذهب إلى الشيخ وقال له لم أجد بالطاقة مالا، فقال له لقد خنتها لو أرجعت إليها ما أخذته منها لوجدته"11.
بين إبن خود وأبي الطاهر الزمزمي 
      كان الشيخ عبد الله بن خود،من المولعين بإقتناء الأراضي، فجمع منها الكثير.سواء كان ذلك بالقيروان أو بالحامة. وقد أقام إبن خود كما سبقت الإشارة عند حلوله بالحامة في منطقة الدبدابة في حي الأصابعة وبنى هناك مسجدا جامعا مازال يحمل إسمه حتى الآن. وقد وقع خلاف بينه وبين سيدي بالطاهر حسبما تقول رواية شفوية على ماء عين تسمى -عين المجالس- تقع وسط سواني الجوابرية، حاول إبن خود توجيهه إلى بعض أملاكه، فما كان من سيدي بالطاهر إلا أن رمى فيها حفنة من التراب فغار ماؤها. عندها غادر إبن خود منطقة الدبدابة نهائيا وأقام بمنطقة القصر وبنى هناك زاوية له مازالت موجودة .
هذا وبحثت عن إسم سيدي بالطاهر فلم أعثر عليه حيث كان يذكر دائما بكنيته – أبي الطاهر الزمزمي- ونعتقد أنه جدّ لفرع من الزمازمة له مزار في مقبرتهم بوادي النور .

       هذه مجموعة من الأولياء الذين يعتقد أهالي الحامة بأنّ لهم كرمات حسب ما يقول العامة، والذين سمعنا عنهم أخبارا تعرّف بهم، هذا ولا يمكن أن تأتي على كل الأولياء الموجودين في الحامة وذلك لكثرتهم من ناحية، ومن ناحية أخرى فليست لدينا أي معلومة عنهم مثل سيدي حريز، وإبن حصحاص وإبن غيلوف وغيرهم .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.