أعلان الهيدر

الرئيسية قصر مدنين أم قصور مدنين؟

قصر مدنين أم قصور مدنين؟


قصر مدنين أم قصور مدنين؟
امتازت مدنين في السّابق بكثرة قصورها التي تجمّعت فوق رقعة واحدة متلاصقة حيث كان لكل قبيلة قصر بل لكل عائلة قصر أحيانا و قد تجاوز عدد القصور الثلاثين بل إنّ حديثا جمعني منذ يومين بالأستاذ محمّد المكيّ الذي كان طالبا بجامع الزيتونة بمدنين ذكر لي أنّه خطرت له فكرة عدّ قصور مدنين برفقة صديق له فوجدها 42 قصرا. كما يُذكر أنّ عدد الغرف يتجاوز 3000 غرفة بل إن البعض يذكر ضعف ذلك. و قد هدّمت أغلب هذا القصور و لم يبق منها غير واحد مازال قائما.
و لكنّ عالم الجيولوجيا الفرنسي برفنكيار (Léon Pervinquière) الذي مرّ من مدنين في 1908 وصف القصر و التقط له بعض الصّور النّادرة. و أصدر كتابا عام 1909 حول الجنوب التّونسيّ.
قصر مدنين أم قصور مدنين

قصر مدنين كما وصفه ليون برفنكيار (Léon Pervinquière) عام 1909.
.....القصر هو قلعة أو قرية محصّنة تبنى داخل السّهل أو على قمّة جبل.و يمثّل قصر مدنين و قصر أمّ التّمر أجمل قصور السّهول. ففي وسط سهل موحش يتربّع عليه جبل تاجرة وتقطعه من الغرب جبال الحوايا ومطماطه، ينتصب جدار طويل رماديّ متعرّج تشرف عليه مئذنة مسجد، ويفتح أسفل منه بقليل باب، هو الوحيد، يفضي إلى شارع ضيّق ملتو يؤدّي إلى قصر مدنين نفسه.
هذه البناية الفريدة التي لا أجد لها شبيها. و كثيرا ما كان القصر يشبّه بخليّة النّحل و تشبّه غرفه بالنّخاريب. تتألّف الوحدة المعماريّة من الغرفة، وهو ما يقابله في التّشبيه السّابق نُخْرُوبُ النحل.و الغرفة حجرة ضيّقة (8-10م على 2-3م) وطيئة تعلوها قبة نصف اسطوانيّة و لها باب وحيد يقع في أحد طرفيها. وغالبا ما تكون هذه المباني معزولة. وعلى هذه الطّريقة نجد كل البنايات الحجرية التي تعترضنا في الجّفارة وهي طريقة كان المستعمرون الرّومان يستعملونها. فإن أنت ألصقت خمسين أو مائة غرفة حول ساحة مستطيلة تفتح أبوابها على السّاحة وتكون ناحيتها الخلفيّة مسدودة، ثمّ كدّست عليها كما اتّفق ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو حتّى ستّة من الطّوابق المماثلة الواحدة فوق الأخرى ثم اجمع اثني عشر من هذه السّاحات المستطيلة قرب بعضها و اربطها فيما بينها بممرّات ضيقة تغلقها من الخلف، فتحصل وقتها على ما يشبه قصر مدنين.
هناك غرف قليلة مسكونة، و هي تلك الواقعة في الطّابق الأرضي. بينما ليست الغرف الأخرى سوى مخازن للحبوب يكدّس داخلها ما زاد عن الحاجة. و ليس من السّهل رفع جرّة زيت إلى الطّابق الخامس، خاصّة وأن المدارج بدائيّة جدّا، فأنت تجد بعض المدارج الملتصقة بالجدار بين الطّابق الثّالث والرّابع، بينما يعتبر أصحاب الطّوابق السّفلى هذه المدارج ترفا زائدا. وكثيرا ما تتمثّل المدارج في حجارة طويلة أو أوتاد خشبيّة تدقّ في الجدار. و على الرّاغب في رفع كيس أو جرّة إلى الغرف العليا أن يشدّها إلى طرف حبل يتدلّى فوق رأسه من أعلى البناية ثمّ يتسلّق هو الجدار ممسكا بأصابع يديه و رجليه كلّ نتوء في الجدار، وكم يكون محظوظا لو وجد حبلا قد تدلّى من الطّوابق العليا فيمسك به ليصل مكانه. و عليه حين يصل أمام الغرفة أن يفتح الباب بمفتاح في طول القدم يولجه داخل قفل.
إنّ هؤلاء القوم لعلى قدر كبير من الحذق و الرّشاقة وإنّه لمن الممتع مشاهدتهم وهو يتسلّقون لغرفهم.
لكلّ فخذ من القبيلة فناء خاصّ و لكلّ عائلة غرفتها التي تخزن فيها مؤونتها و أدواتها الفلاحيّة وكلّ ما لا تحتاجه خلال انتجاعها في الجّفارة. و لكلّ فناء حارسه الذي يتقاضى أجره من أصحابه ، وتعيش قبيلة أولاد مدنين العربيّة الصّغيرة من حراسة الغرف.و يتجمّع التّوازين زمن الاضطرابات حول مدنين و تتولّى مجموعة منهم تأمين الحراسة. أما زمن السّلم فلا يقطن مدنين غير عدد قليل من السّكّان. وقد بدأ الخراب يدبّ إلى القصر وأخذت جدرانه تتداعى، رغم أن بعض الحجارة المتساقطة هنا و هناك يتمّ ترميمها بقليل من التّراب أو الجبس. كما دبّت البطالة إلى أهل مدنين نتيجة إهمال القصر و عدم الحاجة إلى من يتولّى حراسته.
و قد بني قصر أمّ التّمر على نمط قصر مدنين غير أنه أصغر منه قليلا، ولكنّ بعض أجزائه مازالت رائعة. كما تكمن إحدى روائع أمّ التّمر في حدائقها حيث تنمو أشجار مثمرة كثيرة.

المصدر: كتاب الجنوب التّونسيّ (Le Sud Tunisien) تأليف ليون برفنكيار (Léon Pervinquière) 1909 . مخطوط ترجمة الضاوي موسى 2008.( كتاب في طريقه للنشر قريبا باذن الله)
قصر مدنين أم قصور مدنين

قصر مدنين أم قصور مدنين

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.