أعلان الهيدر

الرئيسية ماهي التحولات التي يشهدها الريف في تونس

ماهي التحولات التي يشهدها الريف في تونس


التحولات التي يشهدها الريف في تونس
التحولات التي يشهدها الريف في تونس
1)الفلاحة العائلية والتعدد النشاطي داخل الأرياف التونسية:
بالدراسة المعمقة والتحليل المفصل تحولات المجال الريفي بالبلاد التونسية وتحديدا تحول سلوكيات مكونات المجتمع الريفي وخاصة العائلة الفلاحية من خلال عينة مجالية شملت ظهيري مجاز الباب وقبلاط وقد تم التركيز بصفة كلية على التعدد النشاطي العائلي الذي يعتبر أحد أبرز مؤشرات ديناميكية الأرياف في البلدان المتقدمة وبعض البلدان الصاعدة وأحد محاور الاهتمام الحديثة لعلم المجتمع الريفي والاقتصاد الريفي والجغرافيا الريفية، من هنا تأتي فرادة هذا الكتاب الذي كان لنا مع مؤلفه الحوار التالي:
_ بداية، فيما تتمثل الإشكالية المركزية لهذا الكتاب؟
ـ يمثل طرح إشكالية الفلاحة العائلية والتعدد النشاطي في الأرياف التونسية مسألة ملحة وضرورية لفهم تحولات المجتمع الريفي في بلادنا في الفترة الراهنة، وتحديدا تحولات سلوكيات مكونات المجتمع الريفي وخاصة العائلة الريفية في بلد يشهد اقتصاده تحولا نوعيا باتجاه «الثولثة» «La Tertiarisation» وتقلص المكانة الاقتصادية للفلاحة. وقد ارتبط هذا الطرح بفشل التصورات والأنماط التنموية البيرقراطية في شكلها الاشتراكي والليبرالي التي سادت طيلة العشريات الماضية والتي حاولت إدماج المجال الريفي في المجال الوطني وفق أهداف وإستراتيجية وطنية عامة، وأمام الحصيلة السلبية لهذه الأنماط والتصورات (عجز غذائي متفاقم، بطالة ريفية هيكلية، اختلالات مجالية واقتصادية حادة، نزوح ريفي، استفحال تعرية الارض...) تغيرت النظرة المفسرة لفشل برامج التنمية والتي كانت في السابق تلقي بالمسؤولية على الريفيين وخاصة الفلاحين بالتأكيد على قلة وعيهم وضعف تحمسهم للانخراط في المشاريع التنموية الوطنية، لذا أصبح الاهتمام يزداد أكثر فأكثر يحدث على المستوى القاعدي أي المستغلة الفلاحية التي تمثل إطار عيش وحقل تجارب العائلة الريفية والخلية الأساسية للإنتاج الفلاحي والتساؤل عن دور الضيعة في التنمية الفلاحية، وقد دعم هذا التوجه تطور المقاربات التنموية في ظل السياسة التحررية وانخراط الاقتصاد التونسي في منظومة العولمة حيث تحول دور الدولة من المنطق الانتاجي إلى معدل للآليات الاقتصادية والاجتماعية. في هذا الإطار أصبح الاهتمام موجها أكثر نحو إبراز شخصية الأوساط المحلية واعتبار المحلية «Le Local» حاضنة للتنمية وإطار محركا للأدفاق البشرية والاقتصادية، ومن خلال هذا المنظور الجديد للآليات المتحكمة في التنمية الريفية والمحلية اصبح مستقبل الفلاحة العائلية والأرياف مرتبطا بمدى قدرة منظومة العائلة والضيعة على التفاعل مع متغيرات المحيط الاقتصادي والاجتماعي وكسب الرهانات الداخلية والخارجية، في هذا الإطار أصبحت ظاهرة التعدد النشاطي «La pluractivité familiale»من المكونات الرئيسية للسلوكات العائلية ومن الآليات الأساسية للتأقلم الايجابي مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية والتقنية. انطلاقا من هذه المقاربة التنموية الجديدة تمثل منظومة العائلة والضيعة الحاضنة للأنشطة الفلاحية وغير الفلاحية فالعائلة هي الأداة التنفيذية للعملية الإنتاجية من خلال مساهمة مختلف أفرادها في أخذ القرارات وضبط الأولويات والاختيارات الزراعية وتوزيع العمل والدخل، وتمثل المستغلة حقل عمل وتجارب العائلة والرهان المتحكم في ديناميتها ومستقبلها، لذا تكون العائلة والضيعة عرضة لمتغيرات دينامية تتأثر بالمعطيات الداخلية والخارجية للمنظومة ككل ويعتبر البحث عن أنشطة غير فلاحية أساسية أو ثانوية، إضافية أو تعويضية ضمانا لتواصلها واستمرارها وتلعب أدوارا مهمة في التنمية المحلية بصفة عامة.
التحولات التي يشهدها الريف في تونس

_ ما هي أسباب نشأة ظاهرة التعدد النشاطي العائلي الريفي وما مدى أهميتها؟
ـ ارتبطت نشأة هذه الظاهرة بتحولات المحيط الاقتصادي والاجتماعي للمستغلات الفلاحية، ولقد لعبت سياسة الدولة منذ السبعينات دورا مهما في تشكلها بعد تبني الليبرالية الاقتصادية والانخراط في المنظومة العالمية ويظهر ذلك من خلال السياسة المائية عبر الاعتماد على القطاع المائي الذي أصبح يمثل رهانا استراتيجيا للتنمية وطنيا وإقليميا ومحليا من خلال تركيز 3 مخططات مديرية «Plans directeurs» لتهيئة المياه في شمال البلاد ووسطها وجنوبها ومحورها الأساسي السدود الكبرى واعتماد منوال الري العصري، وقد مكنت هذه السياسة من تحويل سهول مجاز الباب وقبلاط من الفلاحة البعلية إلى الفلاحة السقوية (6194 هك في مجاز الباب ـ 3000 هك في قبلاط) وقد نتج عن هذا التحول الوظيفي تغير الحهاز الانتاجي للمستغلات الفلاحية بصفة جذرية من خلال تزايد حاجيات الفلاحة السقوية من المدخلات (مياه ري، أسمدة كيمياوية، أدوية، مكننة، يد عاملة) والخدمات (القروض الفلاحي، نقل وتسويق المنتوج)، وبالتالي ازدادت المخاطر التقنية والمالية والاقتصادية حدة مع تراجع تدخل الدولة في دعم المدخلات الفلاحية وتحرير الأسعار عند الإنتاج، فعلى سبيل المثال تضاعفت اسعار مياه الري 5 مرات بين 1985 ـ 2003 مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج الفلاحي واقتطاع الطبقة الريفية المنتجة لجزء متزايد من الفائض الزراعي لتلبية حاجيات المستغلة من المدخلات والخدمات الفلاحية والحاجيات الموجهة للعائلة الريفية، والى جانب المخاطر الطبيعية والتقنية الناجمة عن تبني أسلوب الري العصري انضافت مخاطر اقتصادية ومالية واجتماعية ستفرض إعادة ترتيب الاولويات داخل منظومة العائلة ـ الضيعة وتوخي تصرفات متنوعة لمواجهة هذه التحولات بإعادة هيكلة الأنشطة داخلها وتحويل المداخيل غير الفلاحية المتأتية من أنشطة تكميلية نحو المستغلة الفلاحية أو العكس لذا اصبحت ظاهرة التعدد النشاطي العائلي تحتل حيزا أكثر أهمية وتخص 65٪ من المستغلين في المنطقة السقوية بمجاز الباب و 64٪ داخل المناطق البعلية، وقد تصل الى 80٪ في العمادات الجبلية الهامشية (شواش، توكابر، حيدوس).
_ هل يمكن استنباط منوال تنمية يرتكز على التعدد النشاطي؟
ـ ما يعاب على منوال التنمية الريفية والمحلية في الفترات السابقة هيمنة الطابع الفوقي والبيروقراطي والتقنوي «Techmiciste» في برامج التنمية مثل التجربة التعاضدية في الستينات والتنمية الريفية المندمجة في بداية الثمانينات والتي اعتمدت على منطق الإعانة «l'Ossistance» وتذرية الموارد دون إيجاد تصور شمولي يأخذ بعين الاعتبار البعد المجالي للتنمية الريفية، لذا ولدت إخفاقات عديدة مثل تباين مستويات النمو بين المدينة والريف وظهور بطالة ريفية هيكلية وتفاقم ظاهرة النزوح الريفي واستفحال مشكل تعرية الأراضي، ولعل استنباط منوال تنمية جديد يقطع مع التصور الأحادي توظيفة الأرياف كمجالات إنتاج فلاحية يمثل رهانا جديدا لسياسات التنمية الريفية والمحلية، ويتمثل ذلك في ايجاد منوال تنموي محلي يرتكز على تنويع الأنشطة الاقتصادية والتشبيك الترابي بين المدينة والريف بدفع العلاقات التبادلية بينهما في ما يخص حركية الاستثمار والادفاق الاقتصادية واندماج الفلاحة في القطاعات الاقتصادية الأخرى والتكامل بين الأنشطة الفلاحية وغير الفلاحية وتكثيف التشغيل غير الفلاحي داخل المجال المحلي، في هذا الاطار تعتبر ظاهرة التعدد النشاطي من العناصر المهيكلة لمنظومة العائلة ـ الضيعة والمجالين الريفي والمحلي على حد السواء لما تضطلع به من أدوار مهمة في مستوى أسلوب اشتغال المستغلات الفلاحية حيث توفر إمكانيات اضافية للتمويل الفلاحي تصل الى 30٪ من مداخيل المستغلين في المنطقة السقوية بمجاز الباب وتصل الى 44٪ من مداخيل العائلات داخل المجالات الجبلية الهامشية (شواش، توكابر، حيدوس) لذا فان منوال المستغلة العائلية المنفتحة على المجال النشاطي المحلي أقدر على التأقلم مع تغييرات المحيط الاقتصادي والاجتماعي حيث توفر مفاعيل تعديلية على المستوى الاقتصادي (رأسمالية قوية، استثمار عائلي موجه نحو دعم التجهيز التقني وتوسيع القاعدة العقارية وخفض الأنظمة الزراعية) والاجتماعي (تكثيف بنية التشغيل الفلاحي والمحلي) ومجالي (تقوية الروابطز الاقتصادية بين المدينة والريف) وبيئي (الاستعمال المستدام للأراضي وحماية التربة بالحد من الاستغلال المفرط للأراضي ومقاومة مشكل الملوحة) في المقابل يكون منوال المستغلة الفلاحية الصرفة أكثر تعرضا لمخاطر اقتصادية واجتماعية وبيئية بالمحصلة يمكن اعتبار ظاهرة التعدد النشاطي أفقا جديدا في التنمية الريفية ويخضع تطورها وتوسعها السياسات تنمية ريفية ومحلية تأخذ بعين الاعتبار تثمين كل الموارد المحلية والابتعاد عن التصور الأحادي للتنمية الذي ينبني على أساس الحتميات الطبيعية وخلق منظومة علائقية اقتصادية واجتماعية ومجالية مترابطة.
التحولات التي يشهدها الريف في تونس

2)سياحة ريفية:
تبلور مفهوم السياحة الريفية على أنها قضاء عطلات أهل المدينة في بيوت ريفية لكي يعايشوا حياة أهل الريف أثناء الإجازة. وقد انتشر هذا النوع من السياحة في دول أوروبية كثيرة منها بريطانيا وفرنسا حيث يقوم أفراد العائلة بممارسة أعمال الزراعة وتربية الحيوانات والقيام بمشاركة القرويين نشاطاتهم اليومية مثل تجميع البيض وحلب الماعز .. كما انتشرت السياحة الريفية في كثير من الدول النامية لكونها تأتي برافد مباشر في اقتصاد القرية أفضل من مردود الزراعة حيث أن الفلاح يحتاج فقط إلى تخصيص جزء من بيته للتأجير للعائلة الوافدة من المدينة أو بناء بيت مستقل في جزء من أرضه الزراعية لهذا الغرض ومن ثم يكون المردود مضاعفاً عدة مرات عن دخل تلك الأرض من الزراعة. وبالتالي فقد أصبحت السياحة الريفية مصدراً لتحسين دخل الفلاح بالإضافة لكونها وسيلة لتواصل وتفاهم أكثر بين أبناء القرى وأبناء المدن. ويعتبر الأردن من الدول التي نشطت حديثاً في تطوير السياحة الريفية وقد امتد قطاع المستفيدين إلى عائلات المدن من دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة السعودية؛ حيث تأتي العائلات إلى منطقة عجلون في شمال الأردن والتي تتميز بمرتفعاتها الجبلية المكسوة بالغابات وبسهولها الزاخرة ببساتين الفاكهة المتنوعة وبطقسها المعتدل طوال فصل الصيف حيث لا لزوم لاستخدام المكيفات. ومما يشجع على رواج السياحة الريفية في ربوع الأردن هو الشعور بالأمان للعائلات في تحركها بين القرى والأرياف وحسن استقبال الفلاحين للزائرين وكرم ضيافتهم.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.