أعلان الهيدر

الرئيسية العلم بين الحقيقة والنمذجة - الدرس الثاني - حدود النمذجة

العلم بين الحقيقة والنمذجة - الدرس الثاني - حدود النمذجة


العلم بين الحقيقة والنمذجة - الدرس الثاني - حدود النمذجة
العلم بين الحقيقة والنمذجة
الدرس الثاني - حدود النمذجة
أ- الحدود الفلسفية:
يبدو أن العلم والتقنية يعطياننا اليوم معرفة حقيقية وسلطة واقعية ففي الصراع ضد البؤس يمكناننا من استغلال عقلاني للموارد الاقتصادية، وفي الصراع ضد المرض كثيرا ما ينجح الطب والجراحة في إنقاذ أرواح بشرية من موت يكاد يكون حتميا : إن العلم والتقنية يقدّمان للإنسان سلطة حقيقة وتبدو النمذجة كممارسة علمية موجهة أساسا للفعل قد رسخت هذا التوجه المعرفي الذي يرمي إلى سيادة الإنسان على الطبيعة بل أكثر من ذلك، إن النمذجة في بعدها الدلالي وفي خاصيتها التليولوجية قد ردّت الاعتبار للذات في إنتاج المعرفة العلمية، إذ تؤكد على الطابع الإنساني للحقيقة، فالحقيقة تنزّل في التاريخ ولم تعد واقعا انطولوجيا بل بناء رمزيا وتمثلا ملائما في ظروف معينة وفي أزمنة معينة.
ردّ الاعتبار للذات في النمذجة يتزامن معه ردّ الاعتبار للمعنى والتأويل في المعرفة العلمية ذلك أنّ البراديغم الوضعي بإقراره للموضوعية كشرط أساسي في المعرفة العلمية لم يستبعد فقط الذات باسم الحياد والكونية بل أقصى أيضا المعنى من خطابه وحصره في الفلسفة، والقانون العلمي يمثل في البراديغم الوضعي قانونا للطبيعة في ذات الوقت إذ تقتصر مهمة الباحث الموضوعي على اكتشاف هذا القانون الذي يوحّد المعرفة ويوحّد الذوات، يوحّد المعرفة من جهة كون الظواهر المتعددة تُرد إلى نفس القانون، ويوحّد الذوات من جهة كون كلّ الذوات ترى نفس القانون في نفس الظواهر المتعددة، وهذا يعني أن فكرة القانون في البراديغم الوضعي تعبر عما اسماه "ألان باديو" Alain Badiou بثنائية الواقعية ـ القانون، وهذه الثنائية تعبر عن الابستيمية التماثلية التي تحدّد الحقيقة أنطولوجيا، أمّا في النمذجة فإن اعتبار النشاط المعرفي اختراعا يبني تصوّرا للظواهر بطريقة حرّة من قبل الباحث يضع الذات مرة أخرى في محور العملية المعرفية وبالتالي يغيّر ثنائية الواقعية القانون بثنائية الواقع النموذج وفي هذه الثنائية لا نتحدّث عن تطابق بين النموذج والواقع وإنما نتحدّث عن ملائمة، ملائمة تجعل النموذج المقبول ليس النموذج الوحيد الممكن بل إن هو إلا معنى ممكن ينتجه المنمذج كذات متدخلة باختياراتها وأهدافها وغاياتها في إنتاج المعرفة باعتبارها معنى ممكن للواقع، بهذه الكيفية لن يكون بإمكان "هوسّرل" E. Husserl اتهام البراديغم البنائي بإقصاء مسائل المعنى مثلما كان الحال مع البراديغم الوضعي.
غير أن النمذجة باعتبارها المعرفة التي نتجت عن كيفية التفكير وضرب الفعل الذي يناسبها بحيث تتمثل الحقيقة في المطابقة بين نماذج تجربتنا للعالم وهذه التجربة، وحيث يكون النموذج تمثلا غائيا موجّها لمشاريع الفعل بحيث ينظم العقل ذات بتنظيمه للعالم وتكون تفعيلا للممكن باعتبار التفاعل المؤسس للمعرفة بين الذات والموضوع، النمذجة التي تجعل من رجل العلم المعاصر متصوّر ملاحظ ومنمذج لفعل ذكيّ يصف بناء استراتيجيا الفعل، تقترح علاقة تطابق بين وضعية مدركة ومشروع متصوّر، لا تمثل في منظور "بولو" Nicolas Bouleau، علما بقدر ما هي طريقة تستخدم العلم، فهي قول وفعل غير محايد وعلى صلة وثيقة بالأيدولوجيا، وذلك ما يتمظهر حسب "ألان باديو" في ارتباط النمذجة بمعياري الاستقصاء والبساطة كمقولات ارتبطت "بالعقل التصنيفي للعصر الكلاسيكي" في مقاربته النقدية للفن، وهذا ليس بغريب على عقلانية النمذجة بما أنها تقوم على إنشاء خيالي لصورة مقبولة للواقع تمثلها النماذج من جهة كونها تيسر سبل الفعل الممكن في الواقع، ذلك أن النمذجة تخلق واقعا افتراضيا لتأويج الفعل، فعل صاحب القرار وهو ما يكشف عن انغراس النمذجة في رهانات مخصوصة تابعة لجهات غير علمية. وكما يمكن أن نغالط باللغة الطبيعية نستطيع أن نغالط باستعمال النماذج حيث "يتحول الإخضاع التقني لشروط الإنتاج إلى ضرورة لا زمنية لنمط اقتصادي يكون النموذج فيه مثالا على الاكراهات المفيدة" مثلما عبر عن ذلك "ألان باديو"، وتساعد الرياضيات بطبيعة الحال على تأكيد هذه المغالطة وتمريرها بشكل أفضل إذ يقول "بولو" "وليس للرياضيات بهذا الخصوص أية وظيفة تطهيرية، على خلاف ذلك تكون الرياضيات الصحيحة في ظاهرها لياقة وأدبا يمكن أن يخفي الغايات الأقل نبلا"، ذلك أنّ النجاعة وسخة، خاصة وأن ارتباط النمذجة بالسيبارنيطيقيا ييسّر تجاوز حدود الهيمنة على الطبيعة إلى الهيمنة على الإنسان و"الان باديو" يذهب إلى أبعد من ذلك عندما يعلن أن النمذجة لا تعبر عن السمة المميزة للعلم وإنما "عن الصورة البرجوازية للعلم"، صورة العلم المعولم الذي لا يخفي ولا يتحرّج من ارتباطه العضوي برأس المال، إذ تكشف النمذجة في مستوى طرائقها كما في مستوى غاياتها عن افتقارها للاستقلالية، وأنّى لها أن تكون مستقلة وهي التي تنتج تمثلا في مكاتب الدراسات وفي مكاتب رجال الاعمال والشركات العالمية والمؤسسات العسكرية تحت الطلب، وكصورة للعلم المعولم تتقدم النمذجة في صورة الكوني الذي يخوّل لأمريكا بالتمظهر بعدم احتكار العلم والتقنية فنمذجوا ولكن لا تطالبوا بالمعرفة الذرية و بالتكنولوجيا النووية.
مطلب النمذجة ليس إذن، مطلب الحقيقة وإنما هو مطلب الهيمنة كمقولة من مقولات السلطة بالشكل الذي جعل المعرفة مسالة حكومة وصراع بين الحكومات، مطلب النمذجة كممارسة متواطئة مع السلطة يجانب إذن مطلب الكلي بما هو مطلب إنساني ولا يتعلق الامر سواء بالنسبة لـ: "بولو" أو لـ:"باديو" برفض النمذجة في ذاتها كممارسة علمية قد تفيد الإنسانية إذا ما أحسن توظيفها وإنما برفض مبادئها والغايات التي تتحكم في إنتاجها وهو ما يحمّل العلماء والعلماء الجدد والفلاسفة ورجال السياسة وكلّ كيان ايتيقي مسؤولية إخراج العلم من البوتقة الضيقة للهيمنة وجنون الهيمنة السائد في وقتنا الراهن. يتعلق الأمر إذن بمصالحة الإنسان مع الإنسان، مصالحة الإنسان اليوم مع الكلّي الذي نظّرت له الحداثة الغربية مع "كانط" حتى لا تكون التقنية توجيها وتحكما وحتى يضمن العلم استقلاليته، وعلى الإنسانية أن تتحمل مسؤولياتها كاملة إزاء خيارتها عساها تختار إنقاذ الكوكب.
ب- الحدود الإبستيمولوجية:
تتقدم النمذجة باعتبارها تمشي علمي يأتي لتجاوز ثغرات البراديغم الوضعي الذي بدأ يلفظ أنفاسه عندما وضعت إشكالية أسس الرياضيات حدا لادّعاء الفكر الصوري الحقيقة المطلقة والكونية وعندما ضربت الفيزياء الذرية الأساس الأنطولوجي للواقع العلمي لمّا أقرّ هيزنمبورغ بأن الباحث يتدخل في الظاهرة عبر أدوات القيس ويفرض تغيرات كمية على موضوع دراسته، وغدت الحتمية مبدأ خصوصيا جهويا لا كونيا مثلما ادعى ذلك "لابلاص" منذ القرن الثامن عشر حيث اكتشف العلماء لا حتمية الظواهر الذرية.
غير أن الإقرار بأن النمذجة تعني التخلي عن النظر إلى العلم وفق البراديغم الوضعي بما هو اكتشاف وكشف لحقائق كلية وموضوعية والنظر إلى العلم "باعتباره اختراعا أين يتم تصور الظاهرة مبنية اصطناعيا وبطريقة حرة من قبل الباحث" على حدّ قول "لوموانيو" J.L. Le Moigne، يضعنا أمام إشكالات عديدة، فأوّلا إلى أيّ مدى يمكن القول بأننا نقطع في النمذجة بالمعنى البشلاردي مع العلم الوضعي بالصفة التي تخوّل للوموانيو الحديث عن "انشقاق شبه معلن بين هذين الثقافتين"؟ وثانيا ما مشروعية القول بتساوي النماذج في الصلاحية طالما تشترط النمذجة تعالي النموذج على الأحكام التي تصدّق قولا وتُسفـّه آخر؟ هل أن غياب هذه الأحكام يعني أن كلّ النماذج مقبولة؟ وفيم تتمثل عندها مهمة رجل العلم مادام كلّ شيء مقبول مثلما تدعو إلى ذلك فوضوية "فيروباند" P. Feyerabend؟ ثم كيف ستكون ايتيقا علم لا يهتم بالواقع إلا من جهة الفعل فيه؟
يجدر بنا أن نبدأ بمشكل الحقيقة كما يتجسد في مستوى النمذجة النسقية، خاصة وأن الحقيقة كمطلب هو ما ضحت به النمذجة لصالح التاريخية Historicité. وكلمة تاريخية تـُستعمل لتفيد أوّلا أنّ حدثـًا ما وقع فعلا وبالتالي تـُؤخذ التاريخية في مقابل الأسطورة. لكن خلف هذا المعنى البسيط يوجد معنى فلسفي يفيد كون العقل البشري ليس مجرّد ذكاء يتناول ما هو موجود من نظرة واحدة ولكن ذكاء يعي بوضعه التاريخي. وهذا المعنى للتاريخية يقحم في الفلسفة مبحثا يتعلق بالنقد الذاتي يجعل الفلسفة تعترض على تصورها الميتافيزيقي للحقيقة، وهذه السيرورة التي تتظنن على مفهوم الحقيقة تـُعرف في الفلسفة بإشكالية التاريخية، أي إشكالية النسبية التاريخية، إذ يتعلق الأمر بالنزوع إلى اعتبار التجربة التاريخية الطريق الإنساني لمعرفة الحقيقة. ومن هذا المنطلق يرى "ديلتاي" Dilthey أن كلّ مجموع بُنيوي هو مجموع مُعاش وهذا يعني أن النموذج المحبّذ للتاريخ عند "ديلتاي" هو السيرة الذاتية، ويبدو أن تمثل النمذجة لموضوعها بما هو صيرورة صائرة يتموضع في هذا المعنى للتاريخية وهو ما يعني تضحية النمذجة بمفهوم الحقيقة لفائدة التاريخية، فـ"النموذج الذي تمّ إثبات صلاحيته ليس أبدا إلاّ مقاربة من بين مقاربات أخرى" مثلما أقرّ ذلك "نيكولا بولو" Nicolas Boulau.
ذلك أن الملائمة والصلاحية أو عدمها حلت محلّ الصواب والخطأ، والصالح الملائم هو النافع. وبما أنّ النمذجة بُنيت أساسا على التحكم في المصاريف وتأويج الفعالية وقابلية الاشتغال فإن المنمذج لا ينتج إلا نماذج صالحة بالضرورة، ومن هذا المنطلق يرى "بولو" أن الصلاحية لا تؤسس مشروعية النموذج وإنما تمثل مبدأ قبوله إذ أن الصلاحية تتحدّد بالمواجهة بين النموذج وما يمثله هذا النموذج وهذه المواجهة تعبّر عما يسمح به النموذج من فعل ولذلك نقبله. و"بولو" يذهب إلى حدّ القول بوجود تناقض في صلب النمذجة، تناقض بين النماذج الوصفية أو التفسيرية والنماذج الكمية أو النوعية، فنحن في النموذج الوصفي ننمذج مثلا حريقا في الغابة عبر تمثل انتشار الحريق انطلاقا من قانون يتوقف على سرعة الريح، قانون يعدّل انطلاقا من الإحصائيات التي تمّ إقرارها من ملاحظة الحرائق السابقة، أما في النموذج التفسيري فيتعلق الأمر باعتبار طاقة الاحتراق بالنسبة إلى المساحة الخضراء مما يقتضي اعتبار قانون يحدّد دور الريح في كمية الأكسجين. وجلي أن هذا النوع من النماذج يستعمل المعارف العلمية والقوانين التي تم التوصل عبر النمذجة التحليلية ولا مجال عندها عن الحديث عن قطيعة بين العلمين بما أن قوانين النمذجة التحليلية هي الأساس النظري لهذه النماذج.
شأن آخر تماما، هو شأن النماذج الكمية أو النوعية فهذه النماذج تغطّي فشلها التفسيري النظري بالتحاليل الرقمية الافتراضية التي تستخدم الرسوم الكيفية الخالصة ويبدو أن المنمذج في هذا النوع من النماذج "لا يملك في الغالب نظرية مرجعية تكون إطارا لفعله أو نشاطه" على حدّ قول "بولو"، وهو ما يطرح مشكلا ثانيا لا يتعلق هذه المرة بطبيعة الحقيقة التي تقدمها النمذجة، وإنما مشكلا يرتبط بطبيعة العلاقة بين النموذج والنظرية في النمذجة النسقية. فالنمذجة في مستوى النماذج الكمية أو النوعية لا ترتبط دائما بنظرية في حين أنها تقدّم في مستوى النماذج الوصفية أو التفسيرية تفسيرا للنظرية بما أنها تأتي بعد النظرية لتوضح البناء النظري. مشكل علاقة النظرية بالنموذج كما يطرحه "بولو" يجعله يستخلص أن النمذجة بما هي لغة المهندسين والشركات الاقتصادية والمؤسسات العسكرية ليست لغة للعلم بقدر ما هي لغة خارج النظرية العلمية.
كما يجدر بنا أن نذكر أن منظّرو النمذجة النسقية كثيرا ما يفتخروا بأن هذا البراديغم العلمي يمثل حلا لاختزالية النمذجة التحليلية، ذلك أن العلم في شكله الوضعي يقوم على اختزال الكثرة والاختلاف إما في وحدة المبدأ أو في وحدة القانون وهو ما يؤدي إلى اختزال الظواهر المدروسة في بعدها الكمي القابل للقياس. والفكر الاختزالي حسب "إدغار موران" Edgar Morin يعتبر واقعا حقيقيا "لا الكليات ولكن العناصر، لا الكيفيات ولكن القياسات، لا الكائنات الموجودات ولكن المعطيات القابلة للصورنة والقابلة للترييض". وهو ما يعني أن الاختزالية تقوم على إرجاع المعقد إلى البسيط إذ هي منهج لبناء وصف للأنساق دون اعتبار الأنساق الفرعية التي تكونها وبالتالي دون اعتبار العلاقات بينها، والنمذجة النسقية من جهة كونها تسعى إلى دراسة المركب باعتباره كذلك تبدو قد تجاوزت اختزالية العلم الوضعي، لكن هل أن العلم المنمذج ينتج فعلا معرفة بشأن الواقع في كليته؟ ألم يبيّن لنا "باسكال نوفال" Pascal Nouvel أن استراتيجيا الفهم في النمذجة بما هي تبسيط هي استراتيجيا إهمال؟ ألم يحدّد "لادريار" Ladriere النموذج باعتباره تمثلا وتمثلا يعكس غائية المنمذج كما يدقق "لوموانيو" وبالتالي رؤية المنمذج للواقع؟
وهذا يعني أن خاصية التبسيط بالإضافة إلى الخاصية التليولوجية Téléologique التي تميّز العلم المنمذج تجعل منه بالضرورة علما اختزاليا. أمّا إذا أضفنا إلى ذلك أنّ كلّ نموذج يتم إنتاجه يتعلق بسياق معين فإن الاختزالية تتأكد كبعد هام من أبعاد النمذجة النسقية، وكأن قدر المعرفة العلمية هو أن تبقى كونية بالحق لا بالحدث، خاصة وأن النمذجة كممارسة علمية تهدف إلى الفعل أساسا. ومن هذا المنطلق فإن النمذجة النسقية هي حليفة التقنية، وباعتبارها كذلك فإنها ليست غريبة على ما يـُسمى بالنظام التقني أي مجموع التقنيات المتفاعلة التي تحيل الواحدة منها على الأخرى بالكيفية التي تجعل كلّ تقنية تكتسب قيمة هامة في المنظومة التي تنتمي إليها، قيمة قد لا تحظى بها خارج علاقات تفاعلها مع النظام التقني الذي تنتمي إليه. وإذا كانت نظرية النماذج تبدو اليوم رؤية ضرورية لا غنى عنها فليس ذلك لأنها نجحت في اختراق الواقع وتفسيره بل لأنها منظومة تحكم متواطئة مع السلطة في مختلف أشكالها، مما جعل "كارل بوبار" K. Popper يعبر عن قلقه إزاء هذا التوجه قائلا: "أخشى أن فكرة السيادة على الطبيعة تتضمن في الغالب عنصرا آخر، إنه إرادة القوة في حدّ ذاتها، إرادة الهيمنة"، والهيمنة على الطبيعة لا يمكن إلا أن تؤدي إلى الهيمنة على الإنسان فالإنسان من الطبيعة، لذلك يرى "فرونسوا ليوتار" F. Lyotard: "إنّ مسألة المعرفة في عصر الإعلامية هي مسألة حكومة أكثر من أيّ وقت"، فالمنمذج ينمذج لرجل الاقتصاد، ينمذج لرجل الحرب، ينمذج لرجل السياسة، لأولئك الذين يتخذون القرار خاصة وأن النموذج يضطلع بوظيفة اتخاذ القرار، إذ يوفر لصاحب القرار المعطيات الضرورية التي تسمح له بإنارة قرار يهدف إلى الفعل. لذلك لا يتوانى "جون روستان" J. Rostin عن التعبير عن قلقه المتزايد من الممارسة العلمية الهمجية والهجينة، فلا هي علم ولا هي تقنية، ممارسة علمية جعلت الإنسان يسيطر على الطبيعة ويتحول إلى إله دون أن يكون جديرا بإنسانيته، يقول "روستان":"لقد جعل العلم منا آلهة قبل أن نكون جديرين بإنسانيتنا".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.