أعلان الهيدر

الرئيسية حياة الطاهر الحداد:تكفيره -أفكاره -وفاته

حياة الطاهر الحداد:تكفيره -أفكاره -وفاته


حياة الطاهر الحداد
حياة الطاهر الحداد
-         الطاهر الحداد من رواد عصر النهضة، ودرس في كتاتيب مدينة تونس، وتخرج من جامعة الزيتونة، وعمل ماسك دفاتر في أحد دكاكين سوق العطّارين ثم كاتبا بالجمعيّة الخيريّة.
-         تلقى تعليماً تقليدياً، بدأ بالسنوات الست الأولى في مدرسة قرآنية، ثم درس الفقه الإسلامي في جامعة الزيتونة. وبعد إتمام دراسته حصل حداد على رخصة موثق للعقود. لكن المثقف الشاب دخل في النهاية معترك السياسة.
-         في عام 1920 أصبح الطاهر حداد مسؤولاً عن الدعاية في حزب الدستور، الذي كافح من أجل استقلال تونس عن فرنسا وجعلها دولة ديمقراطية ذات عدالة اجتماعية. وفي تلك الفترة وضع حداد كتاباً عن حقوق العمال، وأسس أول نقابة مستقلة في البلاد.
-         نشر العديد من المقالات الجريئة في الصحف التونسية كجريدة الأمة و«مرشد الأمة» و«إفريقيا». كان من الرواد المبكرين للحركة النقابية، وأصدر كتاب «العمّال التونسيون وظهور الحركة النقابية» عام 1927، الذي صادرته إدارة الأمن فور صدوره.
تكفيره
كفّرته الجهات الرجعية والأصولية ردا على نشر كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" عام 1930، واتهمته بالإلحاد والزندقة وجرَّدته من شهادته العلمية وطالبت بمنعه من حق الزواج وبإخراجه من الملة، وتم منعه من العمل.
كما قامت الزيتونة بنشر كتاب يعارضه بعنوان" الحِداد على امرأة الحدّاد" ؛ إضافة لكتاب آخر تم نشره بعنوان "سيف الحق على من لا يرى الحق"
تمسك الحداد بموقفه وآرائه وواصل نضاله، رغم عزلته، فكتب كتابا عن" إصلاح التعليم الزيتوني" وكتابين آخرين ضمنهما أشعاره وخواطره التي لم تر النور إلا بعد وفاته، وبعد استقلال تونس بسنوات.
وفاته
مات الحداد في ريعان شبابه يوم 7 أيلول سنة 193. لكن الشعب التونسي ونخبته وسلطته كانوا أوفياء لهذا الطليعي الذي ضحى من أجلهم ومن أجل نهضتهم، فقاموا بتكريمه على أكثر من صعيد، كان أهمها تضمين مجلة الأحوال الشخصية، التي صدرت عام 1956، الكثير من أفكار واقتراحات الطاهر الحداد.
عنه قال طه حسين: "لقد سبق هذا الفتى زمنه بقرنين"
آراء مثيرة للجدل
وفي الوقت نفسه عمل حداد بشكل مكثف على تحسين وضع المرأة التونسية، وفي 5 تشرين الأول 1930 صدر كتابه "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" والمطالب التي ضمنها كتابه كانت تعد - ثوروية - بالنسبة إلى زمنها، فقد طالب بتكافؤ فرص التعليم للذكور والإناث، وإلغاء تعدد الزوجات، والمساواة بين المرأة والرجل في حق الطلاق. وتطرق الكتاب أيضا إلى النقاب في شكله التونسي. -إن حداد عارض الحجاب الذي يغطي كامل الجسم.
وفي ذلك الوقت كانت النساء يرتدين حجابا يغطي الوجه وكامل الجسم. وعارض حداد هذا النوع من الحجاب، لأنه يعيق أيضا التعرف على شريك الحياة، فإذا لم يتمكن الرجل من رؤية المرأة، قبل الزواج قد يؤدي هذا، حسب رأيه، إلى زواج تعيس”. - أن الطاهر حداد أكد على أنه “لم يرد في القرآن ما يفرض الحجاب الذي يغطي كامل الجسد”.
حرية تونس من حرية المرأة
وكان الطاهر حداد على قناعة تامة أن تونس لا يمكن أن تصبح حرة فعلا، وتحقق الانتقال إلى العصر الحديث بدون تحرير المرأة- واصل النضال ورأى أن الإصلاح لا يقوم بغير الصلاح: صلاح الناس والأفكار... فكتب لإصلاح العائلة والمنزل وتحرير المرأة -فقامت ضدّه الرجعية الفكرية حيث جرّد من شهائده العلمية ومنع من حق الزواج وممارسة أبسط حقوق المواطنة وطالبوا بإخراجه من الملّة -في هذه الفترة -كما ذكرنا- ألف كتابه امرأتنا في الشريعة والمجتمع وبسبب هذا الكتاب حرم الحداد من الحصول على شهادة الحقوق وطرد من قاعة الامتحان بأمر ملكي لما احتواه هذا الكتاب من تجرأ على ثوابت الدين.
هاجم العلماء والمشايخ والمفكرون بشدة كتاب حداد وكان على رأس منتقديه الشيخ محمد الصالح بن مراد الذي ألف كتابا للردّ عليه بعنوان: "الحداد على امرأة الحدّاد". والشيخ عمر البرّي المدني الذي ألف كتابا بعنوان "سيف الحق على من لا يرى الحق"، وتوج هذا الهجوم بفتوى وقعت من لجنة يرأسها العلامة الطاهر بن عاشور وانتهت إلي تكفير الحداد مطالبة السلطة بحجز الكتاب.
كما شنت الصحافة التونسية وبعض الصحف المشرقية حملة شرسة ضد الكتاب وصاحبه، كصحيفة الزهرة والوزير والنهضة، ومن بين عناوين مقالات ما نشر فيها "حول زندقة الحداد"
و"موقف الصحافة العربية حول نازلة الطاهر الحداد" و"خرافة السفور" و"أين يصل غرور الملحدين". بسبب هذه الوقفة القوية من علماء تونس وبعد أن نبذه المجتمع وسخط عليه الشعب التونسي، آثر الحداد الانطواء والعزلة على الظهور إلى أن توفي يوم 7 ديسمبر 1935م.
توفي الحداد يوم 7 ديسمبر 1935 ولم يسر في جنازته سوى نقر قليل من إخوان الصفاء وخلاّن الوفاء.
بقيت كلماته ترنّ في الآذان وصدى صوته يتردّد داخل الأنفس إلى أن جاء الاستقلال وتحولت كلماته إلى قوانين ملزمة للأفراد والجماعات وأقيمت له الذكريات وأطلق اسمه على الانهج ودور الثقافة والمساحات العمومية وألفت حوله الكتب ونال في عهد التغيير وشاح الاستحقاق الثقافي. أصرّ صديقه الصحفي الجهير الهادي العبيدي أن يكتب على ضريحه: هذا ضريح شهيد الحق والواجب المصلح الاجتماعي الطاهر الحدّاد.
كان وطنيا غيورا لأنه لم يشأ لوطنه أن يرزخ تحت عبودية العادات الفاسدة والأوهام البالية والأفكار الظلامية والآراء الرجعية ومثله سعد زغلول في مصر.
انتمى الحداد إلى عديد الجمعيات الثقافية لإيمانه أن للجمعيات الدور الأكبر في النهوض بالأفكار وتكريس النور مكان الظلام فكان نبيّا مجهولا في عصره وأصبح إماما متبعا بعد وفاته.
قال عنه عميد الأدب العربي طه حسين بعد الفراغ من قراءة كتابه: لقد سبق هذا الفتى قومه بقرنين.
أفكاره
كان من جملة ما دعا إليه الحداد في كتابه: الدعوة لتحرر المرأة المسلمة مما زعم أنها قيود تكبلها داخل مجتمعاتها، والمطالبة بالطلاق المدني وألا يكون من حق الرجل فقط الذي قد يسيء استخدامه ولكن يرجع فيه إلى القضاء، كما عبر عن رفضه لتعدد الزوجات معتبرا أنه سنة سيئة ورثت من أيام الجاهلية، ودعا إلى ممارسة المرأة الألعاب الرياضية وأن تقبل على هذه الألعاب وأن تسعى لمجاراة أختها الأوربية في تقوم به.
انتهت هذه الأفكار إلى القانون الوضعي التونسي في مجلة الأحوال الشخصية الصادرة في1957 حيث:
أقر بأهلية المرأة لتزويج نفسها مما يستحيل معه عضلها عن الزواج أو تزويجها دون رضاها.
منع تعدد الزوجات إذعانا للشرط الإلاهي بوجوب العدل واحتراما للجزم الإلاهي باستحالته وسعيا لضمان استقرار الأسرة التونسية.
أقر الطلاق القضائي حتى لا تطلق يد الرجل في التطليق مع إقرار إجراءات مصالحة قضائية وآجال تفكير وذلك في ثلاث حالات:
التراضي بين الطرفين
الضرر الواقع على أحدهما
طلب احدهما التطليق من القاضي، وفي هذه الحالة على طالب التطليق دفع غرامة للطرف الثاني
كما أنتهت إلى القوانين المؤطرة للمنظومة التربوية التي أقرت المساواة بين الجنسين في التمتع بحق التعليم المجاني والإجباري منذ سنة 1958، وانتهت إلى القانون الانتخابي الذي أقر حق المرأة في أن تكون ناخبة ومنتخبة منذ السنوات الأولى للاستقلال، وانتهت إلى قانون الشغل والوظيفة العمومية الذين لا يقران أي تمييز في الأجور أو الامتيازات بين المرأة والرجل بل ويقران عديد الامتيازات للمرأة الأم.
أما "نزع الحجاب" فلم يرد به أي نص رسمي تونسي حتى سنة 1981، إنما كانت الإرادة السياسية واضحة في نبذ كل ما يشير إلى اعتبار المرأة موضوعا جنسيا أو كائنا بيتيا لا ذاتا مساوية للرجل في الحقوق والواجبات، حرة في خياراتها دون الوقوع تحت ثقل التقاليد.
أما سنة 1981، فإن ما صدر هو منشور وزاري يمنع ارتداء "الزي الطائفي" داخل الإدارات العمومية فحسب، والمناشير ليست قوانين تصدرها السلطة التشريعية بل هي نصوص تهم السير الداخلي للإدارات وتأتي في أسفل مرتبة القواعد القانونية المطبقة في القانون التونسي بعد الدستور والمعاهدات الدولية والقوانين والأوامر الرئاسية والقرارات الوزارية. وقد صدرت أحكام قضائية عن المحكمة الإدارية التونسية تعتبر أن غطاء الرأس ليس في حد ذاته زيا طائفيا.
لقد كان الطاهر حداد رائدا لتحرر المرأة التونسية وكأنها نسخة كربونية مما جرى في مصر من خلال كتابي "قاسم أمين" ، "تحرير المرأة"، و"المرأة الجديدة" – حتى إن المرء ليعجب من هذا التماثل - تصدر شخص يدعى "الطاهر حداد" وأصدر كتاباً بعنوان"" امرأتنا في الشريعة والمجتمع " 1933
كانت أولى القرارات التي اتخذها --الحبيب بورقيبة- بعد أن تولى زمام الأمور في البلاد عقب خروج الاحتلال الفرنسي ، قراره بضرورة نزع الحجاب عن المرأة التونسية معتبرا أنه معوق لقيم التطور والتنمية والحداثة.
نزل بورقيبة إلى الشارع بعد الاستقلال ونزع بيديه الحجاب عن المرأة التونسية.. وسن قانونا (المنشور 102 و 108) يمنع ارتداء الحجاب ويعتبره زيا طائفيا يشجع على الانقسام داخل المجتمع.. ووفر كل السبل وسهل كل الطرق المؤدية إلى اختلاط الشباب بالفتيات كما حرم تعدد الزوجات وأحل التبني -وحرم زواج الرجل من مطلقته التي طلقها ثلاثا بعد طلاقها من زوج غيره.
وفي سبيل التمكين لقراراته أصدر في عام 1956 وبعد ثلاثة شهور من إعلان الاستقلال مجلة الأحوال الشخصية التي تضمنت أغلب هذه القرارات التي أعادت أفكار الطاهر حداد إلى الحيوية والتطبيق العملي.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.