الحضارة
القبصيّة
مجال
الحضارة القبصيّة وأصل تسميتها:
نقصد
بالحضارة جملة الممارسات الاجتماعية الّتي تتعلّق بحياة مجموعة بشريّة (فنون، سكن،
غذاء، معتقدات، سياسة) في فترة معيّنة من الزّمن. والحضارة القبصيّة هي حضارة
امتدت على جزء من البلاد التّونسيّة (تشمل القصرين، فريانة وقفصة) وجزء من الجزائر
(تشمل تبسّة). وقد سمّيت بالحضارة القبصيّة نسبة إلى عاصمتها قبصة وهي قفصة حاليّا.
الفترة
الزّمنيّة الّتي تعود إليها الحضارة القبصيّة:
امتدت
الحضارة القبصيّة من 7000 قبل الميلاد (ميلاد عيسى عليه السلام) إلى 5000 قبل
الميلاد ( بالنسبة للتحديد الزمني يتمّ التدرّج من العدد الكبير إلى العدد الصغير
حتى الوصول إلى الصفر وهو تاريخ ميلاد المسيح) وتسمّى العصور ما قبل ظهور الكتابة
بالعصور ما قبل التّاريخ وقد ظهرت الكتابة سنة 3000 قبل الميلاد أمّا العصور الّتي
تمتدّ بعد ظهور الكتابة تسمى بالعصور التّاريخيّة .
نشأة قرطاج:
في
الألف الثّانية قبل الميلاد، دخل الفينيقيّون (وهم سكّان فينيقيا - لبنان حاليا)،
منطقة غربي البحر الأبيض المتوسّط، وأنشؤوا فيها المدن لتساعدهم على ممارسة
تجارتهم البحريّة الّتي اشتهروا بها، مثل مدينة أوتيكا ومدينة حضرموت. وفي سنة 814
ق.م، أسّسوا مدينة "قُرْت حَدَشت" (وتعني المدينة الجديدة) وهي مدينة
قرطاج، الّتي توسّعت وتحوّلت فيما بعد إلى مدينة هامّة في الحوض الغربي للمتوسّط.
ولقد ارتبطت نشأة قرطاج بشخصية علّيسة، ولكنّها أسطورة (حكاية خياليّة)، وبعيدة
كلّ البعد عن الحقيقة.
التوسّع
القرطاجي:
تمكّن
الفينيقيّون (القرطاجيون) من الهيمنة على جانب عظيم من البحر الأبيض المتوسّط في
القرن السّادس قبل الميلاد، حتّى ضاق البحر على البحّارة والتجّار، وأصبحوا يبحثون
عن مجال جديد إلى أن بلغوا المحيط الأطلسيّ، فهيمنوا على سواحل الجزائر والمغرب
حاليّا، وبلاد الإيبار، بالإضافة إلى سواحل ليبيا حاليّا وتحديدا سبراطة وليبتيس
الكبرى. التّاريخيّة.
مظاهر
الإشعاع الحضاري لقرطاج البّونيّة
1- مكوّنات المجتمع القرطاجي:
المواطنون: يعيشون داخل مدينة قرطاج ويتمتّعون بحق المساهمة في الحياة
السّياسيّة ولا يدفعون الضّرائب.
غير
المواطنين: يقيمون خارج
المدينة ولا يساهمون في الحياة السّياسيّة ويدفعون الضّرائب.
2 - المؤسّسات السّياسيّة:
الأشفاط:
يسمى الحكام عند القرطاجيّين بالأشفاط، وهم ينحدرون من أرقى العائلات، ولا يستلمون
الحكم وراثيا ولكن يتمّ اختيارهم من قبل سكّان المدينة دون اعتبار عامل السنّ.
مجلس
الشّيوخ: لا يتّخذ الملك
قراراته منفردا إذ يوجد مجلس الشّيوخ الّذي يناقش أهمّ القرارات ويراقب تصرّفات
الحاكم.
مجلس
العامّة: أو مجلس الشعب
هو الرّقيب والحاكم بين مجلس الشّيوخ والملك إذا جدّ بينهما خلاف وهو الّذي يتّخذ
القرار الأنسب في المسائل الشّائكة.
محكمة
المائة: سمّيت هذه
المحكمة بمحكمة المائة لأنّها تتكوّن من 100 قاض أخذوا من بين أعضاء مجلس الشّيوخ،
وفيها يتمّ فضّ النّزاعات بين القادة.
-3مظاهر الازدهار الاقتصادي:
-
التوسع التجاري:
لقد
شهدت التّجارة القرطاجيّة توسّعا كبيرا وانتشارا هائلا فبلغت القوافل التّجاريّة
إفريقيا الاستوائيّة أمّا البحّارة فقد انتشروا على كامل الدّول المطلّة على البحر
الأبيض المتوسّط مثل سرقوسة وصيدا وأثينا وروما ومساليا ومالقا ورسعون والرّباط،
حتّى وصلوا المحيط الأطلسيّ فكانوا يتاجرون مع دول المتوسّط في الفضّة والنّحاس
والحديد والخزف الرّفيع والصّباغ والبخور والأقمشة ومع دول المحيط الأطلسيّ في
الذّهب والعاج والفيلة
وأمام
هذا الانتشار التّجاري توسّعت الموانئ البحريّة وانقسمت إلى موانئ عسكريّة وموانئ
تجاريّة.
-
ازدهار الفلاحة:
بالإضافة
إلى التّجارة، اهتمّ القرطاجيّون بالفلاحة، ويتجلّى ذلك مثلا من خلال الهيمنة على
منطقة الوطن القبلي حاليّا الّتي كانت بها جنّات وبساتين ترويها عيون وقنوات، وبها
كروم وزياتين، وأشجار مثمرة كثيرة، وبها سهول ترعى فيها الأبقار والأغنام والخيول.
كما اهتمّ العلماء بالفلاحة وبحثوا فيها وألّفوا فيها عديد المؤلّفات نذكر من
أهمّها موسوعة ماغون وهو عالم فلاحيّ قرطاجيّ.
-
ازدهار الصّناعات الحرفيّة:
اعتنى
القرطاجيّون بصناعة الأقمشة وصبغها باستعمال الصّباغ المجلوبة من الشّرق، وكذلك
ازدهرت صناعة الفخّار مثل صناعة الجرار.
حنبعل
:قائد عسكري
قرطاجي من عائلة بونيقية عريقة يُنسب إليه اختراع العديد من التكتيكات الحربية في
المعارك. كان أبوه أميلكار برقا قائداً للقرطاجيين في الحرب البونيقية الأولى،
وكان أخواه صدربعل وماجو من أعظم قادة القرطاجيين، وكان شقيقاً لزوجة صدربعل
العادل.
ولد
بمدينة قرطاج=قرْتْ حَدَشْ (احدى ضواحي مدينة تونس حاليا) في عام 247 ق.م.، ورافق
وهو في التاسعة من عمره والده أميلكار برقا إلى إسبانيا. وفي عام 221 ق.م.، اختاره
الجنود قائدا بعد اغتيال صدربعل العادل زوج أخته، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على
كامل شبه الجزيرة الإيبيرية بما في ذلك ساغونتو إحدى المعسكرات الرومانية. لذا،
فقد رأت روما ذلك خرقا للمعاهدة التي عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت
بتسليمها حنبعل، وقد كان رفض هذا الطلب سببا في اندلاع الحرب البونيقية الثانية
بين عامي 218 ق.م. و201 ق.م.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire