الفقر في العالم
"العالم اليوم أصبح جزيرة أغنياء تحيط بها بحار من الفقراء" هكذا
وصف الرئيس الجنوب أفريقي "مبيكي" السنة الماضية في مؤتمر الأرض
بجوهانسبرغ معضلة الفقر التي تزداد يوما بعد يوم رغم التقدم الذي أحرزته البشرية
في شتى المجالات، ورغم جني الكثير من خيرات الكوكب التي يجمع الخبراء على أنها
كافية لتقديم الرفاهية للستة مليارات من البشر الذين يعيشون فوقه لو تم توزيعها
بالحد الأدنى من العدالة.
وقد
مر الـ 17 أكتوبر/ تشرين الأول من هذه السنة وهو الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة
يوما للفقر كل عام، دون أن يطرأ جديد على هذه المعضلة سوى إضافة سنة أخرى من
السنوات العجاف مليئة بالموت والمرض والجوع إلى أعمار فقراء العالم.
والسؤال
المطروح هو هل وصل وضع الفقراء في العالم إلى هذا الحد من الخطورة ؟ وما هي
الأسباب الكامنة وراء هذه المعضلة؟ وهل يبذل الأغنياء في العالم الجهد الكافي
لمعالجتها؟ وهل هنالك نتائج خفية لهذه الظاهرة غير الجوع والمرض والموت؟
انتشار
الفقر:
تضم
دائرة الفقر بلـيون فرد في العالم بعد الهند والتي يقل فيها دخل الفرد عن 600
دولار سنوياً، ومنهم 630 ملـيون في فقر شـديـد (حيث متوسط دخل الفرد يقل عن 275
دولار سنوياً)، وإذا أتسعت الدائرة وفقا لمعايير التنمية البشرية لشملت 2 مليار
فرد من حجم السكان في العالم البالغ حوالي 6 مليار فرد، منهم مليار فرد غير قادرين
على القراءة أو الكتابة، 1.5 مليار لا يحصلون علي مياه شرب نقية، وهناك طفل من كل
ثلاثة يعاني من سوء التغذية، وهناك مليار فرد يعانون الجوع، وحوالي 13 مليون طفل
في العالم يموتون سنوياً قبل اليوم الخامس من ميلادهم لسوء الرعاية أو سوء التغذية
أو ضعف الحالة الصحية للطفل أو الأم نتيجة الفقر أو المرض. يختلف مفهوم الفقر
Poverty باختلاف البلدان
والثقافات والأزمنة ولا يوجد اتفاق دولي حول تعريف الفقر نظراً لتداخل العوامل
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشكل ذلك التعريف وتؤثر عليه، إلا أنه هناك
اتفاق بوجود ارتباط بين الفقر ولإشباع من الحاجات الأساسية المادية أو غير
المادية، وعليه فهناك اتفاق حول مفهوم الفقر على أنه حالة من الحرمان المادي الذي
يترجم بانخفاض استهلاك الغذاء، كما ونوعا، وتدني الوضع الصحي والمستوى التعليمي
والوضع السكني، والحرمان من السلع المعمرة والأصول المادية الأخرى، وفقدان
الضمانات لمواجهة الحالات الصعبة كالمرض والإعاقة والبطالة وغيرها.
الفقر
في العالم الثالث :
مشكلة
الفقر في الدول النامية:
يعرف
الفقر: على أنه عدم الكفاية في الدخل ، أو هو عدم القدرة في الوصول إلى الحد
الأدنى من الاحتياجات المادية
الأساسية
(كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن والمياه النقية الصالحة للشرب والتعليم والصحة)
وغير
المادية
(كحق المشاركة في النشاطات الاجتماعية والثقافية والحرية الإنسانية وحرية التعبير
عن الرأي
وغيرها
من الحقوق) ، ويُعتبر متوسط نصيب الفرد من دخل الأسرة أو إنفاقها مقياسين ملائمين
للدلالة
على
مستوى الفقر أو مستوى المعيشة .
ويعتبر
مؤشر الفقر البشري جامعاً لثلاث مؤشرات أساسيه للحرمان هي :
1 – مؤشر
للحرمان من حياة طويلة وبصحة جيده.
2 – مؤشر
تعليمي معرفي يتمثل في نسبة الأمية .
3 – درجة
الحرمان من مستوى معيشي لائق .
رأي
المؤسسات المالية الدولية في أسباب الفقر بالدول النامية يتمثل في
:
ترى
المؤسسات المالية الدولية أن سبب الفقر في الدول النامية وعدم قدرتها في تنشيط
صادراتها وتسديد ديونها يعود إلى:
1 – الضعف
المزمن في البنية الاقتصادية للدول النامية .
2 – الفساد
السياسي والإداري والمالي المتفشي في أغلب الدول النامية الفقيرة نتج سوء استخدام
القروض الممنوحة لها .
3 – هروب
رأس المال الوطني للاستثمار في الدول الغنية المستقرة اقتصاديا
.
4 – عدم
الاستقرار السياسي والاقتصادي في الدول النامية
5 – عدم
استثمار الموارد المحلية أو القروض الخارجية بشكل صحيح لخلق تنمية حقيقية
.
6 – هيمنة
الدولة والقطاع العام على النشاط الاقتصادي وانحسار دور القطاع الخاص
.
أما
إقتصاديوا الدول النامية فيعزون أسباب الفقر في دولهم إلى :
1 – إن
تطبيق برنامج التكييف الهيكلي في الدول النامية أدى إلى الاستغناء عن آلاف
الموظفين والعمال وتخفيض مستمر
لسعر
العملة المحلية وإلغاء دور الدولة في السيطرة على الأسعار والأجور ورفع يدها عن
دعم أسعار السلع
والخدمات
،كل ذلك وغيره كان سبباً في الفقر والبطالة وتضخم الأسعار في الدول النامية
.
2 – فشل
سياسات صندوق النقد والبنك الدوليين في إحداث تنمية حقيقية في الدول النامية أدى
إلى تفاقم حالات الفقر فيها.
3 – ترتب
على القروض المشروطة الممنوحة للدول النامية من المؤسسات المالية الدولية وعدم
قدرة هذه الدول على
تسديد
تلك القروض عند استحقاقها إلى تراكم الديون على هذه الدول وزيادة الفقر وعدم حصول
التنمية الموعودة .
4- يرى
إقتصاديوا العالم الثالث أن الفساد السياسي والمالي والفوضى الاجتماعية
والاقتصادية المتفشية في المدينة النامية المدينة إنما هي نتائج حتمية لسياسات
صندوق النقد والبنك الدوليين .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire