حكم العمرة
العمرة
مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة فمن أنكر أنها مشروعة فقد كفر
.
غير
أن الفقهاء اختلفوا في حكمها : هل هي فرض أم سنة.
فقال
الحنفيون والمالكية : هي سنة مؤكدة مرة في العمر على الأقل .
وقال
الشافعي وأحمد : هي فرض في العمر مرة على من يفرض عليه الحج .
استدل
الأولون بأن الآية التي تفيد فرضية الحج لم تذكر فيها العمرة ، وكذلك الأحاديث
الصحيحة الصريحة .
واستدل
الآخرون بأدلة لم يسلم دليل منها من مطعن فالراجح أنها سنة مؤكدة ، وسيأتي الكلام
في كل ما يتصل بأحكام العمرة .
من
الذي يجب عليه العمرة
الذي
يجب عليه الحج هو : المسلم العاقل البالغ ، الحر، العالم بالفرضية ، المستطيع .
وإليك تفصيلا لذلك كله ، حتى يتبين ، لك حكم كل حالة .
حج
الكافر والمجنون والصبي
لا
يفرض الحج على كافر ، لأنه غير مطالب بفروع الإسلام وهو فاقد أصله الذي يبنى عليه
ابتداء ، وهو الإيمان ، وهذا عند غير الإمام مالك ، أما عنده فإن الكافر يخاطب
بالفروع ، ويعذب عليها يوم القيامة .
وعند
الجميع : إن حج وهو كافر فإن حجه لا يصح ، ولا يسقط الحج عنه إذا أسلم
هذا
ومن حج ، ثم ارتد عن الإسلام وكفر ، ثم عاد إلى الإسلام ، فإنه يجب عليه إعادة
الحج عند الأحناف والمالكية ، ولا يجب عليه ذلك عند الشافعية ؛ لأن إحباط العمل لا
يحدث للمرتد إلا إذا مات على ردته وكفره عندهم .
وكذلك
لا يجب الحج على مجنون ، أو معتوه (وهو الأبله الناقص العقل.)
ومثله
الصبي الذي لم يبلغ ، فإن الحج لا يجب عليه ؛ لعدم تكليفه ، وإن حج صح حجه ، ولكن
لا يكفي ذلك عن الحجة المفروضة ، ولا يسقطها عنه بعد بلوغه واستيفائه الشروط التي
توجب الحج .
وما
قيل في الصبي يقال في العبد المملوك لغيره ، فالحج لا يجب عليه ، وإن حج صح حجه ،
ولكنه لا يسقط الحجة الواجبة عليه إذا أعتق واستوفى شروط الوجوب.
دليل
ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيما صبي حج ثم
بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى ، وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى
أخرجه الطبراني في الأوسط بسند رجاله رجال الصحيح
وقال
الترمذي : أجمع أهل العلم على أن الصبي إذا حج قبل أن يدرك فعليه الحج إذا أدرك ،
وكذلك المملوك إذا حج في رقه ثم أعتق فعليه الحج إذا وجد إلى ذلك سبيلا .
وهذا
واضح في الصبى المميز الذي يستطيع القيام بنفسه بأعمال الحج .أما الصبى غير المميز
وغير القادر على القيام بأعمال الحج فإن حجه صحيح أيضا عند الجمهور ، ويقوم الولي
بتحجيجه وذلك بأن يحرم عنه قائلا بقلبه : جعلته محرما، ويجرده من المخيط ، ويلبي
عنه ، ويطوف به ويسعى ، ويقف به بعرفة ، ويرمي عنه الجمار.
فقد
جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء
فقال : من القوم ؟ فقالوا : المسلمون ، فقالوا : من أنت ؟ فقال : رسول الله فرفعت
إليه امرأة صبيا فقالت ألهذا حج ؟ قال : نعم ولك أجر أخرجه مسلم
.
هذا
ولو بلغ الصبي وهو غير محرم ثم أحرم يوم عرفة أو قبله فإن إحرامه صحيح وتقع حجته
عن الحجة المفروضة عليه بالإجماع .
وإن
كان الصبي محرما من الأصل ثم بلغ قبل عرفة أو يومه فوقف بعرفة وأتم أعمال الحج فإن
حجه يقع عن حجة الإسلام عند الشافعي وأحمد ، لأنه وقف بعرفة وأتم أركان الحج وهو
أهل لها .
وقال
مالك : لا يجزئه ذلك كما حجة الإسلام ، واختاره ابن المنذر .
وقال
الحنفيون : إن جدد الصبي الإحرام قبل الوقوف بعرفة أجزأه ، وإلا فلا يجزئه ، لأن
إحرامه لم ينعقد واجبا .
ولو
بلغ الصبي بعد الوقوف بعرفة فعاد إلى عرفة ووقف بها قبل فجر يوم النحر فإن حجته
تجزئ عن حجة الإسلام عند الشافعي وأحمد .
وقال
أبو حنيفة ومالك لا يجزئ ذلك عن حجة الإسلام .
وإن
لم يعد الصبي إلى عرفة أو عاد بعد الفجر فإن حجه يقع تطوعا ولا يجزئ عن حجة الإسلام
اتفاقا .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire