الطلاق وأحكامه في الدين
يعتبر
الطلاق مشكلة اجتماعية نفسية.. وهو ظاهرة عامة في جميع المجتمعات ويبدو أنه يزداد
انتشاراً في مجتمعاتنا في الأزمنة الحديثة والطلاق هو " أبغض الحلال "
لما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وازدياد العداوة والبغضاء والآثار
السلبية على الأطفال ومن ثم الآثار الاجتماعية والنفسية العديدة بدءاً من
الاضطرابات النفسية إلى السلوك المنحرف والجريمة وغير ذلك.
أسباب
الطلاق
تتعدد
أسباب الطلاق ومنها الملل الزوجي وسهولة التغيير وإيجاد البديل وطغيان الحياة
المادية والبحث عن اللذات وانتشار الأنانية وضعف الخلق، كل ذلك يحتاج إلى الإصلاح
وضرورة التمسك بالقيم والفضائل والأسوة الحسنة.
ومن
الأسباب الأخرى "الخيانة الزوجية" وتتفق كثير من الآراء حول استحالة
استمرار العلاقة الزوجية بعد حدوث الخيانة الزوجية لاسيما في حالة المرأة الخائنة.
وفي حال خيانة الرجل تختلف الآراء وتكثر التبريرات التي تحاول دعم استمرار العلاقة.
أحكام
الطلاق
الطلاق
المشروع .. فـي أول آية من سورة الطلاق يوجه الله الخطاب إلى رسوله بصورة خاصة:
«يا أيها النبي» باعتبــاره مسئولا عن الأمة و شاهدا عليها، ثم يعم المسلمين
ببلاغة فائقة: (إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء)، وذلك لكي ينسف المزاعم التي تقول
بان علاقة الرجل بزوجته وتدبيره لشؤونها أمر خاصٌ به، ولا يمت بصلة الى الدين الذي
تمثله القيادة الإسلامية، ويؤكد بان هذا الوهم غلط فاضح ، لان علاقة الرجل بزوجته
لا تقف عند حدود مصالح الفرد بل تنتشر إلى كل امرأة.
أليست
الزوجة عضوة في المجتمع الإسلامي، وبالتالي لها إمداداتها وعلاقاتها بالمجتمع
وبقيادته؟ فلابد إذاً أن يكون التعامل معها ضمن حدود الله وتوجيه القيادة الإلهية.
ولذلك بدأ الخطاب بالنبي ثم توسع إلى سائر المسلمين.
والملاحظ
انه تعالى قال: «طلقتم» بصيغة الماضي، ثم قال: «فطلقوهن» مما يدل على أن للطلاق
مرحلتين: المرحلة النفسية الداخلية، والمرحلة القانونية الظاهرية، وتلك تسبق هذه،
إلا أنها لا تكفي لتحقق الطلاق لأنه يجب إجراء الطلاق وفق حدوده ومنها الصيغة التي
تفيد إيقاعه، كقول الرجل: زوجتي فلانة طالق، أو: أنت طالق.
ولعل
كلمة «النساء» تنصرف إلى الزوجات اللاتي تم الدخول بهن، فان غير المدخول بها ليس
لها عدة، لان الحكمة منها، حسب الأخبار، هو منع اختلاط المياه، وهذا منتف في غير
المدخول بهن.
ولأن
هناك طلاق الجاهلية وطلاق البدعة، لم يدع الوحي الكلمة هكذا إنما حدد النوع
المشروع والصحيح من الطلاق، وهو الذي تأتي الآيات اللاحقة على بيان حدوده وشروطه،
ومن شروطه العدة، وأن يتم في طهر لم بواقعها فيه، لانه وحده الذي يدخل في حساب
العدة الشرعية.
شروط
المطلق
السنة
الشريفة
1-
روي عن الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام قوله
2- وروي
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال:"كل طلاق جائز إلاّ طلاق المعتوه أو
الصبي أو مبرسم أو مجنون أو مُكْرَه".
3-وقال عليه السلام:"لا يجوز طلاق في
استكراه"
4-وروي عن الإمام الباقر عليه السلام في حديث:"ولو
أن رجلاً طلَّق على سُنَّة، وعلى طُهْر من غير جماع، وأشهد ولم ينو الطلاق، لم يكن
طلاقه طلاقاً".
5- وسئل
الإمام الرضا عليه السلام عن طلاق السكران والصبي والمعتوه والمغلوب على عقله ومن
لم يتزوج بعد، فقال: لا يجوز.
الأحكام
يُشترط
في المطلِّق توفر الأهلية بالبلوغ والعقل والإختيار والقصد.
أ :
فلا يصح طلاق الصبي، ولا المجنون ولامن أجبر على الطلاق، ولا من تلفظ بصيغة الطلاق
من دون قصد إيقاعه حقيقةً كالهازل، والساهي، والنائم.
ب :
السكران، والمخدَّر بسبب إستعمال المخدرات وغيرها، لا يصح طلاقهما، وهكذا كل من
زال عقله وقدرته على التمييز لسبب من الأسباب.
شروط
المـطـلَّقة
السنة
الشريفة
1- قال الإمام علي عليه السلام:....«لا طلاق إلا من بعد نكاح، ولا عتق
إلاّ من بعد ملك.»
2- وسئل الإمام الصادق عليه السلام عن رجل طلَّق إمرأته وهي حائض،
فقال:..... «الطلاق لغير السُنَّة باطل.»
3- وروي عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام أنهما قالا:....«إذا
طلَّق الرجل في دم النفاس، أو طلَّقها بعد ما يمسّها، فليس طلاقه إياها بطلاق.»
4- وقال الإمام الباقر عليه السلام:.«لا طلاق إلاّ على السُنَّة، ولا
طلاق إلا على طُهْرٍ من غير جماع.»
5- وروى محمد بن مسلم عن أحد الإمامين (الباقر أوالصادق عليهما السلام)
أنه سئل عن الرجل يطلق إمرأته وهو غائب، فقال عليه السلام:....«يجوز طلاقه على كل
حال، وتعتد إمرأته من يوم طَلَّقَها.»
6- وقال الإمام الصادق عليه السلام:
«الغائب إذا أراد أن يطلقها، تركها شهراً.»45
7- وقيل للإمام الصادق عليه السلام: الرجل يطلق إمرأته وهو غائب، فيعلم
أنه يوم طلقها كانت طامثاً، فقال: يجوز.
8- وجاء عن الإمام الصادق عليه السلام عن المرأة المسترابة (وهي التي لا
تحيض ولكنها في سن الحيض) وقد واقعها زوجها، كيف يطلقها زوجها إذا أراد طلاقها،
فقال الامام عليه السلام: ليمسك عنها ثلاثة أشهر ثم يطلِّقها.
الأحكام
يشترط
في الزوجة التي يراد تطليقها:
أ:
أن تكون زوجة دائمة، فلا طلاق للزوجة المتمتع بها.
ب:
أن تكون طاهرة من الحيض والنفاس في حالة تواجد الزوج معها في بلد واحد.
ج:
أن تكون في طُهْرلم يواقعها الزوج فيه.
وإليك
بعض الفروع التفصيلية لهذه الشروط:
اولاً-
إشتراط الطهارة من الحيض إنما هو بالنسبة للزوجة المدخول بها غير الحامل.
أما طلاق الزوجة قبل الدخول بها فيصح حتى لو
كانت في حالة الحيض، وكذلك طلاق الحامل في حالة الحيض48.
ثانياً-
إذا كان الزوج غائباً عن زوجته فالأشبه صحة طلاقه لها وإن كانت في حالة حيض أو
نفاس، سواء كان باستطاعته الإستعلام عن حالها أم لا.
ثالثاً-
إذا غاب الزوج عن زوجته في طهرٍ كان قد واقعها فيه، فالأحوط أن ينتظر فترة تنتقل
زوجته خلالها حسب العادة إلى طهر آخر ثم يطلقها، وإن كان الأشبه بالقواعد صحة طلاق
الغائب مطلقاً.
رابعاً-
الزوج الحاضر في بلد الزوجة، إذا كان من المتعذَِّر عليه التعرف على حالة زوجته من
حيث الطهر وعدمه، كان حكمه حكم الغائب.
خامساً-
يجوز طلاق الزوجة اليائسة، والصغيرة49، والحامل في طُهْر المواقعة.
سادساً-
الزوجة المسترابة (وهي من تكون في سنّ الحيض ولكنها لا تحيض لسبب خلقي أو عارض
مرضي) يصح طلاقها في طهر المواقعة بعد مرور ثلاثة أشهر على آخر مرة واقعها الزوج
فيها.
سابعاً-
إذا طَهُرت المرأة من دم الحيض أو النفاس صح طلاقها حتى قبل أن تغتسل.
ثامناً-
لا يقع الطلاق بالنسبة للزوجة المتمتَّع بها، إذ أن الإنفصال بينهما يقع باكتمال
المدة، أو بهبة الزوج بقية المدة لزوجته، وبذلك ينفصلان دون حاجة إلى الطلاق ولا
إلى أي شرط من الشروط المذكورة.
أقسام
الطلاق
القرآن
الكريم
قال
الله سبحانه: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ
فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ
تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ
نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ
عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم
بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
(البقرة،231)
هدى
من الآية
الطلاق
قسمان: رجعي وبائن، ويستطيع الزوج في الطلاق الرجعي أن يعود لزوجته ويبطل الطلاق
ما دامت في العدة، أما إذا اكتملت العدة ولم يقرر الرجوع فإن الزوجة تصبح حرة
وبإمكانها أن تتزوج من أي رجل آخر.
ولكن
قرار الزوج بالرجوع لزوجته في العدة ينبغي أن يكون بهدف العيش معها بوئام ومودة في
بيت الزوجية وليس بهدف الإضرار بها، إذ قد يُسَوِّل الشيطان للزوج بالرجعة في آخر
أيام العدة، ثم إمساكها لفترة ثم تطليقها من جديد وذلك بهدف الإضرار بها ومنعها من
الزواج من غيره مهما أمكن.
إن
الآية الكريمة تعتبر هذا التصرف إعتداء على حق الغير، وظلماً بالنفس، ذلك إن حدود
الله التي تحافظ على حقوق الناس هي في مصلحة الجميع، فإذا تجاوزها شخص واعتدى على
حقوق الآخرين، فقد يأتي شخص آخر ويعتدي على حقوقه هو، وهكذا تعم الفوضى.
إذن،
على الزوج أن يفكر ملياً قبل إتخاذ قرار الرجوع، فإذا كـان يريدها فعـلاً، ويريد
العيش معها في إطـار الحدود التي بينـها الله، فليراجها قبل انتهاء الفترة
الممنوحة لـه وهي العدة، وإلا فليس له حق في منعها من التصرف في شؤونها بعد انتهاء
العدة.
وفي
تفسير هذه الآية يقول الامام الصادق عليه السلام:
«لا
ينبغي للرجل أن يطلق إمرأته ثم يراجعها وليس له فيها حاجة ثم يطلقها، فهذا الضرار
الذي نهى الله عزوجل عنه، إلاّ أن يطلق ثم يراجع وهو ينوى الإمساك.»
وروى
الحلبي أنه سأل الإمام الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل: (وَلاَ
تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ( فقال الإمام: «الرجل يطلِّق حتى إذا كادت
أن يخلو أجلها راجعها ثم طلقها، يفعل ذلك ثلاث مرات، فنهى الله عزوجل عن ذلك.»
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire