أعلان الهيدر

مفهوم الكونية


مفهوم الكونية
مفهوم الكونية
الكونية تفيد التوجّه إلى كافّة الناس و وحدة الإنسانيّة" الرّب و الأصل "عموم التّكريم " الاستخلاف والبناء الحضاري " "لِّلْعَالَمِينَ ،كَافَّةً لِّلنَّاسِ ،أُمَّةً وَاحِدَةً"
قال الله تعالى :{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } (107) سورة الأنبياء
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}(28) سورة سبأ
{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} (52) سورة المؤمنون
لِّلْعَالَمِينَ ،كَافَّةً لِّلنَّاسِ ،أُمَّةً وَاحِدَةً التوجّه إلى كافّة الناس ( الكونية )
يستعمل المصطلح للإشارة إلى المبادئ والقيم والإنسانية التي تصلح كونيا للإنسان في أي مكان وزمان ’ فلا تقف عند حدود ثقافية أو مكانية ’ أو خصوصيات فردية أو غير ذلك
مفهوم الكونية في التصور الإسلامي
قال تعالى ( و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) الأنبياء 107
قال تعالى : ( و ما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا و لكن أكثر الناس لا يعلمون ) سبأ 28
الكونية : عالمية المبادئ و القيم الإنسانية التي تصلح كونيا لكل إنسان في أي مكان و زمان .
العولمة : جعل العالم عالما واحدا موجها توجيها واحدا في إطار حضارة واحدة .
منطلقات الكونية و طبيعتها في المنظور الإسلامي
1‌-  منطلقات الكونية :
قال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) النساء 1
قال تعالى : ( و لقد كرمنا بني آدم ) الإسراء 70
عن جابر بن عبد الله قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في وسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال : يا أيها الناس إن ربكم واحد و إن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي و لا لعجمي على عربي و لا لأحمر على أسود و لا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ألا هل بلغت قالوا : بلى يا رسول الله قال : فليبلغ الشاهد الغائب ) البيهقي : شعب الإيمان
2‌-   مبادئ الكونية :
-   حرية المعتقد و أداء الشعائر الدينية : قال تعالى : ( لا إكراه في الدين ) البقرة 256
-   الاختلاف مشيئة إلهية : قال تعالى : ( و لو شاء ربك للآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت
تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) يونس 99
-  الأمر بالعدل و القسط و التعاون و التضامن مع المخالفين في الدين و الفكر : قال تعالى : لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) الممتحنة 8
-  منع الاعتداء في الحروب  كما في السلم قال تعالى: ( و قاتلوا الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) البقرة 189
-   تحريم قطع أرحام الإنسانية قال تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها و بث منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ) النساء1  
3- التسامح وسيلة و أداة لتحقيق الكونية :
التسامح : سلوك المسلم الإيجابي مع غير المسلم .
السماحة : سلوك المسلم الإيجابي مع أخيه المسلم
التسامح مفهوم متداول عالميا و هو ضد التعصب و التناحر لأسباب دينية أو مذهبية أو إيديولوجية و يتيح هذا المبدأ التعايش السلمي بين الشعوب و الطوائف و الأديان
عن جابر قام النبي عليه الصلاة و السلام و أصحابه لجنازة يهودي حتى توارت ) صحيح مسلم  - يؤسس هذا الحديث قاعدة في التعامل الإنساني أساسها التسامح الديني و احترام الذات البشرية .
الحاجة إلى مكارم الأخلاق لتحقيق التسامح و تجسيده في الواقع المعيشي
تجليات الكونية و متطلباتها
من تجليات  الكونية :  حسن التواصل و التعامل مع أهل الذمة : ان بناء العلاقة على عقد قائم على مجموعة من  الحقوق و الواجبات على كل طرف الوفاء بها . من واجب المسلمين الوفاء بعهودهم مع أهل الذمة و أهل العهد على ما صالحوهم عليه .
مراد بأي المرادي الذي لم يكره زوجته المسيحية على دخول الإسلام و أنجبت له  رمضان بأي الإيالة التونسية سنة 1108 . عند وفاتها دفنت  الزوجة المسيحية لمراد باي على الطقوس المسيحية و ابتنى  على قبرها الكنيسة القائمة في قرطاج و هي أول كنيسة أنشئت بتونس الحاضرة في العصر الإسلامي
العولمة هي نشر القيم الغربية الرأسمالية في العالم و جعل العالم يسير وفقا للنموذج الغربي في مجالات السياسة و الاقتصاد و الثقافة فالعولمة هي محاولة للقمع  و الإقصاء  للخصوصية و هي إرادة للهيمنة .
أهل القرآن الإنسان ليكون إنسان العصر في عصر العلاقات العالمية بالاحتكام إلى العقل و بالتسامح و بالنهوض بأمانة التكليف و بالإحسان في العمل و اجتناب الإساءة و باطمئنان الضمير إلى ما خفي  من الغيب
الخصوصية تعبير يراد به المعنى الذي يدل على أصالة الهوية الثقافية لشعب حيث يدخل التراث كمميز للخصوصية. التمسك بالهوية يحمي من مواجهة العولمة من منطلق الضعيف  المهزوم و يجعل المواجهة من منطلق القوي بفكره و قيمه و دينه و ثقافته.
لا يوجد إذن تعارض بين الخصوصية والكونية بل على العكس من ذلك يوجد بينهما من التّلازم ما قد يجعل الكوني يهلك بموت الخصوصي. ومن ثمّ فإنّ الحفاظ على الهويّة أو الخصوصية لا يمثّل إعراضا عن الكونية أو رفضا لها بقدر ما يمثل شرطا للانخراط فيها و التّحقق بمقاصدها من خلال مقاومة كلّ أشكال العولمة ومحو الخصوصيات الثقافية. فالخصوصية لا تناقض الكونية إلا إذا قدمت نفسها بديلا عن الكونية أي خصوصية معولمة، تفرض على الجميع ولا تحترم الفوارق التي يقتضيها التّنوع والاختلاف بين البشر.
علاقة الخصوصيّة بالكونيّة
إنّ طرح مسألة علاقة الخصوصيّة بالكونيّة يُمكن تناولها من زاويتين مختلفتين تتحدّد الأولى في القول بالخصوصيّة التي لا تتعارض مع تأسيس كونيّ إنسانيّ وهي أطروحة تفترض التسليم بالتسامح بين الخصوصيّات و القول "بحكمة العيش معا"  كما بيّن ذلك كانط وفي التشريع لحقّ الضيافة أو لما كان كلود لفي ستروس قد أسّس له في " تقريظه للاختلاف" و التنوّع الحضاري حيث اعتبر الاختلاف ظاهرة ملازمة للبشريّة بل هي تعبّر عن الإبداع و عن التكامل "هذه الفروقات ولودة مبدعة في الحقيقة" تماما فإنّ الاختلاف لا ينفي وجود قواسم مشتركة بين الناس شأن العقل الذي يمتلك نفس الطاقات رغم اختلاف الخصوصيّات وهو نفس الموقف الذي قد بيّنه مالبرانش قد بيّنه من خلال مفهوم العقل الكوني و ذلك لاعتبار وحدة الحقائق العقليّة والأخلاقيّة مثل حاصل اثنين ضارب اثنين يُساوي أربعة أو أن نُفضّل الصديق عن الكلب... تقريظ الاختلاف هو في ذات الوقت نبذ للنظرة الأحادية للخصوصيّة و للتعصّب و لادّعاء امتلاك مقوّمات ثقافية و حضارية أرقى و أفضل من بقيّة الهويّات و بالتالي لا مجال لاعتبار الحضارات المغايرة همجيّة و متوحّشة. فالثقافات لا تعمل على تحقيق التماثل بل كلّ نموذج يعمل على كشف خصائصه. تماما فإنّ كلود لفي ستروس يؤكّد على ضرورة قبول الانفتاح على الحضارات الأخرى دون التفريط في مقوّمات الهويّة بل و بضرورة اعتبار كلّ واحدة أنّها تتميّز بقدر من التفوّق وهو ما يمنحها القدرة تحقيق قدر أوفر من الإبداع و من تحقيق التميّز عن بقيّة الحضارات. يقول كلود ليفي سروس: "لا بدّ للثقافة و أبنائها من التمسّك بيقين أصالتهم و بتفوّقهم على الآخرين."  فتحقيق الكوني الإنسانيّ يفترض قدرا من التسامح كما بيّن ذلك تودوروف  و اعترافا بالمغايرة الحضارية و الثقافية و تأصيل الحوار و التواصل ممّا يؤسّس لنزعة إنسانيّة كونيّة تُرسّخ تعايشا سلميّا بين الناس و الخصوصيات وفق تصوّر كوسموبوليتيكي يجعل العقل هو الذي يحكم الإنسانيّة وهو ذات الموقف الذي كان فولتير قد بيّنه حين قدّم الفلسفة كبديل عن التعصّب.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.