الكيمياء الحرارية
الكيمياء
الحرارية
في
البلدان المتقدمة تكنولوجياً تمثل الزيادة المستمرة في استخدامات المواد
الكيميائية السامة أو الضارة تهديدا خطيرا للإنسان والأحياء الاخري نتيجة للتعرض
لمثل هذه المواد.
وعليه
فلقد تمت دراسة آثار المواد السامة والمواد الكيميائية المختلفة من قبل جهات شتي:
مؤسسات صناعية ومختبرات حكومية ومعاهد وجامعات ومؤسسات علمية أخري تخصص البعض منها
في دراسة تأثير أنواع معينة من الكيمياويات كالمطهرات والمعفرات ومختلف السموم
المستخدمة لقتل الحشرات الضارة. كما ان جهات أخري قد أولت مسألة تلوث الماء
وتنقيته أو نحلية مياه البحار أهمية خاصة لضرورة الماء البيولوجية والصناعية القصوى
في عالم اليوم. وبالمثل حظيت مسألة الهواء والتلوث الهوائي وكيمياء الهواء بكافة
طبقاته بقدر مساو من الاهمية، وذلك بالنظر الي ازدياد حجم التلوث الهوائي في الأقطار
عالية التطور الصناعي بوجه خاص، حيث الزيادة المطردة في انتاج عدد السيارات ووسائط
النقل الاخري، والزيادة السنوية الهائلة في عدد المصانع ومحطات القوي الكهربائية
والتفجيرات النووية تحت الأرض وعلي سطحها او في طبقات الجو العليا.
أنواع
التلوث
تم
التركيز في الأعوام الأخيرة علي الأقسام الرئيسة الآتية من أشكال التلوث وآثاره
الضارة العاجلة منها والآجلة:
1. تلوث الهواء
2. تلوث الماء
3. تلوث التربة
4. النفايات الصلبة المشعة او السامة وخاصة ما كان منها سريع التسامي او
القادر علي التحول بسهولة الي الحالة الغازية في درجات الحرارة العادية وتحت الضغط
الجوي المعتاد.
5. قواتل الحشرات
6. الاغذية المعلبة وتكنولوجيا التعليب
7. المواد المشعة المختلفة المستخدمة في الابحاث العلمية والطب والزراعة
والصناعة بل حتي تلك المستعملة في تأشير الطرق والشوارع الرئيسة سواء في داخل
المدن او تلك الرابطة للمدن.
8. ابحاث السرطان ومسبباته من المواد الكيميائية.
درجة
الحرارة
تتبع
التفاعلات الكيميائية البيولوجية (وبضمنها تفاعلات التمثيل الحيوي) القاعدة العامة
التي تقرر ان تزداد سرعة التفاعلات الكيميائية بزيادة درجة الحرارة. ومعلوم أن
الفعاليات البيولوجية الدقيقة تحتاج الي الماء السائل، وهذا بالضبط يحدد إمكانياتها
التفاعلية ضمن درجات حرارة تتراوح بين درجتين تحت الصفر (في الماء شديد الملوحة اذ
انه لا يتجمد في درجة الصفر المئوي) وحوالي المائة مئوية. هذا فضلا عن ان اغلب الأحياء
المجهرية الدقيقة لا تتحمل أنزيماتها الأساسية درجة الخمسين مئوية اذ انها تفقد في
هذه الدرجة خصائصها الأساسية بل وحتى طبيعتها الأنزيمية.
تركيز
ايون الهايدروجين
تتعطل
فعاليات معظم الاحياء المجهرية الدقيقة في الاوساط شديدة الحموضة او شديدة
القاعدية. وان افضل تركيز لايون الهايدروجين بلغة PH هو
ذاك الذي يتراوح بين 4 ــ 9. ولعل من الطريف ان نعلم ان افضل قيمة بالنسبة
للبكتريا هو الرقم 7، اي الوسط المتعادل او القريب جدا من التعامل. اما الخمائر
والفطريات فانها تتكاثر في الاوساط الحامضية.
كذلك
يؤثر تركيز ايون الهايدروجين علي نواتج الاضمحلال البايولوجي اذ ان نسب الظروف
لتكون السكريات المتعددة هي قيم PH الواطئة،
اي الظروف الحامضية.
هنالك
تأثير غير مباشر لقيم PH علي عمليات
الاضمحلال البايولوجي، اذ انها تؤثر علي سياق التحولات البيولوجية كالتفكك بالماء
وعمليات الاكسدة الكيميائية والتفكك الكيميائي. ففي بعض الحالات تكون نواتج مثل
هذه التفاعلات الكيميائية قابلة للتحول بدرجات متفاوتة ومغايرة لسياق ونمط تحول
المركب الاصل.
الماء
وملوحته
لا
تستطيع الاحياء المجهرية الدقيقة ان تقوم بافعالها الحيوية الا بوجود الماء
السائل. كما ان هذا الماء يتغير في خواصه تبعا لما فيه من مواد صلبة ذائبة او غازات
او مواد اخري عالقة.
تعتبر
ملوحة الماء واحدة من ابرز العوامل المؤثرة في طبيعته وخصائصه. ففي مياه البحار
عادة 33 ميلليغراماً من الاملاح الذائبة في الليتر الواحد. وان اغلب هذه المواد
المذابة في ماء البحر هي ايونات الصوديوم والكلور مع كميات غير قليلة من المغنيسيوم
والكالسيوم والبوتاسيوم وايون الكبريتات. وجود هذه الايونات في ماء البحر يجعل
مقدار قاعدية هذا الماء ثابتا تقريبا وبحـــدود 8 ــ 3.8 بمعيار الأس الهايدروجيني
PH.
يتغير
مقدار الملوحة في المحيطات افقيا وعموديا خاصة بالقرب من مصبات الانهار عذبة
المياه. وليس واضحا تماما الان كيف ان سرعة تفكك المواد العضوية في ماء البحر هي
ابطأ بكثير منها في بعض المياه الاخري (كبعض المياه الجوفية المرة والمالحة وماء
اغلب البحيرات المالحة) التي لها نفس قيمة الأس الهايدروجيني. وبهذا الصدد يري بعض
الباحثين ان بطء تحول المركبات العضوية في مياه البحار معزو الي قدرة هذه المياه
علي تعطيل فعالية البكتريا ذات المنشأ غير البحري اصلا، والتي جاءت الي البحر من
الاراضي المجاورة له بفعل تأثير الامطار الجارفة. لقد فسر بعض الباحثين هذه
الظاهرة بقلة ومحدودية الغذاء المتوفر او اللازم توفره للبكتريا، وخاصة
النايتروجين في الوسط البحري. لقد تم اثبات ذلك في دراسة خاصة بحثت تأثير البكتريا
علي معدلات التحول البايولوجي للعديد من المركبات العضوية في الماء العادي وفي
عينات من ماء البحر مع توفير غذاء كاف للبكتريا وتحت ظروف متشابهة. لقد بينت هذه
الدراسة ان الفوارق جد قليلة.
الاضمحلال
البايولوجي Biodegradation للمركبات
العضوية في اعماق البحار وعلي قيعانها الرملية العميقة مغاير لذلك الذي يحصل علي
سطوحها او قريبا من هذه السطوح. وهو امر متوقع حتي بالنسبة للبحيرات العميقة. ان
اعماق البحيرات والبحار والمحيطات ليست وسطا صالحا لفعاليات البكتريا، والسبب هو
ضعف او انعدام الضوء الشمسي اصلا في هذه الاعماق السحيقة.
الغذاء
والفيتامينات وآثار المعادن
لا
تستطيع بعض الاحياء الدقيقة تركيب كميات كافية من المركبات العضوية كالاحماض
الامينية والفيتامينات و Purines و Pyrimidines الضرورية
لنمو هذه الاحياء التي تستهلك النايتروجين. ان كيمات قليلة جدا (آثار
Traces ) من المعادن لا
شك ضرورية لنمو الاحياء الدقيقة والمايكروبات. لكنها تحتاج الي تراكيز عالية من
عنصر الفسفور والكبريت والمغنيسيوم بدرجة اقل. فاذا نقص في الوسط البيئي تركيز
واحد من هذه العناصر او اكثر أدي ذلك الي اضعاف وتأثر الاضمحلال البايولوجي
للمركبات العضوية للفسفور والنايتروجين تأثير شديد علي فاعلية الاحياء الدقيقة في
ماء البحر. لكن تأثير هذين العنصرين اقل في التربة الخصبة اصلا او المخصبة
بالاسمدة الكيميائية او الحيوانية.
غاز الأوكسجين
المذاب
قد
يكون الاضمحلال البايولوجي Biodegradation هوائيا او غير هوائي الطبيعة. بمعني انه يمكن أن يجري بوجود او عدم
وجود غاز الاوكسجين الجزيئي كعامل مؤكسد. كلا هذين النمطين من العمليات ضروري في
الطبيعة، ويجب ان يؤخذا بعين الاعتبار في عمليات تقويم مقدار الاضمحلال البايولوجي
للمواد الكيميائية.
تتضمن
عملية التأكسد الهوائي اندماج احدي ذرتي جزيئة الاوكسجين مع الوسيط العضوي المغذي
للاحياء الدقيقة، وباتحاد ذرة الاوكسجين الثانية مع الهايدروجين يتكون الماء. تشمل
التحولات البايولوجية غير الهوائية عمليات التخمر والتركيب الضوئي البكتيري (او
البكتريالي.. افضل) والتنفس غير الهوائي حيث تستهلك غازات اخري غير غاز الاوكسجين.
تركيب
الأحياء المجهرية
يتفاوت
تركيب عينات من الأحياء المجهرية الدقيقة من بيئة مكانية الي اخري. بل ويتفاوت هذا
التركيب بتفاوت زمن أخذ هذه العينات من البيئة المكانية الواحدة. يتأثر تركيب
النوع الواحد وكميته بجملة عوامل منها قيمة الاس الهايدروجيني
PH والرطوبة والجفاف وكمية غاز الاوكسجين
المذاب، ثم كمية الغذاء المتوفر والتنافس بين الانواع المختلفة. لكن ورغم كل هذه
المعطيات فان معدل ومدي اضمحلال اي مركب عضوي يستجيب لهذا الاضمحلال البايولوجي
تكاد تكون ثابتة بصرف النظر عن مصدر ونوع الاحياء المجهرية الدقيقة (كالبكتريا
التي اضيفت الي هذه المركبات العضوية من بيئات مختلفة) شرط توفر تجهيز غذائي كاف
واوكسجين بالاضافة الي التحكم في بقية المتغيرات. ان احد اكثر الاسباب شهرة فيما
يخص ديمومة وجود بعض انواع البكتريا الفعال في وسط بيئي معين يكمن في تكون مركب
كيميائي جديد محدد يتحرر في هذا الوسط. وان هذا النوع من البكتريا قادر علي تمثيل
هذا المركب الجديد. اي ان المواد العضوية المعينة والمتاحة في وسط ما تكون سببا في
تكون تراكيز نوع معين من البكتريا التي تعتاش بدورها عليه. فالمسألة برمتها هي
عملية تعايش وتكيف لظروف هذا التعايش. فلقد وجد بالتجربة انه حيثما وجدت مركبات
هايدروكاربونية وجدت معها تجمعات عالية التركيز من بكتريا التعفن القادرة علي
تمثيل هذه المركبات.
التأقلم
والتكيف
لا
يعتبر التأقلم ــ اي التكيف للبيئة ــ واحدا من عوامل البيئة المتغيرة، لكنه يعتبر
عاملا مهما في سياق عملية الاضمحلال البايولوجي للكثير من الجزيئات العضوية سيما
المركبات الكيميائية التي يطرحها الانسان في وسطه البيئي الحياتي. كما ان المركبات
الكيميائية التي يصنعها الانسان يمكنها التحول بايولوجياً اذا ما كانت المايكروبات
القادرة علي اداء مثل هذا التحول تستطيع الافادة من جهازها الانزيمي الخاص الذي
اكتسبته في سياق عملية تطورها. يعتمد النشاط الانزيمي في المركبات الكيميائية
الصناعية علي عاملين هما:
1. قدرة التجمعات المايكروبية علي قبول هذا الوسط الجديد والتعايش معه
كوسط غذائي شرط ان يكون تركيبه الكيميائي مشابها (ليس بالضرورة مطابقا) لتركيب
مركبات موجودة اصلا في الطبيعة قد تحولت واضمحلت بواسطة مثل هذه المايكروبات
بعينها.
2. قابلية هذه المركبات الجديدة علي استحداث وتخليق انزيمات جديدة في
الميكروب قادرة علي تحويل هذه المركبات. وهذه بالضبط هي ما يسمي بعملية التأقلم او
التكيف.
الكيميائيات
ومرض السرطان
مع
تقدم الابحاث العلمية وتزايد وتائر الاصابة بشتي انواع مرض السرطان يجري الكشف عن
انواع جديدة من المركبات الكيميائية المسببة لهذا المرض والتي هي قيد التداول
الفعلي اليومي كدواء او غذاء، او بشكل مطهرات ومعفرات ومعقمات تستخدم في المنازل
والمستشفيات او الحقول والمزارع او في سايلوات تخزين الحبوب وسواها. فلقد استخدمت
مادة د.د.تي DDT علي سبيل المثال
وما زالت تستخدم علي نطاق واسع في بعض بلدان العالم الثالث كبخار قاتل للبعوض وبعض
انواع الحشرات الضارة، علي الرغم من انها كانت من بين اولي الكيميائيات التي جري
التنبيه الي خطورة استعمالها وتداولها. وقد صدرت لوائح قانونية تحرم هذا الاستعمال
الواسع النطاق وتدعو الي اتلاف المتوفر منه. وقد وضعت بعض الدول مادة السكرين في
قوائم المستحضرات الممنوعة. اما الضجة العالية التي قامت ولم تزل حول علاقة
التدخين بسرطاني الشفة والرئة فلقد بين بعض الباحثين ان عنصر البولونيوم الموجود
في بعض انواع التبوغ هو المسبب الرئيس لهذين النوعين من السرطان وليس مادة
النيكوتين. فهذا العنصر الذي اكتشفته العالمة البولونية (مدام كوري) يشع دقائق
الفا Alpha وهي
نوي ذرات الهيليوم، واليها يعزي سبب الاصابة بسرطاني الشفة والرئة. يجب ألا يريح
هذا الكشف الجديد جمهور المدخنين من حيث ان عنصر البولونيوم المشع غير متوفر في
كافة انواع التبوغ. فهذا هو اول اكتشاف في هذا المضمار، فقد يأتي العلم بكشوفات
جديدة اخري تبرهن علي وجود عناصر اخري ربما تكون اكثر خطورة من عنصر البولونيوم.
فقشرة الارض تحتوي علي نسب متفاوتة من عناصر مشعة اخري اهمها اليورانيوم والراديوم
الموجودة في كل بيت تقريبا: في اسمنت الخرسانة المسلحة لسقوف الدور والعمارات
الشاهقة وفي طابوق جدرانها وارضياتها.
فزاعة
سرطانية جديدة
طلعت
علينا بعض اخبار الولايات المتحدة الامريكية ان مادة اخري قد اضيفت لقائمة
المحظورات وهي ثنائي بروميد الاثيلين التي تستخدم علي نطاق واسع كمبيد للحشرات
وذباب الفاكهة وخاصة الحمضيات والموالح. وكذلك تضاف الي ماء سقي الاراضي للقضاء
علي ديدان جذور بعض اشجار الفاكهة. كما ان بخار هذا المركب يستخدم لتعفير حبوب
القمح والذرة لدي تخزينها وقاية لها من خطر الحشرات والاوبئة. لقد نبهت وزارة
الصحة الامريكية الي خطر مركب ثنائي بروم الاثيلين حتي ان مسؤولي ولاية فلوريدا قد
حرموا فعلا بيع سبعة وسبعين منتوجا كانت معروفة علي ارفف الاسواق. كما جري في
ولاية كالفورنيا رفع الفطائر الجاهزة وطحين الكيك وبعض انواع الخبز من المخازن
والاسواق. وقد اصدر رئيس وكالة حماية البيئة الامريكية امرا فوريا بايقاف استعمال
ثنائي بروم الاثيلين كمبيد للحشرات ومعفر للحبوب في الولايات المتحدة الامريكية.
عناصر
ومركبات اخري وسرطان الرئة
لقد
وجد ان من المركبات الكيميائية ما يفعل فعل الاشعاع بالضبط من تأثيرات كبيرة الضرر
علي اعضاء وخلايا جسم الانسان، كمنع انقسام الخلايا الحية وتكسير سلسلة
الكروموزومات وإحداث الطفرات وقتل كريات الدم البيضاء ثم الاصابة بمرض
الســــــرطان. ومواد كهذه تسمي الشبيهة بالاشعاع Radiomimetic Substances واكثرها شهرة تلك المركبات الموجودة في دخان التبوغ من بيروكسيدات
عضوية كأوكسيد الاثيلين Ethylene Dioxide وداي ايمين الاثيلين Ethylene Diimine وغاز الخردل والامينات الاليفاتية ثنائية الكلور Mustard Gas and Aliphatic Dichloro Amines .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire