أعلان الهيدر

حب الوطن


 
حب الوطن
حب الوطن
الوطنية ، فهي المشاعر والروابط الفطرية - والتي تنمو بالاكتساب - لتشد الإنسان إلى الوطن الذي استوطنه وعاش فيه .. والوطن في اللغة - كما جاء في ( لسان العرب ) لابن منظور – هو : " المنزل الذي يمثل موطن الإنسان ومحله .. ووَطَنَ بالمكان ، وأوطن : أقام ، متخذاً إياه محلاً وسكناً يقيم فيه .. " ولا يغير من علاقة الوطنية التي تربط الإنسان بوطنه ، إقامته - الاختيارية أو القسرية - في مواطن أخرى غير وطنه الأصلي .. وقديماً قال الشاعر ابن برّى
كيمـا ترى أهل العراق أنني *** أوطنت أرضاً لم تكن من وطن
وإذا كان الانتماء الأول والأكبر والأساسي ، بالنسبة للمسلم هو إلى الإسلام وأمته ، وإلى دار الإسلام وحضارته فإن تخيير المسلم بين الانتماء للإسلام وبين هذه الدوائر الأخرى للانتماء لا يكون إلا في حالات قيام التعارض أو التناقض والتضاد بين الانتماء إلى الإسلام - كانتماء جامع وأول - وبين الانتماءات الأخرى - كدوائر فرعية - أما إذا اتسقت دوائر الانتماء في فكرية الإنسان ، وتكاملت في ممارساته الحياتية فلن يكون هناك تناقض في الفكر والعمل الإسلاميين بين كل دوائر الانتماء الفطري للإنسان
بل إن الأمر في علاقة الانتماء الإسلامي الوطني ليتعدى حدود " نفي التناقض " إلى دائرة " الامتزاج والارتباط
فلأن الإسلام منهاج شامل لمملكة السماء وعالم الغيب وللعمران البشري ، فإن إقامته كدين لا تتأتى إلا في واقع ووطن ومكان وجغرافيا .. وهذا الواقع والوطن والمكان والجغرافيا لن يكون إسلامياً إلا إذا أصبح الانتماء الوطني فيه بعداً من أبعاد الانتماء الإسلامي العام .. فعبقرية المكان ، في المحيط الإسلامي ، هي واحدة من تجليات الإسلام الذي لا تكتمل إقامته بغير الوطن والمكان والجغرافيا ! .. ومن هنا تأتي ضرورة الوطن لإقامة " دنيا الإسلام " وعمرانه ، وضرورة الدين ، ليكون الوطن إسلاميّا وتتحقق إسلامية عمرانه ، أي ضرورة أن يكون الانتماء الوطني – الوطنية - درجة من درجات سلم انتماء المسلم إلى الإسلام ، كجامع أكبر وأول لأبعاد ودوائر الانتماء ؛ والإمام حسن البنا يرحمه الله الذي تحدث عن الوطنية ومكانتها في فكر اليقظة الإسلامية قال : " إن الإخوان المسلمين يحبون وطنهم ، ويحرصون على وحدته ، ولا يجدون غضاضة على أي إنسان أن يخلص لبلده ، وأن يفنى في سبيل قومه ، وأن يتمنى لوطنه كل مجد وفخار .. وأن يقدم في ذلك الأقرب فالأقرب رحماً وجواراً .. إننا مع دعاة الوطنية ، بل مع غلاتهم في كل معانيها الصالحة التي تعود بالخير على البلاد والعباد .. فالوطنية لم تخرج عن أنها جزء من تعاليم الإسلام ، أما وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة ، وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.