أعلان الهيدر

مهارة العنكبوت


 
مهارة العنكبوت
مهارة العنكبوت
تفوقت أرجلها على أنامل النساء، ومغازلها على مصانع النسيج والدواء، وحيلها على أهل المكر والدهاء، وخططها على أهل الخبرة والذكاء. تعيش في مختلف بقاع العالم باستثناء القطب الشمالي، ويوجد منها أكثر من 30 ألف نوع، يضرب بها المثل في الجد والاجتهاد والمهارة والإتقان فيقولون “أغزل من عنكبوت”، ويضرب بها المثل في الضعف وقلة الحيلة فيقولون: “أوهى من بيت العنكبوت”. تنتمي العناكب إلى فصيلة المفصليات أو العنكبوتيات، يتكون جسمها من قسمين الأول يشمل الرأس والصدر معا، والآخر يشمل البطن ويفصل بينهما خصر نحيل. في أعلى مقدمة المنطقة الأمامية 4 أزواج من العيون، ولها 4 أزواج من الأرجل، وزوج إضافي للاستشعار وثلاثة أزواج من المغازل.
ومعظم العناكب يتنفس الهواء بالرئتين، وقليل منها يتنفس الأوكسجين المذاب في الماء بواسطة الخياشيم كالأسماك، بعضها صغير الحجم لا يرى بالعين المجردة، وبعضها يصل طوله إلى 9 سنتيمترات وهي من آكلات اللحوم، وبعضها يصيب النباتات ويسبب أضرارا جسيمة بالمحاصيل والثمار ومنها العنكبوت الأحمر وهو من آفات القطن والطماطم، ومنها أنواع تصيب أشجار الفاكهة مثل العنب والمانجو والموالح.
أجهزة رادار
تبدو عيون العناكب كأنها أجهزة رادار تتجول في جميع الاتجاهات وترصد ما يجري في سائر الجهات، وقليل منها كفيف البصر يستخدم الحواس الأخرى في تلمس خطاه والوصول إلى مرماه.
تتغذى العناكب على الحشرات بالدرجة الأولى وتفتك بعدد كبير منها، وتحافظ على التوازن بين الكائنات، ذكورها أصغر حجما من إناثها، وفي أحوال كثيرة تقتل الإناث الذكور بعد انتهاء عملية التلقيح ثم تلتهمها وتحولها إلى طعام للصغار.
تبني العناكب منازلها في كل مكان، داخل المنازل وخارجها، في الحجرات والمطابخ والحمامات وسائر الزوايا والجدران. وتقوم الإناث بعملية الغزل والبناء وهي التي تضع البيض وترعاه وتطعم الصغار بسوائل خاصة تفرزها من أجسامها.
وفي مؤخرة العناكب تقع المغازل ومراكز تكوين الحرير الخام وتصنع منه الخيوط بمختلف أنواعها وتخرج على هيئة سائل لزج يجف فور تعرضه للهواء، وتصنع من هذه الخيوط المنازل والشباك وأكياس البيض وبطانة المخادع ومصائد الحشرات، كما تستخدمها كوسيلة مواصلات تتحرك عليها، وفي بعض الأحوال تحيط أجسامها بكرات حريرية تطير بها مع الرياح وتسافر بها لمسافات طويلة.
تضع أنثى العنكبوت عدة أنواع من الخيوط بالشكل الذي يتناسب مع الدور المطلوب، فمنها الخيط السميك الذي يستخدم في صناعة أعمدة البيت، ومنها الخيط الدقيق المرن الذي يستخدم في صنع الشباك، كما تفرز أنواعا أخرى تستخدم في حفظ البيض، وتبطين أماكن وضعه وحجرات البيت العجيب، بل إنها تصنع خيوطا تناسب كل فريسة سواء كانت زاحفة أم طائرة أم صغيرة أم كبيرة.
ويحتاج إنتاج كيلوجرام واحد من الحرير لأكثر من مليون ونصف المليون من العناكب طوال حياتها.
ويتصل فم العنكبوت ببلعوم يليه المريء ثم المعدة، والجهاز الهضمي عندها أشبه ما يكون بمضخة ماصة تسحب السوائل من الضحايا وتهضمها كسائر المخلوقات بواسطة الإنزيمات وتمتصها من خلال القناة الهضمية.
مهارة وذكاء
ومن أقوى حواس العناكب اللمس، ففي جسمها شعيرات كثيرة تتصل كل واحدة بعصب يتصل بالجهاز العصبي المركزي، وهى تشعر أثناء وجودها في أي مكان في منزلها بأي حركة ولو ضئيلة تنطلق إليها في مهارة لاعبي السيرك.
وقد استخدمت العناكب كحيوانات تجارب مثل الفئران وغيرها واستجاب جهازها العصبي للعقاقير تماما كأجسام الإنسان.
إذا أراد العنكبوت أن يهبط من السقف إلى الأرض صنع خيطا خاصاً لهذه المهمة وتدلى به في مهارة البهلوان ورشاقة لاعبات الباليه، وإذا أراد العودة صعد على الخيط نفسه مرة أخرى ويكرر المنهج ذاته إذا أراد الانتقال من فرع إلى فرع فوق الأشجار.
وكما برع العنكبوت في الغزل والهندسة برع أيضا في فنون الحيلة والدهاء، إذ يستطيع أن يوقع عدوه في شر أعماله، ومنها الدبور الذي يظن أنه اقترب منه صدفة ليكتشف الحقيقة المؤلمة بعد أن وقع في خيوط شباكه، ويملك هذا الكائن الغريب قدرة هائلة على البناء فهو يعيد بناء بيته إذا تعرض للتدمير أو هوت به الريح إلى مكان سحيق.
ومن خلال سور القرآن الكريم وآياته البينات يضرب الله الأمثال للناس لتوضيح المعاني والأفكار، وشرح دلائل حكمته وقدرته، يقول الحق تبارك وتعالى :
{{ ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم }} (النور: 35)
{{ ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا }} (الكهف: 54).
وفي سورة (العنكبوت) يوضح سبحانه وتعالى أنه وحده ولي الصالحين ورب الناس أجمعين، ومن يبحث عن ولي سواه يخسر آخرته ودنياه ويبدو كمن يبني لنفسه بيتا ضعيف البنيان، مهلهل الأركان، لا يوفر أمنا ولا حماية ولا طمأنينة :
{{ مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون }} : (العنكبوت: 41).
يقول الدميري في كتاب “الحيوان”: يطلق على ذكر العنكبوت (أبو قشعم) وعلى أنثاه (أم قشعم) وهو يعيش على صيد الحشرات وأشهرها الذباب.
ويروى عن أفلاطون قوله: إن أحرص الأشياء الذباب وأقنع الأشياء العنكبوت.
وقد جعل الله رزق أقنع الأشياء من أحرص الأشياء، ويقول الجاحظ إن العنكبوت يولد كاسيا كاسبا، أي انه يولد في فراش من حرير، كما انه يبدأ رحلة البحث والرزق والعمل فور خروجه إلى الحياة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.