أعلان الهيدر

الأسوة الحسنة في الرسول


الأسوة الحسنة في الرسول
الأسوة الحسنة في الرسول
قد يسأل سائل: فما قولك في قوله تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا} الأحزاب 21. 
أليس الله يجعل من رسوله أسوة حسنة للمؤمنين؟ أقول: ونحن أيضاً نجعل الرسول أسوة لنا.. ولكن بماذا؟ أي ما هو المجال الحيوي والحقل الذي رسم لنا تعالى فيه أن نتأسّى بالرسول؟
لقد أقام سبحانه العقيدة الإسلامية على أساس هو التوحيد. فالتوحيد هو العمود الفقري للإسلام بعد الإيمان بالله واليوم الآخر. وهو الوصية الأولى من وصايا الفرقان. وهو الذي جاء لنوح واستمر مع كل الرسل والأنبياء إلى أن خُتمَ بالنبي العربي (ص). ونحن نجد أن الأسوة الحسنة وردت في التنزيل الحكيم في ثلاثة مواضع:
أ – {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} الممتحنة 4.
ب – {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} الممتحنة 5،6.
ت – {يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا * وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} الأحزاب 20-22.
والمتأمل في الآيات، يرى بوضوح لا يقبل اللبس أنه تعالى يجعل من إبراهيم وقومه أسوة لنا في موضوع بعينه هو التوحيد والتبرؤ من المشركين. ثم يرى أنه سبحانه يجعل من رسول الله أسوة لنا في الموضوع ذاته، والقاسم المشترك الحرفي في آيتي الممتحنة والأحزاب هو قوله تعالى {لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}.
فإذا كانت الأسوة الحسنة برسول الله في آية الأحزاب هي ما يسمى بالسنة وكتب الحديث، فأين هو البخاري ومسلم عند إبراهيم لنتأسَّى به؟
ثمة وجه شبه واضح بين إبراهيم والرسول العربي (ص) ومن آمن بهما من جهة، وبين قومهما من جهة أخرى. فسبب تبرؤ إبراهيم ومن معه من قومهم كان شرك القوم بالله وعبادة الأصنام، وسبب العداوة والبغضاء بين الرسول (ص) وقومه كان شرك القوم بالله وعبادة الأصنام.
ومن هنا فالله سبحانه يرسم الأسوة الحسنة لكل من كان يرجو الله واليوم الآخر، أن يحذو حذو إبراهيم ومن معه، وحذو الرسول والمؤمنين في التبرؤ من المشركين ومعاداتهم وقتالهم انتصاراً للتوحيد. أي يحق للإنسان أن يعادي أهله وقومه من أجل التوحيد فقط، لا من أجل حجاب شرعي أو لحية أو لباس.
أما سحب الأسوة الحسنة وإسقاطها على اللحية والشارب واللباس والطعام والشراب، فهو عندنا ليس بشيء. إذ ليس من المعقول أن توقع هذه الأمور العداوة والبغضاء بين الناس، وتدفع بالبعض إلى التبرؤ من البعض الآخر وقتاله. وهذا يذكرنا بمسألة ما يسمى اليوم بالصحوة الإسلامية، التي إن لم تشمل تنقية التوحيد والمثل العليا وترسيخ مقولة {لا إكراه في الدين}، وإن اقتصرت على طبع المزيد من كتب نواقض الوضوء ومفسدات الصوم ومبطلات الصلاة وكتب الكبائر وعذاب القبر ومعاداة المجتمع من أجل ذلك، فلا هي بالصحوة، ولا هي بالإسلامية.
ونحن نرى أن عقيدة التوحيد تشوبها اليوم الشوائب. بعد أن تم تعميم مفهوم الأسوة الحسنة بالرسول، وصرفه عن مقصده الإلهي الأصلي، فصار أسوة بالنبي، وأسوة بالرجل الإنسان، وصارت الأحاديث النبوية تشريعاً أبدياً، وأصبحت أخبار الصحابة وأقوالهم وأفعالهم بحجة أنهم عدول، أساساً لقياس أبدي، ثم تحولت أصول الفقه التي أرساها الناس في عصرهم ولعصرهم، إلى أصول وأسس لكل العصور والدهور.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.