الأقصوصة
هي لون أدبي يصور جانبا من الحياة كالحدث
أو الشخصية ، وقد لا يعنى فيها كاتبها بالتفاصيل ، ولا يلتزم ببداية ونهاية ... وقد
تدور حول مشهد او حالة نفسية أو لمحة محددة ، ويمكن – لقصرها – أن تقرأ في جلسة واحدة
خلال فترة قصي
أسس بناء الأقصوصة
1-وحدة الحدث : ويقصد بها ، أن يسأل قارئ
الأقصوصة نفسه سؤالا واحدا ، ويجيب إجابة وافية بأقل عدد من الكلمات ( ماذا فهمت مما
قرأت ؟) وهذا يستلزم وحدة أخرى وهي وحدة الفكرة التي بنى عليه الكاتب أقصوصته . وكما
قال أحد النقاد ( إن القصة القصيرة مثل الرصاصة تنطلق نحو هدفها مباشرة
)
2-التركيز والتكثيف :بناء عليه فلا مجال
للاستطرادات في الأقصوصة ، ونقصد بالاستطرادات الأحداث الجانبية ، مع العلم بأن هذه
الأحداث لابد حال توفرها في الأقصوصة أن تخدم الحدث الأول فيها ، ذلك أن قوة الحدث
الرئيس لها من القوة ما يجعلها تمسك بكل خيوط القصة ، وحتى نكون أكثر دقة سنستبدل
( ظلال الحدث ) ، بمصطلح الأحداث الجانبية ، هروبا من إشكالية تصور الاتساع في الأقصوصة
.
3-التشويق : أبرز ما يساعد على توفر عنصر
التكثيف والتركيز في الأقصوصة ، أن يعمد الكاتب إلى التشويق , فكل شيء في الأقصوصة
ملتهب وسريع : اللغة ، العاطفة ، الفكرة ، ويبدأ التشويق منذ الجملة الأولى التي بالضرورة
أن تنقل القارئ سريعا إلى جو الأقصوصة وشعور الكاتب خلال إنشائها ، ويستمر التشويق
حتى الجملة الختامية والتي تترك في القارئ شعورا مبهما ، بأساليب متعددة ، نحو ترك
إجابات أسئلة أثارتها الأقصوصة ليجيب عليها القارئ ، أو أن تجعل القارئ يطرح هو أسئلة
عن أفكار جديدة تراسلت على وعيه .. وأهم أدوات التشويق في الأدب عامة – بصرف النظر
عن نوع الفن الأدبي – هو اللغة ...
4- اللغة : في الأقصوصة أشبه بالألغاز والرموز
الخفية التي تسمح لذهن القارئ أن يرسم ما خفي بين سطورها ، هذا المقصود بوصف لغة الأقصوصة
بأنها ( لغة موحية ) ، فهي تعتمد على إلهاب وإلهام مشاعر وعقل القارئ على حد سواء ،
وهنا تأتي قمة المتعة لقارئ الأقصوصة وهي يرى نفسه يساعد الكاتب في استكمال عرضه ،
وليس معنى ذلك أن نعمد إلى الغموض الملبس ، فتخرج الأقصوصة وكأنها طلاسم لاغائية ترهق
الذهن وتسبب الملل .....
ولكن اللغة تكون موحية من عدة طرق : منها
أن يبتعد الكاتب عن التعليل والتفسير لما ساقه من أحداث ، ومنها أن يعنى الكاتب في
اختيار كلماته لتكون أقرب إلى لغة الشعر ، فنحن في الشعر نقف عند كل كلمة لنرى ما تحتها
من صور وخيال ، ومنها أن يجعل اللغة ترسم الجو العام للأقصوصة ، فمثلا قد يورد الكاتب
كلمة مثل ( الفجر ، هزيع الليل ) ويترك للقارئ أن يستحضر ظلال هذا اللفظ : الهدوء ،
السكينة ، انتظار الميلاد ، بوادر الحرية الجديدة ، الوحدة ، افتقاد الأنس ، المناجاة،
...
دون أن يعمد الكاتب إلى تفصيل معنى محدد
. هذا الشكل من اللغة يساعد الكاتب في أن يوفر جهده لرسم نمو الحدث الأساس بعيدا عن
إرهاق التفصيل اللغوي.
5-الرمز أو الرمزية
:
والرمز يحتاج إلى تناول مفصل ، ذلك أن
استخدامه يتوقف على حرية اختيار القاص ، فهناك كاتب يصور لنا حالة حقيقية وهذا وحده
مقصده ، وهناك كاتب آخر يعمد إلى أحداث قريبة ليصل إلى أفكار أعمق
.
فمثلا قد يصف لنا الكاتب لحظة الذروة
في شارع عربي ما : فيصف حرارة الشمس ، إشارة المرور الحمراء ، ازدحام السيارات ، توتر
الأعصاب ، تعطيل الأعمال بفعل الفوضى ، أحلام اليقظة أو خطط المستقبل التي نرسمها خلال
هذا الانتظار ...
يجعل ذلك كله رمزا لعنق الزحاجة التي
يعيشها المجتمع، فالكل يحاول الخروج منها حالما بالحرية والحياة الكريمة ، ومع ذلك
تظل كل هذه الأماني مرهونة بموافقة السلطات العليا ، وهي هنا إشارة المرور ، فهي وحدها
التي تسمح للمجتمع أن يسير ويتابع الحياة !!!
والرمز يظل ولاّدا للعمل الأدبي فهو كالطيف
الذي تتعدد ألوانه ، وهذا يحقق للنص الأدبي ما يعرف بتعدد القراءات أو تعدد التناولات
للعمل الأدبي مما يكتب له خلودا أكبر في وعي القارئ والناقد والمجتمع المستقبل على
حد سواء
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire