خلاصة قصة الإسراء والمعراج
كانلرسول – عليه الصلاة
والسلام – مضطجعا فأتاه جبريل فأخرجه من المسجد ،
فأركبه البراق ، فأتي بيت المقدس هناك ، واجتمع بالأنبياء – صلوات الله وسلامه
عليهم – وصلى بهم إماما ، ثم عرج به إلى السموات ، فاستفتحها جبريل واحدة فواحدة ،
فرأي محمد للرسول – عليه الصلاة
والسلام – من آيات ربه الكبرى ما رأى
وهكذا صعد في سماء بعد سماء ، إلى سدرة المنتهي ، فغشيها من أمر
الله ما غشيها ، فرأي للرسول – عليه الصلاة
والسلام – مظهر الجمال الأزلي ، ثم زج به في
النور ، فأوحي الله إليه ما أوحى ، وكلفه هو أمته بالصلاة في ذلك المكان المقدس ،
فكانت الصلاة هي العبادة الوحيدة التي أوحاها الله بنفسه بلا واسطة .
تلك خلاصة خالصة . أما وشيها وطرازها ، فباب عجيب من الرموز
الفلسفية العميقة ، التي لا يقف عليها إلا كل من صفت نفسه ، وزكت روحه .
أورد ابن كثير تلخيصا دقيقا لما أفادته آيات الكتاب العزيز ،
وأحاديث النبي الكريم بعيدا عن الأقوال المختلفة ، والأراء
المتعددة ، فقال :
والحق أنه عليه الصلاة والسلام ، أسري به يقظة لا مناما من مكة
إلى بيت المقدس راكبا البراق ، فلما انتهي إلى باب المسجد ربط الدابة عند الباب
ودخله ، فصلي في قبلته تحية المسجد ركتين ، ثم أتي بالمعراج ، وهو كالسلم ذو درج ،
يرقي فيها ، فصعد فيه إلى السماء الدنيا ، ثم إلى بقية السموات السبع ، فتلقاه من
كل سماء مقربوها ، وسلم على الأنبياء الذين في السموات بحسب منازلهم ودرجاتهم ،
حتى انتهي إلى مستوي يسمع فيه صريف الأقلام ، أي : أقلام القدر بما هو كائن .
ورأي سدرة المنتهي ،وغشيها من أمر الله تعالي عظمة عظيمة من
فراش من ذهب وألوان متعددة ، وغشيتها الملائكة .
ورأي هناك جبريل على صورته وله ستمائة جناح ، ورأي رفرفا أخضر
قد سد الأفق .
ورأي البيت المعمور ، وإبراهيم الخليل باني الكعبة الأرضية مسند
ظهره إليه ، والكعبة السماوية ، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ، يتعبدون
فيه ثم لا يعودون إلى يوم القيامة ، ورأي الجنة والنار ، وفرض الله عليه هنالك
الصلوات خمسين ، ثم خففها إلى خمس ، رحمة منه ولطفا بعباده ، وفي هذا اعتناء عظيم
بشرف الصلاة وعظمتها .
ثم هبط إلى بيت المقدس ، وهبط معه الأنبياء ، فصلى بهم فيه لما
حانت الصلاة . ويحتمل أنها الصبح من يومئذ . ومن الناس من يزعم أنه أمهم في السماء
، والذي تظاهرت به الروايات أنه ببيت المقدس ، ولكن في بعضها أنه كان أول دخوله
إليه . والظاهر أنه بعد رجوعه إليه ، لأنه لما مر بهم في منازلهم جعل يسأل عنهم
جبريل واحدا واحدا ، وهو يخبره بهم ، وهذا هو اللائق ، لأنه كان أولا مطلوبا إلى
الجانب العلوي ، ليفرض عليه وعلى أمته ما يشاء الله تعالي ، ثم لما فرغ من الذي
أريد به ، اجتمع هو وإخوانه من النبيين ثم أظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه في
الإقامة ، كذلك عن إشارة جبريل عليه السلام له في ذلك .
ثم خرج من بيت المقدس ، فركب البراق ، وعاد إلى مكة بغلس ،
والله سبحانه وتعالي أعلم
وأما عرض الآنية عليه من اللبن والعسل ، أو اللبن والخمر ، أو
اللبن والماء ، أو الجميع فقد ورد أنه في بيت المقدس ، وجاء أنه في السماء ،
ويحتمل أنه ههنا وههنا ، لأنه كالضيافة للقادم ، والله أعلم .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire