أعلان الهيدر

تحديد الولادات في تونس


تحديد الولادات في تونس
تحديد الولادات في تونس
نساء تونس هن الأكثر استخداماً لوسائل منع الحمل عربياً وإفريقياً، فنسبة 62,5 في المائة من التونسيات في سن الإنجاب يستعملن وسائل منع الحمل، وهن الأكثر إقبالاً على عمليات الإجهاض في المنطقة بمعدل 35 ألف عملية إجهاض سنوياً.
هذا ما خلصت إليه مؤخراً دراسة قام بها ديوان الأسرة والعمران البشري في تونس، وهي مؤسسة حكومية تشرف على مراقبة النمو الديمغرافي والعائلي في تونس.
احتلال التونسيات هذه المرتبة، طرح عدة تساؤلات تتعلق بالأسباب والعوامل الاجتماعية التي تدفع بهن إلى العزوف عن الإنجاب وما في ذلك من تأثير على تركيبة المجتمع. فهل هي النتيجة الحتمية لأكثر من 60 عاماً من سياسة تحديد النسل التي وضعها الزعيم بورقيبة، أول رئيس لتونس حكم من 1956 إلى 1987. أم أن عوامل الحداثة وارتفاع كلفة المعيشة أثرا في السلوك الإنجابي للتونسيات؟
تونس:تفيد أحدث المعطيات الإحصائية أن المعدل الوطني للخصوبة المتمثل في عدد الأطفال لكل إمرأة في سن الإنجاب بلغ 2,06 بالمائة محققا تطورا نسبيا مقارنة بإحصائيات سنة 2007 حيث كان المؤشر ألتأليفي للخصوبة في حدود 2,03 بالمائة.
اعتبرت مديرة ديوان الأسرة والعمران البشري، خلال إشرافها مؤخرا على حلقة نقاش حول العزوبة لدى الشباب، هذا التطور في معدلات الخصوبة مؤشرا إيجابيا مؤكدة وجود مؤشرات أخرى على نقص طفيف في الإقبال على وسائل منع الحمل في بعض المناطق... فهل تحول اهتمام ديوان الأسرة والعمران البشري اليوم من متابعة برنامج الحد من الولادات إلى التشجيع على الإنجاب ومتابعة تطور مؤشرات النمو الطبيعي للسكان ومعدلات الخصوبة بكثير من الشغف والتفاؤل بإحراز نقاط نمو؟
فترة ديمغرافية «ذهبية»
انطلاقا من تحاليل المختصين والباحثين في الوضع السكاني فإن متابعة تطور مؤشرات النمو يجد اليوم ما يبرره من منطلق أن المرحلة الديمغرافية التي بلغتها تونس اليوم تعد فترة «ذهبية» تحتاج إلى الحفاظ على استقرار مؤشر الخصوبة دون المزيد من التدحرج حفاظا على توازن التركيبة السكانية.
وكمؤشر على التحول في السياسة السكانية نذكر أن المخطط الحادي عشر للتنمية من بين أهدافه المعلنة المحافظة على معدل إجمالي في حدود طفلين لكل إمرأة لتأمين تجدد الأجيال.
مع الإشارة إلى أن المعدل الذي بلغته تونس حاليا في تقلص مؤشر الخصوبة يعد من أضعف المعدلات في الوطن العربي والقارة الإفريقية بأكملها مما يجعل تونس في مرتبة معتدلة مقارنة بالوضع السكاني السائد في أوروبا المتسم بعدم تعويض الأجيال ومقارنة بمناطق أخرى التي مازالت في طور التجدد السريع للأجيال...
انخفاض عدد الولادات
يشير تقرير «السكان في تونس: برنامج تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية لسنة 2008 « أن انخفاض معدل التزايد الطبيعي للسكان الذي كان ملحوظا ومستمرا خلال العقود الأخيرة عرف خلال السنوات الأولى من الألفية الثالثة شبه استقرار بمعدل 1 فاصل 11 بالمائة ويقدر حاليا معدل النمو الطبيعي للسكان ب1 فاصل 19 بالمائة.
و يتطلب الحفاظ على هذا الاستقرار في مؤشرات الخصوبة الحد من الانخفاض السريع لعدد الولادات مقابل تزايد شريحة المسنين.
إذ يبين التقرير ذاته المذكور آنفا أن نسبة الولادات الطبيعية في تونس بقيت حتى أواخر الستينات تقدر ب45 بالمائة ثم عرفت منذ ذلك التاريخ انخفاضا تعمق في بداية التسعينات لتبلغ 17 فاصل 7 بالمائة السنة قبل الفارطة،أي مرتين ونصف أقل مما كانت عليه منذ 40 سنة مضت.
ويضيف التقرير أن التغيير في التركيبة العمرية للسكان ساهم في ظهور المؤشرات الأولى لبوادر التشيخ التي تبرز من خلال ارتفاع مؤشرات التهرم من 12 مسنا (من 60 سنة فما فوق ) لكل 100 شاب دون 15 سنة سنة 1966،إلى 38 مسنا لكل 100 شاب سنة 2006
تونس تواجه خطر الشيخوخة
ورغم أن سياسة التنظيم العائلي المتبعة في تونس كان لها دور وتأثير كبير في مستوى الرفاهية العائلية وفي تحسين الظروف الاقتصادية للعائلة وخروج المرأة للعمل، إلا أن معدل إقبال النساء على وسائل منع الحمل والإجهاض باتت تثير العديد من المخاوف على المدى البعيد.
وبدأ الخبراء يثيرون تخوفات مما أسموه بـ »التهرّم السكاني » في تونس وتراجع نسبة الشباب والأطفال، وهي مشكلة تعاني منها عدد من الدول الأوروبية منذ سنوات. ما جعلها تنزع نحو التشجيع على زيادة النسل والإنجاب حفاظاً على ديمومة مجتمعاتها.
وحسب آخر تعداد سكاني أجري في تونس عام 2014، بلغ عدد التونسيين نحو 10 ملايين و800 ألف نسمة، وتوقفت نسبة النمو الديموغرافي عند 1,03 %، بعد أن كانت عند عتبة 2,48 % في ثمانينيات القرن الماضي.
كما أشار التعداد ذاته إلى تراجع مؤشر الخصوبة في تونس، فبعد أن كان يمثل قرابة 6 % في سبعينيات القرن الماضي، تراجع إلى 4,05 % خلال السنة الحالية، وذلك نتيجة تراجع سن الزواج.
كما تفيد الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة العزوبية النهائية (أي عدم الزواج بالنسبة إلى من تجاوزت أعمارهم الـ 50 سنة) التي ارتفعت من 1,5 % في السبعينيات إلى 9 % حالياً، فضلاً عن ارتفاع نسبة النساء المتعلمات والناشطات التي بلغت 32 %، مما جعل طموحاتهن تتطور ولم تعد مقتصرة على مسائل الزواج وإنجاب الأطفال فقط.
وقد نبّه الباحثون في علوم الديمغرافيا إلى ضرورة المحافظة على المستوى الحالي للنمو الديمغرافي في تونس دون النزول عنه، فهو معدل مهم لتجديد الأجيال مع المحافظة كذلك على معدل الزيادة الطبيعية للسكان الذي يتجاوز 1,1 %.
حيث تشير الإحصائيات إلى أن من تتجاوز أعمارهم الـ 60 عاماً في تونس يبلغ حاليا 11,5 %، وهو ما يثير مخاوف من التهرم السكاني وارتفاع نسبة الشيخوخة.
من ناحية أخرى دعا بعض الخبراء إلى تغيير السياسية الاجتماعية في تونس بإقرار جملة من الإجراءات للتشجع على الإنجاب، كالترفيع في منح الأطفال ودعم رياض الأطفال من ميزانية الدولة أو من جمعيات خاصة وزيادة دعم الدولة للتعليم، فضلاً عن تشجيع الشباب على الزواج بتقديم منح وقروض ميسرة دون فوائد وتوفير مساكن للطلبة المتزوجين كما هو الحال في فرنسا وألمانيا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.