أعلان الهيدر

مهمة العقل


مهمة العقل
مهمة العقل
عرف العقل بأنه نقل الواقع بواسطة الإحساس إلى الدماغ ومعلومات سابقة تفسر هذا الواقع، وقد جاء الإسلام في آيات كثيرة يخاطب العقل وأصحاب العقول وأولي الألباب وأولي النُهى لعلهم يتفكرون أو يعقلون. والإسلام عقيدة عقلية ينبثق عنها نظام إذ العقيدة العقلية هي التي تنبثق عن العقل ويثبت أساسها بالعقل وبالتفكير المستنير الذي يبحث في الأشياء وما حولها وعلاقاتها ببعضها بعمق واستنارة.
وأساس العقيدة الإسلامية هو وجود الله وقد ثبت هذا بالعقل، وأنه خالق أزلي قديم وهذا ثابت بالعقل أيضاً، وأن الناس في حاجة إلى الرسل لتنظيم العلاقة بين الخالق والمخلوق وإثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا يثبت بالعقل أيضاً، ومن هنا كان لا بد أن يؤمن بما جاء عن طريق العقل أو ثبت أصله عن طريق العقل.
هذا بالنسبة إلى العقيدة الإسلامية، وأمّا ما ينبثق عنها من أحكام فإن للعقل فيها دوران، أحدهما: دور الفهم والاجتهاد بالاستنباط والقياس، وثانيهما دور التكليف فهو مناط التكليف الشرعي.
وقد التبس أمر وصف العمل عند بعض المسلمين من كونه حسناً أو قبيحاً، فعزاه البعض إلى العقل وعزاه الآخرون إلى الشرع. والحقيقة أن وصف العمل ليس آتياً من ذات العمل فهو آت من قِبل ملابسات واعتبارات خارجة عنه هي التي تصفه بالحسن أو القبح، وهذا الغير إما أن يكون العقل وحده أو الشرع وحده وإما أن يكون العقل والشرع دليل عليه أو الشرع والعقل دليل عليه. أمّا وصفها من ناحية العقل وحده فباطل لأن العقل عرضة للتفاوت والاختلاف والتناقض. إذ قياساته تتأثر بالبيئة التي يعيش فيها وتتفاوت وتختلف بالعصور على تعاقبها، وبهذا يكون الشيء قبيحاً عند فئة من الناس وحسناً عند آخرين أو قبيحاً في عصر وحسناً في آخر، والإسلام بوصفه المبدأ العالمي الخالد يقضي بأن يكون الوصف للعقل بالحسن أو القبح سارياً على جميع بني الإنسان في جميع العصور وذلك لا بد أن يكون هذا الوصف آتياً من قوة وراء العقل أي من الشرع. وأمّا جعل الشرع دليلاً على ما دل عليه العقل فهو يقضي بجعل العقل حَكَماً في الحسن والقبح وقد بيّنا بطلانه.
أمّا جعل العقل دليلاً على ما دل عليه الشرع فهو يقضي بجعل العقل دليلاً على الحكم الشرعي مع أن الحكم الشرعي دليله الشرع (النصوص الشرعية) لا العقل. ومهمة العقل هي كما ذكرنا سابقاً فَهم الحكم الشرعي لا جعله دليلاً أو حكماً، ومن هنا كان وصف العمل بالحسن أو بالذم شرعياً لا عقلياً.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.