حب الوطن غريزة عند الإنسان
شعورٌ كمْ خفقت به القلوب ، وشوقٌ كم كلَفَت به الأفئدةُ ، وحنينٌ يزلزل
مكامنَ الوجدان ، حبٌّ أطلقَ قرائحَ الشعراءِ ، وهوى سُكبت له محابر الأدباءِ ، وحنينٌ
أمضّ شغافَ القلوب ، وإلفٌ يأوي إليه كرام النفوس ، حبٌّ لم تخلُ منه مشاعر الأنبياء
، ووُدٌ وجدَ في قلوب الصحابة والأصفياء ، بل هو شعور تغلغل في دواخل الحيتان تحت الماء
، ورفرفت لأجله أجنحة الطير في السماء، إنه - أيها المسلمون- حب الأوطان.
وقال أهل الأدب : " إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى
أوطانه ، وتشوقه إلى إخوانه ، وبكاؤه على ما مضى من زمانه
والمحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان أمرٌ غريزيٌ ، وطبيعةٌ طبعَ
اللهُ النفوس عليها ، وحينَ يولدُ الإنسانُ في أرضٍ وينشأُ فيها فيشربُ ماءَها ، ويتنفسُ
هواءَها ، ويحيا بين أهلها ؛ فإن فطرته تربطه بها ، فيحبُّها ويواليها ، ويكفي لجَرْح
مشاعر الإنسان أن تشير بأنه لا وطن له
وحب الوطن فطرة رفع من شأنها الإسلام ، لذلك اتفق الفقهاء على أن العدو
إذا دخل دار الإسلام يكون قتاله فرض عين على كل مسلم
وقد اقترن حب الأرض بحب النفس في القرآن الكريم ؛ قال عز وجل : ( وَلَوْ
أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنْ اُقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ أَوْ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَاركُمْ
مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيل مِنْهُمْ ... ) [النساء: 66] ، بل ارتبط في موضع آخر بالدين
؛ قال تعالى : ( لَا يَنْهَاكُمْ اللَّه عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّين
وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ
اللَّه يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ ) [الممتحنة: 8
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire