أعلان الهيدر

الرئيسية مواقف الدول الأوروبية من تطلعات محمد علي لإقامة وحدة عربية

مواقف الدول الأوروبية من تطلعات محمد علي لإقامة وحدة عربية


مواقف الدول الأوروبية من تطلعات محمد علي لإقامة وحدة عربية
مواقف الدول الأوروبية من تطلعات محمد علي لإقامة وحدة عربية
بعد نجاح محمد علي في حروبه بالجزيرة العربية، وفتح قواته للسودان تطلع إلي بلاد الشام واستطاعت قواته الاستيلاء علي يافا وحيفا وعكا، ونجح ابنه إبراهيم في انتزاع طرابلس من يد العثمانيين ثم الاستيلاء علي بلاد الشام كلها والوصول إلي الحدود الفاصلة بين المتحدثين باللغة العربية والمتكلمين بالتركية حيث تقدمت القوات المصرية بسرعة هائلة داخل بلاد الشام واحتلت دمشق وأنزلت الهزائم بالجيش العثماني بالقرب من حمص ثم دخول حلب والالتقاء بالقائد العثماني »حسين باشا« في معركة فاصلة عند مضيق »بيلان« وإلحاق الهزيمة به، والتقدم بعد ذلك تجاه »كوتاهية« في فبراير 1832 مما أزعج الدول الكبري، وجعلها تدرك المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها مصالحها الحيوية نتيجة لتوسعات محمد علي، وقد تزعمت إنجلترا المواقف المعارضة لذلك خاصة وأنها كانت تخشي من مزاحمة محمد علي لسيادتها علي طريق الهند نظرا لأن امتداد نفوذ مصر إلي بلاد الشام يجعل لها الاشراف علي طريق الهند من ناحية الفرات والعراق، لذلك شجعت إنجلترا أهالي الشام علي العصيان ومقاومة قوات محمد علي، وأمدتهم بالبارود والرصاص والأموال بهدف إيجاد المصاعب أمام القوات المصرية واجبارها علي الانسحاب، وعلي الرغم من كل ذلك فقد حاول محمد علي تثبيت أقدامه، كما استغل علاقته الودية مع فرنسا في مساومة إنجلترا وباقي الدول الأوروبية وفي الاستناد عليها، وتأييدها له خلال هذه الأزمة، ولما فاتح محمد علي الدول الأوروبية بشأن تطلعاته في تكوين دولة تمتد حدودها إلي أقصي بلاد الشام عارضته إنجلترا أشد المعارضة، وحذرته من العواقب، وهددته باستخدام القوة إذا تمسك برأيه، وخلال ذلك بعثت الدولة العثمانية جيشا كبيرا إلي بلاد الشام لمقاتلة القوات المصرية وطردها من هناك، ولكنه هزم في معركة »نزيب« في 24 يونيو 1839 مما كان له أكثر الأثر في اسراع الدول الأوروبية بالتدخل بحجة منع امتداد نفوذ مصر إلي ضفاف الدردنيل والبسفور، وتأسيس محمد علي دولة قوية مما يساعد علي قلقلة التوازن الأوروبي، فأعلنت إنجلترا ضرورة اخضاع محمد علي بالقوة واجباره علي الانسحاب من بلاد الشام، كما طالبت دول أوروبا باتخاذ قرار عاجل لوقف تطلعات محمد علي في بناء امبراطورية عربية ونتيجة لذلك فرضت علي محمد علي في معاهدة لندن 1840 التخلي عن بلاد الشام وإرجاع الجزيرة العربية إلي الدولة العثمانية والاكتفاء بحكم مصر كي يحكمها هو وأكبر أفراد أسرته من بعده، وإذا رفض ذلك فستقوم أوروبا بحملة عسكرية ضده، ومع أن محمد علي رفض شروط هذه المعاهدة في بداية الأمر، وصمم علي التمسك بالبلاد التي فتحها، وأخذ في الاستعداد للدفاع عنها فإنه اضطر في نهاية الأمر إلي التسليم خاصة بعد أن تحرج موقف الجيش المصري، فطلب من ابنه إبراهيم باشا إخلاء بلاد الشام والعودة إلي مصر، كما رضخ لفرمان 1841 الذي يقضي باخراجه من الجزيرة العربية وكريت وقصر نفوذه علي مصر، وبذلك عادت مصر إلي حدودها القديمة، ونجحت الدول الأوروبية في تحطيم آمال محمد علي وتطلعاته نحو اقامة وحدة عربية، وفي تحجيم دوره في المنطقة العربية خاصة بعد أن تم تقليل عدد الجيش المصري بحيث لا يزيد علي 18 ألف جندي. وهكذا اسقطت أوروبا أول مشروع للوحدة العربية عمل محمد علي علي تحقيقه في النصف الأول من القرن التاسع عشر، كما نجحت كذلك في اسقاط المشروع الوحدوي الذي عمل الرئيس جمال عبدالناصر علي تحقيقه في النصف الثاني من القرن العشرين.
 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.