السجاد أو الزربية التونسية
"الكليم" و"المرقوم"
يعتبر السجاد أو الزربية التونسية ذات
الأشكال الهندسية من أشهر أنواع السجاد التونسي نظرا لتنوعه إذ اختص سجاد أو كما يسميه
التونسيون "مرقوم" مدينة وذرف الجنوبية برخرف تغلب عليه الألوان الحمراء
والزرقاء.
كما تشتهر تونس بحياكة سجاد يعرف باسم
"الكليم" وهو نسيج من الصوف الخالص يتكون من أشرطة ذات لون موحد ومتوازية
وفي بعض الحالات أشكالا هندسية ويستعمل عادة كبساط أرضي.
وللإشارة فإن صناعة المرقوم في هذه المدينة
تعتبر مورد رزق لما يفوق الألف (1000) حرفية ينتجن ما يناهز عشرة آلاف م.2 من المرقوم
سنويا وتوارثن إتقان هذه الصناعة الحرفية على مدى أجيال متعاقبة ونجحن في تطويره وتطويعه
لكن القطاع بقي يعاني من صعوبات عديدة تتعلق بغياب التغطية الاجتماعية والعلاج المجاني
وانخفاض أسعار البيع وغياب الجودة وبروز علامات الماركة في ظل غياب برنامج مدروس للتكوين
والرسكلة.
هذا الوضع الراهن لصناعة المرقوم دفع
جمعية التنمية المستديمة بوذرف إلى التفكير في العناية بهذا الملف وايلائه ما يستحق
من متابعة للمحافظة على هذه الحرفة التي أصبحت تحمل اسم المدينة وتبرز إبداع أصابع
نسائها فكانت هذه الورشة الأولى التي جاءت بعد دراسة مستفيضة لواقع القطاع وأفق تطويره
والتي أخذت على عاتقها البحث في النقائص واقتراح الحلول المثلى من خلال حلقة تتكون
من 12 من أصحاب الشهائد العليا سيتكفلون باعداد ملف يضع استراتيجية واضحة للنهوض بحرفة
المرقوم من خلال أربعة لجان ستعد مقترحات حول التغطية الاجتماعية والتقاعد والخدمات
الصحية وبعث مركز للتكوين واحداث قرية حرفية والتركيز على الجودة ومراجعة الأسعار والاشهار
والترويج وستبادر الجمعية بتقديم الملف كاملا إلى السلط المعنية والدفاع عنه من أجل
أن تحافظ المرأة الوذرفية على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها في ظل علاقة شغلية اجتماعية
جديدة تضمن حقوق الحرفية وتحفزها على مزيد البذل والاجتهاد.
أقدم سجاد تونسي
تقول الروايات التي يتناقلها التونسيون
إن بعض قبائل البدو كان يقال لبعض أبنائها "الرقام" وهو شخص يعرض خدماته
على البيوت نظرا لشهرته في حياكة نوع معين من الزرابي يسمى "القطيف" ذو عقد
أقل تراصا، لكنه يمتاز بصوفه السميك وألوانه التي يغلب عليها اللون الأحمر الداكن،
وهذا النوع من السجاد مصنوع من شعر الماعز ووبر الإبل، مما يعطيها متانة وروحا بدوية،
كما أن زخارفها منظمة على شكل خانات تحيط بها شرائط .
ويحمل "القطيف" زخرفا مركبا
بإحكام شديد إذ تحاك النقوش داخل مربعات ومستطيلات وهي مستمدة من زخرف "المرقوم"
أومن زخارف زرابي القيروان. وهذا النوع من الزرابي "القطيف" هو تأليف ثري
يأتي في منزلة بين "المرقوم" و"الزربية"، وإلى أمد غير بعيد كان
"القطيف" يغطي أرضية الخيام البدوية وغرف المنازل التقليدية بالمدن، فيضيف
إليها جمالا على جمالها، لكن هذا المنسوج أوشك على الاندثار نظرا لتقلص المجتمع البدوي
والخيام.
وحفاظا على هذا النوع من التراث شجعت
تونس الحرفيين على الابتكار في نسج "القطيف" حتى يساير تطور نمط العيش فلا
يقتصر استعماله على الخيام بل وفي المنازل الحديثة.
أكثر من 300 ألف حرفي
يباشر صناعة السجاد التونسي بأنواعه من
"زربية" و"كليم" و"قطيف" محترفون يتجاوز عددهم 300 ألف
حرفي يحيكون في العام الواحد أكثر من 500 ألف متر مربع وهي مساحة بإمكانها أن تغطي
بالزرابي والسجاد مدينة بأكملها في حجم مدينة تونس العاصمة.
الزربية تغري الرسامين
تغر الزربية التونسية ذوق الوجهاء والأعيان
والسياح فقط بل أغرت أيضا الفنانين وكبار الرسامين من تونس وخارجها إذ استلهموا رسوم
لوحاتهم مما تكتنزه الزربية التونسية من فن أصيل تمتد جذوره من عهد الأمازيغ سكان تونس
الأصوليون إلى اليوم مرورا بفترات الفتح العربي الإسلامي الذي اقترن بفتح الأندلس.
ذلك أن مدرسة تونس العاصمة للفن التشكيلي
التي من أبرز رساميها حاتم المكي وزبير التركي والهادي التركي وصفية فرحات وغيرهم وجدت
في الزربية ما ألهم وجدان الرسامين التشكيليين فاقتبسوا من ثرائها الفني لوحات رائعة
ساعدت على التعريف بالزربية التونسية في عديد التظاهرات الدولية من خلال المعارض التي
تقام في أكبر العواصم.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire