أعلان الهيدر

الرئيسية بين العولمة و الكونية

بين العولمة و الكونية


بين العولمة و الكونية
بين العولمة و الكونية
العولمة: تعني العولمة globalisation في معناها اللغوي تعميم الشيء و توسيع دائرته ليشمل العالم كله فهي في المجال السياسي تعني العمل على تعميم  نمط حضاري يخص بلد بعينه ألا وهو نمط الولايات المتحدة الأمريكية فهدف العولمة توحيد العالم و توجيهه في اتجاه واحد في إطار حضارة واحدة فالعولمة بهذا المفهوم هي سعي لاحتواء العالم و القضاء على الخصوصية و الذاتية و بذلك يكون طابعها الهيمنة و القمع و الإقصاء و الاحتواء و بما أن الغرب اليوم  - بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية - هو الآخذ بزمام الاقتصاد العالمي و بزمام التكنولوجيا و التطور في مجالاته المختلفة و هذا ما  جعل من خصائص العولمة  الاستكبار و الاستعلاء. وبما أن الدول الغربية  هي الآخذة بزمام الحضارة فقد استطاعت عبر سلطة  تكنولوجيا الإعلام  رسم حدود  جديد  غير مرئية  هيمنت على الأذواق، و الفكر ، و السلوك ،  لقد عمل نظام العولمة على إفراغ الهوية الجماعية من كل محتوى و دفع للتفتيت و التشتيت  ليربط  الناس بعالم اللاوطن، و اللاأمة ،  و اللادولة، أو يشغلهم بالحروب الأهلية لقد كان هدف الدول الغربية من  العولمة الثقافية  تحقيق الربح المادي أما منافع البشر، و الكون، فلا تهمها و قد تضحى بها من أجل مصلحة مادية ضيقة إذ أن منطقها هو منطق الربح  الذي يمكن تحقيقه عبر العولمة الثقافية و الفكرية و الاجتماعية فتصدير ثقافة واحدة و التي هي الثقافة الغربية يعني استهلاك كل منتجاتها في مختلف مجالات الفنون و الإبداع، و عبر العولمة الاقتصادية تفتح كل أسواق العالمأمام  المنتجات الأوروبية. و قد استعملت الثروة المعلوماتية لتحطيم خصوصيات الأمم المختلفة بالترغيب تارة و بالترهيب أخرى.  إن العولمة في الحقيقة كما يقول برهان غليون ليست عي المنشئة لسيطرة ثقافة على ثقافة أخرى ، و لكنها منشئة لنمط جديد من السيطرة الثقافية، مما يوجب على أصحاب كل ثقافة محلية تطوير ثقافتهم لمواجهة المتحديات فثقافات الهوية لن تستطيع الصمود في عالم يتطور في عالم سيطرت عليه التكنولوجيا الحديثة التي دخلت كل البيوت دون استئذان إلا إذا جددت أساليبطرح المشكلات، ووقع الارتفاع بالثقافة إلى مستوى متطلبات العصر. فعلينا اليوم الوعي بأن عالمنا يمر بمرحلة مختلفة عما كان عليه آباؤنا  و أجدادنا، و هذا قد يتطلب منا سلوكا مختلفا جذريا عن سلوكهم ،مع عدم التفريط في المبادئ و القيم الإنسانية. و هنا تطرح مسألة أخرى أمام ثقافات الهوية ضرورة التمييز بين الثابت و المتغير بذلك فقط يمكن إعادة بناء  الموروث القديم فتزال معوقاته و تستنفر عوامل تقدمه و خلاصة القول أن التقليد الأعمى  للسلف ، أو الغرب ،و الاغتراب في الماضي ، أو في الآخر، أو الاستلاب و الانبتات، لن يفيد للتغلب على تحديات القرن الواحد و العشرين .   
الكونية :  أو العالمية universalisme – universalité   هي  طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي  و بهذا المعنى تعني الكونية عالمية المبادئ و القيم الإنسانية فهذه القيم هي في صالح الإنسان و الإنسانية في كل مكان  و في كل زمان فالكونية تفتح على كل ما هو عالمي بأبعاده الحضارية و الإنسانية  قال تعالى : (  يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) الحجرات 13 فالإسلام رسالة موجهة إلى كل البشر كما أنه أقر بكل الديانات السماوية السابقة فالكونية تقتضي احترام خصوصيات الآخرين و الاعتراف بهم كما  أقرت بحوار الحضارات و الثقافات و نبذت الهيمنة لأنها عائق أمام الانفتاح و التنوع الثقافي لقد قامت الكونية في الإسلام على ثوابت لعل أهمها التآخي و حب الخير للنفس و للأتباع و للآخر المغاير و المخالف فالعدل و الإحسان و الأمانة و التضامن يكون مع المغاير كما يكون مع المماثل في الدين . لقد استطاعت الكونية الإسلامية التعايش مع اليهود و النصارى في المدينة الواحدة كالقدس و الأندلس فتجد المسجد بجانب الكنيسة بجانب الدير لقد قامت العالمية في الإسلام على إنصاف المظلوم و رفض الظلم الذي حرمه الله على نفسه و جعله محرما على جميع خلقه كما أن  الكونية في الإسلام تنهى عن الإفساد في الأرض و سعت إلى جعل الإنسان متوافقا منسجما  مع محيطه الإنساني و الكوني قال تعالى : (  و لا تفسدوا في الأرض )  الأعراف 56 لقد كرست الكونية حوار الحضارات عبر العدل و الإنصاف و التسامح و هدف العلم كما أقرته الكونية هو إسعاد الإنسان و الإنسانية و توفير الرفاه و السعادة و الأمن و الأمان للكل دون استثناء. و في حين أفرغت العولمة  عالمنا المعاصر من القيم الإنسانية النبيلة المنسجمة مع الفطرة مما نتج عنه تعاسة الإنسان إذ خدمت العولمة مصالح الدول العظمى و الشركات الاحتكارية الكبرى على حساب مصالح الشعوب الفقيرة و عن علاقة العولمة بالكون فحدث و لا حرج  تلوث ، احتباس حراري ، ثقب طبقة الأوزون  . إن الكونية  بإقرارها عالمية التكريم الإنساني و عالمية الأخلاق و المبادئ  هدفت إلى بناء حضارة إنسانية عالمية تقوم على مبدأ الوحدة ، وحدة شخصية الإنسان عقلا و روحا و جسدا ،ووحدة الأمة الإسلامية، و وحدة العالم ، و وحدة الكون ، لوحدةالله ، و وحدة سننه و قوانينه الكونية .

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.