بناء الجسور عند النمل: مثال
رائع للتضحية والتعاون
إنه عالم عجيب وغريب لا نهاية لأسراره
... إنه عالم النمل ... ففي كل يوم يكشف العلماء شيئاً جديداً يظهر روعة هذا
المخلوق الصغير الذي يستحق فعلاً أن ينزل الله سورة يسميها باسمه، لنقرأ....
كلما حاول المشككون الاستهزاء بهذا
القرآن وقدموا مثالاً على ذلك، سخر الله لهذا القرآن من يكشف معجزاته وعجائبه التي
ترد على الملحدين قولهم، وقد استهزأ الكفار ومنذ نزول القرآن بأن محمداً (صلى الله
عليه وسلم) يذكر في كتابه الحشرات ومنها النمل!
وسبحان الله! يأتي اليوم بعض المشككين
ليرددوا نفس الكلام ويقولون إن القرآن مليء بالأساطير ويضربون مثالاً على ذلك أن
محمداً يسمي السور بأسماء الحشرات. ولكن الله تعالى يقول: (وَلَنْ يَجْعَلَ
اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: 141]. ولذلك فإن
الذي يتأمل اكتشافات العلماء يلاحظ أنهم في حيرة من أمرهم، بل يقفون مندهشين أمام
هذا المخلوق الصغير ألا وهو النمل.
يقول العلماء إن وزن دماغ النملة هو
جزء من مئة من الغرام، وإن دماغ الحوت الكبير أكبر بمئة ألف مرة من دماغ النملة،
وعلى الرغم من ذلك فإن النملة تقوم بمهام وأعمال ذكية تتفوق بها على هذا الحوت!
وهذا ما يثير تعجب العلماء وحيرتهم، ولكنهم لو فكروا قليلاً واطلعوا على كتاب الله
تعالى، لوجدوا أن الله هو من خلق هذا النمل وهو من علَّمه وهداه إلى الطريق
الصحيح، وهو القائل عن نفسه: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ
لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ
شَيْءٍ عَلِيمٌ * ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ
كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
[الأنعام: 101-103].
في كل يوم يصرح العلماء بأن عالم
الحشرات وبخاصة النمل هو من الأمور المعقدة جداً، ومن غير المنطقي أن تكون النملة
قد طورت نفسها بنفسها، لأن دماغ النملة المحدود لا يكفي لمعالجة هذا الكم الهائل
من المعلومات التي تستخدمه النملة أثناء أداء مهامها. نرى في الصورة رأس نملة
وبداخله الدماغ الصغير لها والذي يحوي بحدود 300000 خلية عصبية، إن دماغ الإنسان
يحوي أكثر من تريليون خلية أي أكثر من خلايا دماغ النملة بمئات الآلاف من المرات،
وعلى الرغم من هذا الدماغ الصغير نجده يتمكن من معالجة كل المعلومات التي تحتاجها
النملة، بشكل يدل على وجود برنامج مسبق في هذا الدماغ.
راقب العلماء عالم النمل طويلاً وظنوا
في البداية أنه عالم محدود لا يفكر ولا يعقل ولا يتكلم! ولكن تبين أخيراً أن النمل
هي أمة مثلنا تماماً، له قوانينه وحياته وذكاؤه، وتبين أن هندسة البناء عند النمل
أقدم بكثير من البشر، حيث يقوم النمل منذ ملايين السنين ببناء المساكن وحديثاً كشف
العلماء طريقة بناء الجسور عند النمل.
فقد جاء في دراسة جديدة (حسب موقع
رويترز) أن الطريقة التي يعتمد عليها النمل لعبور الحُفر هي بناء الجسور بالأجساد!
فقد ذكر باحثان بريطانيان أن أسراب النمل حين يعتريها السأم من الحفر في مسارها
تضحي بالبعض منها في سبيل الباقين حيث يعمد بعضها إلى التمدد داخل النقاط غير
المستوية لصنع مسار أكثر انسيابية لباقي السرب.
وتوصل الباحثان إلى أن نوعاً من أنواع
النمل يعيش في أمريكا الوسطى والجنوبية يختار أفراداً من السرب يناسب حجم أجسادها
حجم الحفرة المراد سدها. وذكرا في تقرير نشرته مجلة السلوك الحيواني أنه ربما
تكاتف عدد من أعضاء السرب لملء الحفرة الأكبر!
إن هندسة بناء الجسور عند النمل تعتبر
تقنية متطورة جداً وبدون تكاليف، فقط بقليل من التضحية والتعاون، والذي يستغربه
العلماء هذه الطاقة الكبيرة التي يقدمها النمل أثناء صنعه للجسر الحي، ويعجبون من
صبره وبذله لهذا الجهد الكبير والمبرمج، ولذلك يؤكدون أن النملة تتمتع بذكاء عالٍ
وحب لأخواتها النملات، وهنا أتوقف قليلاً وأتذكر قول الحبيب الأعظم: (لا يؤمن
أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) انظروا كيف تطبق النملات قول هذا النبي الأمي
عليه الصلاة والسلام، فماذا عنا نحن المؤمنين الذين ندعي محبة هذا النبي الرحيم
وأننا نطبق أوامره؟
وهنا نتذكر دائماً البيان الإلهي الذي
أكد أن النمل وغيره من المخلوقات الحية هو أممٌ أمثالنا، يقول تعالى: (وَمَا مِنْ
دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ
أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ
يُحْشَرُونَ) [الأنعام: 38].
وأخيراً نتمنى من أي ملحد يطلع على هذه
الاكتشافات أن يفسر لنا سر عالم النمل ومَن الذي علَّمه وهداه إلى هذه التقنيات
الرائعة، ونقول له الجواب مسبقاً: إنه الله تعالى القائل على لسان نبيه موسى عليه
السلام في حواره مع فرعون: (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا
الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 49-50].
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire