تجديد عقود العمل
تجديد العقد محدد المدة بالإرادة الضمنية :
إذا كان عقد العمل معين المدة إنتهى من تلقاء نفسه بإنقضاء مدته ،
أما لو استمر طرفاه في تنفيذ العقد بعد إنقضاء مدته ، اعتبر ذلك منهما تجديداً
للعقد لمدة غير معينة .
وقد أثار هذا الحكم والذي يحول العقد المحدد المدة إلى عقد غير محدد
المدة، خلافاً في الفقه والقضاء ، حول معرفة هل هو من أحكام النظام العام ، بحيث
لا يجوز للمتعاقدين الإتفاق على مخالفته ، بأن يقررا تجديد العقد في هذه الحالة ،
لمدة مماثلة لمدته الأولى ، أم هو من الأحكام التكميلية ، التي يجوز الإتفاق على
مخالفتها .
فذهب فريق من الفقه ، تسانده بعض أحكام القضاء ، إلى أن الحكم الخاص
بتجدد العقد المحدد المدة ، لكي يصير عقداً غير محدد المدة ، إنما هو من الأحكام
التكميلية في القانون ، والتي ترتكز على حالة (( التجديد الضمني للعقد )) المدني
على افتراض نية المتعاقدين ، فإذا جددا العقد باتفاقهما لمدة أخرى محددة ، فإن
اتفاقهما يقع صحيحاً.
وذهب فريق آخر من الفقه ، تؤيده أحكام القضاء ، وقرر أن القاعدة
المقررة بموجب قانون العمل ، من حيث تجدد العقد محدد المدة وصيرورته في هذه الحالة
، غير محدد المدة ، تعد من قواعد النظام العام ، التي لا يجوز مخالفتها .
تبدو صحة هذا الرأي الثاني ، إذا وقفنا على علة تقرير الحكم ، فإذا
كان القصد من الحكم ، قد يسهل الخروج على القواعد الخاصة بعدم جواز الطرد في وقت
غير لائق ، وذلك عن طريق الإتفاق على تحديد مدة العقد بيوم واحد حتى يتجدد بعد ذلك
من يوم إلى آخر ، فيمكن إنهاؤه في أي يوم بدون أية مسئولية .
تجدد العقد محدد المدة بالإرادة الصريحة :
لقد نص المشرع على أنه إذا انتهى عقد العمل المحدد المدة بإنقضاء
مدته ، جاز تجديده بإتفاق صريح بين طرفيه وذلك لمدة أو لمدد أخرى .
استثناء عقود الأجانب من الخضوع لأحكام التجديد الضمني :
لا تخضع عقود الأجانب لأحكام التجديد الضمني لعقد العمل ، بمعنى أنه
لو استمر طرفي العقد في تنفيذه ، بعد إنقضاء مدته ، فإنه يتجدد لمدة مماثلة ولا
ينقلب إلى عقد غير محدد المدة .
وسبب استثناء عقود الأجانب ، هي إتاحة الفرصة أمام أصحاب الأعمال
لإحلال المصريين محلهم ، بعد إنقضاء مدة العقد ، فإذا استشعر صاحب العمل ، أن هناك
حاجة لاستمرار الأجنبي ، فيكون ذلك لمدة محددة أخرى ، بحيث يمكن لصاحب العمل في
نهايتها ، إحلال عامل مصري محل الأجنبي .
جزاء إنهاء العقد المحدد المدة قبل إنقضاء مدته :
إذا أنهى أحد طرفي العقد المحدد المدة ، العقد قبل إنقضاء مدته ، وفي
غير الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك ، اعتبر هذا الإنهاء (غير مشروع) ، وتحمل
الطرف الذي أنهى العقد ، المسئولية قبل الطرف الآخر ، الذي لا يستطيع أن يطالب
بالاستمرار في تنفيذ العقد ، لما في ذلك من إجبار يمس الحرية الشخصية ، فضلاً عما
قد يؤدي إليه من إضطراب في علاقات العمل ، بعد أن أظهر أحد طرفي العقد ، رغبته
الصريحة في عدم التعاون مع الطرف الآخر .
لذلك ، يقتصر حق الطرف المضرور ، على مطالبة الطرف الذي أنهى العقد
بالتعويض عما أصابه من أضرار مادية أو أدبية ، ويقدر التعويض في هذه الحالة ، على
أساس ما لحق الطرف المضرور من خسارة ، وما فاته من كسب ، نتيجة لعدم احترام المدة
المتفق عليها في العقد ، لذلك لا يشترط أن يكون تعويض العامل ، مساوياً للأجر الذي
كان يستحقه عن بقية مدة العقد ، فيجوز أن يزيد التعويض عن هذا الضرر ، أو يقل عنه
بحسب ظروف كل حالة على حدة
شروط إنهاء عقد العمل غير محدد المدة :
- وجوب الإخطار السابق :
- تعريف الإخطار والحكمة منه :
الإخطار هو إعلان لإرادة المتعاقد ، يتضمن رغبته الأكيدة في إنهاء
العقد ، بإنقضاء المهلة التي يستوجبها القانون ، لذلك يجب أن يكون الإخطار واضح
الدلالة ، في التعبير عن رغبة الطرف الذي وجهه ، في إنهاء العقد .
والغرض من الإخطار هو منع المفاجأة ، وتمكن الطرف الآخر في العقد ،
من الإستعداد للوضع الذي يعقب فترة الإخطار ، فإذا كان الإخطار من جانب صاحب العمل
، استطاع العامل ، خلال فترة الإخطار أن يبحث عن عمل جديد .
وحتى يتمكن العامل من ذلك ، جاء القانون الجديد بحكمين مستحدثين .
الحكم الأول : أنه إذا كان الإخطار بالإنهاء من جانب صاحب العمل ،
يحق للعامل أن يتغيب يوماً كاملاً في الأسبوع أو ثماني ساعات أثناء الأسبوع وذلك
للبحث عن عمل آخر مع استحقاقه لأجره عن يوم أو ساعات الغياب ، ويكون للعامل تحديد
يوم الغياب أو ساعاته بشرط أن يخطر صاحب العمل بذلك في اليوم السابق للغياب على
الأقل .
الحكم الثاني : فقد أجاز إعفاء العامل من العمل نهائياً ، خلال فترة
الإخطار ، مع استمرار العقد في إنتاج كافة أثاره ، خاصة استحقاق العامل للأجر .
وإذا كان الإخطار من جانب العامل فإنه يعطي لصاحب العمل الفرصة ،
للبحث عن عامل ، يحل محل العامل المستقبل .
ويتطلب المشرع أن يتم الإخطار في شكل معين بأن يكون كتابة ، فإذا كان
عقد العمل غير محدد المدة ، جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر
كتابة قبل الإنهاء .
مدة الإخطار :
يجب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة الخدمة
المتصلة للعامل لدى صاحب العمل عشر سنوات ، وقبل الإنهاء بثلاثة أشهر إذا زادت هذه
المدة على عشر سنوات .
أثر حصول الإخطار :
يترتب على الإخطار أن تبدأ سريان مهلته من تاريخ تسلمه ، فوصول
الإخطار إلى من وجه إليه قرينة على العلم به .
ولكن الإخطار لا يؤثر على وجود العقد ، ولا على ما يرتبه من إلتزامات
في ذمة طرفيه، ويترتب على إخلال أي منهما ، بإلتزاماته الجوهرية ، نفس النتائج
التي كانت تترتب قبل حصول الإخطار ، دون أن يطرأ على مركز طرفي العقد أي تغيير .
وإذا انتهت مدة الإخطار ، انقضى العقد دون حاجة إلى إجراء جديد ، مع
ملاحظة أن مدة الإخطار ليست مدة تقادم بل هي (( مدة محددة قاطعة )) فلا يرد عليها
الوقف أو الإنقطاع ، ولذلك حظر المشرع (( تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو
فاسخ )) .
وإذا استمر الطرفان في تنفيذ العقد بعد إنتهائه ، فيجب البحث عما
أتجهت إليه إراديتهما ، فقد يكون القصد منه تسامح من وجه الإخطار ، وإعطاء الطرف
الآخر فرصة ، لتهيئة نفسه للوضع الجديد ، وفي هذه الحالة يجوز العدول عن هذا
التسامح وإنهاء العقد فوراً دون حاجة إلى إخطار جديد ، وقد يكون القصد من
الإستمرار في تنفيذ العقد ، العدول عن الإنهاء ، وفي هذه الحالة لا ينتهي العقد
إلا بإخطار جديد .
جزاء عدم مراعاة الإلتزام بالإخطار :
إذا أنهى صاحب العمل عقد العمل دون إخطار أو قبل إنقضاء مهلة الإخطار
إلتزم بأن يؤدي للعامل مبلغاً يعادل أجره عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها .
وفي هذه الحالة تحسب مدة المهلة أو الجزء الباقي منها ضمن مدة خدمة
العامل ، ويستمر صاحب العمل في تحمل الأعباء والإلتزامات المترتبة على ذلك ، أما
إذا كان الإنهاء صادراً من جانب العامل فإن العقد ينتهي من وقت تركه العمل .
(ب) وجوب استناد الإنهاء إلى مبرر مشروع
وكاف :
يشترط لإنهاء العقد غير محدد المدة ، إنهاء مشروعاً ، ألا يكون
الإنهاء تعسفياً ، بمعنى أن يكون من استعمل حق الإنهاء ، غير متعسف في استعمال حقه .
ويمكن القول أن المبرر المشروع لإنهاء عقد العمل غير محدد المدة هو :
((المصلحة المشروعة التي يحققها الإنهاء للطرف المنهي دون أن يصيب الطرف الآخر ضرر
جسيم لا يتناسب مع هذه المصلحة)) .
ويكون الإنهاء غير مشروع (أي تعسفياً) ، إذا لم يقصد صاحب العمل من
وراءه ، سوى الإضرار بالعامل ، أو تحقيق مصلحة غير مشروعة ، أو كانت المصلحة التي
يحققها له الإنهاء ، لا تتناسب مع الضرر الذي يصيب العامل من جراء الإنهاء .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire