الأديب المعلم بطرس البستاني
كان
مولده عام 1819م بلبنان، ينتسب إلى أسرة كانت تعمل بالزراعة،ورث عن أسرته الحياة
الجادة الكادحة، بدت عليه ملامح النبوغ منذ صغره، وقد درس البستاني علوم اللغة
العربية والتاريخ والجغرافيا والمنطق والفلسفة واللاهوت، ودرس من اللغات السريانية
واللاتينية والإيطالية والإنجليزية.
وفي
عام 1840 عمل ترجمانا للإنجليز ببيروت لرجال البعثات التبشيرية البروتستانتينية
الأمريكان، فتحول مذهبه الديني من المارونية إلى المذهب البروتستانتي، ثم ساهم مع
الإنجليز الذي اتبع مذهبهم البروتستانتي في إنشاء مدرسة ( عبية البروتستانتينية )
وأخذ يدرس فيها النحو والحساب ويتعمق في درس الإنجليزية، ويترجم عنها بعض الكتب.
ثم
درس اليونانية والعبرية، وألم ببعض معارف العصر الحديثة ، وقد كوّن معجمه الشهير
محيط المحيط واختصره فيما بعد باسم قطر المحيط.
وفي
عام 1860م، إثر أحداث الستين الطائفية، نشر مجموعة من الرسائل الصغيرة، في شكل
جريدة ذات صفحتين أسماها: نفير سورية، كان يحث من خلالها مواطنيه على التآخي
والتقارب.
ثم
أسس مدرسة ( المدرسة الوطنية) عام 1863م، التي كان يغرس من خلالها بذور دعوته إلى
السلام والمحبة في قلوب الصغار.
ثم
أصدر مجلته نصف الشهرية: ( الجوائب) عام 1870م، ثم أتبعها بجريدته ( الجنان)، ثم (
الجنينة) عام 1871م.
وفي
عام 1875م دخل ميدانا جديدا وضع من خلاله أشهر آثاره، وهي موسوعته الكبيرة التي
سماها ( دائرة المعارف)
ملامح
تطور النثر على يديه:
لقد
أحدث في ميدان الفكر والأدب واللغة والثقافة تطورات كثيرة.
1- كان
أول من أنشأ مدرسة وطنية تعني باللغات الأجنبية وثقافاتها عناية كبيرة.
2- أول
من أنشأ مجلة علمية لا صلة لها بالدولة ودوائرها.
3- أول من
أخرج قاموسا عربيا حديثا يطل على الحياة التي نحياها.
4- أول من خاض عباب الموسوعات الثقافية الكبيرة ، فكاد يسد في العربية
ثغرة لم تقدر على سدها الأجيال من بعده.
5- كان أحد الدعاة على تحرير اللغة والأدب من رواسب الركاكة في اللفظ
والمعنى.
6- ساهم في تطويع اللغة العربية كي تتسع للتعبير عن آفاق جديدة ، ودخل
باللغة العربية إلى معركة الحضارة من خلال تفسير معانيها الدقيقة، ووصف أدوات
حضارتها ومؤسساتها الكبيرة، وفهم نتاجها الفكري والمادي.
7- حث المواطنين على قيمة العلم ، وتربية الوعي بقيمة الكلمة
.
8- لفت الأنظار إلى استخدام اللغة الهادئة الواضحة البعيدة عن كل زينة
واصطناع
تعليــق
إن
ما قدمه بطرس البستاني من نثر ( ومعظمه ، نقل وترجمة)، ما كان ليرقى به على مصاف
الرواد، لو لم يصنع للنهضة هذا الصنيع الكبير :بناء المؤسسات الصحفية والتعليمية
العالية، وتكوين المعجم الحديث ( محيط المحيط)، والموسوعة الثقافية ( دائرة
المعارف) التي فتح بها على الفكر العربي باب المعارف الإنسانية الواسعة،وبالدعوة
الخالصة إلى تحرير اللغة والأدب، وتعليم المرأة وتقدير رسالتها، ومخالطة الثقافات
الإنسانية والتأثر بها في الفكر والعمل، لهذا كله وضع اسمه في مصاف الرواد.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire