الأخلاق اليونانية (500 ق.م – 500م ) : السوفسطائيين
رفض السوفسطائيون وأتباعهم رد المعرفة إلي العقل دون الحس ،
استنادا إلي أن الحس يخص صاحبه ، وأن العقل حظ مشترك بين جميع الناس ، واتبعوا
ديمقريطس في جعل المعرفة تتبع الحس ، و هيراقليطس في أن كل شئ في تغير مستمر ،
وانتهوا من هذا علي أن الإنسان مقياس الأشياء جميعا في المعرفة وفي الأخلاق ،
فطالما انه ليس لدينا مقياس نعرف به الحق والباطل ، فليس لدينا مقياس نعرف به الخير
والشر. وامتدت نظرية السوفسطائيين النسبية إلي مجال الأخلاق ، فأصبحت الأخلاق
لديهم نسبية ، تتغير بتغير الزمان والمكان ، وتختلف باختلاف الظروف والأحوال.
ويفسر السوفسطائيون قوانين الأخلاق بأنها ضد طبائع البشر . وأن
الإنسان غايته اللذة ، وأن الطبيعة البشرية ليست سوى شهوة وهوى ، وأن الإنسان لن
يكون سعيدا إذا خضع لقانون ، وأن الضعفاء والدهماء الذين فشلوا في إشباع أهوائهم
سنوا هذه القوانين لقهر الطبيعة وكبح دوافعهم ، حتى يتساوى معهم الأقوياء في
الحرمان ، كما أنهم أرادوا بقوانين الأخلاق حماية مصالحهم الشخصية وتفادي الخضوع
لسيطرة الأقوياء ، ورأى السوفسطائيون أن الفضائل التي تعارف عليها الناس ليست سوى
رذائل مقنعة. فتجميد العفة مرجعه إلي العجز عن إشباع الشهوة ، وامتداح العدل مرده
القصور عن التفوق علي الآخرين. ولذا فعلى الإنسان أن يستخدم ذكاءه في إشباع شهواته
وتحقيق سعادته ، حتى لو اقتضى الأمر أن يتخفى ويتظاهر بالتقوى والاستقامة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire