أعلان الهيدر

الرئيسية تدريس علم الفلك في الجزائر

تدريس علم الفلك في الجزائر


تدريس علم الفلك في الجزائر
تدريس علم الفلك في الجزائر
يمكن القول ببساطة شديدة أنه لا يوجد حاليا ولم يوجد هناك في الجزائر منذ الإستقلال أي تدريس فعلي لعلم الفلك، إلا حالات نادرة وشاذة سوف نفصلها لاحقا.
فالمنظومة الدراسية العامة بطوريها الإبتدائي والثانوني تكاد تخلو تماما من أي تعليم فلكي، ما عدا فصل بسيط عن المجموعة الشمسية يدرس في مادة الجغرافيا كمدخل لدراسة الأرض خلال الطور المتوسط. ما عدا ذلك، فالتلميذ الجزائري ينهي دراسته العامة كاملة وربما يصبح طبيبا أو مهندسا أو كاتبا صحفيا أو حتى وزير تربية وهو لا يعرف الفرق بين النجم والمجرة ولا بين الكواكب والأقمار ولا الفرق بين المنظار والأسطرلاب ولا عمر الأرض أو عمر الكون! وكلما أشرنا إلى المسئولين والمثقفين والمجتمع عامة بهذا النقص الفادح أجبنا بأن 'علم الفلك' يعتبر عموما 'ترفا' لدى المجتمعات المتقدمة، أما نحن فلا يقدم لنا فائدة مباشرة (أي في التنمية)، ولذا فلا يشكل أولوية في ذهن المشرفين على أمور البلاد حاضرا أو مستقبلا. والله يعلم أننا نُسأل عشرات المرات في مناسبتين من كل عام لماذا لا تحتفل الأمة جمعاء بأعيادها ومناسكها بشكل موحد، ولا يخطر ببال الجماعة أن المسألتين مرتبطين بشكل مباشر. ونذكر هنا - للطرافة وتأكيدا لهذه الصلة - أن في إحدى المسابقات الفلكية التي نظمت في إحدى الجامعات أجابت إحدى الطالبات عن السؤال المتعلق بسبب اختلاف تواريخ الصوم والأعياد بين البلدان بأنه - في اعتقادها - ربما كان قمر 'المشارقة' يختلف عن قمر 'المغاربة' !
أما على المستوى الجامعي فإننا نجد محاولات متقطعة هنا وهناك لإدخال مقرر علم الفلك. فقد كان هناك تدريس خفيف لبعض المواضيع الفلكية في جامعة الجزائر غداة الإستقلال، لكنه انقطع في أواخر الستينات، رغم كونه مدمجا في مادة الرياضيات. ثم في أواخر الثمانينات ظهرت محاولة جادة لإدخال علم الفلك، إلى جانب الفيزياء والبيولوجيا، إلى المنظومة العامة للجامعة الإسلامية. ورغم المعارضة القوية التي شهدتها الفكرة من طرف الطلبة خاصة، إذ رأوا في ذلك غزوا فكريا غربيا (!) على مناهجهم، إلا أن الفكرة طبقت لبضع سنوات قبل أن تنسف. بل إن المشرفين على الجامعة الإسلامية أرادوا الذهاب إلى أبعد من ذلك وخططوا لإنشاء معهد للعلوم الفلكية داخل الجامعة ضمن مشروع كبير يشمل القبة الفلكية التي أشرنا إليها سابقا. وكانت المعارضة على هذا المشروع عظيمة جدا، إذ اتحد فيها أبناء الجامعة (الطلبة خاصة) وأطراف خارجية تمثلت خاصة في الجامعات (العلمية) الكبرى. ولم يكد المشروع يكتمل، رغم حصوله على الموافقة الوزارية والميزانية، حتى حدث الإضراب الكبير الذي انتهى إلى إلغاء المشروع وشطب المواد العلمية (الغربية) من المناهج، وإقالة جميع المسئولين- بمن فيهم العميد- الذين كانوا يدعمون المشروع.
وفي بداية التسعينات أنشئ معهد جديد للفيزياء بجامعة البليدة أشرف عليه مجموعة من الأساتذة كانوا قد أنهوا دراساتهم العليا في الغرب منذ فترة وجيزة. وتوفرت في هذا المعهد عدة شروط هامة ساعدت على إحداث شعبة للدراسات العليا في فيزياء الفلك، منها خاصة: وجود ثلاث دكاترة مختصين في فيزياء الفلك في المعهد كلهم خريجو الولايات المتحدة الأمريكية، وجود المعهد على مسافة معقولة من مرصد الجزائر الذي كان يحوي مجموعة من الباحثين المختصين في الفلك، وأخيرا تفهم ودعم عمادة الجامعة. وبالفعل انطلقت في سبتمبر 91 الدراسات العليا في علوم الفلك واستمرت ثلاثة سنوات تم خلالها إخراج مجموعة من حاملي الماجستير في الفلك. ولكن التجربة توقفت تحت وطأة المناخ العام السائد آنذاك والأحداث الأليمة التي شهدتها الجزائر، ومع نهاية 94 لم يبق هناك أي من الدكاترة الفلكيين (منهم من مات ومنهم من هاجر) بمن فيهم الباحثون المنتمون للمرصد الذين ساهموا في المشروع فشاركوا بالتدريس والتأطير. ورغم أن التجربة كانت فريدة من نوعها واتسمت بالجدية العالية والمستوى العلمي المرتفع إلا أن أكبر نقص اتسمت به هو عدم قدرتها على التنسيق القوي مع المرصد من جهة، وعدم التمكن من إنشاء فرق بحث متقدمة وذلك للإختلاف الكبير بين التخصصات الدقيقة للأساتذة داخل علوم الفلك. وتمثل هذه النقطة الأخيرة أكبر مشكلة يعاني منها علم الفلك على المستوى الأعلى في الجزائر وسوف نعود إليها في جزء لاحق من هذا المقال عندما نناقش وضع الأبحاث المتخصصة.
واليوم لم يبق من تدريس للفلك في الجزائر سوى مقرر يتيم ضمن منهج الرياضيات في المدارس العليا التي تخرج أساتذة للثانويات بشهادة الليسانس (بكالوريوس) بعد دراسة تدوم أربع سنوات.
ولا تزال الجهود مبذولة لإدخال مادة علم الفلك إلى مناهج التربية، سواء في التعليم العام أو الجامعي. ونذكر من بين هذه الجهود الضغط المتواصل الذي يقوم به د. جمال ميموني على مسؤولي التربية وإدارة الجامعة بمدينة قسنطينة. ومن ذلك مثلا إشرافه على أيام تربوية في علم الفلك تتمثل في دورات تدريبية لأساتذة الثانوي لتأهيلهم لتدريس مادة الفلك مستقبلا، ومن جهة أخرى فقد تقدم الأخ الدكتور بمشروع لإضافة مقرر (مدخل إلى فيزياء الفلك) إلى مناهج البكالوريوس في الفيزياء.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.