رسالة تربوية إلى الآباء وأولياء الأمور
وانطلاقا من مبدأ التعاون بين البيت والمدرسة ، والتواصل في
سبيل تربية وتعليم الأبناء الذين هم هبة ونعمة من الله سبحانه وتعالى ، يُسر
الفؤاد برؤيتهم ، وتقرُّ العين بمشاهدتهم ، وتَسعد الروح بفرحهم والبنون زينة
الحياة الدنيا ، ولا يعرف عظم هذه النعمة إلا من حرمها ، فتراه ينفق ماله ووقته في
سبيل البحث عن علاج لما أصابه ، وكان من دعاء زكريا عليه السلام : ( رب لا تذرني
فردا وأنت خير الوارثين ) 89 سورة الأنبياء .
وقد قُرن ذكر الأولاد بالمال في القرآن في مواضع كثيرة قال
تعالى : ( وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين ) 35 سورة سبأ .
وقال تعالى : ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) 46 سورة
الكهف .
وقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا
أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ) 9 سورة المنافقون .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع ، وكلكم مسئول عن
رعيته ) .
وقال أيضا : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه ، أو
ينصرانه ، أو يمجسانه ) .
وأنت كأب مسئول عن هذه الأمانة التي حملك الله إياها أمانة
تربية أبنائك ، والتي ستسأل عنها يوم القيامة ، أحفظت أم ضيعت ؟ وزينة الذرية لا
يكتمل بهاؤها وجمالها إلا بالدين ، وحسن الخلق ، وإلا كانت وبالا على الوالدين في
الدنيا والآخرة .
وتأصيل الأدب في النفس يكون مبكرا فمن أدَّب ولده صغيرا سُر به
كبيرا ، وأطبع الطين ما كان رطبا ، وأعمر العود ما كان لدنا .
قال الشاعر : إذا المرء أعيته المروءة ناشئا فمطلبها كهلا عليه
عسير
وقال آخر : إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولا يلين إذا قومته
الخشب
فعليك أيها الأب الكريم الاعتناء بهذه البذرة التي بذلت في
سبيلها الغالي والنفيس حتى حصلت عليها ، فأنت زرعت ، وعليك التعهد بالسقيا
والرعاية والملاحظة المستمرة ، ولا توكل أمرك كله للغير فالثمرة لك ، وأنت الذي
ستتذوق حلاوتها فلا تتركها للزمن إما أن يذبلها وييـبسها فجة ، أو تستوي على ساقها
وتذبل وتسقط ، وفي الحالين لا يستفاد منها .
فأنت المربي الأول لابنك تعرف منشأه ، ومدرج صباه ، وما عليك
إلا أن تشعل زناد فكره ، وتوقظ جذوة مشاعره ، وتوقد شرارة عقله ؛ ليكون بارقة أمل
يلوح ، ويهطل وبلا من نور العلم على أرض الجهل والضلال فيحيلها أرضا ذات مروج ،
وأنهار ، وأشجار وأزهار ، ويبقى ساطعا في سماء التربية والتعليم كالقمر ليلة البدر .
اعرف ابنك واكتشف كنوزه ، واستثمرها :
لاشك أن كل أسرة تحب لأبنائها التفوق والتميز لتفخر بهم
وبإبداعاتهم ، ولكن المحبة شيء ، والإرادة شيء آخر . فالإرادة تحتاج إلى معرفة
كاشفة ، وبصيرة نافذة ، وقدرة واعية لتربية الإبداع والتميز وتعزيز المواهب ،
وترشيدها في حدود الإمكانات المتاحة ، وعدم التقاعس بحجة الظروف الاجتماعية ،
والحالة الاقتصادية والمالية ونحو ذلك ، فرب كلمة طيبة صادقة تصنع الأعاجيب في
أحاسيس الطفل ومشاعره ، وتكون سببا في تفوقه وإبداعه ، وإليك هذه النقاط كمقترحات
علمية :
1- ضبط اللسان : ولا سيما في
ساعات الغضب والانزعاج ، فالأب والمربي قدوة للطفل فيحسن أن يقوده إلى التأسي
بأحسن خلق ، وأكرم هدى ، فإن أحسن المربي وتفهم ، وعزز سما ، وتبعه الطفل بالسمو ،
وإن أساء ، وأهمل وشتم دنا ، وخسر طفله وضيعه .
2- الضبط السلوكي : وقوع الخطأ
لا يعني أن الخاطئ أحمق ، أو مغفل فكل ابن آدم خطاء ، ولابد أن يقع الطفل في أخطاء
كثيرة ؛ لذلك علينا أن نتوجه إلى نقد الفعل الخاطئ والسلوك الشاذ لا نقد الطفل
وتحطيم شخصيته ، فلو تصرف الطفل تصرفا سيئا نقول له : هذا الفعل سيئ ، وأنت طفل
مهذب ، ولا يجوز أبدا أن نقول له : أنت طفل سيئ غبي أحمق ... الخ .
3- تنظيم المواهب : قد تبدو
على الطفل علامات تميز مختلفة ومواهب وسمات فيجدر بالأب ، أو المربي التركيز على
الأهم ، وما يميل إليه الطفل أكثر ؛ لتفعيله ، وتنشيطه من غير تقييد .
4- اللقب الإيجابي : حاول أن
تدعم طفلك بلقب يناسب هوايته ويميزه ؛ ليبقى هذا اللقب علامة للطفل ، ووسيلة تذكير
له مثل : عبقري ، نبيه ، ماهر ، فهيم ، دكتور ...الخ .
5- التواصل مع المعلم : يحسن
بولي الأمر التواصل مع مدرسة طفله إدارة ومعلمين، وتنبيههم على خصائص طفله ؛ ليجري
التعاون بين المنزل والمدرسة في رعاية مواهب الطفل والسمو بها .
كن إيجابيا وفكر إيجابيا
مما لا يختلف عليه اثنان أن أي سلوك إنساني ينطلق من قاعدة
فكرية ، وقناعات ، ومعتقدات . فولي الأمر الذي يلجأ لأساليب سلبية في التعامل مع
أبنائه هو في الواقع ينطلق من أفكار سلبية ، ويتحكم في سلوكه تفكير سلبي ، وتغيير
الأساليب السـلبية
بحاجة لتغيير نمط التفكير السلبي ، ومن سلبيات التفكير السلبي
أنه غالبا غير منطقي ، وينطلق من ردود أفعال ، ويهدم أكثر مما يبني إضافة إلى كونه
يفرز شخصية متشائمة لا تبني ولا تَسعد ، ولا تُسعد من حولها ، ومن أمثلة التفكير
السلبي :
أمثلة التفكير السلبي التفكير الإيجابي
1- أكاد أجن من كثرة حركة ابني
1- ابني كثير الحركة ـ ما شاء الله ـ كيف يمكنني تحويل هذه الطاقة إلى موهبة ؟
2- لقد عجزت ويئست من إصلاح
ابني 2- كيف يمكنني مساعدة ابني لإصلاح سلوكه ؟
3- أفقد صوابي إن لم أجد مكانا
ارتاح به داخل بيتي . 3- بإمكاني تنظيم حياة أسرتي بشكل يحقق لي الهدوء والراحة .
4- كل المشكلات بسبب هذا الابن
. 4- لكل مشكلة سبب ، علي اكتشاف هذه الأسباب .
5- كل المشكلات بسببي أنا . 5-
بإمكاني تغيير أسلوبي لتفادي المشكلات .
6- للأسف المشكلات لا تنتهي مع
أبنائي 6- بإمكاني التحكم في هذه المشكلات والاستفادة منها .
7- عناد ابني يزعجني ويخيفني .
7- ابني يصر على استقلاليته ، وتعجبني محاولاته للاعتماد على النفس .
8- ابني يحرجني ويزعجني بكثرة
أسئلته 8- فطرة ابني ـ ما شاء الله ـ تتفتح وهو طموح ، ويحب التعلم .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire