طائرات الأرض تحلق في أجواء المريخ
نحتاج عمليًّا لنصف مليون رحلة فضائية.. لاكتشاف 144 مليون كم2
هو سطح المريخ.. فهل تتخيل التكلفة الممكنة لمثل هذه الرحلات!! الحل بسيط طائرة
تتمكن من التحليق في أجواء المريخ القاسية.. تماثل طائرات التجسس دون طيار.. التي
تستخدمها القوات الأمريكية والإسرائيلية.
بالفعل وضع علماء وكالة الفضاء الأمريكية )ناسا( عددًا كبيرًا
من التصميمات المختلفة للطائرة المقترحة إلى أن تم الاتفاق على أن الطائرة لن تكون
بحاجة إلى ذيل، وستكون عبارة عن جناحين ضخمين يتمكنان من الطيران والمناورة؛
لاكتشاف تضاريس المريخ الوعرة التي يعتقد أن تحتها بأمتار قليلة يوجد ماء مخزون من
قرون طويلة.
وتضاريس المريخ بحسب علماء وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تتكون
من وديان عميقة أحدها أعمق وأعرض من أي وادٍ على الأرض، كما توجد على المريخ أماكن
تبدو كما لو كانت بحيرات أو قيعان بحار جافة. أما سطح المريخ الآن فجاف ومليء
بالغبار والجليد الذي يغطي قطبي الكوكب، وهو عبارة عن غاز ثاني أكسيد الكربون
المتجمد.
المحاكاة.. سبيل التحكم
من البديهي أن تكون الطائرة قابلة للتحكم بها عن بعد، لكن
العلماء ارتأوا أن يضيفوا لها المزيد.. فبعد إتمام عدد من الرحلات الاستكشافية
السابقة ورغم أن معظمها باء بالفشل، وعبر الصور المرسلة من مركبة الفضاء 'مارس
أوديسا' المرسلة لفضاء المريخ خصيصًا للبحث عن المياه فيه؛ يكون لدى العلماء تصور
تقريبي لطبيعة الجو والتضاريس في المريخ.
عبر هذا التصور تمكنوا من بناء محاكاة لتضاريس المريخ وغلافه
الجوي، وقاموا بتغذية جهاز كمبيوتر خاص بما لديهم من معلومات عن الكوكب وتركوه
يتصرف وكأنه طائرة تحلق في أجواء المريخ وقاموا بتسجيل التصرفات والاستنتاجات
المختلفة التي قام بها الجهاز.. وكانت الخطوة التالية هي بناء نظام تحكم خاص
بالطائرة المراد تصميمها مبني على الاستنتاجات السابقة، وتثبيته بها في صورة
برنامج يتحكم في حركات الطائرة في مختلف الظروف الجوية التي من الممكن حدوثها في
جو المريخ.
وبالتالي، أصبح بإمكان الطائرة أن تقوم بالتحليق اعتمادًا على
نفسها، وينحصر دور المراقبة الأرضية بتوجيه الطائرة من موقع لآخر فقط، مع الأخذ
بعين الاعتبار نقطة هامة هي أن الطائرة مصممة لكي تطير طيرانًا شراعيًّا.
أما بالنسبة لنقل المعلومات من الأرض للطائرة والعكس، فسيتم
إرسال عدد من الأقمار الاصطناعية التي سوف تلتقط الإشارات من الأرض، ومن ثَم
تقويتها وإعادة إرسالها مرة أخرى للطائرة، وبهذه الحالة يتم الوصول للطائرة في أي
مكان على الكوكب، والعكس صحيح.
كبسولة.. مظلة.. ثم طيران حر
وقبل أن يقرر العلماء المعدات التي سيتم تجهيز الطائرة بها، تم
بحث كيفية تغذية الطائرة بالكهرباء، وكان الحل أن يكون سطح الأجنحة مغطى بخلايا
شمسية تولد الكهرباء نهارًا، وتقوم بشحن بطاريات خاصة تزيد الطائرة بالطاقة ليلاً،
مما يعني أن الطائرة سيكون بإمكانها التحليق على مدار الساعة وطوال أيام السنة
كاملة.
وتقرر أن تكون المعدات التي على متن الطائرة هي:
- ثلاث كاميرات موزعة على
أنحاء الطائرة المختلفة.
- جهاز قياس وتحليل يعمل
بالأشعة تحت الحمراء لتحليل طبقات الصخور والمعادن.
- جهاز لقياس الحقول
المغناطيسية وتأثيرها على قشرة التربة.
ومن المتوقع أن يكون وزن الطائرة قرابة أربعة وعشرين
كيلوجرامًا، ويكون طول الأجنحة قرابة المترين، وسيكون من الضروري طي الأجنحة لكي
توضع في الكبسولة الصغيرة الخاصة بنقلها للمريخ.
عند وصول هذه الكبسولة لجوّ المريخ وعند ارتفاع محدد مسبقًا
ستنفصل قاعدة الكبسولة مما يؤدي لسقوط الطائرة وهي مطوية الأجنحة، سيتم إطلاق مظلة
تقوم بالتخفيف من سرعة السقوط وفي نفس الوقت ستبدأ الطائرة بنشر أجنحتها، وعند
إتمام عملية نشر الأجنحة سيتم قطع المظلة وفصلها عن الطائرة لتبدأ طيرانها بسرعة
تبلغ مائتين وخمسين ميلاً في الساعة.
الهبوط والإقلاع.. يثير جدلاً
تبقى فكرة جعل الطائرة قابلة للهبوط والإقلاع مجددًا، والتي تم
تباحثها مطولاً بين مؤيد ومعارض، حيث إنها توجب إعداد مكان للهبوط واحتمال الدخول
في مشاكل أخرى تعقد من تركيب الطائرة، إلا أن الرأي المؤيد يرى أنه قد يحتاج إلى
التقاط بعض العينات أو قد تواجه الطائرة عاصفة ترغمها على الهبوط.
لذا تم التوصل إلى أن الطائرة سيتم تزويدها بمحرك صغير يقوم
بدفع الطائرة عند الحاجة (عندما تعجز عن الطيران الشراعي)، أو عند الإقلاع مجددًا
في هذه الحال ستتمتع الطائرة بأقصى قدر ممكن من المرونة والفاعلية؛ إذ سيكون
بمقدورها الهبوط لدراسة وتحليل جزء من التربة عند الضرورة، وأيضًا بفضل الرحلات
السابقة، تكونت صورة واضحة عن تركيبة التربة على سطح المريخ، وبالتالي تحديد
المواد المستخدمة في عجلات الطائرة وكيفية التصرف أثناء الهبوط والإقلاع مجددًا.
أخوان رايت.. جديدان
في الأول من شهر يونيو 2002 قام مجموعة من العلماء القائمين على
تصميم وتطوير الطائرة باختبار النموذج الأول منها في جو الأرض.. لم تقم الطائرة
بالطيران على ارتفاعات شاهقة، فقد التزم العلماء بالارتفاعات القريبة جدًّا من سطح
الأرض والطيران بأقل سرعة ممكنة؛ وذلك لمحاكاة ظروف الطيران في جو المريخ أقصى ما
يمكن.
وتم الاتفاق على أن يكون يوم السابع عشر من شهر ديسمبر من عام
2003 هو اليوم الأكثر احتمالية لبدء رحلة الطائرة، وقد تم اختيار هذا اليوم
بالذات؛ لأنه يصادف الذكرى المئوية الأولى للأخوين رايت عندما نجحا في إطلاق أول
طائرة في تاريخ البشرية، لكن يبقى السؤال إذا كان هذا الموعد سيتم الالتزام به أم
لا يتوقف على مدى سرعة عملية التطوير الجارية على هذه الطائرة، حيث يأمل الجميع أن
يكون هذا اليوم مميزًا للتاريخ بصورة عامة ولتاريخ الطيران بصورة خاصة، حيث سيذكر
الناس بصورة جديدة تمامًا الرجلين اللذين جعلا حلم الطيران في كوكب آخر حقيقة
قائمة أمام أعين الجميع.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire