علم الأخلاق اليوناني -المدرسة الكلبية
أسس هذه المدرسة أنتستيتر (444-365 ق.م) وهو أحد تلاميذ سقراط ،
والذي تجاهل فلسفة أستاذه وتأثر فقط بسلوكه العملي ، عندما حرص علي التمسك برأيه
مع الاستخفاف بآراء غيره ، واستقلاله بنفسه ، واستغنائه بحكمته عن خيرات الدنيا و
طيباتها ، ومن هنا جاء اهتمام المدرسة الكلبية برياضة النفس على التحرر من متع
الحياة ومباهجها ، فجاهروا بان الفضيلة إنكار كامل لمتع الحياة ، وزهد مطلق في
ملاذ العيش ، وقمع تام للذات ، وإماتة لشهواتها.
بالغ الكلبيين في فكرة سقراط (بأن المعرفة لا تكون ذات قيمة
عليا ما لم تكن معرفة خلقية) واحتقروا كل الفنون والعلوم ، واستخفوا بالقيم
الاجتماعية المألوفة ، وقال انتستيتر إن الفضيلة تكفي لتحقيق السعادة ، والفضيلة
لا تحتاج إلي علم ، لأنها تتحقق بالتجرد من الرغبات والتحرر من المطالب ، حتى أنهم
جعلوا التخلي عن الملكية شرطا للانضمام إلي جماعتهم ، لأنهم يروا بعدم الاكتراث
بخيرات الحياة من ثروة ولذة وملكية ، ورفضوا اعتبار المرض أو الموت أو العبودية
شرا، وحاربوا اللذة مقتدين بانتستيتر الذي قال "إنني أفضل أن أصاب بالجنون
علي أن أشعر باللذة"، وعاشوا مثله علي الطبيعة والتقشف والحرمان ، وقنعوا
بالإقامة في المعابد ونحوها من الأماكن العامة ، وحملوا العصا في أيديهم ، والجراب
علي ظهورهم ، وراحوا يجوبون الشوارع طلبا لقوت يومهم وعاشوا حياة البؤس والتشرد ،
عيشة الكلاب الضالة ، حتى أطلقوا عليهم اسم الكلبيين.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire