غزوة بدر
غزوة بدر - رمضان سنة 2 هـ
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقافلة قريش قد أقبلت من
الشام إلى مكة ، وقد كان يقودها أبا سفيان بن حرب مع رجال لا يزيدون عن الأربعين .
وقد أراد الرسول عليه الصلاة والسلام الهجوم على القافلة والاستيلاء عليها ردا لما
فعله المشركون عندما هاجر المسلمون إلى المدينة ، وقال لأصحابه : " هذه عير
قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها " .
كان ذلك في الثالث من شهر رمضان في السنة الثانية للهجرة ، وقد
بلغ عدد المسلمين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، ومعهم فرسان وسبعون بعيرا . وترك
الرسول عليه الصلاة والسلام عبد الله بن أم مكتوم واليا على المدينة . لما علم أبو
سفيان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى أهل
مكة يطلب نجدتهم . ولم وصل ضمضم إلى أهل قريش صرخ فيهم قائلا : " يا معشر
قريش ، أموالكم مع أبي سفيان عرض لها محمدا وأصحابه لا أرى أن تدركوها " .
فثار المشركون ثورة عنيفة ، وتجهزوا بتسعمائة وخمسين رجلا معهم مائة فرس ،
وسبعمائة بعير .
جاءت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قافلة أبي
سفيان قد غيرت اتجاه طريقها ، وأنه سيصلها غدا أو بعد غد . فأرسل أبو سفيان لأهل
مكة بأن الله قد نجى قافلته ، وأنه لا حاجة للمساعدة . ولكن أبا جهل ثار بغضب وقال
: " والله لا نرجع حتى نرد بدرا "
جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال لهم : إن الله
أنزل الآية الكريمة التالية : (( و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنهما لكم و
تودون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد الله أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر
الكافرين ))
فقام المقداد بن الأسود وقال : " امض يا رسول الله لما
أمرك ربك ، فوالله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : (( قالوا يا موسى إنا
لن ندخلها أبداً ما داموا ليها فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ))
ولكن نقول لك : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . فأبشر
الرسول عليه الصلاة والسلام خيرا ، ثم قال :
" أشيروا علي أيها الناس (
يريد الأنصار ) . " فقام سعد بن معاذ وقال :
" يا رسول الله ، آمنا بك
وصدقناك وأعطيناك عهودنا فامض لما أمرك الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا
هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد" فقال الرسول صلى الله عليه
وسلم : " أبشروا ، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم "
.
وصل المشركون إلى بدر ونزلوا العدوة القصوى ، أما المسلمون
فنزلوا بالعدوة الدنيا . وقام المسلمون ببناء عريش للرسول صلى الله عليه وسلم على
ربوة ، وأخذ لسانه يلهج بالدعاء قائلا : " اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها
تكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ؟ اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم فلن تعبد
في الأرض " . وسقط ردائه صلى الله عليه وسلم عن منكبيه ، فقال له أبو بكر :
" يا رسول الله ، إن الله منجز ما وعدك ".
قام المسلمون بردم بئر الماء - بعد أن استولوا عليه وشربوا منه
- حتى لا يتمكن المشركون من الشرب منه . وقبل أن تبدأ المعركة ، تقدم ثلاثة من
صناديد قريش وهم : عتبة بن ربيعة ، وأخوه شيبة ، وولده الوليد يطلبون من يبارزهم
من المسلمين . فتقدم ثلاثة من الأنصار ، فصرخ الصناديد قائلين : " يا محمد ،
أخرج إلينا نظراءنا من قومنا من بني عمنا" فقدم الرسول عليه الصلاة والسلام
عبيدة بن الحارث ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعلي بن أبي طالب . فبارز حمزة شيبة
فقتله ، وبارز علي الوليد فقتله ، وبارز عبيدة عتبة فجرحا بعضهما ، فهجم حمزة وعلي
على عتبة فقتلاه . واشتدت رحى الحرب ، وحمي الوطيس . ولقد أمد الله المسلمين
بالملائكة تقاتل معهم . قال تعالى : (( بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم
هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ))وهكذا انتهت المعركة بنصر
المسلمين وهزيمة المشركين ، حيث قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون آخرون .
أما شهداء المسلمين فكانوا أربعة عشر شهيدا . ولقد رمى المسلمون جثث المشركين في
البئر ، أما الأسرى فقد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف 4000 درهم عن كل
أسير امتثالا لمشورة أبي بكر ، أما من كان لا يملك الفداء فقد أعطه عشرة من غلمان
المسلمين يعلمهم القراءة والكتابة . وهكذا انتصر المسلمون انتصارا عظيما بإيمانهم
على المشركين الذين كفروا بالله ورسوله .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire