هجرة الطيور
وأنت تسبح ببصرك في الفضاء الفسيح "قد تستوقفك أسراب من
الطيور المهاجرة وتشعر بأن هناك أسرارًا كثيرة تكمن وراءها.. لا تملك أن تعرفها ..
فتكتفي بأن تقول في نفسك .. .. .. سبحان من أبدع وسوى.
ففي كل ربيع وصيف تنطلق ثلث أنواع الطيور في العالم مهاجرة في
رحلات مختلفة المسافات والاتجاهات، فالطيور في نصف الكرة الشمالي تسلك مسارًا
شماليًا جنوبيًا في الخريف، وتسلك الاتجاه المعاكس في الربيع، وتهاجر الطيور في
شمال أوروبا إما عبر تركيا أو مضيق جبل طارق ..ويذهب كثير منها جنوبًا نحو أفريقيا
كطيور القوق Cuckoos ،
الهدهد hoopoes،
السمنة field farces .. وغيرهم.
ويحاول العلماء، إضافة الجديد كل يوم في أساليبهم لتتبع هجرة
الطيور .. الطريقة التقليدية في هذا كانت تتم بوضع حلقة في رجل الطائر توضح المكان
الذي وجد فيه لتتبع مساره كما حدث في أمريكا وكندا حينما وضعت حلقات لأكثر من 11
مليون طائر .. .. وقد دخل استخدام الرادار والأقمار الصناعية حديثا في توضيح طرق
الهجرة وارتفاع وسرعة الأسراب المهاجرة.
لماذا تهاجر الطيور؟
تهاجر الطيور للبحث عن ظروف معيشية أفضل ومناخ للراحة
والاستجمام .. وأيضاً للتزاوج والتوالد. ولا تنتظر الطيور بالطبع قله الطعام حتى
تطير وألا فإنها لن تستطيع أن تقطع مثل هذه المسافات بدون الطاقة اللازمة.فبعض
الطيور تضاعف من وزنها قبل السفر مثل الطيور المغردة وتخزن الدهون تحت الأجنحة ..
أما الطيور الكبيرة الحجم كالأوز geeze فهي لا تستطيع أن تزيد من
وزنها إلا قليلا وإلا فلن تستطيع الطيران.
كل ما تريد في عالم الطير..
هناك ما يقرب من 10.000 نوع من الطيور تتباين في طرق معيشتها
وأشكالها وأحجامها بداية من النعامة والتي يصل وزنها إلي 150 كم نهاية إلي الطنان humming bird (2.2gm) الذي يستهلك في طيرانه طاقة كبيرة، لو أراد الإنسان أن
يقوم بعمله لاحتاج إلي 13 كيلو من اللحوم المصنعة يومياً وإفراز 45 لتر من الماء
في الساعة ليحتفظ بحرارة جسمه تحت 100 درجة مئوية.
وتتباين الطيور بشدة في أسلوب هجرتها أيضاً .. فالطيور تهاجر من
الشمال إلي الجنوب وقد تهاجر من الجنوب غلي الشمال .. الطيور قد تهاجر بين الشرق
والغرب أو بين الوديان والجبال. قد تتبع مساراً واحداً في الهجرة والعودة أو قد
تتبع واحداً في الهجرة وآخر في العودة مثل الطيور المفردة التي قد تجدها عند وادي
النيل في طريقها إلي وسط أفريقيا ولا تري في الربيع أثناء عودتها. قد تهاجر الطيور
في النهار أوقد تفضل الليل .. قد تقطع مسافات قصيرة في هجرتها وقد تسافر مسافات
خيالية .. مثل طائر خطاف البحر القطبي (سنونو)
arcticterns الذي
يهاجر في نهاية الصيف إلي القطب الجنوبي قاطعاً مسافة تقدر بـ 14.500 كم. كما
يستطيع طائر القطرس Albatross أن يطير حول العالم في 80
يوم فقط عبر المحيط .. بل قد يطير "الدخلة" من نوع الطيور المغردة wralber ثلاثة أيام ونصف متصلة لا بلامس فيها أرضا .. تخيل معي أنك تجري
بأقصى سرعة عندك لمدة 84 يوم دون أن تأكل أو تشرب أو تستريح.
ويختلف وقت الهجرة بين الأنواع المختلفة، بل يختلف في إطار
النوع الواحد بين الصغير والكبير، الذكر والأنثى. ذكر طائر الأجيلوس Agelous يهاجر قبل الأنثى بعده أسابيع ليشيد مكانا مناسبا للمعيشة
لاستقبال الأنثى .. لبداية موسم التزاوج. بعض الأنواع من الطيور يهاجر فيها الكبير
قبل الصغير .. بل وأحياناً الصغير يسبق الكبير في وقت هجرته.
إشارات البدء
الهجرة مزيج من النشاط الهرموني والبواعث الخارجية كالتغيرات
المناخية. النشاط الهرموني يختلف بتغير طول النهار نسبة إلي الليل كعلامة مميزة
للفصول الأربعة وفي تجارب مثيرة .. لاحظ العلماء أن بعض الطيور قد تصاب بالقلق
والاضطراب قرب ميعاد الهجرة نتيجة للتغيرات الهرمونية مثل طائر السنونو الذي يجتمع
في مجموعات ضخمة ويقوم بحركات أكروباتية تنافسية. .. ولكأن أسراب السنونو تتواعد
علي الأسلاك قبل هجرتها في نهاية سبتمبر في وقت ثابت كل عام.
تحذير لسائقي الطيارات
معظم الطيور تطير على ارتفاعات متوسطة (حوالي 600 قدم) إلا أن
بعض الأنواع مثل Passerines قد شوهدت علي ارتفاع 10.000 قدم، مثال
آخر مثير للدهشة، هي أسراب الطيور المهاجرة من الأوز geeze أقرع الرأس والذي رصد فوق
قمم جبال الهمالايا على ارتفاع 32.800 قدم. سرعة الطيور تختلف من نوع لآخر وهي
تبدأ من حوالي 35 كم/ ساعة إلي 100 كم/ ساعة كأمثال بعض أنواع الأوز ..بينما يطير
الفرقاط frigate بسرعة 200 كم/ س مدفوعاً بقوة الرياح.
تشكل الطيور في طيرانها أشكالا بديعة، اشتهر عنها طيرانها علي شكل حرف 7 مثل البط
البري والغرنوق .. ألا إنها قد تطير علي هيئات مختلفة مثل الخطوط المستقيمة أو
الطيران المنفرد كما تفعل الجوارح.
معجزة الطيران
خلق الله الطيور بعظام خفيفة وجوفاء ولكنها بالغة القوة
والمرونة نظراً لوجود دعامات داخلية عظيمة ..ويحتوى جسم الطائر على جيوب هوائية
متصلة بالرئتين تسهل عملية التنفس وطفو الجسم وخفته .. كما أنها تسمح له باستنشاق
مزيداً من الأوكسجين ولها طرق عديدة في طيرانها .. قد يستلزم الأمر خفق الأجنحة
ببطء وثبات كالأوز الكندي Canada goose.
أو تخفق جناحها بقوة ثم تنحدر علي الهواء محمولة بقوته مثل
النسور والصقور .. وهي تفعل ذلك حتى لا تفقد كثيراً من طاقاتها.
كيف تهتدي الطيور ؟؟؟
الهجرة – فطره ربانية وغريزة وراثية .. .. فالطيور الصغيرة
تهاجر بنجاح دون مساعدة الكبيرة الخبيرة بالرحلة ذاتها – كأن خريطة ثابتة قد رسمت
علي جينات هذه الطيور كما ذكرت مجلة "العلوم أون لاين". وقد عرضت المجلة
تجربة فريدة قام به العالم Helbig حين زوج الطيور المغردة
النمساوية والتي تهاجر باتجاه الجنوب الشرقي .. بالطيور المغردة الألمانية والتي
تسلك الاتجاه الجنوبي الغربي في هجرتها إلى إفريقيا.
ستندهش بأن تعرف أن الطيور الصغيرة الناتجة عن التزاوج سلكت
طريقاً وسطاً بين طرق الآباء ..وهو طريق يمر بها عبر جبال الألب الوعرة لم يسلكه
الآباء من قبل .. وكأن الخريطة ؟ قد جمعت بين الطريقين.
(2) تستخدم الطيور بجانب هذا ..
الإبصار العادي في الاهتداء إلي طريقها فهي عادة ما تكون قوية الإبصار .. لها مجال
واسع للرؤية كطائر الحمام Pigeon الذي يستطيع أن يري ما وراء
.. والصقر تعادل قوة بصره ثمانية أمثال الأسنان .. وهي تحدد لنفسها بعض المعالم
الأرضية .. كالتلال والوديان أو الأنهار والجبال .. وتسافر بعض الطيور الملازمة
للأرض بمحازاة شواطئ البحار والمحيطات كما تستخدم الحمامة حاسة الشم في طريقها.
(3) موقع الشمس وغروبها .. من
أهم الطرق الخاصة بالطير .. الذي يفضل الهجرة بالنهار .. كما تستخدم الطيور
المهاجرة ليلا مواقع النجوم لتبين طرق رحلاتها.
(4) تستطيع الطيور التعرف علي
طريقها بحسابات لها مع المجال المغناطيسي للأرض . في معجزة عجيبة .. .. ويعترف
العلماء، رغم ما توصلوا إليه من استنتاجات أنهم ما زالوا لا يعرفون إلا القليل وأن
أمامهم مشوار طويل من الأبحاث لمحاولة فهم الظاهرة.
وللرحلة مخاطر
ولا شك أن رحلة طويلة كهذه لابد وأن تكون محفوفة بالمخاطر ..
فأسراب الطيور قد تواجه العواصف الشديدة ..والمطر الغزير ..والضباب .. وغيرها من
التغييرات المتوقعة .. تحاول أسراب الطيور أن تهبط إلي الأرض متى أمكن هذا حتى لو
لم تكن البيئة مناسبة .. والطيور الصغيرة قد تكن أكثر عرضة للاضطراب بل والموت .
بعض الطيور قد تغير وجهتها إلي أرض أخري ..وقد تستطيع في بعض الأحيان أن تنظم
سرعتها وتعيد ضبط مسارها الطبيعي إذا ما واجهتها الرياح العاتية .. فتقطع بعض
الطيور رحلتها من الأطلنطي علي السواحل الشرقية الأمريكية .. تقابلها الرياح
الشمالية الغربية التي تأخذها إلي مسار جنوبي مارة بمثلث برمودا الشهير ..وهناك
تقابل الرياح الشمالية الشرقية التي تأخذها إلي مكانها إلي جنوب أمريكا . وهناك
بعض المشاكل قد تحدث من وراء المجال المغناطيسي للقطب الشمالي مما قد يحول الطير
إلي اتجاه معاكس عن بغيتها .. ألا أن الطيور تتغلب على هذه المشاكل بإعادة ضبط
بوصلتها المغناطيسية بطريقة غير معروفة بالضبط حتى الآن.
* إذا لم تكن قد رأيت أسراب
الطيور المهاجرة من قبل فقد فاتك الخير الكثير.. فحاول أن تبحث عنها الآن فهذا
موسم هجرتها، فقد تجدها قريبة منك جدًّا وأنت لا تشعر، واشكر الله عز وجل (الذي
أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) على هذه النعمة الجليلة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire