فنون الكتابة
فنّ الكتابة
فنّ الكتابة أحد فنون اللغة ؛ فهو تطبيقٌ لما تشتمل عليه من
قواعدَ وخصائصَ ، ويأتي صنواً لميدان الكلام ، فكما أنّ الكلام تُراعى فيه قواعد
اللغة ، ويسعى المتحدّث إلى الوصول إلى أقصى درجات الإتقان في الفصاحة والبيان ،
فكذا الكتابةُ يسعى فيها الكاتب للحصول على أوفر الحظّ والنصيب في تطبيق قواعد
اللغة ، والرقيّ بلغته إلى أرقى درجات الفصاحة ، ولا يقلّ التفوّق فيه عن التفوّق
في الميادين الأخرى .
حاول الإنسان منذ بداية تحضره تسجيل تاريخه , وان كنا لا ندرك
على وجه اليقين القاطع بداية تاريخ الكتابة والتدوين هل وجدت مع وجود آدم كما جاء
في كثير من الكتب السماوية؟ وهنا حديث طويل حول أول من خط من بعد آدم وهو نبي الله
ادريس وإلى ما هنالك من بحوث مازالت مجال جدل ,
على أن كتب التاريخ تقول :
أن أول مخطوط أثري عثر عليه من لوح الاردواز مدون عليه قصة
توحيد القطرين في عهد الملك مينا في الدولة الفرعونية القديمة , ثم ظهرت الألواح
الطينية بالكتابة المسمارية عن اللغة الآرامية في البابلي آشوري, وكذلك الخط الحثي
الذي كان مستعملاً قديما في بلاد الشام .. والحثيون هم نسل حث بن كنعان .. وباقي
الحضارات العظيمة التي بقيت شواهدها إلى يومنا هذا على الجدران والمسلات وآثار
الإنسان في العهود السابقة, كما ظهرت الكتابة على الألواح الخشبية في الصين
والهند, ثم على رقائق الذهب والفضة في جنوب شرق آسيا, وعلى عظام الحيوانات
والأحجار في بعض دول آسيا وأفريقيا حتى مطلع القرون الوسطى, كما استعملت جلود
الحيوانات كالرق والبارشمنت في كتابة النصوص الدينية والتاريخية ولعلنا نذكر ماهو
مشهور حالياً ومعروف باسم لفائف البحر الميت. وبعدها شكل الورق العنصر الهام
لتدوين المخطوطات بعد أن كانت مرحلة صناعة الورق الأولى من نبات البردي حتى قام
الصينيون بصناعة الورق بشكله المعروف الآن بخليط من الخشب والألياف والسيليلوز,
وانتقلت صناعة الورق إلى الشرق الأوسط في الفتح الإسلامي.
وعن اللغات التي كتبت بالحرف العربي منها:
اللغة التركية
وهي من لغات تركستان(الطورانية) والمنتشرة في تركيا تركستان
وروسيا ويتفاهم بها المغول الأتراك من الأزابكة والتتر والتركمان والعثمانيين
وغيرهم وأشهر فروعها
1 التركية العثمانية وهي
اللغة الرسمية
2 التركية القازنية: أو اللغة
التترية وهي لغة التتار المسلمين
3 التركية القرمية : والتي
اختلطت بكثير من العربية والروسية
4 التترية النوجائية, أو
الكارسية والتي تلتقي مع القرمية والآذرية
5 التركية الآذرية
الأذربيجانية ... وللاختصار نقول : الداغستانية والجركسية والأنبروغية والأزوكية
والكشغرية
اللغات الهندية
هي من اللغات الآرية والتي تدعى اليافثية وينقسم عنها
السنسكريتية ومنها.. اللغة الأوردية , والدكنية, والكشميرية , والسندية ,
والملاكية أو لغة الملايو, الجاتكية أو المولتانية واللسان الجاوي .
اللغات الفارسية
الفارسية كانت تكتب قبل الإسلام بالخط البهلوي
أيضاً اللغة الأفغانية والتي تسمى في قندهار بشتوية بختوية ,
واللغة البلوشية والكردية
اللغات الأفريقية
ومنها اللغة البربرية الشحلية والبربرية الريفية , واللغة
النوبية, واللغة الحسية وتسمى بلغة سقطو , وأيضا اللغة السواحلية والملجاشية
والحبشية , حتى نصل إلى لغتنا العربية
وقد اتخذ الرسول الكريم كتابا له وكذلك اتخذ الخلفاء وأمراء
ةملوك المسلمين كتٌابا لأنفسهم .
وإذا كنا ندين بالفضل إلى المخطوطات التي نقلت لنا العلوم
والفنون والآداب للسابقين فإننا من باب أولى نشير إلى فضل النساخ والخطاطين,
فهؤلاء هم من دونوا بحسهم وإحساسهم ورهافة فنهم تلك الأعمال كما قاموا على صناعة
الأحبار من كثير من المواد سواء مسحوق الفحم أو السخام أو الكحل, وأشياء كثيرة
عملت على بقاء هذه العلوم العظيمة التي نفاخر بها وسط الأمم المتحضرة.
وقد تطور الخط وتطورت الكتابة عن حلقات من الخطوط المصرية
القديمة إلى الفينيقي ثم الآرامي أو المسند, وهناك كتاب مهم باسم (سجل تاريخي
للنقوش العربية) يقول : إن أصل الكتابة العربية نبطي وهي كتابة متفرعة عن الكتابة
الآرامية التي تفرعت بدورها عن الفنيقية.
الخط والكتابة قيل عنها الكثير نفرد هنا على سبيل المثال قول
القلقشندي صاحب كتاب صبح الأعشى: الخط ما تتعرف منه على صور الحروف المفردة,
وأوضاعها وكيفية تركيبها خطاً, وقال اقليدس: الخط هندسة روحانية وإن ظهرت بآلة
جسمانية ....
هذا الفن العربي الجميل المرتبط واللصيق بحضارتنا ولغتنا
العربية المتفرد والمتميز بين كثير من الفنون يتطلب منا الحفاظ عليه والاحتفاء به
حتى لا يندثر أمام آلة التكنولوجيا.
ففي كتاب (ديوان الخط العربي) للمؤلفين الأستاذين عبد الكبير
الخطيبي الباحث في جامعة الرباط, والدكتور محمد السلجماسي هو ولاحظوا معي دكتوراً
في طب الأطفال ومؤلفاً لكتب حول الفنون الشعبية والتشكيلية في المغرب, والكتاب
بالفرنسية ترجمه إلى العربية الكاتب المغربي(محمد براده) يؤكد الكتاب على أن فن
الخط هو فن زخرفي يضع النص في مرآة يعكس الحلم الخالص بانتزاع اللغة من حقيقتها
البشرية وتقديمها في شكل فني, كما طرح الكتاب قضية في غاية الأهمية بأن كثيراً من
الدول لا تهتم بفن الخط في الوقت الحالي بما كان عليه في السابق, وهو في حاجة إلى
اهتمام ورعاية وبذل الكثير للحفاظ عليه .
وحول أنواع الخط وقواعده هناك كتب ومؤلفات جمة تدل على العناية
الفائقة التي كان يتمتع بها الخط العربي الذي حوته الكتب والمخطوطات العصية على
الحصر والتي دفعت بظهور عصر النهضة بعد أن تشربت الحضارة الغربية من علوم العرب
وتلك العلوم كما نوهنا سابقا قامت على الإبداع البشري للخطاط ومن حسه وشعوره بعد
اجتيازه للعديد من الاختبارات التي أهلته للجلوس على كرسي الكتابة والحصول على
الإجازة من شيخ الخطاطين وتلك الأمور كلها تجعل المخطوط حقيقي وأصلي ومرقوم وموقع
ومحدد التاريخ والتملية والشرح والتدقيق وكل هذه الأمور عكس ما نراه اليوم من
تزييف لعلوم وكتب ودراسات بعد هذا التطور التقني الرهيب الذي كان من الأفضل أن
يأخذ بيد البشرية إلى التطوير والحذق في الفكر والتجديد في العلوم , وهو كذلك
ولكننا نراه يسهل انتقال المعلومة من هنا وهناك بركاكة وسطحية ليست في الأسلوب
وحسب بل وانعدام ذوق, وبعد أن كانت الكتب ثمرة عمل دؤوب قام عليه بارعون نجد الآلة
اليوم قادرة وفاعلة وقدمت الكثير فلماذا نسقط عليها هذا الانكسار الواضح في
الكتابة والفهم بل والثقافة بشكل كبير؟
وقد يقول قائل وما ذنب التكنولوجيا في مسألة التزوير؟ بل لعل
التكنولوجيا هي التي ساعدت وساهمت بشكل كبير في انتشار الكثير من العلوم واتساع
الآفاق فالجريدة والمجلة والكتاب العلمي والمنتديات ودور النشر ما كانت تتمتع بكل
هذا الانتشار لولا التكنولوجيا.
نحن نقف على هذا تماما وموضوعنا جد مهم ولكن الفكرة وراء الخط العربي
تحديدا حيث يقوم عليه فنان مبدع إنسان قادر على العطاء والتنويع والتجديد أما
الآلة في مسألة الخط تحديداً فهي تستنسخ أعمالاً وأفكاراً وهي غير قادرة على
التركيبة في خط الثلث على سبيل المثال ولا نريد أن نذهب بعيداً فزيارة واحدة لمصنع
كسوة الكعبة المشرفة نتعرف من خلاله على القيمة الحقيقية للخط العربي, ولكن نحن
نعرف التكنولوجيا, ومهما كان البرنامج ونحن نتعامل اليوم مع مئات الفونتات
والأبناط والسماكات والكثافات للخطوط ففي الكمبيونر اليوم هذه الخطوط كلها نكتب
بها البحث والمقال وننتقل عبر الورق والشفيفة والشريحة والصور والسي دي والفلوبي
ديسك والبريد الالكتروني وبعد آن تطورت الكتابة من اليد البشرية إلى الآلة الكاتبة
وبعدها الإستنسل ثم (اللتراست) وصولا إلى الكمبيوتر بل نحن في مكان يعج
بالتكنولوجيا في كل شيء ولن تحد هذه المحاضرة من الدور الهام للتكنولوجيا.
لقد أخذ العرب والمسلمون معهم لغتهم وكتابتهم وعقيدتهم إلى كل
البلاد التي فتحوها, صحيح أن الفرس قبلوا العقيدة ولم يقبلوا اللغة ولكن الخط
العربي له من الجمال والسحر الذي يجعله يقف على أعلى سلم الفنون, لو تجاوزنا كل
التنظيرات وقبلنا بالخط العربي على أنه فن صافي أصيل نابع من اللغة العربية التي
وحدت بين المسلمين وهي اللغة التي تميزت بخصائص جعلتها من أساسيات الثقافة
الإسلامية, ودون الدخول في التفاصيل حول المبدعين من أمثال ابن مقلة وابن البواب
بل وانتهاء بمبدعي هذا العصر .. نوصي في هذه العجالة على الاهتمام بالخط العربي أصوله
وأنواعه وقواعده ومد يد العون للمبدعين من الخطاطين في عصرنا هذا بل ومنحهم فرصة
الإبداع بالتفرغ للتدريب والتجريب دون أن نضطرهم للركض وراء أعمال إدارية أو وظائف
تقليدية يستطيع القيام بها العديد من الناس ولكن عندما نحتضن خطاطاً مبدعاً فنحن
نحتضن الحضارة العربية بقيمها الرفيعة
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire