ملخص
الجزء الثالث قصة الأيام
- كان
طه حسين قد أنفق أربعة أعوام قي الأزهر, و ضاق صدره بها بسبب تكرار موادها. ذات يوم
و أثناء جلوسه مع أصدقائه, سمع نبأ ٳشاء جامعة في القاهرة, فتحمس لدخولها و الخروج
من قيود الأزهر. و بعد الٳستماع لأول درس في الجامعة, راوده شعور لم يكن له مثيل قي
الأزهر. و لم ينفق الفتى - طه حسين- ثلاثة أيام منذ افتتاح الجامعة حتى تغيرت حياته
تغيرا كاملا, و لم يكد يتردد عن دروس الجامعة حتى انصرف عن الأزهر, ثم مضت الأيام و
تتابعت فيها الأحداث, حتى انتقد الفتى شيخا من شيوخ الأزهر بسبب شائعة ذكر فيها أن
كؤوس الشمبانيا أديرت على المائدة في حفلة أقامها هذا الأخير, حتى ٳذا دار العام رأى
الفتى نفسه يتهيأ للٳمتحان قي الأزهر لينال درجة العالمية, لكنه سقط فيه و قررت اللجنة
أنها لا تريد أن يتم ما بقي له من الدروس في الأزهر و يرجع ذلك ٳلى الشيخ الذي انتقده
في الحفلة و الذي كان عصوا من أعضاء لجنة الامتحان. و بعد مرور الأيام, دعي صاحبنا
ٳلى الاحتفال برأس العام الهجري, و أثناء تحدثه مع الحاضرين لفت انتباهه صوت امرأة.
و بعد تحدثه معها علم أنها أول فتاة ظفرت بالشهادة الثانوية و كان اسمها نبوية موسى.
و أصبحا بعد ذلك زميلين و كان أساتذته في الجامعة مختلفين في أساليب تدريسهم فقد كان
بعضهم مبتسما مرحا لا يتصنع, و كان البعض الآخر متكلفا متكبرا عبوس الوجه, و قد نقدهم
الفتى نقدا مرا و تمرد عليهم حتى خلق لنفسه مشاكل مع أساتذته. و ذات يوم حضر صاحبنا
الفتى ٳلى درس من دروس اللغة الفرنسية فلم يفهم شيئا منها و عزم على تعلمها فساعده
معلمه و استأجر معلما آخر يلقنه أوليات هذه اللغة.
و ٳذا به يلتقي فتى كان صديق طفولته,
فساعده صديقه هذا على تعلم هذه العلوم الأجنبية ثم بدأ يتقنها. و دارت في روعه فكرة
السفر إلى أوروبا و خاصة فرنسا, و ذات يوم قرأ ٳعلانا من الجامعة تطلب فيه إلى الشباب
أن يسبقوا إلى ٳحدى بعثتيها في فرنسا و قد قبلته الجامعة في وفدها بعدر فده له مرتين
و يرجع قبوله إلى حصوله على شهادة العالمية ( الدكتوراه) بمساعدة ثلاثة من أصدقائه
الأزهريين. و قد كان أول من ظفر بهذه الدرجة. بعد مرور أيام أرسلت ٳليه الجامعة دعوة
من المثول أمام الأميرفي الأسكندرية على نفقتها فجهز طه حسين نفسه و هندامه و قابل
الأمير الذي نصحه بأن يدرس التاريخ في فرنسا, و قد كوفئ الفتى على نيله شهادة العالمية
بعشرين جنيها أدى بها دينه عند صديقه و أجاز خدم الجامعة ووزع ما بقي له منها على إخوته.
ثم أعلمته الجامعة بموعد ذهابه إلى أوروبا. لكن ما لبث حتى انقلب فرحه حزنا وسروره
ألم و لوعة. فقد أعلنت الحرب في فرنسا و اضطرت الجامعة إلى تأجيل إرسال البعثة, و في
أثناء انتظاره انتهاء الحرب شغل الفتى منصب أستاذ في الجامعة التي اختلف إليها طالبا.
فأعطته الجامعة مكافأة قدرها خمسة جنيهات في الشهر.
و بعد فترة, استدعته الجامعة لتبشره
بأنه مسافر إلى باريس بعد أيام, و أتى اليوم الموعود, فسافر الفتى مع أخيه الذي سيعينه
على الحياة الشاقة في تلك البلاد الغريبة و البعيدة من القاهرة إلى مونوبولييه التي
أمرتهم الجامعة بطلب العلم فيها ذاك العام. حيث استقروا في فندق فقير كسفينتهم التي
قدموا فيها. استقبل الفتى حياته في مونونولييه سعيدا بها إلى أقصى ما تبلغ السعادة,
حيث كان يذهب إلى الجامعة فيسمع فيها ما تيسر من دروس الأدب و التاريخ و اللغة الفرنسية
و يضيف إلى علمه القديم علما جديدا.
و قد أخذ الفتى يهيأ لإتقان الفرنسية و تعلم اللاتينية.
فسعى إلى أستاذ ضرير في مدرسة المكفولين ليعلمه الكتابة و القراءة الفرنسية و اللاتينية
معا. و إذا الحياة تبتسم له فجأة في يوم من أيم الربيع ابتسامة تغير حياته تغيرا, فقد
عرف الحب و الغرام الذي عرفه أصدقاءه من قبله. حيث كان يسمع الفتى صوت الفتاة التي
كانت تقرأ عليه هذا الكتاب أو ذاك, و إذا الجامعة تنبئه بضرورة عودة طلاب البعثة إلى
مصر و ذلك راجع إلى إعلان الحرب. و بعد فترة من الزمن أمضاها الفتى في مصر يشغل منصب
أستاذ في هذه المدرسة أو تلك, انفرجت أزمة الجامعة و قابلوا السلطان "حسين كامل"
قبل ذهابه إلى باريس. و أنفق الستة الأولى من حياته في باريس لا يخرج من بيته. و كان
الفتى يحس بشوق و حنين إلى صاحبة ذلك الصوت العذب التي دعته إلى أن يقضي معها و مع
أسرتها بقية الصيف و استأنف الفتى حياة جديدة, و كان يصطحب خطيبته معه إلى دروس السوربون
و فد أتيح له النجاح في الامتحان الذي كان له منذ أن أقبلت بوادر الصيف, و قرر الخطيبان
أن يتما زواجهما قبل رحلة الصيف إلى الجنوب.
- و قد
ابتدأ عامه الدراسي بالتهيٳ لامتحان'' اللسانس'' و كان الفتى يريد أن يظفر بدبلوم الدراسات
العليا. و استأذن الجامعة في الحصول عليها و نيل درجة دكتوراه الدولة في التاريخ, فكتبت
إليه الجامعة تأذن له بنيل الدبلوم إذا استطاع بعد اللسانس و تعفيه من دكتوراه الدولة
في التاريخ لأنها تطيل إقامته في أوروبا و تكلف الجامعة من النفقات مما تطيق, و قد
أجل الامتحان الشفهي في اللسانس إلى ما بعد زواجه بمحبوبته التي كانت تساعده في امتحاناته.
و قد رزق طه حسين بصبية رباها و زوجته و احتفظ بذكرياته حية في هذه السيرة الذاتية
التي تتميز بأسلوب فذ و عمق التعبير.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire